أزمة اقرار الموازنة بين التأكيد والنفي(د.حكمت مصلح)
د. حكمت مصلح* – الحوارنيوز خاص
طرح مشروع الموازنة العامة على مجلس الوزراء، وخرج عدة وزراء يقولون، إن الموازنة لم يقرها المجلس، انما هنالك مداولات جرت بشأنها وأفضت الى مسودة أولى ثم ثانية تضمنت التعديلات المطلوبة مع بقاء بعض النقاط الخلافية. ويفاجأ الجميع بإعلان مجلس الوزراء ، عن اقرار الموازنة.
وللوقوف على حقيقة رأي الدستور والنظام الداخلي لمجلس الوزراء، نطرح الأسئلة التالية:
ماهي النصوص القانونية في النظام الداخلي لمجلس الوزراء ، التي تعالج مسألة اقرار الموازنة العامة ؟
ماهي النصوص الدستورية التي تحكم عملية اقرار الموازنة العامة من قبل مجلس الوزراء ؟
قبل البدء، يجب ان نشير الى نقطتين: الأولى ان المناقشات أفضت الى وضع مسودتين ، اعتمدت المسودة الخطأ من قبل مجلس الوزراء.
النقطة الثانية ان “الثنائي الوطني”(أمل وحزب الله) غادر الجلسة قبل تلاوة البيان الختامي ولم يطلع أي من المسودتين اعتمد مجلس الوزراء. وهنا لابد من الاشارة الى أن المادة 11 من النظام الداخلي لمجلس الوزراء تنص:” يوضع محضر خطي يلخص الوقائع والمداولات والقرارات والتحفظات، وتتلى فيه المقررات فقط في نهاية الجلسة ،ويقترن بتوقيع رئيس مجلس الوزراء وأمين عام المجلس ” .وأذا كان من المعلوم أن الثنائي الوطني غادر الجلسة قبل انتهائها وتلاوة البيان الختامي فيها ممتعضا من تسريب التعيينات وتابع المجلس جلسته وتلي بيانه الختامي، تعد الموازنة( اذا تضمنت المسودة الصحيحة والمنقحة) أقرت أذا راعت الأصول في الفقرة الخامسة من المادة 65 من الدستور، ولكن الوزير شرف الدين، وهو وزير للحزب الديمقراطي، حضر الجلسة حتى نهايتها ويؤكد أن الموازنة لم يناقشها المجلس الا في بعض موادها، ولم تقر على الاطلاق ،وبالتالي فإن ادراجها في عداد المحضر النهائي ماهو الى مخالفة للنظام الداخلي لمجلس الوزراء ومخالفة قانونية يسأل عنها سياسيا رئيس مجلس الوزراء وكل وزير يدعي ان الموازنة أقرت وفق الأصول . فلا التصويت وقع ولا التوافق تم على الموازنة وفق منطوق الفقرة الخامسة من المادة 65 التي تشير الى آلية اتخاذ القرار داخل المجلس: ” ويتخذ قرراته توافقيا فاذا تعذر ذلك فبالتصويت” .
أما تمسك رئيس الحكومة وآخرون بالمادة 18 من النظام الداخلي فيصبح غير ذي جدوى والتي تنص: ” تعتبر مقررات مجلس الوزراء مصادقة بعد تلاوتها في الجلسة “.والسبب في ذلك نص المادة 16 من النظام الداخلي للمجلس :” يعتبر المشروع مقرونا بموافقة مجلس الوزراء في حال موافقة الوزراء الحاضرين ،وذلك مع مراعاة أحكام الفقرة 5 من المادة 65 من الدستور التي تتطلب أكثرية ثلثي عدد أعضاء مجلس الوزراء للموافقة على المواضيع الأساسية المحددة حصرا في الفقرة المذكورة “.
فاذا كان مشروع الموازنة وهو من المواضيع الأساسية قد تم نقاشه لكن لم يتم اقراره لأنه يحتاج عند الإقرار الى موافقة أكثرية ثلثي أعضاء مجلس الوزراء المحددة بمرسوم تشكيل الحكومة، وليس في نصاب من حضر، هنا نقول : ايعقل يا دولة الرئيس أن كل هؤلاء المعترضين على اقرار الموازنة على خطأ ،ووحدك على صواب؟.. رحم الله من قال”مانو دقيق هذا الكلام”.
وفي النهاية نأمل من المجلس النيابي ( حصن الحقوق والحريات ) أن يسقط كل بند من الموازنة فيه ضريبة جائرة على المواطنين .
* دكتوراه في القانون الدستوري