شرق أوسط

مَنْ سيهاتف الرئيس بايدن بعد نتنياهو : المللك سلمان ام الرئيس اوردغان ؟

 

د. جواد الهنداوي*

بعد طول انتظار، حصلَ نتنياهو على لقب أول رئيس حكومة في المنطقة يحظى بالاتصال الهاتفي للرئيس بايدن، بتاريخ ٢٠٢١/٢/١٧ .

خصَّ الرئيس بايدن نتنياهو بهذا الامتياز ليس تقديراً وحباً بنتنياهو ، وانماّ وفاء لاسرائيل، وتلبية لرجاء اللوبي الصهيوني المؤيد لاسرائيل، والداعم لنتنياهو .

أصبحت أسبقية هاتف الرئيس الامريكي المنتخب لهذا أو لذاك الرئيس معياراً لاهمية البلد ومؤشراً لمكانته و دوره في خدمة المصالح الامريكية.

بوصول بايدن عادَ الملك سلمان، وعلى الأقل  نظرياً ، الى صدارة المشهد الدبلوماسي والسياسي للمملكة، وكانت رسالة الإدارة الامريكية الى المملكة واضحة جداً وعلناً ومفادها أن الرئيس بايدن سيتعامل مع نظيره الملك سلمان وليس مع ولي عهده، الامر الذي لايسّرُ و لا يُطمئن ولي العهد، ولن يسهّل التعامل بين امريكا والمملكة، بسبب تولي ولي العهد وليس الملك زمام امور المملكة.

شرط الإدارة الامريكية الجديدة التعامل مع الملك وليس مع ولي العهد، فرضَ على المملكة أعادة ترتيب أولوياتها السياسية في المنطقة: لم تعُدْ مشاركة المملكة في مفاوضات الملف النووي الإيراني مِنْ أولوياتها، وفقدت الامل حتى في اثارة الموضوع . وقد تسرّع الرئيس الفرنسي حين اقترح في ٢٠٢١/٢/١، ودون دراسة مستفيضة ، اشراك المملكة العربية السعودية في خطة العمل المشتركة حول الملف النووي الإيراني.

أولوية الممكلة، او بعبارة اخرى، اولوية ولي العهد محمد بن سلمان، الآن، هي الحفاظ على دوره و مستقبله السياسي في المملكة ، و لهذا الهدف يتم ترتيب جميع التحديات والاستحقاقات: فيصبح مصير المعتقلين او من هم تحت الإقامة الجبرية أولوية، والإسراع في ايجاد حل لحرب اليمن اولوية، واتخاذ خطوات تجاه التطبيع مع اسرائيل اولوية، والتفاعل مع مقترحات امريكية جديدة حول أسعار النفط أو حول الاقتصاد اولوية ، وكيفية الوقاية من تداعيات التقرير السري لمقتل خاشقجي ، المزمع نشره هذا الأسبوع هي اولوية! سيتصل الرئيس بايدن بالملك سلمان لتأكيد أمرين: الأول هو التعامل مع الملك وليس مع ولي العهد . والثاني هو ان امريكا مستمرّة في دعمها للمملكة  ودفاعها عن المملكة، و أنَّ امريكا تفرق بين مصالح المملكة ومصالح ولي العهد.

التحدي الكبير الذي ستواجهه المملكة هو كيفيّة تنظيم أمرها وإيجاد حل ” مَنْ الذي سيتواصل مع الإدارة الامريكية ” والتي أعلنت ، وقبل نشر التقرير السري لمقتل خاشقجي ، عن عدم رغبتها بالتعامل مع ولي العهد محمد بن سلمان.

نشرْ  التقرير السري لمقتل خاشقجي ستكون له نتائج غير سارّة لولي العهد محمد بن سلمان ،كما ستكون له نتائج ضارّة للعلاقات التركية – السعودية ،التي بدأت ،قبل أيام، بالتحسن و بالانفتاح نحو تعامل اقتصادي ودبلوماسي إيجابي، وبتصريحات إيجابية بين وزيري خارجية كلا البلدين. التقرير السري سيستند على معلومات ووثائق زودتّها السلطات التركية المختصة لاجهزة المخابرات الامريكية. ولا يمكن لتركيا الاّ ان تتبنى موقفاً مؤيداً لما ستتخذه الإدارة الامريكية حيال نتائج التقرير، و يدرك الرئيس اوردغان مدى تمسك الرئيس بايدن بحجّة و ذريعة معايير احترام الحريات وحقوق الانسان في دول المنطقة ، وخاصة في المملكة العربية السعودية وفي تركيا وفي مصر .

هموم ومتاعب الإدارة الامريكية الجديدة و برئاسة بايدن مع الأصدقاء والحلفاء ( مصر، السعودية، تركيا ) اكبر واكثر من تلك التي مع الخصوم في المنطقة (ايران ،سوريا). على امريكا ان تتحمّل وتعالج وتداري اخطاء و تجاوزات و إحراجات الأصدقاء والحلفاء، في حين تكتفي بمواجه واضحة وغير مباشرة مع الخصوم، من خلال التنظيمات المسلحة المنتشرة في المنطقة ،و العملاء والتظاهرات المبرمجة، وكذلك من خلال الاتحاد الاوربي في ما يخص الملف النووي الإيراني.

لا يوجد ما يسّرُ الرئيس بايدن في مكالمة هاتفية مع الرئيس اوردغان . فعن ماذا يحدّثه؟ عن اصرار واستمرار تركيا بأمتلاك سلاح s400 الروسي المضاد للجو ، والذي يتعارض مع العقيدة العسكرية لحلف الناتو؟

سياسة الرئيس بايدن تجاه الناتو تختلف عن سلفِه (الرئيس ترامب)، فالرئيس بايدن داعم للناتو وسيعتمد على قوة وانتشار جيش وسلاح الناتو في العالم، ويؤيد تماماً الجهود الأوروبية والقيادة الجماعية للناتو، وما تفعله تركيا في التزويد بسلاح استراتيجي من روسيا هو خروج عن قواعد الناتو.

سياسة الرئيس بايدن تجاه كُرد المنطقة تختلف ايضاً عن سلفهِ ، فهو داعم لتطلعاتهم في انفصال او في حكم ذاتي أينما وجدوا (واقصد الكرد) في دول المنطقة، و تركيا تعارض كلياً ايّ محاولة لخلق كيان كردي داخل حدودها، وحتى على حدودها.

تخشى امريكا من انًّ توسّع التدخل التركي في المنطقة ( العراق ، سوريا ، لبنان )، وخارج المنطقة وخاصة في أفريقيا، يغريها و يقودها الى التمّرد والخروج من الفلك الامريكي، وخاصة في ظل رئاسة رجب طيب أوردغان.

*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات-بروكسل

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى