العالم العربيسياسةصحف

تسابق على كسب الشرعية | البرهان يجد الحلّ: تصرّف كمنتصر… تنتصر!

 

الحوارنيوز – صحافة

 

تحت هذا العنوان كتبت مي علي في الأخبار تقول:

 

الخرطوم | منذ أن خرج من مباني القيادة العامة للجيش في الخرطوم، قاد رئيس «مجلس السيادة»، الفريق عبد الفتاح البرهان، عدداً من التحركات الداخلية والخارجية، في ما بدا، إلى جانب خطوات أخرى، أنه يهدف إلى محاصرة قوات «الدعم السريع» سياسياً واقتصادياً، وعزلها إقليمياً ودولياً. وعلى الرغم من بحثه أزمة بلاده مع قادة الدول التي زارها، إلا أن البرهان أعلن أنه لا مجال للجلوس إلى طاولة التفاوض لإنهاء الحرب الدائرة بين الجيش و«الدعم السريع» منذ ما يقارب ستة أشهر.

ويبدو أن البرهان، ومن خلال جولاته الخارجية، يعمل على ترتيب مرحلة ما بعد الحرب، تاركاً أمر حسم المعارك العسكرية لنائبه الفريق شمس الدين كباشي وكبار قادة هيئة الأركان، فيما لا يستبعد محلّلون أن يكون الرجل ساعياً إلى تسويق نفسه كرئيس عتيد للبلاد، خاصة بعد الحديث عن إمكانية ترؤسه وفد السودان المشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، على رغم تكراره أنه لا رغبة للجيش بالسلطة أو الحكم. وبعد زيارته مصر وجنوب السودان، زار البرهان قطر، حيث التقى الأمير تميم بن حمد، وأطلعه على تطورات الأوضاع في السودان، فيما أكّد تميم دعم الجهود الرامية إلى إنهاء القتال الدائر في هذا البلد.
وكان القائد العام للجيش أعلن تبرّؤه من «الدعم»، واصفاً إياها بأنها «قوة متمردة» على الدولة، ومقراً أنه و«نسبة إلى الانتهاكات التي مارستها ضد المواطنين وجب حلّها». ولذلك، ألغى القانون الخاص بها المُقرّ في عام 2017 من قِبل برلمان الرئيس المخلوع عمر البشير. وللمفارقة، فإن البرهان هو من قام، قبل عامين، بإلغاء المادة الخامسة من قانون «الدعم السريع» التي تنص على تبعيتها للقوات المسلحة، الأمر الذي منحها مزيداً من الاستقلالية بعيداً عن الجيش.
ووفق محلّلين، فإن قرارات البرهان تلك، تنصبّ أيضاً في إطار التأكيد أنه لا مجال للتفاوض؛ إذ تهدف إلى سحب الشرعية من «الدعم السريع»، عبر إظهارها قوة منحلة قانونياً وغير موجودة ككيان على الأرض، ما يعني أن ممثليها لا يمتلكون حق الجلوس إلى أيّ من منابر التفاوض، الأمر الذي سيضع الوسطاء في موقف قد يصعب التعامل معه. كما يرى المراقبون أن قائد الجيش لا يريد إعلان رفضه الجلوس إلى طاولة المفاوضات صراحة، حتى لا يظهر بمظهر الرافض لجهود إحلال السلام في البلاد؛ ولذلك، لجأ إلى إفقاد قوات «الدعم السريع» شرعيتها التي منحها إياها القانون.

لا يزال قادة «الدعم» يحاولون منحها صفة الشرعية باعتبارها القوات «المدافعة» عن حقوق السودانيين

وتأتي قرارت البرهان بالتزامن مع فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مسؤولين في قوات «الدعم»، على رأسهم شقيق قائدها، ونائبه عبد الرحيم حمدان دقلو، الذي تُتهم قواته بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بما فيها العنف الجنسي، ولا سيما في إقليم دارفور غرب السودان. كذلك، طاولت العقوبات قائد «الدعم» في ولاية غرب دارفور، عبد الرحمن جمعة، لتورّطه في فظائع ارتكبتها قواته في غرب دارفور، وعلى رأسها مقتل والي الولاية، خميس عبدالله أبكر، منتصف شهر حزيران الماضي.
في المقابل، نفت «الدعم السريع» التهم الموجّهة إلى قادتها، متمسكةً بأن عناصرها لم يرتكبوا أي انتهاكات لحقوق الإنسان. واتّفق نائب قائد تلك القوات وقائدها في غرب دارفور على دحض التهم الموجّهة، ووصفِها بـ«المجحفة». وأعلن عبد الرحيم دقلو أنهم ليسوا معنيين بأي عقوبات تصدر ضدهم من أي جهة، قائلاً إنه لا يخشى المحاسبة وإنه على استعداد للمثول أمام العدالة في حال أَثبتت التحقيقات ارتكابه لأي انتهاكات. واعتبر اللواء عبد الرحمن جمعة، بدوره، أن واشنطن استندت إلى معلومات مضلّلة بشأن الصراع في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، مدافعاً بأن قواته لم تشارك في الصراع القبلي الذي شهدته المدينة. ويرى مراقبون أن العقوبات الأميركية ستترك تأثيرها على «الدعم» التي ستفقد الكثير من الناحية الاقتصادية، بعد أن نجحت بقيادة محمد حمدان دقلو الذي تولّى منصب نائب «مجلس السيادة» للأربعة أعوام التي تلت سقوط نظام البشير، في تكوين إمبراطورية اقتصادية ضخمة يمتلك قادتها حسابات بنكية في عدد من دول العالم.
على خط موازٍ، لا يزال قادة «الدعم» يحاولون منحها صفة الشرعية باعتبارها القوات «المدافعة» عن حقوق السودانيين، والتي ستأتي بالحكم المدني الديموقراطي. وفي هذا الإطار، عقد مستشار قائد تلك القوات لقاء مع رئيس مفوّضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، ناقشا خلاله كيفية الوصول إلى حل شامل في إطار الرؤية التي طرحتها «الدعم»، فيما قدّم فكي، من جهته، رؤية «الاتحاد الأفريقي» و«الهيئة الأفريقية الحكومية للتنمية» (إيغاد) لإنهاء الحرب. ولاقى الاجتماع اعتراضاً من قبل وزارة الخارجية السودانية التي اعتبرته سابقة في عمل «الاتحاد الأفريقي»، ومخالفة لنظم وأعراف المنظّمة القارية وكل المنظمات الدولية، محذّرةً الاتحاد من التعامل مع «ميليشيا ترتكب الفظائع ضد المدنيين». كذلك، سجّلت الوزارة اعتراضاً على ترؤس دولة كينيا للجنة الرباعية الخاصة ببحث الأزمة السودانية، ملوّحةً بالانسحاب من اللجنة ما لم تتغيّر رئاستها.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى