إقتصادمصارف

ماذا يحصل في سوق الشيكات.. وما هو تأثيره في تعاظم الكتلة النقدية ؟ (عماد عكوش)

 

بقلم الدكتور عماد عكوش – الحوار نيوز

سوق الشيكات في لبنان يساهم في عملية تآكل الودائع حيث يضطر المودعون الى بيع جزء من ودائعهم في السوق للحصول على النقد ، وقد وصل معدل الحسم على شيكات الدولار أكثر من 85 بالمئة، بينما وصل هذا المعدل على شيكات الليرة اللبنانية الى حدود 20 بالمئة ، ويستفيد من هذه التجارة ،التجار على أنواعهم من الكبار الى الصغار، لكن تبقى حصة الأسد لكبار التجار الذين يسيطرون على السوق .

توقفت المصارف بمجملها وبشكل تام عن قبول الشيكات المصرفية للإيداع في حسابات العملاء . قد يكون الهدف من ذلك قطع الطريق أمام تجار الشيكات والعملات، لاسيما منهم تجار السوق السوداء . لكنه في نفس الوقت يمنع أبقاء الودائع باسم المودعين، كما ان بعض ممارسات المصارف تثبت وبشكل قاطع أنها توقفت عن استقبال الشيكات لتحتكر هي نفسها سوق الإتجار بها… فالمصارف بغالبيتها تتاجر حالياً بالشيكات على حساب العملاء والمودعين.

ولوحظ ان العديد من المصارف تركّز حالياً جهودها على جذب المودعين غير اللبنانيين لتذويب ودائعهم عن طريق بيع الشيكات وتصفية حساباتهم كليّاً .

بعد رفض التجار لقرار وزير المالية بدفع نصف الرسوم الجمركية والضرائب المستحقة عليهم نقدا بحجة أنهم يقبضون جزءا من ثمن سلعهم عبر بطاقات الائتمان وفقا للتعميم 158 فما هو مدى صحة هذا الادعاء ،وكيف يستفيد التجار من ذلك وما هو حجم هذه الاستفادة ؟

لقد اعلنت وحدة الاعلام والعلاقات العامة في مصرف لبنان سابقا أن “عدد العملاء الذين إستفادوا من مفاعيل التعميم الأساسي رقم 158 تاريخ 8 حزيران 2021 بلغ ما مجموعه /172.128/عميلا حتى نهاية شهر آب 2022، وقد بلغ المبلغ الإجمالي المدفوع لهؤلاء العملاء ما يوازي /1.168.412.757/ دولارا أميركيا، منها /584.379.021/ دولارا أميركيا دفعت نقداً مناصفة بين مصرف لبنان والمصارف”. كما أكد مصرف لبنان ان “المصارف سددت كامل الودائع لـ /74.362/ حساباً خاصاً متفرعاً حتى نهاية شهر آب 2022، وما زال ما مجموعه /97.766/ عميلا يستفيدون من مفاعيل هذا التعميم في شهر أيلول 2022.

وهذا يعني أن عدد الذين يستفيدون اليوم من التعميم 158 لا يتجاوز 97 الف حساب ، بمعدل 28800000 ليرة لبنانية سنويا لكل مودع ، أي ما مجموعه 2793 مليار ليرة لبنانية ، في حين من المتوقع أن تبلغ الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة التي سيتم تحصيلها خلال العام 2023 أكثر من ثلاثين الف مليار ليرة لبنانية، أي أكثر من كلفة التعميم 158 الذي يتم التحجج به بعشرة أضعاف ، فهل يستحق هذا الامر ؟ أليس من الاوفر على مصرف لبنان من أجل امتصاص الكتلة النقدية من السوق دفع ما يتعلق بالتعميم 158 نقدا ، وتحصيل كافة الضرائب والرسوم نقدا أيضا ؟

من الواضح ان الفرق ما بين الرسوم والضرائب التي يستفيد منه التجار عبر حسم 20 بالمئة ، وما بين حجتهم بالتعميم 158 تبلغ حوالي 27 تريليون ليرة لبنانية ،وبمعدل حسم 20 بالمئة ،فهذا يعني أنهم يحققون أرباحا أضافية على تجارتهم تبلغ حوالي 5.4 تريليون ليرة لبنانية .

إن رضوخ وزير المالية لطلب التجار ، ورضوخ حاكم مصرف لبنان لذلك ، وتهليل بعض وسائل الاعلام عن غباء بهذا الإنجاز، يدفع ثمنه المودع والمواطن اللبناني من خلال الانخفاض الكبير في سعر صرف الليرة اللبنانية نتيجة لتراكم الكتلة النقدية في السوق، وستبقى هذه الكتلة تتراكم ما دامت السياسات نفسها ومن خلال ألزام المودعين بسحب ودائعهم بشيكات محسومة ، فأين الادارة المالية السليمة التي لأجل 2.7 تريليون سحوبات بموجب البطاقات تضخ أكثر من 30 تريليون ليرة لبنانية كتلة أضافية سنوية عبر الشيكات المشتراة؟ .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى