حرب غزةسياسة

ما هي العبرة من إرسال وفدين للتفاوض إلى القاهرة والدوحة؟ (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

 

تضاربت التقديرات بشأن نوايا حكومة نتنياهو من وراء إرسال وفدين للتفاوض على وقف النار وصفقة التبادل إلى القاهرة والدوحة، بين أسوأ النوايا وأقلها سوءا. واشتدت حملات أهالي الأسرى الإسرائيليين ضد نتنياهو متهمين إياه بأنه يعرقل التوصل إلى صفقة عن عمد ولاعتبارات غير جوهرية.

ولا تخفي إسرائيل حقيقة أن الوفدين المرسلين إلى العاصمتين العربيتين هما على مستوى مهني متدن ولا يملكان تفويضا واسعا لإجراء المفاوضات، وفي ذلك نوع من الصفعة، سواء لأهالي الأسرى الإسرائيليين وللإدارة الأمريكية الضاغطة للتوصل إلى اتفاق.

وترددت تقديرات بأن الغاية من إرسال وفدين هي الإيجاء بجدية حكومة نتنياهو في تسريع الاتصالات وتقريب فرص التوصل إلى اتفاق. ولكن هذا التقدير ترفضه هتافات المتظاهرين الإسرائيليين الذين صعدوا من مواقفهم ضد نتنياهو داعين إلى الإطاحة به لأنه يعرقل الصفقة. ويذهب آخرون إلى تقدير تردد مرارا على ألسنة مسؤولين في الماضي  يقول إن هذا يعود إلى تكتيك تفاوضي يراد به خلق تنافس أو تناقض بين الوساطتين المصرية والقطرية. وكثيرا ما أبدت أوساط إسرائيلية ارتياحها للوساطة المصرية مقابل انتقادها للوساطة القطرية. غير أن كثيرا من المختصين الإسرائيليين يعتقدون أن المطلوب ليس مدى الارتياح من هذه الجهة أو تلك وأن المعيار هو مقدار الجدية والجدوى والنتيجة. ويقولون إن النتائج عبر الوساطة القطرية كانت ملموسة ومقبولة.

وبحسب “إسرائيل اليوم” المقربة من نتنياهو، فإن الفجوات الجوهرية القائمة في المفاوضات لم تمنع استئناف الاتصالات اليوم في القاهرة والدوحة على حد سواء. وسيجري الوفد الإسرائيلي في القاهرة لقاءات مع طواقم المفاوضات ضمن التفويض الذي منحه نتنياهو يوم الجمعة لاستئناف الاتصالات. ومعروف أن موقف رئيس الموساد ديفيد بارنيع أمام كابينت الحرب أشار إلى وجود فرصة للتوصل إلى اتفاق، وهو ما قاد نتنياهو لتخفيف اعتراضاته. ونقلت “إسرائيل اليوم” عن مسؤول إسرئيلي قوله إن “الأمريكيين والمصريين يتوقع أن يعرضوا اقتراحات وساطة جديدة يمكن أن تلبي مطالب إسرائيل. وحتى الآن موقف حماس من انسحاب الجيش الإسرائيلي لا يسمح بالتقدم نحو صفقة”.

وواضح أن إصرار حماس في المفاوضات على عودة غير مشروطة للنازحين إلى بيوتهم في غزة وشمالها، تشكل حتى الآن قطب الرحى في الخلاف. فإسرائيل تصر على بقاء محور نيتساريم من جهة وحقها في ضبط هذه العودة للنازحين عدديا ونوعيا وتحت مراقبتها. وقد انتقل هذا الخلاف إلى داخل كابينت الحرب حيث رأى وزراء بينهم آيزنكوت أهمية توسيع تفويض الوفد الإسرائيلي من جهة وحلحلة الموقف من عودة النازحين إلى الشمال. ورأى وزراء وجوب التمسك بالاقتراح الأمريكي في حين بقي نتنياهو وتابعه رون دريمر على موقف رافض تماما لأي تعديل على الموقف الإسرائيلي المعلن ورغبتهما في شن عملية برية ضد رفح.

وكتب المراسل السياسي ل”يديعوت”، إيتمار آيخنر، أن وفدا إسرائيليا على مستوى مهني سيصل القاهرة اليوم بدعوة مصرية من أجل عرض اقتراحات جديدة في محاولة للتوصل إلى صفقة تبادل مع حماس. وأنه وفقا للتطورات سيتقرر ما إذا كان مفيدا إرسال رئيسي الموساد ديفيد بارنيع والشاباك رونين بار. وكرر الحديث عن أن جوهر الخلاف هو عودة النازحين إلى شمال القطاع حيث أن العائق بقاء محور نيتساريم واستمرار سيطرة إسرائيل على حركة الناس والبضائع بين شمال القطاع وجنوبه.

ونقل آيخنر عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه إذا حلت مسألة عودة النازحين إلى الشمال سيتضح حينها إن كانت حماس استخدمت هذا الشرط لكسب الوقت أم لا. وأضاف هؤلاء: “إذا حلينا هذه المسألة فإننا سنعرف إن كانت حماس تلعب معنا أم لا”. وشدد آيخنر على أن في الجانب الإسرائيلي غضبا شديدا على قطر التي استضافت حتى الآن أغلب جولات الاتصالات. ويتركز الغضب على واقع أن قطر لم تمارس ضغطا على حماس لقبول المقترح الأمريكي، وهذا كان سبب إعادة الوفد الإسرائيلي من الدوحة بعد أن قضى هناك عشرة أيام.

وفي إطار تحريك المفاوضات تحاول إسرائيل الإفراج عن كل من أبراهام منغستو وهشام السيد المحتجزين في غزة قبل سنوات من هذه الحرب، وكذلك جثامين الجنديين اللذين أعلنت موتهما، هدار غولدن وأورن شاؤول. وتصر إسرائيل على أن منغستو والسيد يجب أن يندرجا في إطار الصفقة الإنسانية. وهذا المقترح يعتبر جديدا خصوصا أن إسرائيل كانت ترفض حتى الآن مناقشة قضايا جثامين قتلاها، تاركة ذلك إلى المرحلة الأخيرة. وضمن هذا المقترح تعرض إسرائيل الإفراج عن معتقلي صفقة شاليط مقابل إعادة جثماني القتيلين.

ونقلت “يديعوت” عن مصدر إسرائيلي قوله: “نحن طوال الوقت نحاول تحقيق الهدف، والمماطلة والعراقيل دوما من جانب حماس. وقنوات المفاوضات دوما مفتوحة مع الوسطاء”.

وقد صعدت عائلات الأسرى الإسرائيليين وأنصارها من تظاهراتهم في تل أبيب، وأعلنت أنها ستسيّر تظاهرات في القدس أيضا وفي الكنيست. وكان مطلب المسيرات في تل أبيب هو “صفقة الآن”، وخرجت هتافات وشعارات تطالب برحيل نتنياهو فورا عن سدة الحكم. ووقعت صدامات مختلفة بين المتظاهرين ورجال الشرطة الذين حاولوا بأوامر من بن جفير قمع المتظاهرين ومنعهم من قطع الشوارع. وقالت إبنة أحد الأسرى في غزة: “بعد الآن لن نرجو أحدا. نحن نعلم أن هناك صفقة على الطاولة وأنتم تمنعون إبرامها. من الآن سوف تروننا في كل أنحاء الدولة ونحن سوف نحرقها. لقد سئمنا أكاذيبكم. أنتم تقولون أنكم تبذلون كل جهد، لكنكم فعلا لا تفعلون شيئا”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى