إقتصاد

انتقد موازنة ٢٠٢٣: هل يدق صندوق النقد الدولي ناقوس الخطر للمرة الأخيرة؟

"الحوار نيوز" تنشر نص بيان صندوق النقد كاملا

 

كتبت دانيلا سعد – الحوارنيوز

 

أكد صندوق النقد الدولي في بيانه الصحفي الاخير حول لبنان على ضرورة البدء بالاصلاحات الضرورية بسرعة قصوى، واعتبر ان عدم اطلاقها يضع البلاد في موقع ضعيف وهش ويزيد العبء على الاقتصاد اللبناني.

 

ولفت البيان الى أن لبنان لا يزال منذ بدء الأزمة  منذ أربع سنوات يواجه تحديات اقتصادية هائلة، مع انهيار قطاع البنوك وتدهور الخدمات العامة وتراجع البنية التحتية وتفاقم ظروف الفقر والبطالة وتوسيع فجوة التفاوت الاقتصادي”.

واشار البيان ايضا الى الحاجة الملحة لوجود  الإرادة السياسية التي يفتقدها لبنان في الوضع الحالي من أجل  اتخاذ قرارات صعبة لإطلاق الإصلاحات.

نوه الصندوق ايضا  بقرارات مصرف لبنان المركزي الأخيرة وقال إنها ” خطوات في الاتجاه الصحيح”، معتبرا أنها تشكل “فرصة للإصلاحات الشاملة لتعزيز المصرف المركزي ومحاسبته وعمليات تداول العملات الأجنبية وفقا لأفضل الممارسات الدولية”.

وكان المصرف المركزي اتخذ قرارات بزيادة الشفافية المالية وبإنشاء منصة تداول عملات أجنبية شفافة، كما أوقف استنزاف احتياطيات العملات الأجنبية وحدّ من التمويل النقدي.

وانتقد وفد صندوق النقد ميزانية الحكومة لعام 2023، معتبرا أنها “تفتقر إلى التغطية ولا تعكس بدقة النطاق الحقيقي للعجز والتمويل النقدي المرتبط به”.

ودعا الصندوق الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تدريجية لتحسين الإيرادات، وشجعها على “بدء تنفيذ عناصر الإصلاح الضريبي التي اقترحها الصندوق حول إعادة توجيه سياسة الضرائب، وبدء خطط إعادة التأهيل لشركات الدولة الكبرى”.

كما ألح على ضرورة “معالجة مشكلات القطاع المالي من خلال الاعتراف بالخسائر وتقديم خطوات هيكلية للبنوك”.

ولفت إلى أن “غياب خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي أدى إلى انخفاض كبير في الودائع القابلة للانتعاش، وانه يعيق توفير الائتمان للاقتصاد”، داعيا الحكومة والبرلمان إلى العمل على مشاريع قوانين لإعادة هيكلة البنوك والسيطرة على رأس المال.

الأزمة الإقتصادية

ويعاني لبنان منذ أواخر العام 2019 من أزمة اقتصادية ومالية حادة صنفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 150 عاما.

ولا بد من الاشارة هنا إلى أن لبنان كان قد وقع وصندوق النقد الدولي اتفاقا “مبدئيا” على مستوى الموظفين في 7 نيسان/أبريل 2022 ويتعلق بتمويل بقيمة 3 مليارات دولار يصرف على مدى 4 سنوات، وفق برنامج يوضح ما يجب على لبنان فعله على مدى السنوات الأربع المقبلة بهدف إعادة بناء الاقتصاد واستعادة الاستدامة المالية.

ويشترط صندوق النقد لتوقيع الاتفاق النهائي اتخاذ عدد من الإجراءات والتشريعات الإصلاحية، بينها توحيد أسعار صرف العملة وإقرار تشريعات تتعلق ب “الكابيتال كونترول” وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعديل القانون المتعلق بالسرية المصرفية وقانون الضرائب.

 

النص الكامل للبيان

 

إن عدم اتخاذ إجراءات بشأن الإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل يلقي بثقله على الاقتصاد. بعد أربع سنوات من بداية الأزمة، لا يزال لبنان يواجه تحديات اقتصادية هائلة، مع انهيار القطاع المصرفي، وتآكل الخدمات العامة، وتدهور البنية التحتية، وتفاقم ظروف الفقر والبطالة، واتساع فجوة عدم المساواة.

وعلى الرغم من بعض الاستقرار الأخير الناجم عن تقليص ديون القطاع الخاص والسياحة الموسمية، فإن التوقعات لا تزال صعبة وغير مستقرة. وفي حين أن القرارات السياسية الأخيرة التي اتخذها مصرف لبنان هي خطوة أولية مرحب بها، فإن الحل الدائم يتطلب قرارات سياسية شاملة من البرلمان والحكومة لاحتواء العجز الخارجي والمالي والبدء في إعادة هيكلة النظام المصرفي والشركات الكبرى المملوكة للدولة.

وقد أكدت البعثة للسلطات والبرلمانيين مدى إلحاح تنفيذ برنامج إصلاح شامل.

بيروت، لبنان: قام فريق من صندوق النقد الدولي، بقيادة السيد إرنستو راميريز ريغو، بزيارة بيروت في الفترة من 11 إلى 14 سبتمبر/أيلول لمناقشة التطورات الاقتصادية الأخيرة والتقدم المحرز في الإصلاحات الرئيسية. وفي نهاية المهمة، أدلى السيد راميريز ريغو بالبيان التالي:

 

“لم يقم لبنان بالإصلاحات المطلوبة بشكل عاجل، وهذا سيؤثر على الاقتصاد لسنوات قادمة. إن الافتقار إلى الإرادة السياسية لاتخاذ قرارات صعبة، ولكنها حاسمة، لإطلاق الإصلاحات يترك لبنان في مواجهة قطاع مصرفي ضعيف، وخدمات عامة غير كافية، وتدهور البنية التحتية، وتفاقم ظروف الفقر والبطالة، واتساع فجوة الدخل. لا يزال التضخم في خانة العشرات، مما يزيد من الضغط على الدخل الحقيقي، واستمرت احتياطيات النقد الأجنبي في الانخفاض في النصف الأول من العام، بما في ذلك بسبب تمويل مصرف لبنان للعمليات شبه المالية والعجز الكبير في الحساب الجاري “.

 

“لقد أدى الارتفاع الموسمي في السياحة إلى زيادة تدفقات العملات الأجنبية خلال أشهر الصيف. ورغم أن هذا من غير المرجح أن يستمر، فإنه يعطي الانطباع بأن الاقتصاد قد وصل إلى أدنى مستوياته للخروج من الأزمة ويؤدي إلى الشعور بالرضا عن الذات. ومع ذلك، فإن إيرادات السياحة والتحويلات المالية أقل بكثير من المطلوب لتعويض العجز التجاري الكبير ونقص التمويل الخارجي. إن المسار الحالي للتوازن الخارجي غير مستدام ويؤكد مدى إلحاح الوضع”.

 

“إن القرارات الأخيرة التي اتخذتها القيادة الجديدة لمصرف لبنان بالتخلص التدريجي من منصة “صيرفة”، وإنشاء منصة تداول العملات الأجنبية ذات السمعة الطيبة والشفافة، وإنهاء السحب من احتياطيات العملات الأجنبية، والحد من التمويل النقدي، وتعزيز الشفافية المالية، هي خطوات في الاتجاه الصحيح. وبناءً على هذا التقدم، هناك الآن فرصة لإجراء إصلاحات شاملة لتعزيز عمليات الحوكمة والمحاسبة والعملات الأجنبية في مصرف لبنان بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية. علاوة على ذلك، لا بد من توحيد جميع أسعار الصرف الرسمية وفقًا لسعر صرف السوق، وهو ما من شأنه أن يساعد في القضاء على فرص المراجحة والسعي وراء الريع الذي يفرض عبئًا على المالية العامة.

 

“يجب دعم هذه الخطوات مؤقتًا من خلال قانون قيود رأس المال والسحب، واستكمالها بإجراءات سياسية من الحكومة والبرلمان للحد من العجز المزدوج ومعالجة المشكلات في القطاع المالي من خلال الاعتراف بالخسائر والمضي قدمًا في إعادة هيكلة البنوك.”

 

“تحتاج الحكومة إلى تنفيذ استراتيجية مالية متماسكة لاستعادة القدرة على تحمل الديون وإفساح المجال للإنفاق الاجتماعي والإنفاق على البنية التحتية. ولكي تكون هذه الاستراتيجية فعالة، فإن تحسين تعبئة الإيرادات يمثل أولوية حاسمة. واتخذت الحكومة إجراءات تدريجية نحو تعديل تحصيل الإيرادات بما يتناسب مع انخفاض سعر الصرف من خلال اعتماد معدل أكثر واقعية لتقييم القاعدة الضريبية وإعادة تعديل جداول الضرائب والرسوم إلى قيم معقولة، مما أدى إلى ارتفاع الإيرادات بشكل ملحوظ. ومع ذلك، هناك الكثير الذي يتعين القيام به. ولا تزال موازنة 2023 تفتقر إلى التوقيت والتغطية. وهو لا يعكس بدقة المدى الحقيقي للعجز والتمويل النقدي المرتبط به. وفي الوقت المحدد، يجب أن تضمن ميزانية 2024 المقترحة أنها متسقة مع عملية توحيد سعر الصرف، التي بدأها مصرف لبنان، وتجنب المعاملة التفضيلية لبعض دافعي الضرائب على غيرهم. وينبغي أن يتضمن أيضا موارد كافية لإعادة بناء الإدارة الضريبية لتعزيز الامتثال وتحسين العدالة الضريبية. وفي هذا الصدد، نشجع السلطات على البدء في تنفيذ العناصر الرئيسية لتوصيات إصلاح السياسة الضريبية للصندوق، المنشورة في تقرير المساعدة الفنية لعام 2023 بشأن إعادة السياسة الضريبية إلى المسار الصحيح، والبدء في خطط إعادة تأهيل الشركات الكبرى المملوكة للدولة.

 

وأضاف: «إن خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي ما زالت غير موجودة. وقد أدى هذا التقاعس إلى انخفاض كبير في الودائع القابلة للاسترداد وعرقلة توفير الائتمان للاقتصاد. وفي حين أن العمل يتقدم بشكل جيد بشأن قانون منقح لحل البنوك، إلا أنه لا بد من استكماله حتى يمكن إعادة تقديم القانون إلى البرلمان. ولا تزال التعديلات على قانون السرية المصرفية، والتي تهدف إلى معالجة أوجه القصور، ومشروع قانون مراقبة رأس المال وسحب الودائع، في انتظار موافقة البرلمان.

 

“يود فريق البعثة أن يشكر السلطات اللبنانية وجميع المحاورين الآخرين على المناقشات الصريحة والبناءة، وهو على استعداد لمواصلة دعم السلطات بالمشورة السياسية والمساعدة الفنية. ونتوقع إجراء المناقشات التالية للمادة الرابعة في النصف الأول من عام 2024 لتقييم التقدم المحرز في الإصلاحات والسياسات الرئيسية.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى