رأي

شعار انتخاب رئيس ضد المقاومة يُسقط مضامين المعارضة والحوار (علي يوسف)

 

كتب  علي يوسف – الحوار نيوز

 

يتفاعل في داخلي  ومنذ فترة شعور بالذهول لحجم  النكران الفكري لدى عدد كبير من اللبنانيين  ومن القوى السياسية وقياداتها والصحافيين والكتاب، ومن بينهم من يُطلقون عليهم  وصف المثقفين …

وبغض النظر عن السبب السياسي المصلحي او التبعي  او الانهزامي او الحقدي او الطائفي او الغبائي،الا ان ذلك لا يلغي النكران الفكري الذي  يُحوّل هؤلاء  من حالة يُفترض ان تكون سياسية الى حالة مرضية  تُدخل اليأس الى احتمال انقاذ لبنان .

لماذا اقول ذلك ؟؟

منذ فترة وانا اقرأ كل يوم عدا  الترهات  السياسية  ،التي بات لها نكهة  لبنانية تُحوّلها الى تقليدية، دعوات من اتجاهات مختلفة لتوحيد “المعارضة ”  لجهة الاتفاق على اسم موحد لرئاسة الجمهورية ،وذلك بعد عدم اتفاقها على الموقف الكاريكاتوري بترشيح ميشال معوض  كمرشح تجريبي لرصد المواقف للانتقال بعدها الى المرشح الحقيقي !!!!!

ولقد تم كل ذلك المشهد الهزلي تحت شعار عدم السماح بإيصال مرشح  مؤيد للمقاومة او تؤيده المقاومة .وما يزيد الى  هزلية التجربة هزلية الشعار الذي يعبر فقط عن الانصياع لرغبة اميركية وعربية  ومن دون اي مضمون  يحدد انعكاس ذلك على مستقبل التركيبة والبنية اللبنانية ،في ما يشير الى ان التبعية والانصياع باتا يتمتعان بنسبة عالية من الغباء والجهل …..

وللاسف ان المعارضة التي يتم الحديث عنها ودعوتها الى  الوحدة ( وقد يكون استعمال كلمة التوحد افضل )تشمل بحسب اصحاب جميع القوى المسيحية ،باستثناء  المردة  مع مباركة  روحية  والحزب التقدمي الاشتراكي بما في ذلك اللقاء الديموقراطي  والتكتلات السنية المناهضة للمقاومة  ونواب ما يُسمى “التغيير “(نواب انطوان صحناوي)  مع  “الزقّيفة” الذين يُطلق عليهم  زورا اسم  “المجتمع المدني .

 

كل من ينظر الى هذا المشهد يصل الى نتيجة مباشرة، وهي ان اصحاب هذه الدعوات ومكوناتها “يعتبرون “ان المقاومة المؤلفة من الشيعة وحلفائها من الطوائف الاخرى هم  الموالاة، وكل الآخرين هم معارضة ، وأن  هذه “الموالاة “سبب مشاكل  لبنان وما وصل اليه البلد وان هـؤلاء “المعارضة ” هم الانقاذ…!!

 

وهذا يعني مثلا ان الرئيس عون وجبران باسيل عندما “كانا” في رئاسة الجمهورية كانوا شيعة او مقاومة ، وعندما  انتهت الولاية صارا معارضة، وهذا يعني ان ميقاتي وجميع اعضاء حكومته هم مقاومة، وايضا ان جميع رؤساء ووزراء الحكومات التي تعاقبت ،منذ تاريخ ،يجب ان نسألهم متى يعتبرونه قد بدأ ،هم مقاومة بمن  فيهم وزراء  التيار و القوات والكتائب والمستقبل والاشتراكي  والمستقلين من  جميع الطوائف، وكذلك كل  اعضاء جميع المجالس النيابية التي كانت تقر القوانين والسياسات المالية ،وحتى كل الموظفين في المؤسسات الامنية والاقتصادية والمالية والخدماتية  كلهم كانوا مقاومة،  مع مقاربة ان هؤلاء  يعودون الى مواقعهم السياسية كمعارضة  ويُعارضون السياسات  التي اقروها  هم حينما كانوا في المسؤولية، حين يستوجب الوضع تلبية النداء الاميركي وحلفائه .

 

انها حالة سوريالية  يتميز بها لبنان،وحالة نكران للفكر والسياسة بل هي اكثر من ذلك حالة نكران للوطنية وحالة نكران  للاخلاق الانسانية والوفاء، بل وبرأيي حالة وقاحة في العمالة ….!

قد يستغرب البعض هذا الكلام  ويُعطي حججا من نوع انه ليس ضد المقاومة بل ضد مرشحها، ولا يجيب  لنفسه قبل ان يجيب للآخرين كيف يُحاول الاتفاق مع الاطراف المعادية للمقاومة على مرشح  معاد للمقاومة ، تحت شعار مضلل وكاذب هو شعار المعارضة . وقد يستغرب آخر ويقول انه يسعى لتوافق ولكن عليه ان يُجيب على سؤال بديهي ،هل يمكن ايجاد شخص مع المقاومة وضدها في آن ليتم التوافق عليه  ؟

كل الالاعيب الحججية التي يختبىء البعض في ظلها لا معنى لها ، لأن المشكلة عميقة وتتعلق بالانتماء والهوية  وتصبح خارج مفاعيل الحوار حين يكون بعض اطرافها ينطلقون من اجندات خارجية وتلبية لإملاءات خارجية،وهذه للاسف عرفناها في لبنان منذ ما قبل لبنان الكبير منذ العام ١٨٦٠ ، ثم تكررت في مراحل تاريخية لاحقة وكانت في كل مرة تؤدي الى حرب اهلية …

واذا كان من غير الممكن في الظروف الحالية  الوصول الى حرب اهلية بفعل توازنات  القوى على المستويين الداخلي والاقليمي وحتى الدولي ، الا ان   استمرار الازمة او تسويتها مؤقتا مرتبط  بتطورات اقليمية  تفرض (بتعليمات)التراجع عن شعار  رئيس معاد للمقاومة …او سنكون مضطرين الى انتظار التغييرات الاقليمية الجذرية القادمة بتسارع على ما اعتقد ……

ومن  يُحاول ان يبرر مواقفه بالقول بعدم الحاجة للمقاومة، ورغم قناعتنا بأن هذا التبرير ليس وليد قناعة، الا أننا ندعوه الى مراجعة نفسه  ..هل ينظر بدقة الى المنطقة وما يجري فيها؟؟ وهل ينظر الى العالم وما يجري فيه ؟؟ وهل يسمع طبول الحرب ام انه أصم ؟؟هل يرى الجيوش المتواجدة في المنطقة وفي دولها احتلالا او بناء لطلب ومدى تداخلها واجنداتها ؟؟ وهل يرى حجم وعدد الجيوش المنتشرة خارج دولها؟ هل يدرك اننا على ابواب رسم خرائط جديدة  على مستويات الحدود والمصالح الاقتصادية والأمنية ؟؟

من لايرى اعمى ..ومن لا يدرك المخاطر والفرص جاهل …ومن يعتقد انه بجيش يعيش على فتات المساعدات وبالكاد يمكن ان يضبط الامن الداخلي يستطيع  ان يتموضع في خضم هذه العاصفة  هو مكابر..

ومن لا يريد ان يرى وان يسمع ويكتفي بتلقي التعليمات فهو عميل وقح.

 

والباقي الى يوم آخر..

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى