سياسةمحليات لبنانية

المواقع الالكترونية ومجافاتها الثقافة؟


يمكن القول إن حضور المواقع الالكترونية في حياتنا الثقافية يفتح عصرا جديدا. فقد انكسرت قيود وتحطمت حواجز وانفتح الطريق الحر للنشر في فضاء شاسع، بل لعله فضاء لا متناهي من السعة.
لا نبالغ إذا قلنا إن المواقع الثقافية الالكترونية الأهمّ صارت "سلطة" ثقافية لا تقل قوة ونفوذا عن سلطة الصحافة الورقية، وهي التي نشأت أساسا كنوع من الرد عليها والتمرد على سطوتها.
أعترف أنني من الأشخاص الذين ما زالوا واقعين تحت سطوة الورقة والقلم وذلك على الرغم من إستخدامي ال "كيبورد" عندما يكون ذلك ضروريا ، وإن بدا ذلك غريبا للبعض ممن يتابع منشوراتي على الفيسبوك .
ولكن هل يمكن الأكتفاء بالنشر في فضاء الأنترنت بعيدا من نوستالجيا رائحة الورق التي لا تزال تدغدغ أحاسيس بعض الكتاب الذين لا يزالون يتعاطون مع الورقة والقلم كجزء أساسي من طقوس الكتابة الحميمة ؟
لا تزال الثقافة تحتل موقعا متأخرا في الأعلام اللبناني ويتم التعاطي معها كشأن نخبوي حينا ،حين تكون جادة بشكل حقيقي، أو كحفلة علاقات عامة تختلط بها العلاقات الشخصية والمنفعية المتبادلة .
في لبنان يلاحظ بشدة عدم إيلاء الشؤون الثقافية إهتماما في المواقع الألكترونية المنشأة حديثا ،وذلك عدا  النظرة الدونية الى الشعر والموسيقى والفنون التشكيلية والأدب بشكل عام ، فهي لا تشكل مصدر ربح وفير في بلد مشتعل بالأزمات  .
الممول الذي يرفد قطاع الأعلام يهمه أن يدعم الحيز الذي يصب في الترويج والدعاية لأفكاره المنصبة على خدمة المشروع السياسي الكبير له .
فيما تشكل المادة الثقافية وبالتالي الأعلام المروج لها تغريدا خارج السرب ،وهي تخرج من حسابات الممولين بوصفها تعمل على تطوير الذائقة الأنسانية وترفد الفرد بما يساعده على الأرتقاء بنفسه، وبالتالي تحرره من إمكانية السيطرة على خياراته الكبرى في الحياة والسياسة وكافة شؤونه المصيرية . 
الثقافة والتطور اللاحق بالأنسان المعاصر هما الحافز الأساسي للعمل على ضخ أفكار جديدة وخلاقة تصب في تطوير المجتمع ككل،  أي أن ميدان عملها الأساسي هو «البنيات العقلية والوجدانية». ولكنها إذا كانت كذلك، ألا نكون قد أزلنا الحد بينها وبين مفهوم الحداثة ؟
أليست الثقافة هي رؤية عامة، وطريقة نظر للحياة، وحالة فكرية تشمل المجمتع كله وهي كل ما يكتسبه الفرد من تجاربه العقلية والعاطفية بتفاعلها القوي مع استعداداته الفطرية والجينية ؟
ألا يستتبع هذا السؤال سؤال آخر عن هوامش الحرية بين المبدع الخلاق وبين الوسيلة وبين المتلقين على تنوع مساحاتهم وأفكارهم وأماكن تموضعهم .
العملية معقدة أكثر مما تبدو، والحرية هنا مفهوم مطاط ، والكل يغني على ليلاه .


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى