البيان الوزاري: استنساخ ووعود(حكمت عبيد)
حكمت عبيد – الحوارنيوز خاص
يناقش مجلس النواب غدا الإثنين البيان الوزاري لحكومة “معاً للإنقاذ” الميقاتية، ويبدو واضحا من مجموعة الاتصالات التي أجرتها “الحوارنيوز” مع عدد من النواب من الكتل النيابية الداعمة للحكومة بأنها ستكون جلسة سريعة ستمنح بنتيجتها الثقة للحكومة تحت عنوان “الى العمل در”.
لكن قراءة متأنية للبيان تصيب القارئ بشيء من الإحباط والدهشة. ففي السطر الأول من الفقرة الثانية للبيان ترد عبارة “… في ظرف يحتم مقاربات إستثنائية للمعالجة المطلوبة. كيف لا ولبنان في خضم أزمة إقتصادية وإجتماعية ومالية ومعيشية خانقة بلغ الوطن فيها مشارف الانهيار الكامل، ولم يشهد لها مثيلا في تاريخه الحديث”.
ومن ثم ينتقل البيان الى سرد متواصل عن نوايا واستراتجيات وخطط عمل في كل قطاعات الخدمة العامة، كما وكأن البلاد تعيش حالة طبيعية لا استثنائية!
استراتجية في الاقتصاد، وأخرى في البيئة وفي: التربية والتعليم والسياحة والصحة والاتصالات والصناعة والنقل العام والإعلام …، ربما لم تلحظ هذه الحكومة بأن عمرها لا يتجاوز أشهر أصابع اليد وأن الظرف الاستثنائي يقتضي مهام محددة ومباشرة وخاطفة تعيد الثقة بلبنان ومؤسساته الدستورية.
تجاهل البيان الوزاري أن الأزمة اللبنانية ما عاد ينفع معها البحث عن وسائل إضافية لإدارة الأزمة وتمييع الحلول النهائية، وتحدث عن أولويات مبهمة وإصلاحات تستند إلى خطة التعافي التي أعدتها حكومة الرئيس حسان دياب، والأكثر غرابة أنها تحدثت عن تنشيط الاقتصاد من خلال قروض مصرفية بالتعاون مع مصرف لبنان دون أن تنسى دعم الزراعة!!
قضيتان هامتان تعني الشأن العام ولها إنعكاساتها المباشرة على الرأي العام، كان يمكن للحكومة أن تتحدث في بيانها بوضوح بشأنهما وأن تعد بخطوات مباشرة.
الأولى قضية الإنتخابات النيابية والثانية كهرباء لبنان.
في القضية الأولى يقول البيان بأن “الحكومة تلتزم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها على أساس القانون الحالي”.
إن هذه الإلتزام يؤكد أن هذه الحكومة تتجه لضمان عودة القوى السياسية نفسها وقطع الطريق أمام قانون ديمقراطي ووطني ودستوري، يفتح المجال أمام قوى التغيير الديمقراطي من خرق جدران الإسمنت التي وضعتها القوانين الانتخابية المتعاقبة ومنها القائم حالياً.
إن مختلف القوى الطائفية، تتفق على إبقاء هذا القانون لأنه يحفظ لها حصتها النيابية، على حساب التمثيل الحقيقي. إن مسؤولية رئيس مجلس النواب نبيه بري في تعديل القانون الحالي، هي مسؤولية وطنية وأخلاقية ولا يكفي المبادرة في تقديم اقتراح قانون نموذجي دون أن يكون ثمة موقف حاسم يرفض إجراء الانتخابات على اساس القانون الحالي المخالف للدستور.
إن رئيس مجلس النواب المؤتمن على الدستور مطالب بموقف حازم، لا عودة عنه في هذا المجال، ويقطع بذلك الشك باليقين تجاه نواياه الإصلاحية.
اللبنانيون يطالبون ببناء دولة القانون والمؤسسات خارج منطق المحاصصة المذهبية، ومدخل مثل هذه الدولة هو قانون خارج القيد الطائفي.
أما في القضية الثانية، (كهرباء لبنان) يتحدث البيان عن “استكمال تنفيذ خطة قطاع الكهرباء والإصلاحات المتعلقة به مع تحديثها…” كلام عام، هو تكرار وإجترار، لا قيمة له طالما أنه لم يتحدث عن الالتزام بتعيين هيئة ناظمة للقطاع ومجلس إدارة لشركة كهرباء لبنان التي تدار منذ عشرات السنوات من قبل وزير الطاقة مباشرة لعدم وجود مجلس إدارة. ولم يتحدث عن حلول نهائية بالتشبيك مع القطاع الخاص لمرحلة إنتقالية ريثما كانت الدولة قد أعادت هيكلة ذاتها على أسس نظيفة.
“رحم الله امرأ عرف قدر نفسه” فوقف عنده!