سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: لبنان جمهورية النار وبري رجل الإطفاء الوحيد

 


الحوارنيوز – خاص
صحيفة "النهار" خصصت لعددها اليوم إفتتاحيتين رئيسيتين على صفحتين منفصلتين، الأولى عنونت لها: "لبنان المتفحم" بعد أن شطبت كلمة الأخضر واحتلت صفحتها الأولى صورة عن مأساة الحرائق وعنونت للإفتتاحية الثانية: " حزب الله يدفع الى حوار مباشر رسمي مع دمشق.. الحريري يستجير ببري على الحلفاء في الحكومة" وكتبت تقول: غرق لبنان أمس في سواد الحرائق التي امتدت على مساحة الوطن دونما اعتبارات طائفية ومذهبية كما ذهب البعض الى التفسير بضيق افق وتفكير، وانشغل المسؤولون على كل المستويات في متابعة الملف الذي بدا مهولاً اذ فاق عدد الحرائق المئة دفعة واحدة، بحيث عجزت الاجهزة المعنية عن السيطرة عليها، أو التعامل معها، ما استدعى طلب المساعدة من قبرص واليونان والاردن.

واذا كانت نتائج الحرائق الطبيعية شكلت كارثة بيئية حقيقية لا يمكن تعويضها في وقت قصير، فان الخسائر المادية التي سببتها بدت كبيرة أيضاً، وهي لا تقل عن الكوارث السياسية والاقتصادية المرتقبة نتيجة السياسات غير المدروسة المتبعة على كل المستويات، ونتيجة التباعد في وجهات النظر وفي مقاربة الامور بين أهل السلطة انفسهم.

واذ أفيد ان مجلس الوزراء دعي إلى جلسة اختبار النيات في السرايا الحكومية في الخامسة عصر اليوم للوقوف على تداعيات الحرائق ولمتابعة درس مشروع موازنة 2020، لجأ الرئيس سعد الحريري المستاء الى عين التينة للقاء الرئيس نبيه بري والتعبير له عن امتعاضه من جراء ما آلت إليه الاوضاع وما حصل في جلسة مجلس الوزراء الاثنين الماضي إذ كان مقرراً بحسب الحريري ان يؤيد الوزراء رزمة من الإصلاحات لكنه فوجئ بتبدل المواقف في اللحظة الاخيرة ما استدعى رفع الجلسة. ويطرح الحريري جملة من التساؤلات عن مغزى التراجع عن مجموعة من النقاط التي تم الاتفاق عليها، معتبراً هذا الأمر مستغرباً ولا جواب عنده.

وكان بري شدد على وجوب حسم الأمور ولو بالتصويت على كل بند "لأن الوضع الاقتصادي والمالي بلغ حدوداً كبيرة محرجة". وقال: "على الجميع ان يعلموا أن الوضع المالي صعب جداً ولا يقل خطورة وايلاماً عن الخطر الإسرائيلي وأدواته. وعلينا أن نتحمل المسؤولية الوطنية لإنقاذ البلد سريعاً".

وأفادت مصادر رئيس المجلس ان اللقاء والرئيس الحريري تمحور على المسار الذي تسلكه الموازنة العامة في جلسات مجلس الوزراء واللجان الوزارية والسبل الآيلة إلى تذليل العقبات لإنجاز الموازنة وإحالتها على المجلس النيابي في المواعيد الدستورية. ولفتت الى "المخاطر الناجمة من اضاعة الوقت في السجالات السياسية وانعكاساتها الخطرة على الوضعين المالي والاقتصادي اللذين لا يحتملان التلكؤ في اتخاذ الاجراءات الفورية للجم التدهور الحاصل".
بدورها عنونت "الأخبار" لصفحتها الأولى: "أول الغيث" مع صورة تعبر عن مأساة حرائي اليومين الماضيين وخصصت صفحاتها من الثانية الى الخامسة لترصد وقائح الحرائق وتداعياتها. فيما خصصت صفحتها السادسة لأبرز الأخبار المحلية ومنها: مقال للزميل ايلي الفرزلي عن راتب مدير عام أوجيرو، متسائلة في عنوان آخر: هل تطرح موازنة 2020 على التصويت؟

صحيفة "الجمهورية" عنونت: غضب الطبيعة يفاقم غضب الناس .. بري: الوضع المالي أخطر من إسرائيل" وكتبت تقول: لولا نعمة السماء، لكانت رقعة النار أكبر من قدرة الدولة وأجهزتها على احتوائها وحصر لهيبها الذي أكل مساحات واسعة من الأحراج في مختلف المناطق اللبنانية. فيما بَدت البلاد أمس في قبضة نارَين: النار التي تلتهم ثروتها الحرجية وغاباتها، ونار الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية التي تهدد عيش اللبنانيين جميعاً.

وقائع اليوم الناري، الذي لفّ لبنان أمس من أدناه الى أقصاه، فرضت استنفاراً لدى الدولة وأجهزتها، وبالإمكانات المتواضعة التي ثبت ضعفها، أمام هذا الغضب، إلّا انّها في المقابل تحمل على طرح اكثر من علامة استفهام حول هذا الاشتعال الشامل، والذي أضرم ما يزيد عن 450 حريقاً في يوم واحد. فهل كل هذه الحرائق ناجمة عن المناخ الحار؟ وهل أنّ بعضها أُشعِل بفِعل فاعل؟… وهو أمر بالتأكيد برسم الاجهزة المعنية، التي يقع على عاتقها تحديد أسباب الاشتعال أكانت طبيعية أو على يد مخرّبين؟

ولكن في المحصلة، وقعت الكارثة باندلاع أكثر من 140 حالة حريق، وفق مدير وحدة إدارة الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء زاهي شاهين، الذي نفى ما يتم تداوله من أنّ الدفاع المدني استجابَ لـ450 حريقاً.

وإذ سأل البعض هل كانت هذه الحرائق مُفتعلة؟ لم يظهر أنّ أيّاً من المتابعين يملك إجابة عن هذا السؤال، ولو أنّ البعض منهم يرجّح هذه النظريّة من دون تَبنّيها.
وقال رئيس فرع مصلحة الأرصاد الجويّة في مطار رفيق الحريري الدولي وسام أبو خشفة لـ"الجمهوريّة" إنّ "الظروف المؤاتية لاندلاع الحرائق كثيرة، وأهمّها: الأشجار اليابسة خلال الخريف، الهواء الجاف، قلّة الرطوبة، الحرارة المرتفعة وسرعة الرياح الشرقيّة الحارّة. كلّ ذلك ساهم في امتدادها، ولكن ليس في إشعالها".

وبدوره، أشار الخبير البيئي ناجي قديح إلى أنّه لا يمكن إغفال نظريّة افتعال الحرائق، ومع ذلك فإنّ الهواء القوي والنّاشط يؤديان إلى إشعالها لأيّ سبب صغير، خصوصاً أن لا إجراءات مُتّبعة للتخفيف من حجم الأضرار.

وتخوّف بعض الذين تضرّرت منازلهم واحترقت سيّاراتهم من تَهرّب الدولة من دفع تعويضات ماديّة، خصوصاً أنّها لم تدفع حتى اليوم للمتضررين من العاصفة "نورما" رغم مضي أكثر من 10 أشهر على حصولها، ورفع تقرير يفيد أنّ تكاليف الأضرار تبلغ 40 مليار ليرة.

وأكد رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير لـ"الجمهورية" أنّ البلديات المعنيّة رفعت له تقريراً بحجم الأضرار الماديّة، ليحيلها إلى الجيش، حيث يقوم المعنيون بالكشف الميداني، ثم يتم إحالتها إلى مجلس الوزراء لتزويد "الهيئة" المبلغ اللازم. وحينها، يمكن للمتضررين استلام الشيكات مباشرة.

ولفت خير إلى أنّ التقارير في الشوف تشير إلى تضرّر 10 منازل و13 سيّارة (11 في الدامور و2 في النّاعمة).
في حين أنّ هذه الأرقام تتناقض مع المعاينة الميدانية لفرَق الدفاع المدني وفوج الإطفاء، إذ أكد بعض من ساهموا في إطفاء الحرائق أنّهم عايَنوا أكثر من 10 فيلّات تضرّر معظمها من الخارج في المشرف، و3 منازل في حارة النّاعمة و2 في النّاعمة.

وتوازياً، فإنّ الحرائق السياسية لا تقل سخونة عن الحرائق الطبيعية، والتي ألقت بالعلاقات السياسية في مدار التوتر والسجالات. وهذا الأمر حذّرت مستويات سياسية ورسمية في الدولة من تَفاقمه، مُعربة عن خشيتها من حصول مضاعفات على أكثر من صعيد، وقد لا تنجو منها الحكومة، التي تعاني أصلاً كثيراً من التصدعات، التي بَدت واضحة مع تفاقم الازمة الاقتصادية وضعف خطوات المعالجة.

وفي هذه الاجواء التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة رئيس الحكومة سعد الحريري، في حضور وزير المال علي حسن خليل. وعلمت "الجمهورية" انّ الحريري بَدا مستاءً ممّا آلت اليه الاوضاع، معبّراً عن امتعاضه ممّا حصل في جلسة مجلس الوزراء امس الاول، والتي كان مقرراً أن تُصادِق على ما اتفق عليه في ما يتعلق بسلة الاجراءات الاصلاحية والموازنة.

وفي المعلومات أيضاً انّ الحريري عَبّر، خلال اللقاء، عن تساؤلات حول الغاية من التراجع المفاجئ عن التفاهمات التي أمكَن الوصول اليها خلال الايام الماضية، وقال: "إن ّهذا أمر مستغرب ولا جواب عليه".

وتشير المعلومات الى انّ بري أكد خلال اللقاء، وجوب بَت كل الامور في الجلسات اللاحقة لمجلس الوزراء، مشدداً على حَسم الامور كلها ولو بالتصويت، لأنّ الوضع الاقتصادي والمالي بلغَ حداً حرجاً جداً.

وفي هذا المجال، تم التوافق على عقد جلستين لمجلس الوزراء اليوم وغداً، على ان تعقد الجلسة النهائية بعد غد، ليُحال فيها مشروع الموازنة مع الاصلاحات الى مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي منتصف ليل الاثنين المقبل.

وسُئل بري: وإذا لم تُحِل الحكومة مشروع الموازنة ضمن المهلة الدستورية؟ فقال: "ساعتئذ… تِخبزو بالعافية".

ورداً على سؤال، قال بري: "وضع لبنان على مفترق طرق، والوضع المالي هو أشد إيلاماً وخطورة من اسرائيل وعدوانها".

وإذ عبّر بري عن امتعاضه من "الوضع السياسي المتفجّر"، لفتَ "الى استغلال اسرائيل هذا التلهّي الداخلي بالسجال السياسي، عبر قَضمها لمساحة 15 متراً داخل الاراضي اللبنانية في منطقة الوزاني، وهي مساحة شديدة الاهمية والدلالة، والتي لها ارتباط وثيق بما نسعى اليه من خلال تثبيت حدود لبنان البرية والبحرية".
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى