إقتصاد

“طالبان” تعتمد الكابيتال كونترول :لبنان سبقها ب54 سنة ويعاند اليوم في تطبيقه(محمد هاني شقير)

كتب محمد هاني شقير

 

فاجأت حركة طالبان الافغانيين والمراقبين بعد عشرة أيام على دخولها كابول، باصدارها قرار الكابيتال كونترول، أو المراقبة والحد من السحوبات المالية ولا سيما منها الى خارج البلاد.

انه قرار سيادي وطني بامتياز تأخذه قوة سياسية دينية لم تتضح معالم سياستها المقبلة في افغانستان كما في المنطقة برمتها. وبرغم ذلك فإنها استشعرت خطرًا يحدق بموجودات البنك المركزي نظرًا للظروف المعقدة التي تمر بها تلك الدولة، طوقته بقرار حكيم جدًا.

هذه خطوة مالية اقتصادية تلجأ إليها الدول عندما تتعرض لمخاطر الانهيار الاقتصادي، وهي خطوة كان لجأ إليها لبنان ذاته عندما كان الوطن العربي يتعرض لاعتداء صهيوني سنة 1967.

وفي هذا السياق نشرت “الدولية للمعلومات” تقريرَا مفصلاً عرضت فيه للظروف التي حصلت آنذاك حيث عند ” الساعة الثامنة و 45 دقيقة من صباح يوم الاثنين في 5 حزيران 1967 أغارت الطائرات الإسرائيلية على المطارات المصرية ودمرت الطائرات الحربية ،واستكملتها بغارات على دول عربية أخرى ما أدى إلى  اندلاع حرب بين الدول العربية وإسرائيل عرفت بحرب الأيام الستة. باكراً استشعر الخطر المسؤولون اللبنانيون وفي مقدمهم رئيس الجمهورية حينها شارل الحلو ورئيس الحكومة رشيد كرامي ورئيس مجلس النواب صبري حمادة والوزراء والنواب كافة، فعقد مجلس الوزراء جلسة طارئة عند الساعة الحادية عشرة من اليوم ذاته وتم إقرار مشروع القانون المكرر وإحالته بالمرسوم الرقم 7510 بطلب صلاحيات تشريعية في المجال المالي والاقتصادي لمواجهة المرحلة وتداعياته.

لم يتأخر مجلس النواب في ملاقاة الحكومة وعقد عند الساعة الرابعة والنصف جلسة برئاسة الرئيس صبري حمادة وأقر عند الخامسة أي في أقل من نصف ساعة طلب الحكومة وصدر القانون الرقم 45/67 تاريخ 5 حزيران 1967، بإعطاء الحكومة حق التشريع لمدة شهرين بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء في القضايا الاقتصادية والمالية والقضايا المتعلقة بالسلامة العامة والأمن الداخلي والأمن العام وكذلك حق تعديل الأحكام الأخرى، وللحكومة في ما خص قضايا السلامة العامة حق إقرار تنسيق العمليات العسكرية بين القوات اللبنانية والقوات العربية ،بما في ذلك حق إدخال قوات عربية إلى الأراضي اللبنانية، كما لها حق تأمين المال اللازم للمجهود الحربي’.

وبعد أيام اصدرت الحكومة مرسومًا اشتراعيًا تضمن تنظيم تلك العملية بما يخدم الاقتصاد الوطني اللبناني.

في هذا السياق ومنذ انطلاق انتفاضة 17 تشرين 2019 أشبع المفكرون الاقتصاديون والخبراء الماليون، فضلاً عن الناشطين السياسيين والمجموعات المشاركة فيها الأزمة الاقتصادية التي بدأت ملامحها قبل 17 تشرين، تحليلاً وتمحيصًا وتنويرًا للرأي العام وللسلطة السياسية متمثلةً بمجلس النواب ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومن خلفهم القوى السياسية التي يتشكلون منها، ودعوهم، جميعا للمبادرة فورًا الى اتخاذ قرار وطني جريء يستهدف حفظ الكتلة النقدية التي كانت موجودة حينئذٍ، وبحسب تصريحات حاكم مصرف لبنان، بلغت نحو 47 مليار دولار اميركي، لكنهم، ايضًا جميعًا، كانوا صمٌ بكمٌ، فمارسوا صمتًا مريبًا افضى في نهاية المطاف الى تبخر المبلغ المذكور، بشكل دراماتيكي مشبوه.

لقد تبخر اكثر من 27 مليار دولار اميركي، عن طريق التهريب أو ما يسمونه تحويل، حيث هرّب السياسيون والمصرفيون والمحظيون وكل من لف لفهم في هذه السلطة، أكثر من نصف المبلغ المذكور الى خارج البلاد، هذا في حين منع المودعون من سحب أي مبلغ بالدولار بل جُعِل محدودًا بالليرة اللبنانية بعد أن سُعر الدولار الواحد بـ 3900 ل. ل. فخسر المودعون، وبينهم عرب وأجانب ومغتربين غير مدعومين، ما يعادل ثلاثة أرباع أموالهم التي سطا عليها المذكورون أعلاه. كما جرى سرقة المبلغ المتبقي عن طريق الدعم الذي نادرًا ما استفاد منه الطيف الواسع من فقرائنا، وذلك عبر دعم المواد الغذائية واللحوم والأدوية والمحروقات، وها نحن نشهد اليوم فصول ذلك الدعم وطرق استخدامه من قبل المحتكرين والمهربين والمحميين سياسيًا.

فتشت عن نهاية لهذه المقالة فما وجدت غير عبارة فليكن الله بعون اللبنانيين الواقعين تحت سندان السلطة وإسفين اميركا.

  • ملاحظة :يمكن الاطلاع على تقرير الدولية للمعلومات حول تجربة لبنان مع الكابيتول كونترول على الرابط الآتي:

https://bit.ly/3yEe9aq

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى