إقتصاد

طوفان القدس إقتصاديا:نتائج كارثية بالأرقام على إسرائيل..وأخرى إنسانية على الفلسطينيين(عماد عكوش)

 

بقلم الدكتورعماد عكوش – الحوار نيوز

 

يبدو ان انعكاسات العملية العسكرية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة ،لا تنحصر نتائجها على الواقع السياسي والعسكري فقط . فالانهيارات الكبيرة في البورصة الاسرائيلية والتي تجاوزت 8 بالمئة لبعض المؤشرات والاسهم توحي بحقيقة وهشاشة الاقتصاد الاسرائيلي القائم على ركائز غير ثابتة ، وتعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي ، سواء على شكل مساعدات أو إستثمارات أجنبية .

لكن الوضع معقد ، فالاقتصادان الفلسطيني والإسرائيلي يرتبطان ببعضهما بعضاً ، حيث تعتمد المصانع الإسرائيلية على العمالة الفلسطينية من الضفة الغربية وغزة . وتُعد إسرائيل الشريك التجاري الرئيسي للضفة والقطاع ،إذ تأتي أكثر من نصف البضائع المستوردة إلى الضفة الغربية وأكثر من ثلثي واردات غزة من إسرائيل .وقد بلغ إجمالي واردات الضفة الغربية وغزة من إسرائيل بالمتوسط حوالي 65 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية والقطاع ، هذا الامر يعني أن التدهور الاقتصادي سيطال الجميع داخل فلسطين المحتلة ، وربما اذا ما توسعت المعارك سيطال كامل الاقليم .

إن ما يحدث اليوم سيكون له تأثير مباشر على اقتصاد الكيان الإسرائيلي  ، كما سيلقي بظلاله على سوق المال الإسرائيلية . وأولى الضحايا سيكون قطاع النقل الجوي والبحري ، وهذا ما حصل اليوم حيث أعلنت السلطات الإسرائيلية عن إيقاف الرحلات الجوية في مجالها الجوي حتى إشعار آخر في ظل الوضع الأمني الراهن ، بعدما نفذت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أكبر هجوم على إسرائيل منذ سنوات .

ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن سلطة الطيران المدني قرارها بمنع أي رحلات رياضية أو ترفيهية من الإقلاع في المجال الجوي الإسرائيلي حتى إشعار آخر. وكرد فعل فوري على الأحداث، عادت ما لا يقل عن خمس رحلات طيران لإحدى شركات الطيران الأجنبية بعدما أقلعت صباحاً متوجهة إلى إسرائيل من وجهات أوروبية مختلفة، إلى الميناء الذي أقلعت منه أو حوّلت مسارها للهبوط في قبرص. وعادت رحلات (يونايتد إيرلاينز) إلى سان فرانسسكو، إضافة إلى بعض الرحلات التابعة لشركات (بلوبيرد) و(ويز آير)، كما أعلنت شركات سويس إير وخطوط الطيران التركية والخطوط الجوية النمساوية التعليق الكامل لرحلاتها من وإلى إسرائيل حتى إشعار آخر . كما أن شركات الطيران الأجنبية بدأت في إلغاء الرحلات الجوية التي كان من المفترض أن تهبط في إسرائيل يوم السبت، منها شركات (إيزي جيت) التي ألغت رحلة من أمستردام، و(لوفتهانزا) التي ألغت رحلاتها من فرانكفورت وميونيخ على مدار يومي السبت والأحد.

وهذا له أهميته الحيوية للسياحة والتجارة بشكل عام ، وقد يمتد هذا الامر الى قطاع الغاز الإسرائيلي حال توجيه ضربات للبنية التحتية سواء خط تصدير الغاز أو المحطات ، ما يؤثر على الدول المستوردة ولا سيما مصر ، إذ بلغت صادرات البلاد من الغاز نحو 9.21 مليار متر مكعب إلى مصر والأردن في عام 2022، وفقاً لبيانات حكومية إسرائيلية.

إن احتياطيات الغاز الطبيعي في إسرائيل قفزت بنحو 40 في المئة خلال العقد الماضي بسبب زيادة أنشطة الحفر والتنقيب ، من 780 مليار متر مكعب في 2012 إلى 1087 مليار متر مكعب في نهاية 2022 . وسيكون قطاع الغاز الإسرائيلي أكبر الخاسرين ، لكنه لن يكون الوحيد . فهناك أيضاً السياحة كما قلنا ، والتي تعتمد بشكل كبير على حالة الاستقرار الأمني .

 

 

أما بالنسبة للإستثمارات الأجنبية ،فقد كانت وزارة المالية قد أعلنت أن حجم الاستثمارات الأجنبية في السوق الإسرائيلي تراجع في الربع الأول من العام الحالي بنسبة 60%. وفي تقرير أعده خبراؤها الاقتصاديون ، ذكرت الوزارة أن تراجع الاستثمارات الأجنبية تمثل في انخفاض عدد الصفقات وفي عدد رجال الأعمال الأجانب الذين يستثمرون في إسرائيل . ونقلت صحيفة “كلكيلست” الاقتصادية ، أن قيمة إجمالي الصفقات التي وقعت مع مستثمرين أجانب في هذه الفترة بلغت 2.6 مليار دولار، وهو ما يمثل تراجعاً بنسبة 60% مقارنة بنفس الفترة خلال عامي 2020 وعامي 2022.

ولفت التقرير إلى أن قيمة إجمالي الاستثمارات “داخلية وخارجية” في السوق الإسرائيلي بلغت في الربع الأول من العام الحالي 4.76 مليارات دولار، وهو ما يمثل تراجعاً بنسبة 34% مقارنة بنفس الفترة في عامي 2020 و2022.

وأوضح التقرير أن انخفاضاً بنسبة 80% طرأ على متوسط قيمة صفقة بيع الشركات الإسرائيلية في نفس الفترة، حيث عزا التقرير هذا الانخفاض إلى انخفاض قيمة الكثير من شركات التقنية في الولايات المتحدة.

ما حصل السبت بالتأكيد سيترك أثره على حجم الاستثمارات الاجنبية في المستقبل وما نتوقعه تراجع بما يزيد عن ثمانين في المئة حتى نهاية العام .

بالمقابل فقد قفز الدين العام لإسرائيلي حتى نهاية العام 2022 ليصل الى حوالي 322 مليار دولار ،وهو ما يعادل حوالي 61 بالمئة من الناتج القومي ، وهو الرقم الأعلى منذ قيام الدولة ، ويتوقع ان زيادة حجم العجز في الموازنة والاصدارات الجديدة لتغطية هذا العجز ان يزيد من حجم الدين العام في نهاية العام 2023 .

وتظهر معطيات التقرير السنوي أن مصاريف الفوائد على الدين الحكومي في عام 2022 بلغت نحو 13 مليار دولار ، أي 2.75% من الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل ، وحوالي عشرة بالمئة من حجم انفاق الموازنة .

بخصوص البورصة الاسرائيلية فقد أشار تقرير المركزي الإسرائيلي إلى ما جرى في بورصة تل أبيب خلال النصف الأول من العام الجاري من تراجع نسبته 2.1% لمؤشرها الرئيسي للشركات الـ 125 الكبرى في إسرائيل، وذلك في وقت شهدت بورصات العالم انتعاشة واضحة في النصف الأول من العام الجاري ، وما حصل اليوم أدى الى تراجع في قيمة الاسهم بما لا يقل عن أربعة بالمئة خلال يوم واحد، ويتوقع اذا ما استمر القتال وتوسع ان يتحقق مزيد من التراجع وخاصة بالنسبة للشركات القريبة من غلاف غزة والضفة الغربية .

يبدوا أننا ذاهبون الى الكثير من الاحداث والنتائج الاقتصادية داخل الكيان الإسرائيلي. فهذا الكيان حساس جدا وقابل للإنهيار عند أي حدث أمني كبير، وقوافل الهجرة الاقتصادية كما الأمنية يمكن أن نراها في الايام المقبلة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى