رأي

إتفاقية الترسيم بين المادة “هاء” والصمت المريب(ماري ناصيف الدبس)

ماري ناصيف الدبس – الحوارنيوز

جاء في المادة الثانية من الفصل الأول من الدستور اللبناني (المعدّلة بالقانون الدستوري الصادر في التاسع من تشرن الثاني 1943) ، والذي يحمل اسم “في الدولة وأراضيها”، أنه ” لا يجوز التخلي عن أحد أقسام الأرض اللبنانية أو التنازل عنه”. ولهذا السبب بالذات، لا زلنا نؤكد أن مساحة أرضنا هي 10452 كيلومترا مربعا، بما يعني ذلك القرى السبع التي احتلها الكيان الصهيوني الغاصب في بداية احتلاله لأرض فلسطين، وما تم احتلاله في العام 1967 في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر. ولهذا السبب ايضا نؤكد اليوم مجددا ما طرح في وثائق دولية ولبنانية رسمية من أن حدودنا البحرية مع فلسطين المحتلة تقع على الخط 29، وليس كما جاء في الوثيقة الأميركية – الصهيونية المسماة “اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان”، التي لم يجر استفتاء الشعب اللبناني على مضمونها.

وتجدر الاشارة إلى أن عودتنا إلى نص الدستور، والتذكير به ومعه بالوثائق الدولية، نابعة من التخلي عن قسم من أرضنا كرمى لعيون العدو ومن هم وراءه. فالفقرة “هاء” من القسم الأول تقول التالي: ” يتفق الطرفان على أن هذه الاتفاقية، بما في ذلك كما هو موضح في القسم 1 (ب)، تشكل حلاً دائمًا ومنصفًا لنزاعهما البحري”. وكلمة “الدائم” تعني أننا وافقنا على التنازل طوعا، بل صاغرين، عن 1420 كيلومترا مربعا من مياهنا الاقليمية الجنوبية، وليس كما حاول البعض المتذاكي تفسير الأمر بأنه عندما تتحرر فلسطين لن يكون هناك خلاف بيننا على ترسيم الحدود… فالكيان المغتصب ليس بفلسطين، هذا أولا، وثانيا الاتفاق مع دولة فلسطين أو غيرها يعود إلى الشعب وليس إلى حكامه، وإن افترضنا جدلا أنهم موجودون بإرادتنا، وليس عبر تزوير تلك الارادة بالاستناد إلى لعبة الانقسام الطائفي والمذهبي التي يؤمنها قانون انتخابات صيغ على مقاسهم.

اليوم، يوقع أصحاب النظام اتفاقية أقل ما يقال فيها أنها “إتفاقية ذل” تعيدنا إلى ما رفضناه في تلك المسماة “إتفاق 17 أيار” الذي أسقطناه بفعل المقاومة. واليوم تتخلى الطغمة الحاكمة عن جزء عزيز من حدودنا، بعد أن تناست قبل ذلك ترسيمات “الخط الأزرق” البري ووافقت على القرار 1701 وتوابعه…

لن نطيل في الشرح، فالكل يعرف إلى أين نحن ذاهبون. إلا أن العجيب في الأمر لا يكمن في محاولة تحويل الهزيمة إلى انتصار من قبل المنتفعين، بل في الصمت المطبق، والمريب، باستثناء بعض الأصوات الوطنية القليلة التي تتحدى الخيانة.

* أكاديمية وعضو قيادة الحزب الشيوعي اللبناني.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى