رأي

بين بايزيد وتيمورلنك.. وأرطبون وغوبلز ومكيافيللي !

 

كتب أكرم بزي
فايروس كورونا اللعين يفتك بالعالم وتعتبر نسبة الإصابات في لبنان من الأعلى نسبياً، وما زال المسؤولون متمسكين، كل بشرطه، أي ترف سياسي هذا وأي استهتار بأرواح اللبنانيين؟ ألا يكفي وباء "الكورونا"، حتى يساهم السياسيون في لبنان بمساعدته على القضاء عليهم؟!
في مقال سابق قلت: " قيل له استقل فاستقال… وقيل له تنحى جانباً فتنحى… قيل له استعد … فكلّف نفسه…ثم ألِّف وخذ وقتك في التأليف حتى تأتيك الإشارة"، والإشارة لم تأت لغاية الآن، ترى لو كان المرحوم الشيخ رفيق الحريري حياً يرزق هل كان وقف هذا الموقف، في هذا الوقت المحرج للبنان وللبنانيين؟ هل كان وضع ورقة التكليف في جيبه وانتظر كل هذا الوقت؟
من المعروف عن الشيخ رفيق الحريري أنه كان حلّال العقد وكانت كل مشكلة ولها ثمن، وكان جاهزاً لدفع الثمن كي يحل المعضلات، عندما تصعب عليه كان يلجأ إلى أصحاب الحل والعقد ليقف على نصائحهم وآرائهم ودعمهم كي لا يعدم وسيلة للحل، وعندما لا يستطيع كان يعتذر.
قد لا يصل الى حنكة أبيه، ولكن يقيني أنه لو كان الأمر الآن بيد والده لكان ضحى بالغالي والنفيس كي لا يتأذى الشعب مثلما يتأذى الآن، ولكن يبدو أن "الرجل" تنقصه الكثير من الشجاعة والحنكة والدهاء السياسي، فالمسألة ليست بالمال فقط، إنما بالقدرة على تطويع المال والمواقف وحلحلتها بما يتناسب مع الجميع.
عندما هزم (تيمورلنك) الأتراك وقبض على السلطان (بايزيد) أمر بإحضاره أمامه، فلما مثل في حضرته، أخذ (تيمورلنك) يضحك.. فدهش بايزيد وتألم وظن أن (تيمورلنك) يضحك لأن السلطان التركي أعور، فقال: لا تضحك فإن الذي قسم الحظوظ هو الذي جعلني أعور. فقال (تيمورلنك): إني أضحك لأن بعض التيجان والعروش يمتلكها أعور مثلك وأعرج مثلي!! وما أكثر الحكام العوران والعرجان والأغبياء كذلك.
وكي لا نضع اللوم فقط على "الرجل"، ففي البلد من هم أدهى وأشد مكراً، من الطقم السياسي الذي يحوطه، يكفي أن يكون "أرطبون وغوبلز ومكيافيللي – لبنان" في الواجهة كي نفهم بأن لعبة الإمارة في هذا البلد ليست كأي بلد آخر، فكل واحد منهم لديه من الدهاء والحنكة ما جعلتهم يمسكون برقاب العباد ويجلدونهم ثم يعيدون جلدهم ثم سلخهم حتى يعيد الشعب انتخابهم منذ أكثر من 30 عاماً.
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتمسك بشروطه، والرئيس المكلف الشيخ سعد الحريري متمسك أيضاً بشروطه، ويخشى ما يخشاه من تلميحات الخارج له، تارة عبر تصريحات وزراء الخارجية العرب وتارة عبر مبعوثيهم في لبنان،  والشعب يدفع الثمن… 
كانت الحجة "دعونا ننتظر من سيربح في الانتخابات الأميركية، وبناء عليه نقرر كيف سنشكل الحكومة"، واذا كان تشكيل الحكومة ينتظر التحولات والتغيرات والتبدلات بالأحوال الخارجية، فلربما سننتظر كثيراً، فلا السجالات التي نشهدها الآن ولا المماحكات الإعلامية، ولا الهرطقات الدستورية، لا شيء في الأفق القريب وكل ما يقال عن اتصال هنا ونقاشات هناك وحركة هنا وحركات هنالك ما هي إلا لتعبئة "الهواء" فقط، ولا شيء يوحي بالحل ولا حتى مجرد الكلام السياسي العادي بات يفيد، إما أن تؤخذ القرارات المناسبة في الزمن المتبقي، أو ما تبقى من البلد سيتقاذفه "ممثلو" الدول بما يعيدنا الى حقبة "السفراء" فيما مضى… وكان الله بعون اللبنانيين…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى