تربية وتعليمدولياتسياسة

الاستقطابات الدينية تقسم مدارس فرنسا.. و”تشافيز” الفرنسي حزين(مريانا أمين)

 

مريانا أمين – فرنسا – الحوارنيوز

عبّر “جان لوك ميلانشون” زعيم حزب “فرنسا الأبية” عن حزنه الشديد لرؤية المدراس تتعرض مرة أخرى للاستقطاب السياسي، عبر حرب دينية جديدة سخيفه ومصطنعة حول اللباس النسائي، على حد تعبيرة.

 

ميلانشون السياسي اليساري صاحب النفس الشعبي والذي وُصف بلقب ” تشافيز فرنسا” حسب جريدة le figaro لأنه معروف بعدم تبنّيه أي خطاب معادٍ للمهاجرين، بل يدعو باستمرار إلى دمجهم في المجتمع، كان قد أعرب قائلا :” يجب معاملة المهاجرين مثل ما نُحب أن يعاملونا عندما نذهب إليهم”. كما أنّه أكد مرارا وتكرارا على ضرورة تسوية أوضاع من لا يحملون وثائق ثبوتية وإقامات في فرنسا.  لذلك فهو يحظى بدعم الاحزاب اليسارية والنقابات المهنية، باعتماده خطاب مقنع يعتمد فيه على التقنيات الحديثة ووسائل التواصل.  

ميلانشون

ميلانشون الذي يدعو لوقف تسريح الموظفين من العمل، بات يثير مخاوف خصومه فوصفوه “بالشعوبي المتهوّر” .

 

أما بالنسبة للقضية المطروحه اليوم بسبب القرار الذي أتخذه وزير التعليم “غابرييل آتال” والذي أخذ صدى كبيرا  عند تصريحه: ” ليس للعباءة مكان في مدارسنا ” فحسب قوله أيضا:” عند دخول أي طالب إلى الصف لا يجب معرفة ديانته من أول نظرة خاطفة إليه”. وبرر ذلك القرار بأن العلمانية هي حرية تحرير الذات من خلال المدرسة. جاء هذا القرار بعد انتشار التقارير الفرنسية التي تشير الى أن العباءة يجري ارتداؤها بشكل متزايد في فرنسا.

هذا ما عارضه “ميلانشون” بشدة، كما أن المجلس الفرنسي للديانه الإسلامية رفض اعتبار العباءة لباسا إسلاميا بحتا ويقول : ” إن العباءة لم تُذكر أبدا ولا بأي نص إسلامي ولم يؤمر بارتدائها”؛ وهي مجرد تقليد اجتماعي لا علاقة له بالدين.

 

ردود الفعل المعارضة والمتصاعدة للقرار واجهت في المقابل تأييدا له وترحيبا به من قبل اليمين واليمين المتطرف ،فطالبوا بارتداء لباس موحّد في المدارس لأن الاكتفاء بخلع الحجاب على باب المدرسة ليس كافيا؛ متكلين بذلك على قرار الحكومه الذي صدر عام 2004  والذي كان واضحا؛ وفي جوهره يتماشى مع القيم العلمانية والقوانين الفرنسية التي تحظر ارتداء أي رمز ديني في المدارس والجامعات من أي دين أو طائفة كانت ،والعباءة اليوم هي أحد هذه الرموز فمنعها أصبح واجبا.

هذا الجدل وصل صداه إلى عامة الشعب وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت الآراء متنوعه. فمنهم من طالب الفتيات اللواتي يرتدين العباءة بالعيش خارج فرنسا ،أي في دول إسلامية لان فرنسا دوله علمانية وغير مرحب بهنّ على أرضها.

 

ومنهم من اعتبره اعتداء على الحريات المدنية وانتكاسا لحقوق الانسان عموما وحقوق المرأة خصوصا، وبأن اللباس بحد ذاته حرية شخصية.

ومنهم من ذهب لأبعد من ذلك فوصف أصحاب القرار بالتخبط وأنهم في مأزق كبير.

 

كل هذا عكس توترا ملحوظا داخل المؤسسات التعليمية بين المعلمين وأولياء الأمور. وصل لدرجة انقسام الآراء حتى بين مديري المدارس أنفسهم.

أما النساء اللواتي ترتدين العباءة فأخذن بتذكير الآخرين أن  كلمة chemise مشتقة من كلمة قميص، وأن كلمة jupe مشتقة من كلمة الجبّة، فعلى الدولة أن تمنعهما على اساس أنهما لباس ديني.

 

على كل حال هذا القرار لن تتوقف ردوده على هذا الحد بل سيواجه من قبل نواب اليسار أمام مجلس الدولة، الذين يرون أنه يشكل تمييزا جديدا ضد شريحة كبيرة من الشعب الفرنسي، وبأن بعض الفتيات يسمح لهنّ بارتداء الثوب الطويل على أنه ليس بعباءة.

 

العباءة دينية او غير دينيه وعلى كل مدير مدرسة أن يحكم على النوايا اذا استطاع اليه سبيلا.

 

وعلينا ألا ننسى بأن فرنسا دولة لا دينية، أي أنها لا تعترف بالأديان منذ عام 1905 لكنها لا تعاديها، فدستورها ينص في مادته الثانية:” إنها جمهورية علمانية لكنها تحترم كل الأديان “.

أما الدين الإسلامي فهو الديانة الثانية رغم اعتباره دين أقلية، واغلبية المسمين من دول المغرب العربي ،وهذا حسب استقراءات علماء الاجتماع ،لأن وسائل الإعلام والقوانين الفرنسية تمنع تعداد المواطنين على مبدأ العرق أو الدين أو حتى الفلسفة.

و في عيد الفطر وعيد الأضحى من كل عام  يّحيي المسلمون اعيادهم في المساجد، ومنها مسجد باريس الكبير. أما بالنسبة لقرار العباءة فهناك أسباب لم نعرف خلفيتها حتى الآن..

*الصور للزميلة مريانا أمين

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى