سياسةمحليات لبنانية

مشكلة الدعم ..والعلاج الحقيقي!

د.عماد عكوش 
كثر الحديث اليوم عن مشكلة الدعم وعن كلفة الدعم وعن أحتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة وعن الأحتياطي الألزامي وكيف يتم أستنزاف هذا الأحتياطي بطريقة غير سليمة ومن يستفيد من هذه العملية والكل مشغول بأيجاد حل لهذا الموضوع الى درجة تدخل مجلس النواب في هذا الموضوع ليطلب جلسة أستثنائية يتم طرح فيها مشكلة الدعم وهواجس المواطنين من وقف هذا الدعم ، وهي هواجس حقيقية وخطيرة لأن وقف الدعم يعني أن الأسعار ستتضاعف وخاصة بالنسبة للسلع الأساسية من محروقات ودواء وطحين بحيث تصبح الأسعار لا تطاق وفي ظل تناقص كبير في القدرة الشرائية للمواطنين بلغت حوالي 80 بالمئة نتيجة لأرتفاع أسعار الصرف ونتيجة للأحتكار الكبير الذي تمارسه كارتلات محددة .
لكن السسؤال الكبير أين المشكلة ؟
هل المشكلة في الدعم ، هل المشكلة في مصرف لبنان وأحتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة ، هل المشكلة في التجار ، أم ان المشكلة في المصارف التجارية ؟
كلها أسئلة تراود كل المواطنين اللبنانيين وقلة منهم يدركون الحقيقة الكاملة لهذا الموضوع، لذلك سنقوم بتشريح هذا الموضوع للوصول الى السبب الأساسي للمشكلة .
يجب في بداية الأمر في تحديد المشكلة ، أن المشكلة الأساسية هي عدم توفر العملة الصعبة ، فما هو سبب عدم توفر العملة الصعبة ؟
خلال السنوات الماضية عانى لبنان من عجز في الميزان التجاري ولا زال يعاني منه لغاية اليوم ، لكن هذا العجز انخفض بنسبة 50 بالمئة تقريبا" خلال العام الحالي ، كما عانى لبنان أيضا" من عجز في ميزان المدفوعات والذي يعتبر الأساس في نقص أحتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة لكن اليوم وبعد الأنخفاض الكبير في الميزان التجاري بفعل أنخفاض حجم الأستيراد الى النصف تقريبا" أنخفض هذا العجز بشكل كبير ، وفي حال قمنا باحتساب ما دخل الى لبنان سواء عبر تحويلات المغتربين والتي كانت قد بلغت حوالي ثمانية مليار دولار قبل العام 2019 ، أو عبر السياحة وخدمات التعليم والأستشفاء والتي كانت تقدر قيمتها قبل العام 2019 بأكثر من عشرة مليارات دولار ، فلو افترضنا أن نصف هذه المبالغ تم ضخه في الأقتصاد الوطني خلال العام الحالي فهذا يعني دخول أكثر نت تسعة مليار دولار كحد أدنى ، بينما العجز في الميزان التجاري لن يتجاوز في نهاية العام الحالي السبعة مليار دولار ، ما يعني أن هناك فائضا

مؤكدا يقدر بحوالي  مليار دولار كحد أدنى ، فلماذا لم ينعكس هذا الفائض على أحتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة؟
الواقع أن أحتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة هو عبارة عن ودائع المصارف التجارية لدى مصرف لبنان ومن ضمنها الأحتياطي الألزامي الذي كثر الحديث عنه وهي نسبة 15 بالمئة من مجمل ودائع المصارف التجارية وفقا" لأحتساب خاص تحدده تعاميم مصرف لبنان ، بالتالي فإن زيادة هذا الأحتياطي يجب أن يقابله زيادة في الودائع لدى المصارف التجارية ، وما يحصل اليوم ونتيجة لعدم الثقة بالمصارف فأن هذه الودائع أنخفضت ولا زالت تنخفض وبالتالي أصبح من المستحيل زيادة هذا الأحتياطي أو حتى الحفاظما دامت الأزمة المصرفية قائمة .
أذا" المشكلة الأساسية هي في مشكلة القطاع المصرفي ، فلماذا الذهاب الى فتح ملفات بعيدة عن واقع المشكلة وبالتالي الحل ، وتغييب المشكلة الأساسية ، باختصار المشكلة الأساسية هي في القطاع المصرفي ولا يمكن حل مشكلة أحتياطي مصرف لبنان وبالتالي الدعم وبشكل جذري ألا بحل مشكلة القطاع المصرفي ، وقد تحدثنا مطولا" سابقا" وقدمنا خططا وحلولا لمعالجة هذا الموضوع نتمنى الرجوع لها وقراءتها ، والمؤسف أن الطبقة السياسية لا تريد الحل لأسباب أصبحت معروفة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى