طبعلوم

جائحة كورونا تعود إلى الواجهة عالميا:هكذا تتطور حالة المصاب بين اليوم الأول والخامس عشر

 

أندريه بيرناث – بي بي سي – الخدمة العالمية

بعد مرور عامين ونصف على انتشار الوباء، عادت الإصابات بفيروس كورونا إلى الارتفاع مرة أخرى في أجزاء مختلفة من العالم.ويبدو أن هذا الارتفاع مدفوع بعدة عوامل، أهمها ظهور نوعين فرعيين جديدين سريعي الانتشار من متحور أوميكرون (بي أيه.4 و بي إيه.5)، وتخفيف إجراءات الوقاية. وتثير هذه الزيادة في الإصابات أسئلة جديدة حول انتقال وتأثيرات فيروس كورونا في أجسامنا.

دعونا نلقي نظرة على ما يفعله فيروس كورونا بأجسامنا، وما يحدث كل يوم بعد أول تعرض لمسبب المرض.

من المهم ملاحظة أن الجدول الزمني التالي هو تقدير متوسط ​​يعتمد على المعلومات المنشورة في الدراسات العلمية التي استعرضتها وكالات الصحة الدولية. وقد يختلف هذا الجدول الزمني في حالات محددة.

اليوم الأول: العدوى

تبدأ العدوى بعد التواصل مع شخص مصاب بالفعل بفيروس كورونا.

عندما يتحدث الشخص أو يغني أو يسعل أو يعطس، يتم إطلاق رذاذا من اللعاب يحمل جزيئات فيروس كورونا. وكمية الفيروس تختلف اختلافا كبيرا من شخص لآخر.

يقول عالم الفيروسات، خوسيه إدواردو ليفي، الخبير الباحث في معهد الطب الاستوائي بجامعة ساو باولو: “لدى بعض الأفراد حمولة أقل أي حوالي 10 آلاف نسخة فيروسية لكل مليلتر من اللعاب..لكن متوسط ​​الحمولة يتراوح من 10 آلاف إلى مليون جسيم، وقد رأينا أشخاصا يحملون ما يصل إلى مليار نسخة فيروسية لكل مليلتر”.

يمكن إطلاق هذه القطرات الصغيرة المصابة مباشرة على وجهنا، أو بقاؤها معلقة “تتجول” في الهواء لدقائق أو حتى ساعات.

هذه الديناميكية تذكرنا بدخان السجائر في الغرفة، واعتمادا على دوران الهواء في كل مكان، قد يستنشق الناس هذا الرذاذ أثناء التنفس.

هذا هو الوقت الذي تبدأ فيه عملية العدوى ويستخدم الفيروس النتوءات البروتينية التي تغطي سطحه الخارجي، للاتصال بمستقبلات الخلايا في الأغشية المخاطية للأنف والفم والعينين.

 

ويبدأ الفيروس من تلك اللحظة بغزو الخلية ويستخدم آليتها البيولوجية لتكوين نسخ جديدة منه بشكل متكرر.

ويقدر ليفي أن “عملية النسخ هذه تنتج ما بين مئة إلى ألف فيروس جديد في خلية واحدة..هذا الرقم مرتفع للغاية بحيث لا تستطيع الخلية التعامل معه..وبعد انفجار الخلية وموتها، يتم إطلاق هذه الفيروسات التي تكرر نفس العملية في الخلايا المجاورة”.

يرتبط هذا التكرار الهائل أيضا بظهور متحورات جديدة.

ليست كل النسخ متطابقة، ويمكن أن يكون لبعضها طفرات جينية كبيرة. وإذا كان هذا التغيير في الجينوم يصب في مصلحة الفيروس، فإنه يفتح الباب أمام سلالات جديدة مثيرة للقلق – مثل متحورات ألفا وبيتا وغاما ودلتا وأوميكرون المعروفة.

 

الأيام 1 و 2 و 3: الحضانة

بعد أن تمكن فيروس كورونا من غزو الخلايا الأولى في الجسم، فإن الخطوة التالية هي توسيع مجال عمله.

مع إطلاق كل خلية تم غزوها آلاف النسخ، ينتشر الفيروس بصورة أوسع في الكائن الحي. تُعرف فترة التطور الصامت هذه، والتي لا يمكن اكتشاف وجود الفيروس خلالها، باسم الحضانة.

يقول عالم الفيروسات أندرسون إف. بريتو، الباحث العلمي في معهد تودوس بيلا ساودي Todos pela Saúde في البرازيل: “لقد لاحظنا أن وقت حضانة المتغيرات الجديدة قد تقلص”.

ووفقا لتقرير وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، فإن فترة حضانة متحور ألفا كانت تستمر في المتوسط، من خمسة إلى ستة أيام، أما في الطفرة المتحورة دلتا، فقد انخفضت الحضانة إلى أربعة أيام.وبالنسبة لمتحور أوميكرون تقلصت فترة الحضانة إلى ثلاثة أيام.

بعبارة أخرى: في حين أن الأعراض النموذجية لكوفيد 19 كانت تستغرق ما يقرب من أسبوع للظهور، فقد تحدث الآن بين عشية وضحاها. لكن قد يختلف وقت الحضانة: في بعض الحالات، تظهر الأعراض لأول مرة بعد 14 يوما من التعرض الأولي للفيروس.

الأيام من 4 إلى 14: ظهور الأعراض وتطورها

  

مع تقدم الفيروس عبر الممرات الهوائية العلوية (الأنف والفم والحلق)، فإنه في نهاية المطاف يلفت انتباه جهاز المناعة لدينا، والذي يبدأ حينها بشن هجوم مضاد.

يشمل خط الدفاع الأول خلايا مثل العدلات (هي نوع من خلايا الدم البيضاء)، ووحيدات الخلية، وما يسمى بـ “القاتلات الطبيعية”، كما هو مفصل في مقال نُشر عام 2021 من قبل باحثين في مستشفى جامعة تشجيانغ في الصين.

بمرور الوقت، تلعب وحدات المناعة الأخرى دورا ، مثل الخلايا اللمفاوية التائية، التي تنسق استجابة أكثر تنظيما للغزو الفيروسي، والخلايا الليمفاوية البائية، التي تطلق الأجسام المضادة.

تظهر أعراض كوفيد 19 لدى بعض الأشخاص نتيجة رد الفعل المناعي هذا: فسيلان الأنف والسعال والحمى والتهاب الحلق هي محاولات متزامنة للقضاء على الفيروس من قبل الجسم، الذي يعتمد على تأثير العديد من الخلايا التي تعمل بلا انقطاع.

لكن إلى متى تستمر هذه الأعراض؟

 تقول الأستاذة نانسي بيلي، أخصائية الأمراض المعدية وعالمة الفيروسات في جامعة ساو باولو: “يعتمد الأمر بشكل كبير على مناعة كل شخص، ويتفاوت الأمر بين شخص وآخر. هناك أشخاص يعانون من أعراض قليلة، ويتعافون بالفعل بعد أربعة أو خمسة أيام، بينما يستغرق الأمر وقتا أطول لدى آخرين”.

وتقول بيلي، وهي أيضا عضوة في الجمعية البرازيلية للأمراض المعدية (SBI)، “بشكل عام تميل أسوأ الأعراض، مثل التهاب الحلق والحمى، إلى الاستمرار لحوالي ثلاثة أيام”.

وتضيف: “بعد هذه الفترة، يمكن أن تستمر الآثار الخفيفة، مثل سيلان الأنف والسعال، لمدة سبعة إلى عشرة أيام”.

في هذه المرحلة من المهم البقاء في عزلة وتقييد التواصل مع الآخرين قدر الإمكان. وإذا كنت بحاجة إلى الخروج أو التفاعل مع الآخرين، فإن الكمامة الجيدة تجنبك نشر الفيروس.

من منظور الحفاظ على صحة الجماعة، فإن البقاء في عزلة أمر ضروري لقطع سلسلة انتقال الفيروس في المجتمع، والسيطرة على ارتفاع الحالات.

 

ينتقل فيروس كورونا بشكل أساسي عن طريق الرذاذ القادم من فم أو أنف الشخص المصاب.

الراحة والاستمرار في تناول السوائل أمران ضروريان لضمان الشفاء وإعطاء الجسم الوقت الكافي للتعافي، كما يمكن لأدوية تسكين الآلام وخافضات الحرارة أن تكون عاملا مساعدا أيضا.

تقول بيلي: “إذا شعرت بضيق في التنفس بعد 72 ساعة من ظهور الأعراض، أو استمرت الحمى، فمن المستحسن أن تقصد المستشفى، وتسعى للحصول على رعاية طبية”.

وهذا الأمر يعد أكثر أهمية بالنسبة لكبار السن، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، أو أولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

اليوم الخامس عشر وما بعده: نهاية (أو ظهور أعراض كوفيد طويل الأمد)

بعد حوالي أسبوعين من أول تعرض للفيروس، عادة ما “ينتصر الجهاز المناعي” في المعركة ويوقف عملية تكاثر الخلايا وتدميرها.

وقد ساعدت اللقاحات على تحقيق هذا الانتصار، حيث أن الجرعات تسمح لدفاعات الجسم “بالتدريب” بأمان على محاربة العامل الممرض حتى قبل التعرض له.

لكن من المؤسف أنه في بعض الحالات يتمكن الفيروس من الوصول إلى الأعضاء الحيوية (مثل الرئتين)، ما يؤدي إلى حالات التهابية خطيرة. وتتطلب هذه المواقف عادة رعاية طارئة، وتمثل خطرا كبيرا لكونها قد تؤدي إلى حدوث الوفاة.

 

 

ويعاني البعض من أعراض أكثر حدة ويحتاجون إلى رعاية طارئة في وحدة العناية المركزةحتى بالنسبة للمرضى الذين تعافوا، هناك خطر الإصابة بفيروس كورونا طويل الأمد حيث تستمر الأعراض لعدة أشهر (أو حتى سنوات).

وعلى الرغم من أن كوفيد طويل الأمد ما زال يلفه الكثير من الغموض، إلا أن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) تقدر أن ما يصل إلى 13.3 في المئة من المصابين بفيروس كورونا يعانون من أعراض طويلة الأمد لمدة شهر أو أكثر. وحوالي 2.5 في المئة أبلغوا عن أعراض استمرت لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.

ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن أكثر من 30 في المئة من مرضى كوفيد الذين احتاجوا للذهاب إلى المستشفى يعانون من مشاكل صحية بعد ستة أشهر من الإصابة، تتراوح بين التعب ومشاكل التنفس إلى القلق وآلام المفاصل.

وتقول المراكز إنها تعمل على دراسة المزيد من الحالات لمعرفة وفهم مشاكل ما بعد الإصابة بالفيروس وأسباب حدوثها، بما في ذلك سبب تأثر بعض المجموعات بشكل أكبر من غيرها.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى