الحوار نيوز – إعلام
تحت هذا العنوان كتب بلال ضاهر في موقع “عرب 48”:
شكك محللون إسرائيليون بارزون أمس الجمعة، في قدرات القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية لإدارة الحرب على غزة، وتساءلوا حول جدوى تهديدات المسؤولين الإسرائيليين وتوسيع الحرب إلى جبهات أخرى، وبشكل خاص الجدوى من استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي أسفر عن مقتل 11 شخصا بينهم قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في سورية ولبنان، محمد رضا زاهدي والمعروف أيضا باسم حسن مهداوي.
وتطرق المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، إلى التهديدات التي يكررها وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، ضد حماس وحزب الله وسورية وإيران. وتساءل حول ما إذا كانت تهديدات غالانت هي جزء من عمله، أم أنه “أنت تهدد إذا أنت موجود”. وأضاف أنه “في الخلاصة، لست متأكدا من هو يهدد، الإيرانيين أم يهددنا نحن”.
وأشار برنياع إلى أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، “يضيف لتهديدات غالانت سلسلة تهديدات من جانبه. وهو يهدد الأميركيين، الأوروبيين، المنظمات الدولية، قطر ومؤخرا الأردن ومصر”.
وأضاف أن إسرائيل سعت إلى اغتيال زاهدي منذ فترة طويلة، “وآمل فقط أن الذي قرر إطلاق الصاروخ على المبنى المجاور لسفارة إيران في دمشق قد أجرى حسابات كاملة، حول ما الفائدة من هذه الخطوة وما هو الضرر. ولست متأكدا أن هذه الحسابات أجريت”.
وتابع أن إسرائيل تخوض، منذ 7 أكتوبر، “حربا متدحرجة. وتوجد أمنيات ولا توجد إستراتيجية. والانتصار المطلق ليس موجودا سوى في خطاب نتنياهو الكاذب. فقد مرّت شهور ولا توجد بشائر. والصفقة لإعادة المخطوفين عالقة بين القاهرة والدوحة؛ السنوار صامد ويحكم، محاط برهائن؛ 100 ألف نازح (عن شمال إسرائيل) معزولون عن بيوتهم وحياتهم؛ الدولة انكمشت في الشمال والجنوب، وتنتظر الضربة القادمة بهلع”.
وحذر برنياع من أنه “حتى لو تغلبنا على جميع الضربات، وليتنا نتغلب عليها، فإن الخطر الأكبر في المدى البعيد هو فقدان أميركا. وهناك تحولات تاريخية لا يمكن تصحيحها. والحلف الذي تشكل طوال 100 عام، وتعمق إلى الرأي العام وجميع المؤسسات السياسية (الأميركية)، يمكن أن ينهار ويتفتت أمام أعيننا. وبمفاهيم كثيرة، هذا حصل”.
وأشار إلى أن “الأمنية في إسرائيل كانت أن حماس ستنهار تحت الضغط العسكري، وفي أعقاب ذلك سيتراجع حزب الله. وهذا لم يحدث. حدث أمر آخر: هُجر مليون ونصف المليون (غزي) جنوبا… ضائقة غزة حقيقية. والصور من هناك احتلت الإنترنت ومحت تأييد العالم لإسرائيل، التي أصبحت شبيهة لجنوب إفريقيا في عهد الأبارتهايد وروسيا بقيادة بوتين. وسواء شئنا أم أبينا، هذا هو العالم اليوم”.
وأضاف أن “إخفاق 7 أكتوبر وُلد لأننا تجاهلنا قدرات حماس المكشوفة؛ وإخفاق ما بعد 7 أكتوبر نجم عن تجاهلنا محدودياتنا. ومسؤولية نتنياهو عما حدث في 7 أكتوبر جزئية؛ ومسؤوليته عما جرى منذ ذلك اليوم كاملة. فهو مسؤول عن رفض تسريع المساعدات الإنسانية ونفى حقيقة أن عرقلة المساعدات تسبب بمشكلة إستراتيجية لإسرائيل؛ وهو مسؤول عن إيقاف جولات مفاوضات تحرير المخطوفين، وعن تحويل احتلال رفح إلى خصام مع جميع الدول الغربية، وهو مسؤول عن المواجهة المتصاعدة مع الإدارة الأميركية”.
وحسب برنياع، فإن “نتنياهو مسؤول عن الفراغ الذي أحدثته إسرائيل في غزة، وسمح لحماس بالعودة للسيطرة على المناطق التي أخليناها وبسببها يشتد الجوع ويقتل أبرياء. وموت سبعة من عاملي الإغاثة أرغم حكومات العالم على القول ’حتى هنا’. وهذا الخطأ كله بمسؤولية الجيش الإسرائيلي. وفي القدس يتظاهرون ضد نتنياهو، وفي العالم يحتقرون نتنياهو، رمز إسرائيل”.
وتابع أنه “ربما حان الوقت لإجراء حساب التكلفة مقابل الفائدة، فماذا تبقى لنا أن نحقق من استمرار القتال في غزة وماذا نخسر”.
شهداء حماس
ورأى المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن “سقف التوقعات الإسرائيلية حول القضاء على نظام حماس وتفكيك قدراتها العسكرية كان مرتفعا جدا. والحرب ستطول ويصعب الاقتناع بأنه سيتم تفكيك هذا النظام بالكامل في المستقبل أيضا”.
ولفت إلى أن الجيش الإسرائيلي يبالغ في تقديراته حول عدد المقاتلين الفلسطينيين الشهداء. فالجيش يدعي أن عددهم ما بين 9 – 12 ألف مقاتل شهيد، بينما حماس تقول إن العدد هو حوالي 6 آلاف شهيد، واعتبر هرئيل أن العدد هو بين تقديرات الجانبين. “وواضح أن الجيش الإسرائيلي يميل إلى ’تعداد جثث’ مبالغ فيه وأحيانا يعتبر مدنيين أيضا أنهم شهداء العدو، وخاصة رجال علقوا في مبنى جرى قصفه”.
وأضاف أنه “يجب عدم تجاهل الضغوط من أعلى ’لتحقيق أعداد’، أيضا، أي قتل المزيد من شهداء العدو وتقديم تقارير عنهم. ويبدو أن هذا المطلب سبب في قصف سيارات الإغاثة في دير البلح هذا الأسبوع، ومقتل سبعة متطوعين في منظمة المطبخ المركزي العالمي”.
“معظم الاغتيالات لم تغير التاريخ“
واعتبر المحلل العسكري في القناة 13، ألون بن دافيد، في مقاله الأسبوعي في صحيفة “معاريف”، أن “هذا الأسبوع قد يسجل على أنه أسبوع التحول في الحرب. والحدثان المهمان فيه من شأنهما أن يحولا الحرب إلى اتجاهات أخرى ليس مرغوبا بها: استهداف عناصر منظمة الإغاثة في غزة، الذي تم خطأ ولم يكن ضروريا بالطبع؛ واغتيال الجنرال مهداوي في سورية، الذي نُفذ عمدا وقد يتبين أنه لم تكن ضرورة له”.
وأضاف أن “الجيش الإسرائيلي الذي عمل في الأشهر الأخيرة كأن لديه كل الوقت للعمل في غزة، سيكتشف الآن أنه بسبب الضغط الدولي ستتقلص نافذة الوقت. فالقتال في أنفاق خانيونس يؤدي إلى إنجازات محدودة ويبعدنا عن هدف الحرب، بتدمير قوة حماس العسكرية. والآن سينكمش حيز عمليتنا العسكرية في غزة، والعملية العسكرية في رفح أخذت تبتعد، وليس واضحا أيضا إذا ستتمكن إسرائيل من عمليات احتلال مخيمات وسط القطاع”.
وتساءل بن دافيد “إذا كان قرار اغتيال مهداوي قد أخذ بالحسبان رد فعل إيراني محتمل، الذي من شأنه أن يجرنا إلى حرب لسنا مستعدين لها. وينبغي التساؤل إذا كان اغتيال مهداوي الآن يخدم غايات إسرائيل في الحرب الجامدة التي تخوضها ضد حزب الله. وبالإمكان التأكيد منذ الآن أن هذا الاغتيال بحد ذاته لن يغير وضعنا الإستراتيجي في المعركة مقابل حزب الله”.
وأشار إلى أن “إسرائيل اغتالت على مر السنين المئات من شخصيات العدو، وينبغي أن نعترف أن معظم الاغتيالات لم تغير التاريخ. وجاء هذا الاغتيال في فترة تعتبر فيه إسرائيل أنها ضعيفة. فقد توحلت في الحرب التي تخوضها في الشمال والجنوب، وقوتها العسكرية منقسمة بين هاتين الجبهتين، وقيادتها تفعل أي شيء من أجل تخريب السند الإستراتيجي الأخير الذي تبقى لها”.
واعتبر بن دافيد أن اغتيال المسؤول الكبير في الحرس الثوري “من شأنه أن يشكل فرصة لإيران كي تثبت أن بإمكانها الرد بشكل مختلف عن ردود فعلها حتى اليوم. فهي ترى أن إسرائيل ليست جاهزة لحرب واسعة متعددة الجبهات، وهي ترى أيضا كيف يبعدون الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عنا، وقد ترضخ للإغراء”.
ولفت إلى “أننا منذ ستة أشهر في ذروة الحرب الأصعب والأكثر تعقيدا التي عهدناها منذ حرب الاستقلال (عام 1948). ولا توجد في إسرائيل هيئة واحدة لديها نظرة مؤسساتية مستقبلية: فرئيس الحكومة منشغل بصراع بقائه الشخصي، وهيئة أركان عامة ترزح تحت عبء إخفاق 7 أكتوبر، ومجلس أمن قومي يبدو كخدمة غسيل ملابس وإرساليات لعائلة نتنياهو، وحكومة تنتهي الرؤية الإستراتيجية لوزرائها من خلال المنشور المقبل في تيك-توك”.
وخلص بن دافيد إلى أن “المحيط الشرق أوسطي يراقبنا بسبعة أعين. وهو يرى ضعف القيادة والتصدعات التي تتشقق بداخلنا، ويبحث عن فرصة. والتهديد من غزة الذي هاجمنا في 7 أكتوبر أزيل بمعظمه، لكن من حولنا بقي كثيرون الذين يسعون إلى إفنائنا. وحربنا الوجودية لا تزال في ذروتها، ولن نتمكن من الانتصار فيها مع قيادة متهتكة”.