سياسةمحليات لبنانية

ماكرون في لبنان والعراق: دور أميركي بمشاعر الأم الحنون

 


د. جواد الهنداوي* -الحوارنيوز خاص

اسباب ٌاخرى تقفُ خلف جهود  ومساعي الرئيس الفرنسي تجاه لبنان خاصة و نحو العراق ، اسباب غير تلك التي تتمثل في العلاقات الثقافية والعلمية و الاقتصادية و الإنسانية . فما هي تلك الأسباب ؟
لم تكْ امريكا غائبة عن المشهد اللبناني، لا في التكليف الحكومي و لا في التوجيهات  والنصائح  والإرشادات  والتوصيات للأحزاب السياسية، أوكلت امريكا حضورها و دورها الى الرئيس ماكرون ، وهو أدى الدور ليس بسلوك  الشيطان الأكبر وانّما بعواطف و مشاعر وحرص الامُ الحنون .
لمْ تكْ ايران غائبة عن المشهد اللبناني ، لا في التكليف الحكومي ، و لا في التفاعل الإيجابي بين الرئيس ماكرون  وحزب الله . أوكلت ايران حضورها و دورها الى حزب الله ، ولم يغفلْ الرئيس ماكرون دور حزب الله و دور الحليف الإقليمي لحزب الله ، وهو ايران ، ولم يترّدد ( واقصد الرئيس ماكرون ) بتبني تصريحات ايجابيةتجاه الدور التمثيلي و السياسي لحزب الله في لبنان ، بل وقام بتوبيخ الصحفي الفرنسي ،في جريدة فيغارو ، السيد جان مارلبورونو ، وعلناً، لإدلاء الأخير بتصريحات غير صحيحة نُسِبت للرئيس ماكرون ،خلال اجتماعه مع السيد محمد رعد ،رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في المجلس النيابي اللبناني ، و في ما كتبه الصحفي إساءة لحزب الله .
نجحَ الرئيس ماكرون بأقناع الرئيس ترامب بأنْ تتولى فرنسا مُهمة لبنان، و للدور الفرنسي في لبنان مقبولية وأثر أيجابي، اكبر مما للدور  الامريكي ، وعند جميع الأحزاب  والكتل السياسية ، وضمنهم حزب الله.
قَبِلتْ الأحزاب السياسية و السلطات الدستورية اللبنانية بالتوجيهات المُحددة و الصارمة التي وضعها لهم الرئيس ماكرون، والتزموا ،على ما يبدو، بما رسمه لهم من جدول زمني لتنفيذ خطوات تشكيل الحكومة  والإصلاحات ،دون اعتراض  ودون تردد، و لا أظنُ بقبول الأحزاب بذلك او بأقلْ من ذلك لو كان الآمر امريكيا وليس فرنسيا !
تأتي هذه الأدوار من لاعبيها ( امريكا فرنسا ايران ) وتُنّفذْ  من حُلفائهم المحليين في لبنان والمنطقة،  في إطار ظروف سياسية دولية و إقليمية حافلة في استحقاقات و إنجازات: امريكا منشغلة جداً في الانتخابات وفي تداعيات كورونا ، ايران تنتصر في مجلس الامن على امريكا و جميع اعضاء مجلس الامن و جميع الأوربيين يرفضون فرض عقوبات على ايران، و اسرائيل تنجحُ في ضّمْ ليس غزّة او اجزاء من الضفة الغربية، و إنما الامارات!
الفارق، اليوم، بين السلوك الامريكي والسلوك الإيراني في لبنان هو ان امريكا استنجدت بحليف جديد لها في لبنان وهي فرنسا و استبعدت المملكة العربية السعودية، ولم تعُدْ تعّولُ على حلفائها السياسيين في لبنان ، بينما بقيَّ حزب الله هو الحليف اللبناني لإيران والقادر على الحفاظ على تأثيره و دوره واستقطاب حلفائه.
تسير جهود الرئيس ماكرون وفق خطوات مدروسة
وتأتي، على ما يبدوا ، أُكُلُها،  وادركَ الرئيس ماكرون أمريّن :الأول أنَّ  نجاحه مرهون بتحييد سلاح حزب الله و التفادي المطلق بالحديث عنه او الإشارة اليه ، و الثاني اعتبار حزب الله وحلفائه هم الكتلة الأساسية او التاريخية و التي ستكون نواة و اساس نجاحهِ .
كانت زيارة الرئيس ماكرون القصيرة الى العراق تحت شعار تعزيز سيادة العراق، و هو لا يقصد ،في ذلك انتهاكها من قبل امريكا حين اقدمت بتاريخ ٢٠٢٠/١/٣ على ارتكاب جريمة اغتيال الشهيديّن قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، ولا يقصد حثّ العراق على تطبيق قرار مجلس النواب بسحب القوات الأجنبية من أراضيه، في حديث الرئيس ماكرون عن سيادة العراق رسالة الى تركيا ،مفادها سيكون حضور فاعلا لفرنسا أينما كان موطئ قدم و تواجد عسكري لتركيا في لبنان وفي العراق.
لا تخلو زيارة الرئيس ماكرون للعراق من أهداف اقتصادية، وتعزيز للحضور الاوربي والغربي. و لزياراته المتكررة والمُثمرة، وخاصة الى لبنان، تعزيز ايضاً للرصيد السياسي الداخلي للرئيس ماكرون .
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات-بروكسل

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى