تاريخدراسةسياسة

كتابة التاريخ الوطني: أو بتحنّن أو بتجنّن؟! (٢/٢) (محمد سعيد بسام)

 

بقلم د. محمد سعيد بسام – الحوار نيوز

من ناحية اخرى، حدثني اهالي دير الزهراني عن مآثر اجدادهم في حسْن وفادة الهاربين المسيحيين من الدروز، أبان الفتن الاهلية 1840 – 1860 ، حيث كانوا يأوونهم ويغيثونهم، وبخاصة حسن يوسف نصرالله الصعبي، ومن ثم يوصلونهم الى شاطئ الصرفند، لينتقلوا بالقوارب الى ذويهم في كسروان.

وفي التاريخ المعاصر، عام 1920 ، صارت هجومات من عناصر المقاومة العاملية المسلحة على المحتلين الفرنسيين ومن والاهم من سكان مرجعيون؛ وكان الاهالي ينزحون الى النبطية حيث كان النبطاويون واعيانهم يستقبلونهم بالترحاب، ويغيثونهم ويحلونهم في بيوتهم بالأمان لمدة أشهر. ولما كانت “حملة نيجر” لاحتلال جبل عامل وتاديب أهليه بكل قسوة؛ كان للمسيحيين المرجعيونيين وقفة شفاعة ووفاء بحق الشيعة لدى الكولونيل نيجر.

 

تقول الوثائق المخطوطة للشيخ سليمان ظاهر  (في كتابنا :” جبل عامل بين سوريا الكبرى ولبنان الكبير، حقائق بالوثائف”):

“في الوقت الذي كان فيه العسكر الفرنسي والمتطوعة الموتورون يثقلون على الشيعة، بشتى أنواع الانتقام والغرامات والأتاوات، ما جعل الشيخ سليمان ظاهر يستصرخ أفاضل المسيحيين تبيان شهاداتهم بواقع الأمور. وكانت استجابة هؤلاء جد كريمة، فاعترفوا، في وسائل الإعلام، للنبطية بحسن وفادتها، وتمنوا على السلطات الفرنسية الرأفة بالشيعة، وعدم أخذهم، جماعة، بجريرة أعمال «العصابات». كذلك تبدّت «شهامة بعض المسيحيين المنكوبين، ووفاؤهم لإخوانهم الشيعيين» في استدعاء قدّمه وجهاء الجديْدة إلى «الكولونيل نيجر، شكروا فيه ما لاقوه من كريم طبع شيعيي النبطية». وجاء فيه:

«لجانب معالي القائد الإداري للمنطقة الغربية الليوتنان كولونيل نيجر الأفخم

«المعروض، على أثر النكبات الأولى التي حدثت على أهالي جديْدة مرجعيون وديرميماس وجوارهما، فرّ الكثيرون بعائلاتهم إلى النبطية، فشاهدوا من أهاليها كل مؤاساة وعناية وإحساسات كريمة، ما حمل عائلات عديدة على الإقامة فيها… فقد برهنوا على إحساسات وطنية. وعليه لأجل بيان الحقيقة بما أتوه من الأعمال المبرورة، صار رفع هذه المعلومات الحقيقية لمعاليكم… ويَكِل الأمر إليكم. …

. في 7 شوال 1338

 (التواقيع):

الشماس الياس الخوري، إبرهيم حوراني، دكتور أمين يوسف، دكتور أسعد رحـال، شفـيق حمزة، داود سليمان، فياض حداد، موسى عبيد، جرجس غشوم، دياب فخري، الياس شديد»( ).

 

ختاما لن اطيل في التعليق واستخلاص العِبَر! فالاحداث تنطق بحقائقها وعِبَرها، والوطنيون يقرأون ما بين السطور! لكنني أضيف: لو شاء اللبنانيون الاندماج والانصهار في بوتقة مجتمع لا مجتمعات وطوائف، مهما كان تباعدهم عام 1920، لأفلحوا في النظريات والمعاملات، وفي اولها كتابة التاريخ الوطني الموحد، الذي فشل “مقاولوه” في اعداده في محاولات عدة، لم تغير من جوهره فكرة واحدة، حيث ان بعض المؤرخين كانوا على ابواب السلاطين السياسيين !

 المخفي اعظم!

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى