حروبرأيسياسة

حرب شاملة أو تسوية شاملة.. الانتصار محسوم (ريما فرح)

 

كتبت ريما فرح – موقع الميادين

سواء انخرط حزب الله في الحرب القائمة بمواجهة “إسرائيل” في غزة انطلاقاً من جنوب لبنان أو بقيت العمليات العسكرية في المنطقة الجنوبية من لبنان محكومة بقواعد الإشتباك، فإن الحزب، ومعه لبنان ومحور الممانعة، حسموا نتائج المعركة سلفاً لمصلحتهم وربحوا الحرب.

لا يحتاج المراقب إلى جهد كبير وتحليل معقّد ليتبيّن هذه النتيجة، فمنذ عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وما بعدها، يمكن مقارنة التحوّل الذي حصل على مستوى قدرات المقاومة، سواء في لبنان أو غزة على كل الصعد، ناهيك بمعادلة توحيد الساحات التي قد لا تحتاج إلى فتح كل جبهاتها إن حانت نقطة الصفر.

وإذا كان حزب الله قد حجز لنفسه مرتبة قاهر “الجيش الذي لا يقهر” منذ حرب تموز/ يوليو 2006، وطوّر قدراته مادياً وبشرياً بشكل نوعي وكمّي على مدى 17 عاماً، فإن ما قامت به المقاومة الفلسطينية في غزة، وتحديداً حركتا حماس والجهاد الإسلامي، فاق ما رصدته أجهزة مخابرات العدو الإسرائيلي بشكل غير محتسب، ما سمح لـ”طوفان الأقصى” أن يعمي بصيرة قيادتيه العسكرية والسياسية، ويصيب معنويات جيشهم وشعبهم بأكبر انهيار منذ تاريخ نشوء الكيان الصهيوني.

هذا بحد ذاته يسجّل نصراً يذهل العالم بأن يتمكن فصيل صغير في قطاع محاصر من أن يهزّ ترسانة “الجيش الأكبر والأقوى في منطقة الشرق الأوسط”، ويمسح بمعنوياته أرض فلسطين ويطهرها، ويكسر أعلى رتب ومراتب جنرالات الاحتلال، ويبكيهم قادة وساسة، ويقضي على مستقبلهم وأحلامهم.

حرب أكتوبر اليوم، وإن حاكت انطلاقة أكتوبر عام 1973، فإن معارك الميدان التصاعدية على رغم فظاعة المجازر التي يرتكبها العدو حسمت وحُكمت بالانتصار المحتّم، سواء ذهبت باتجاه الحرب والأدوات العسكرية أو بالحلول السلمية، وهذه بعض الأدلة:

أولاً: النصر المعنوي والعسكري الكبير الذي سجّله “طوفان الأقصى” للفلسطينيين، والاعتزاز للعرب وأحرار العالم، والانهيار الكبير في معنويات “جيش” العدو الإسرائيلي وقدراته من ناحية، وثقة المستوطنين بأمنهم من ناحية ثانية.

ثانياً: هرولة الولايات المتحدة بقدّها وقديدها وانتقال حاملات طائراتها وألفي جندي من نخبتها إلى بحر فلسطين لطمأنة حكومة العدو و”جيشه” وشعبه إلى أنها تقف إلى جانبه وتخوض الحرب إلى جانبه، وكذلك قيادته السياسية التي لم تقتصر على الطاقم الدبلوماسي ووزير خارجيتها، بل حملت رئيسها جو بايدن إلى “إسرائيل” لشد عضد قادتها بأنهم غير متروكين لمصيرهم السيئ الذي ينتظرهم.

ثالثاً: لهاث الأميركيين، ومعهم المجتمع الدولي الملحق بهم، وتحديداً الغربي- الأوروبي، وراء السلطة اللبنانية المتمثلة بالحكومة والمجلس النيابي للضغط على حزب الله لثنيه عن فتح جبهة جنوب لبنان التي تفتح الجحيم على الجبهة الشمالية لـ”إسرائيل” أو بالحد الأدنى انتزاع ضمانة منه بعدم توسيع دائرة المعارك القائمة إلى الآن، بما يطمئنهم ويطمئن “إسرائيل”، في حين كان هذا المجتمع الدولي يعربد في ما مضى ويهدد لبنان بالحصار والقضاء على مقومات الدولة وأركان اقتصادها وشرايينها الحيوية، وحتى مشاركة بعض مسؤوليها بالتآمر على حزب الله، ولم ننسَ بعد جولة كوندوليزا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة لبيروت إبان حرب تموز/يوليو 2006، حاملة معها خرائط الشرق الأوسط الجديد.

رابعاً: التفاف دول التطبيع العربية وتعاطفها مع القضية الفلسطينية والتحرك الذي تقوم به دعماً لإنهاء مأساة الشعب الفلسطيني، حتى ولو كان الطرح حل الدولتين…

خامساً: رفض عملية الترنسفير من كل من مصر والأردن بتهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء المصرية، وفلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، وسقوطها وبالتالي سقوط “صفقة القرن”.

سادساً: التجذر الوطني الفلسطيني واللبناني في كل من غزة وجنوب لبنان. الجانب الأول هم الفلسطينيون. رغم كل التهديد الإسرائيلي والتدمير الممنهج لأحيائهم وبيوتهم لم يرضخوا لدعوات العدو للنزوح إلى سيناء، وحتى إلى جنوب القطاع، بالقدر الذي كان يخطط له الإسرائيلي، ولا في الجانب اللبناني، وعلى رغم مرور أكثر من أسبوعين  على الاعتداءات الإسرائيلية على طول القرى والبلدات المتاخمة، لم تسجّل حركات نزوح، وبقي السكّان يمارسون حياة شبه طبيعية من دون خوف، متسلحين بإيمانهم بقوة المقاومة وبقدرتها على دحر أي تحرك، لا بل ينتظرون ساعة العبور إلى قرى الجليل.

سابعاً: أما إذا وقعت الحرب ودنت ساعة الصفر، فإن النصر معقودٌ حتماً لحزب الله، وتجارب السنوات الأخيرة وحدها قادرة على أن تتحدث عن ملاحم البطولة.. وثقة اللبنانيين والجنوبيين أكبر من أن يسعها الكون.

ثامناً وأخيراً، أما إذا ما نجح الوسطاء بتقديم الحل السلمي على آلة القتل وتجنب الحرب، فإن ذلك لن يأتي إلا بضمانات تضمن حق الفلسطينيين واللبنانيين في أرضهم وسيادتهم، وسيكون هذه المرة بتسوية سياسية شاملة تنهي الصراع العربي الإسرائيلي وتشكل حلاً كبيراً ونهائياً، وبالتأكيد لا يمكن إلا أن يكون عادلاً ويرضخ فيه العدو المتسلط والجاثم على صدور دول الشرق الأوسط لأكثر من 7 عقود لقواعد لعبة شعوب المنطقة وكرامتها وأمنها واستقرارها… وهذا أيضاً انتصار لمحور المقاومة، وفي مقدمتهم حزب الله.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى