العراق وحكومة السوداني: فرص النجاح اكبر من فرص الفشل(جواد الهنداوي)
د.جواد الهنداوي* – خاص الحوار نيوز
من الصعب ،في عراق اليوم ،الاتفاق على معيار نستخدمه لمعرفة النجاح مِنْ الفشل ،ليس بسبب تعدّد الآراء و المفاهيم ،وانما لتعدّد المصالح وعدم ذوبان هذه المصالح في المصلحة الوطنية العليا او في مصلحة الدولة . مع ذلك ،يمكن قياس النجاح من خلال ما يتحقّق فعلاً للمواطن وللدولة .
ينتظر المواطن تحسين المستوى المعاشي وخدمات ، وتنتظرالدولة مكانة وهيبة و سيادة ،وينتظر المجتمع قانونا و عدالة .
امام السيد رئيس الوزراء فُرص وليست فرصة :
فهو اولاً سيحكم في ظروف سياسية ايجابية بفضل الانسجام والتفاهم بين رئاسة الوزراء و رئاسة الجمهورية . ستسود علاقة التعاون الوثيق بين السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء ،وستتعّزز هذه العلاقة بوجود السيد نائب رئيس الجمهورية ،السيد نوري المالكي ،الذي يحظى بعلاقة متميّزة مع السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء . لن تكْ امام السيد رئيس الوزراء مواقف نيابيّة مُعّطلة ، لغياب التيار الصدري ، وللتوافق النيابي الداعم للسيد رئيس الوزراء .
انشغلَ العراق و العالم بسرقة القرن او بسرقات القرن ،التي تمّت في عهد السيد الكاظمي ، وذلك قبيل استلام السوداني السلطة بأيام ، وكأن مجيء السيد السوداني تحقّق من اجل اصلاح ماشهدُه العراق من فساد و تسيّب .فكُّلَ خطوة يُخطوها السيد السوداني نحو الاصلاح و محاربة الفساد ستكون ملموسة ، و مُرحّبا بها من قبل الشعب .
جاء السيد السوداني في ظرف انفتاح عربي و اقليمي و دولي تجاه العراق ،مُقارنة بالظروف التي تعايشت معها حكومات العراق منذ عام ٢٠٠٤ ولغاية عام ٢٠١٤ ،حيث فترة الارهاب و التآمر ، والاحتلال الامريكي و تواجد القوات متعددة الجنسيات ، وغياب تعاون عربي مع العراق . لن تسمح الظروف السياسية الاقليمية والدولية بالتدخل الغليظ والضار في شؤون العراق ،شريطة ان تتعفف الاحزاب و الكتل السياسية عن التعامل مع القوى الاقليمية والدولية لمنافع ماديّة او سياسية على حساب مصلحة العراق الدولة .
جاء السيد السوداني والعالم بأمّس الحاجة الى الطاقة ، والعراق بأمّس الحاجة الى استثمارات لتطوير موارد الطاقة والصناعات ذات العلاقة . للعراق الآن الخيار السيادي في الاستثمار وفي تطوير البنيّة التحتية مع الدول الكبرى ذات الاختصاص والشأن ، ومن مصلحة العراق تنويع مصادر الاستثمار والتعاون مع الجميع حيثما اقتضت مصلحة العراق الاقتصادية و السياسيّة ، لاسيما والعالم يتحرر من سياسة القطب الواحد ، وبدأت دول منطقتنا تدرك هذا التحّول ،وتبني سياساتها على مقتضاه .
جاء السيد السوداني في ظرف دولي حيث يُقَيّمْ الحليف والصديق ،ليس وفقاً لقوتّه العسكرية او علاقته التاريخية ، وانما وفقاً لتوافقهِ مع مصلحة الدولة ، و اعتقد أن مواقف المملكة العربية السعودية تجاه الولايات المتحدة الامريكية في الوقت الحاضر خير مثال ودليل على ذلك . فبالرغم من العلاقة التاريخية الطويلة بين البلديّن ،لم يتردّدْ ولي العهد في المملكة من تبني مواقف سياسية واقتصادية ، اقتضتها مصلحة المملكة ،رغم امتعاض واعتراض الولايات المتحدة الامريكية .
أشهرَ السيد السوداني عنواناً لمرحلته ومنهاجه الحكومي ، حيث حكومة وبرنامج خدمات و انجازات و محاربة للفساد . الخدمات والانجازات يقتضيان دخول الاستثمار الاجنبي ( الاوربي والصيني و الامريكي و الاقليمي ) وبقوة ، ودخوله يتطلب اصلاح قانوني و اجراءات سريعة لتذليل العقبات وتعزيز ثقة و امن المستثمر .
نجاح السيد السوداني يتوقف ايضاً على حُسنْ ” ادارة وتوظيف الوقت ” ، لن يكْ امامه سوى ١٨ شهرا ، وعلى مهنيّة وكفاءة مستشاريه .
* رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز القدرات .بروكسل ٢٠٢٢/١٠/٢٩