إعلامثقافة

في ذكرى الجلاء والعيد الوطني لسورية: محطات في سيرة الزعيم إبراهيم هنانو(محمد قجّة)

 

محمد قجّة – الحوارنيوز خاص

 1- لا مجال هنا للحديث عن الزعيم إبراهيم هنانو في أمور معروفة تتصل بحياته وتعليمه وجهاده المبكر ضد الاستعمار الفرنسي، ونهاية ثورته المفجعة، ولجوئه إلى الأردن، حيث سلمته سلطات الاستعمار البريطاني إلى أصدقائها الفرنسيين. وقصة محاكمته المثيرة، وبراءته، وانصرافه بعدها للعمل الوطني في إطاره السياسي، وهو إطار يتكامل ويتداخل مع الجهاد العسكري الذي رأيناه لدى يوسف العظمة والشيخ صالح العلي ورمضان شلاش وحسن الخراط واحمد مريود ،وسواهم من أبطال الوطن .

 

 2 – ولا بد من الإشارة هنا إلى الظروف التي رافقت رحلة الزعيم هنانو إلى الجنوب قاصداً الأردن، بعد النهاية المأساوية لثورته. وقد أظهرت هذه المرحلة حوادث متباينة، بل ومتعاكسة في مسارها ونتائجها.

وفي الوقت الذي كانت فيه حفنة من المرتزقة صغار النفوس تطارد الزعيم خدمةً للمستعمر الفرنسي الأحمق الحاقد، كان هناك مواطنون شرفاء احتضنوا هنانو ووفّروا له المأوى وسبيل النجاة في طريقه إلى الأردن .

 

 3 – لم يكن اللجوء إلى العمل السياسي يعني نهاية الثورات في سورية، فلقد استمر الثوار في أداء واجبهم الوطني، وكبدوا قوات الاحتلال الفرنسي أفدح الخسائر، ومن أبرز هؤلاء الثوار : نجيب عويد ورفاقه، مصطفى الحاج حسين، الشيخ يوسف السعدون، نجيب سخيطة، فوزي القاوقجي، رمضان شلاش .. وسواهم .

وكانت الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش، والتي دامت سنتين 1925 ـ 1927. وكانت تمهيداً لمرحلة النضال الوطني السياسي .

 

 4- الزعيم هنانو والنضال السياسي :

تبرز في هذا الميدان أسماء لامعة كانت تحيط بالزعيم هنانو، من أبرزهم سعد الله الجابري وفارس الخوري وعبد الرحمن الشهبندر وهاشم الأتاسي. وكان لكل منهم مواقفه المشرفة، وكان لكل منهم حصته من سجون العدو المظلمة .

في تلك الفترة شهدت البلاد تظاهرات وعصياناً مدنياً، وراحت السلطات الاستعمارية تقمع الحركات الشعبية بمنتهى الوحشية. فتداعى بعض الوطنيين إلى تأسيس الكتلة الوطنية لقيادة الأعمال النضالية والعمل السياسي الوطني. وكان من أبرز أعضائها : الزعيم إبراهيم هنانو، هاشم الأتاسي، سعد الله الجابري، جميل مردم، لطفي الحفار، حسني البرازي، توفيق الشيشكلي، مظهر رسلان .

 

5 – وجرت انتخابات في 20 / 12 / 1931. وتم تزويرها بشكل فاضح، ما أدى إلى احتجاجات شعبية واسعة .

وفي ذكرى المولد النبوي الشريف وقف الزعيم هنانو يخطب في حلب يوم 29 / 7 / 1932 في جامع البرهمية في حي الجلوم. وكان مما جاء في خطابه :

” أيّها الإخوة : أطأطئ الرأس إجلالاً لذكرى النبي العظيم الذي جاء بالدعوة إلى السلام والحق والوئام .

لقد كان العرب المسلمون يجتمعون في الجوامع، وهذه الأماكن ليست للعبادة فقط ولكنها للنصح والإرشاد والاجتماع وإلقاء الخطب .

إليكم أيها الشباب أوجه كلامي، أنتم رجال المستقبل، إذا طأطأتم رؤوسكم أمام الظلم تكونون أنتم المسؤولين عن أعمال الظلم .

لا تقولوا بأنكم ضعفاء، فأنتم أقوياء بإيمانكم وإخلاصكم، فأنا أحرضكم على التمرد أمام الظالم. أحرضكم وأحرضكم . “

الكتلة الوطنية ودورها السياسي المحوري :

 6 –  انعقدت الكتلة الوطنية يوم 4 / 11 / 1932 في مدينة حمص، وأقرت النظام الأساسي الذي جاءت فيه نقاط هامة، أبرزها :

غاية الكتلة تحرير البلاد السورية من كل سلطة أجنبية، والعمل على تأمين الاتحاد بين الأقطار العربية، وتأمين الحرية والمساواة للمواطنين بشتى أعراقهم وطوائفهم، ومتابعة الجهاد حتى التحرير الكامل .

وتشكلت الكتلة من عدد من الهيئات منها :

المكتب الدائم ومجلس الكتلة، والمؤتمر العام .

وأبرز هذه الهيئات المكتب الدائم، وتألف من :

-إبراهيم هنانو زعيماً

-هاشم الأتاسي رئيساً

-سعد الله الجابري نائباً للرئيس

أما مجلس الكتلة فتألف من 44 شخصية وطنية، أضيفت إليهم شخصيات أخرى عددها اثنا عشر شخصية بعضهم من لبنان.

 وكان هذا المجلس يمثل كل أرجاء سورية والتيارات الوطنية والفكرية والسياسية الشريفة فيها.

 

 7 – لم تتوقف التظاهرات وأعمال العصيان المدني، وفي إحدى تظاهرات حلب يوم 17 / 8 / 1933 قام بعض أعوان الاستعمار بضرب السيد طارق هنانو نجل الزعيم إبراهيم. وأدى الضرب المبرّح إلى مرض عصبي دائم لدى طارق الذي نجا من الموت بأعجوبة .

وحينما عرف الزعيم هنانو بالحادث قال : ليس طارق إلا واحداً من أبناء هذا الشعب .

* * *

 8 – بدأ المرض والإرهاق يلوح على الزعيم هنانو، واشتد به المرض منذ 19 / 6 / 1934 ،وأقام الزعيم مدة في جبل الاربعين في أريحا طلباً للاستجمام. ورغم مرضه كان يتابع أمور الوطن ويلتقي رجال السياسة.

وحينما حل يوم 21/ 11 / 1935 لبى إبراهيم هنانو نداء ربه . وخرجت مدينة حلب بأجمعها تشيع جثمان الزعيم إلى مثواه الأخير يوم 23 / 11 في مشهد لم تر مدينة حلب له مثيلاً. وما يزال ضريحه العظيم مزاراً يقصده أبناء الوطن، وإلى جانبه رفيق نضاله سعد الله الجابري، وضريح الجندي المجهول .

 

رحمك الله يا أبا طارق .. يا شيخ المجاهدين وزعيم التحرر الوطني .

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى