إقتصاد

دول الخليج ينبغي أن تحافظ على زخم الإصلاح رغم الازدهار النفطي

 

 

اعداد دانييلا سعد –الحوار نيوز

بقلم: أمين ماتي وجيروم فاشيه*

الإيرادات الإضافية من ارتفاع أسعار الطاقة يمكن أن تساعد المنطقة على تحقيق الرخاء طويل المدى عن طريق الحفاظ على زخم الإصلاح الذي بدأ مؤخرا.

من المتوقع أن يزداد نمو إجمالي الناتج المحلي بأكثر من الضِعْف في دول مجلس التعاون الخليجي1 ليصل إلى 6,5% في عام 2022، حسب دراسة بشأن السياسات أصدرناها مؤخراوقد أدت طفرة أسعار السلع الأولية إلى الحد من تداعيات الحرب في أوكرانيا وتأثير تشديد الأوضاع المالية العالمية، كما سمحت بظهور آفاق أكثر إيجابية لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي.

وقد مرت منطقة مجلس التعاون الخليجي على مدار تاريخها بفترات بارزة من الارتفاع في إيرادات النفط. وأثناء هذه الفترات، عمقت البلدان من اعتمادها على النفط والغاز، ورفعت الأجور ومعدلات التوظيف في القطاع العام، وتوسعت في شبكات الأمان الاجتماعي، وعززت الإنفاق الرأسمالي. ففي الفترتين 2002-2008 و2010-2014، على سبيل المثال، زادت فاتورة أجور القطاع العام بنسبة 51% و40%، على الترتيب.   

ويشير تحليلنا إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي ستتمكن من توفير موارد أكبر بكثير مما حققته في الفترتين السابقتين، بفضل الإصلاحات المالية والهيكلية التي اضطلعت بها المنطقة. ففي عام 2022 وحده، سيبلغ فائض المالية العامة الكلي أكثر من 100 مليار دولار، نظرا لأن ارتفاع النفقات – ولا سيما المتعلقة بالأجور – لا يزال محتوىً حتى الآن.

وبينما استفادت دول مجلس التعاون الخليجي بوجه عام من ارتفاع أسعار النفط والغاز، رغم استمرار تقلبها، فإن العديد من المخاطر لا تزال تخيم على الآفاق – ولا سيما مخاطر تباطؤ الاقتصاد العالمي. وفي هذا السياق، ينبغي الحفاظ على زخم الإصلاح الذي بدأ في السنوات السابقة – بغض النظر عن مستوى أسعار الهيدروكربونات.

 

 

كيفية الحفاظ على زخم الإصلاح

لمجابهة صدمات المدى القصير ومعالجة تحديات المدى المتوسط إلى الطويل على نحو حازم، نوصي بتطبيق حزمة شاملة من السياسات تشمل ما يلي:

  • استخدام الإيرادات الإضافية التي تحققت من ارتفاع أسعار النفط في إعادة بناء هوامش الأمان وتوسيع حيز الحركة من خلال السياسة المالية. ونظرا لتوفر الحيز المالي، ينبغي إعطاء الأولوية لدعم فئات السكان الأكثر ضعفا، مع تعزيز التقدم الذي تحقق في مجال التحول الرقمي.
  • استمرار تَوَجه سياسة المالية العامة متوسطة المدى نحو ضمان الاستدامة المالية وزيادة المدخرات، من خلال إطار مالي موثوق. ويمثل هذا أهمية بالغة على المدى الطويل لضمان العدالة عبر الأجيال وتحقيق تحول سلس في مصادر الطاقة بعيدا عن الوقود الأحفوري. ويمكن تدعيم هذا التوجه من خلال تعبئة الإيرادات غير النفطية، والإلغاء التدريجي لدعم الطاقة، مما سيساهم أيضا في التخفيف من آثار تغير المناخ. ومن بين التدابير الداعمة الأخرى الخفض التدريجي لفاتورة أجور القطاع العام، وزيادة كفاءة الإنفاق – وذلك، على سبيل المثال، من خلال مواصلة الإصلاحات لتحسين تخطيط المشتريات والاستثمار. وسيتطلب التقييم الصحيح لموقف السياسة المالية الإدراج الكامل لعمليات صناديق الثروة السيادية، نظرا لدورها في تنويع المدخرات من الإيرادات النفطية ومشاركتها في استراتيجيات التنمية الوطنية.
  • الحفاظ على استقرار القطاع المالي، وهو أمر ضروري للحفاظ على قوة النمو الاقتصادي. فنتيجة لارتفاع أسعار النفط ووفرة السيولة، اللذين يسهلان التوسع الائتماني، باتت الميزانيات العمومية لبنوك دول مجلس التعاون الخليجي محمية من أثر تشديد الأوضاع المالية العالمية. غير أنه يتعين الاستمرار في مراقبة سلامة أوضاع البنوك بعناية.
  • التعجيل بالإصلاحات الهيكلية الجارية، بما في ذلك العمل على زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتعزيز المرونة في أوضاع العمالة الوافدة، وتحسين جودة التعليم، وزيادة الاستفادة من إمكانات التكنولوجيا والتحول الرقمي، وتدعيم الأطر التنظيمية، وتقوية المؤسسات والحوكمة، وتعميق التكامل الإقليمي، ومعالجة تحديات التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره. وتظل السياسات الرامية إلى الحفاظ على النمو الاقتصادي وتنويع النشاط الاقتصادي بقيادة القطاع الخاص أساسية كما هي دائما.

 

*أمين ماتي يشغل منصب مدير مساعد وجيروم فاشيه اقتصادي أول، وكلاهما في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

 

۱ البحرين والكويت وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى