بقلم قاسم قصير
صدر مؤخرا عن دار الف باء للنشر والتوزيع كتاب جديد للدكتور علي خليفة تحت عنوان : “الصندوق الاسود للانتخابات – حوادث دائرة الجنوب الثانية في مواجهة الثنائي الشيعي”. والدكتور خليفة كان مرشحا في الانتخابات النيابية الأخيرة عن المقعد الشيعي في دائرة الزهراني من ضمن إحدى لوائح المعارضة ،وهو شخصية أكاديمية وله مساهمات عديدة حول المواطنة والتربية . والكتاب يستعرض تجربة المؤلف في الانتخابات وما جرى معه من أحداث وتطورات وأسباب ترشحه ومشروعه السياسي والفكري .
ورغم أن عنوان الكتاب يتركز على مواجهة المؤلف للثنائي الشيعي، أي حركة أمل وحزب الله، خلال الانتخابات فإنه يعتبر وثيقة مهمة لأداء قوى المعارضة في الانتخابات وأسباب الفشل، ولا سيما في الدائرة الثانية في جنوب لبنان والتي تضم قضاءي قرى الزهراني وصور.
وفي الكتاب معلومات مهمة عن نشاطات مجموعات المعارضة وأسباب فشل توحيد جهودها، بعكس ما حصل في الدائرة الثالثة ،وكذلك رغم نجاح معارض الحزب والحركة وحلفائهما في دائرة صيدا وجزين.
ويحرص الكاتب على عدم إبراز بعض اسماء الناشطين الذين ساعدوه في حملته ،وكذلك ممن خاض معهم النقاشات والحوارات ، ولكنه يتحدث بشكل تفصيلي ويقدم معلومات دقيقة حول الشخصيات المعارضة التي خاضت الانتخابات وأسباب الفشل في التعاون معها. كذلك يتحدث عن حركة مواطنون ومواطنات والحزب الشيوعي اللبناني ودور حزب سبعة ومجموعة كلنا إرادة ومجموعة نحو الوطن، واستعرض بعض مظاهر الفساد والمحسوبية داخل صفوف المعارضة .
يخصص الكاتب فصلين هامين، الاول حول الحملة التي شنتها حركة أمل وعناصرها ضده، ولا سيما خلال حادثة الصرفند رغم أنه يشير إلى أن بعض كوادر وعناصر حركة أمل كانت متضامنة معه .ويستعرض بعد ذلك حملة حزب الله وعناصره وقيادته ضده من خلال استغلال بعض مواقفه ضد الشعائر الدينية والحجاب، وخصوصا مواقف امين العام الحزب السيد حسن نصرالله حوله وتحوير بعض مواقفه وقيام عناصر مؤيدة للحزب أو مجهولة لشن حملة إعلامية ضده عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويؤكد الدكتور علي خليفة تبنيه للعلمانية الشاملة، وأنها الحل الوحيد لمشاكل لبنان، مع أن ذلك لا يتناسب مع بيئة الجنوب بشكل عام ويرفض اتباع أي مهادنة مع الحزب في المعركة الانتخابية.
ويختم كتابه بتقييم كل المعركة الانتخابية ونتائجها ودور النواب التغييرين وأسباب عدم صحة قوانين الانتخابات الحالية والحاجة إلى إصلاح شامل للنظام .
الكتاب يتضمن معلومات هامة ويشمل تناقضات في أدائه. فهو من ناحية ينتقد المرشح الدكتور يوسف خليفة ،لكنه يتحدث عن التعاون معه لاحقا خلال المعركة. وكذلك ينتقد القوى التغييرية ولكنه يطالب أن تتوحد رغم الخلافات في ما بينها ومعظمها شخصية .
والكتاب يضاف إلى سلسلة الكتب والدراسات التي تتحدث عن تجارب مجموعات المجتمع المدني في لبنان، وخصوصا كتاب الزميل الصحافي حسان الزين حول الحراك المدني في العام 2015واسباب فشله، وكذلك الكتاب الصادر حديثا حول انتفاضة 17تشربن الاول في العام 2019 والصادر مؤخرا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
هذا الكتاب وغيره يحتاج لقراءة موضوعية وعلمية لدراسة اسباب فشل المجموعات التغييرية في المجتمع اللبناني ،سواء كانت الأسباب ذاتية أو خارجية أو المواجهات التي تعرضت لها من قبل المعارضين لها .
وسواء اختلفت مع الكاتب أو اتفقت معه ،لا يمكن إلا تحترم جهوده وجرأته وصراحته .