رأي

الحرب في مرحلة “الذبح بالقطنة” على طريقة بايدن!(أكرم بزي)

 

كتب أكرم بزي – الحوار نيوز

 

كثرت التعليقات حول العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الصهيوني في قطاع غزة. فمن المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية، والآن بداية المرحلة الثالثة، لكن لا أرى فرقاً بهذه التسميات إلا طريقة القتل، فمنهم من يريد إلقاء القنبلة النووية، ومنهم من يريد الضرب بالقوة الجوية ومنهم التمترس وإعادة التموضع، والضرب والقتل على طريقة عمليات الكوماندوس والقصف من بعد.

ويبدو من زيارة وزير الخارجية الاميركية الى المنطقة تحقيق مجموعة أهداف تتناسب مع ما يحقق الفوز بولاية ثانية للرئيس الاميركي جو بايدن، لذلك من أهم الموضوعات التي تم التركيز عليها هي إعادة تزخيم عملية التطبيع مع المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني، وعدم توسيع الحرب إلى خارج قطاع غزة وخاصة الحدود الشمالية أي الجنوب اللبناني، والضغوط على اليمن كي تسمح للسفن الإسرائيلية بالمرور من باب المندب نحو سواحل “إسرائيل”، وادخال المساعدات لـغزة، ولكن على قاعدة استمرار الحرب بوتيرة أخف… أي على قاعدة “الذبح بالقطنة”.

العدوان على قطاع غزة والجنوب اللبناني يدخل في شهره الرابع، والآلة العسكرية الأميركية – الصهيونية ما زالت تدك المدنيين بالقنابل الثقيلة الفتّاكة من البر والبحر والجو، بهدف “القضاء على حركة حماس والمقاومة” وضرب البنية التحتية لقطاع غزة لجعله غير قابل للسكن بهدف تهجير الفلسطينيين خارج أراضي فلسطين المحتلة نحو الشتات، ولكن الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني والمواجهة الشرسة للمقاومة، جعلت إدارة الكيان الصهيوني وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، يتخبطون في ما بينهم وبقراراتهم المتأرجحة ما بين عدم توسيع الحرب لتشمل الإقليم بأكمله، أم الانتقال الى المرحلة الثالثة من العدوان على قطاع غزة.

ويعيش سكان قطاع غزة حالة ترقب في هذه الأوقات، بعد الكشف الإسرائيلي عن بدء “المرحلة الثالثة” من الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، بسبب حالة الإبهام التي ترافقت معها، ويخشون من أن تكون أكثر إيلاما من المراحل السابقة، خاصة وأن المرحلة الثانية كانت أعنف من المرحلة الأولى، بعد أن وسع خلالها جيش الاحتلال عملياته العسكرية البرية، لتشمل جنوب ووسط القطاع. وبلغت حصيلة غير نهائية للعدوان الإسرائيلي 23084 شهيدا، أكثر من 70% منهم نساء وأطفال، و58926 جريحا، إضافة إلى أكثر من 7000 شخص في عداد المفقودين تحت الأنقاض، وذلك منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي (الأرقام بحسب القدس العربي).

ويبدو من خلال وسائل الإعلام العبرية والعالمية أن هناك إجماعاً بأن “إسرائيل” ومن وراءها لغاية الآن لم يحققوا أيا من النتائج المعلنة لهذه الحرب (سحق حركة حماس واسترجاع الرهائن – بحسب وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو)، بالعكس من ذلك فإن أعداد القتلى في صفوف العدو يرتفع يومياً بالرغم من التكتم الشديد لوسائل الإعلام العبرية. وقالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) في بيان الاثنين، إن هناك “أكثر من 1538 قتيلا منذ بداية الحرب”. وأضافت: “تم حتى الآن التعرف على جثث 823 قتيلا من غير الجنود، وتم نقل 715 جثة للدفن”. وأشارت الهيئة الإسرائيلية إلى أن “عملية التعرف على باقي الجثث ما زالت مستمرة”. وقال متحدث الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي إن عدد الجنود القتلى منذ بدء الحرب وصل 311 والرهائن الإسرائيليين في غزة إلى 230.

إلا أن اعتماد المقاومة في قطاع غزة على تصوير العمليات الحربية وتوثيقها بحرفية عالية، أظهرت أن عدد القتلى يفوق الـ 3000 قتيل منذ بداية الحرب، خاصة إذا ما احصينا عدد الآليات والمدرعات والدبابات، والتي بلغت بحسب الناطق الرسمي لحركة حماس “أبو عبيدة” حوالي 750 آلية وأكثر.

وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن كلفة الحرب الاقتصادية بلغت 60 مليار دولار، ووصفتها بالحرب الأعلى كلفة على الرغم من أن أهداف إسرائيل لم تتحقق بعد. وقال التقرير إنه وفقا لأحدث الأرقام، ارتفعت تكلفة الحرب إلى ما يزيد عن 217 مليار شيكل، أي ما يفوق 59 مليار دولار أميركي، وتشمل هذه التكلفة كلا من الميزانية القتالية للجيش ودعم الحكومة للاقتصاد في مختلف المجالات. (تكلفة اليوم القتالي الواحد للجيش الإسرائيلي بحسب الأرقام التي كشفتها الصحيفة، بلغت مليار شيكل، أي 270 مليون دولار أميركي في أكتوبر الماضي بما في ذلك تجنيد 360 ألف جندي احتياط في بداية الحرب).

أما على مستوى البنية المدنية التحتية، فتشير تقديرات إلى أن قيمة الأضرار التي لحقت بالممتلكات في المناطق الحدودية مع لبنان قد تناهز ملياري دولار أميركي، إضافة إلى نحو خمسة مليارات دولار القيمة الأولية للأضرار التي لحقت بالممتلكات في منطقة غلاف غزة.

ولكن ماذا عن النتائج السياسية والاجتماعية والمعنوية؟

 يقول ديفيد هيرست (في ميدل إيست آي): يرتكب الإسرائيليون نفس الخطأ الذي ارتكبه الفرنسيون في الجزائر عندما قتلوا ما بين نصف مليون إلى 1.5 مليون جزائري، يشكلون 5 إلى 15 في المائة من السكان، بين عامي 1954 و1962، معتقدين أنهم بذلك سينتصرون في الحرب. ومع ذلك، بحلول نهاية الحرب، كان عليهم المغادرة ومنح الجزائر استقلالها. لقد أدى الهجوم الإسرائيلي على غزة إلى تغيير منطقة الشرق الأوسط بالكامل، كما وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن ليس على النحو الذي قد تستفيد منه حكومته أو الحكومات المستقبلية. إن أشباح لبنان تعود حقاً لتطارد إسرائيل. لقد استغرق الأمر 15 عامًا حتى تغادر إسرائيل بعد أن أصبحت بيروت في وضع لا يمكن الدفاع عنه، لكنهم غادروا في عام 2000. وعندما فعلوا ذلك، أصبح حزب الله القوة العسكرية والسياسية المهيمنة في البلاد.

“ميتوت حماس” (انهيار حماس) هو الشعار باللغة العبرية وهو هدف حكومة الحرب الإسرائيلية. وبعد شهرين من هذا التدمير، يمكنهم أيضًا تعديل هذا ليصبح “ميتوت إسرائيل”، لأن هذا هو التأثير الذي قد تحدثه هذه الحرب.

هيلل شوكن في صحيفة “هآرتس” كتب قائلاً: “نحن لن ننتصر. حتى لو كنا معا. المعركة الحالية على حقنا بوطن قومي في أرض إسرائيل خسرناها في 7 أكتوبر. كل يوم إضافي في العملية البرية فقط يعزّز الفشل. عندما ستنتهي هذه المعركة الحالية، كما هو متوقع خلال بضعة أسابيع في أعقاب الضغط الدولي، فستكون إسرائيل في وضع أصعب من الوضع الذي دخلت فيه إلى هذه الحرب إثر الهجوم الوحشي لحماس.

بالرغم من الكلفة الباهظة التي يتكبدها الكيان الصهيوني والإدارة الأميركية، إلا أن الخلافات القائمة بينهما أو “الادوار” التي يقومون بها، ما زالت لغاية الآن مبهمة، وما زالت “إسرائيل” تفتش عن هدف كي توهم الرأي العام الصهيوني بأنها حققت أهداف العملية، فالوقت والضوء الأخضر الذي أعطته الإدارة الاميركية للقيام بالمجازر بحق الشعب الفلسطيني، “يُروّج” بأنه كاد أن ينتهي إنما ما يجري على الأرض يدل عكس ذلك تماماً، وخاصة في ما سمي “المرحلة الثالثة من الحرب”، وظهر ذلك من حجم المجازر التي حصلت أمس في قطاع غزة.

هل نحن أم خدعة جديدة تقوم بها الإدارة الأميركية أم أن الكيان الصهيوني لم يعد يحتمل كلفة الحرب، من الناحية المادية والمعنوية والنفسية وعلى الصعيد الاجتماعي الذي زاد تململاً من الاكلاف الباهظة، على صعيد القتلى، والجرحى والمعوقين، والحالة الاقتصادية المعطلة بالكامل منذ ثلاثة أشهر.

الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال؟.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى