ملتقى حوار وعطاء بلا حدود يناقش الازمة المالية والمصرفية
بحضور عدد كبير من الفعاليات والشخصيات السياسية، الحقوقية، الاقتصادية، المالية، الثقافية، الاجتماعية، الإعلامية، الخبراء في الشأن الاقتصادي والمالي و العاملون في الشأن العام من مختلف الأطياف والعائلات اللبنانية.
نظّم مُلتقى حوار وعطاء بلا حدود مؤتمراً تشاورياً وطنياً جامعاً تحت عنوان السياسات المالية للمصارف في لبنان : ما بين الهندسات المالية للمصرف المركزي وحماية ودائع اللبنانيين . بحثْ ومُناقشة التوجهات الأساسية للإدارات المالية المعنية والجوانب القانونية والخطط والإجراءات الإدارية الواجب إعتمادها.
-حمود : في البداية رحّب مُنسّق المُلتقى الدكتور طلال حمود بالحضور الكريم مُستعرضاً كل المراحل التي مر ّبها الحراك الشعبي العارم الذي شهده لبنان لأول مرّة في تاريخه والذي كانت المطالب المعيشية، الاجتماعية، الاقتصادية والإصلاحية التي جمعت اللبنانيين فيه، تُعبّر بحقٍ عن آهات والآلام ووأجاع اللبنانيين الذين إستفحلت مشاكلهم وتعاظمت مع مرور الوقت ومنذ زمن طويل مع وجود سلطة سياسية فاسدة، إستغرقت في سرقة مغانم هذا الوطن وسرقة وهدر ثرواته حتى وصلت الى درجة الوقاحة في إستغباء الرأي العام وفي إذلال هذا الشعب وتركيعه وتجويعه ودفْعه للهجرة والضياع والخوف على مُستقبله.
مُشيراً إلى أن "مُلتقى حوار وعطاء بلا حدود" كان مِن اوّل المحّذرين للسلطة القائمة( الطُغمة الحاكمة) من تماديها في سياساتها الاقتصادية، المالية، الاجتماعية الفاسدة والمُفسدة والتي أعتمدت دوماً على الإقتصاد الريعي وعلى إستجداء الودائع و العطايا والهبات من هنا وهناك.
لافتاً أيضا إلى أننا كنا قد حذّرناها كذلك من إستمراراها على الدوام بعدم الإلتفات إلى مشاكل اللبنانيين المعيشية والاقتصادية والمالية وإستمرارها في سياسات الهدر والفساد والمُحاصصة الوقحة و"على عينك يا تاجر" ودون أي حياء أو اي رادع اخلاقي.
ومؤخراً إحتدم السجال في لبنان بين السلطة السياسية والحراك القائم على خلفية المطالب الإصلاحية والتي تتعلّق بالضغوطات والأعباء الإقتصادية والإجتماعية والمُنازلة الحاصلة بينهما في مواجهة الفساد والفاسدين ، لتُلقي بالبلد في وجه العاصفة وفي أفق مسدود وأزمة عميقة .
وقيل انّه يدور بين مختلف الخبراء الماليين والاقتصاديين سِجالات عقيمة حول السياسات الإقتصادية السابقة والتي لم تجلب لللبنانيين سوى المزيد من الفقر والجوع والبطالة. فالهندسات المالية لمصرف لبنان هي التي برأي الحاكم قد حافظت على الإستقرار المالي ومنعت بحسب المُدافعين عن هذه السياسات غلاء المعيشة وإرتفاع أسعار السلع والإحتياجات وما هو مدعوم وما هو غير مدعوم من الدولة اللبنانية. إلّا أن هذه الهندسات المزعومة وبحسب آراء عدد كبير من الخُبراء قد رتّبت على البلد أعباء كبيرة كانت في الغالب لمصلحة المصارف وعلى حِساب خزينة الدولة والمُودعين لأن المصارف قد أمتنعت عن الإستثمار في الاقتصاد الوطني وجنت الأرباح الطائلة على حساب الخزينة وعلى حساب الشعب، وأوغلت في سياسة تقاسم الأطماع من جيب المواطن وساهمت بإزدياد الأعباء فخلقت جواً من التنافس الهدّام والسلبي لتقول لنا المصارف في نهاية المطاف : أنكم لا تستطيعون سحب ودائعكم التي أصبحت رهينة لديهم. وفي هذا الأمر بكل إختصار سوء أمانة وذلك خلافاً لكل الأعراف والقوانين اللبنانية .
واليوم وبعد مرور حوالي شهر ونصف على ثورة الشعب اللبناني كان لا بُدّ لمُلتقى حوار وعطاء بلا حُدود ان يُنظّم هذا اللقاء التشاوري الجامع ادراكاً منا لمسؤولياتنا الوطنية الجسيمة وإحساسنا بأننا أمام مُفترق أو مفصل تاريخي هام من تاريخ لبنان. فنحن اليوم امام قيود على رأس المال فرضتها المصارف بحكم الأمر الواقع، وتنصُّل رياض سلامة من مسؤولياته بالكامل وأصبحنا أمام مصارف تتعاطى بإستنسابية كاملة مع صغار المُودعين والمُودعين "الغير مدعومين سياسياً"، مما يرتّب علينا تحمّل مسؤولياتنا الكاملة في هذه اللحظة التاريخية الهامّة من تاريخ لبنان وان نستمع لآراء الأصدقاء الحقوقيين والماليين والاقتصاديين حول الخطوات التي من المُمكن إتخاذها في مواجهة هذه الازمة وما هي مقترحاتهم العملية لتحقيق هذه الاهداف.
بعد ذلك قدّم الدكتور حمود برنامج اللقاء الذي كان بإدارة الباحث والكاتب د. مخايل عوض والمحامي د. علي زبيب.
– عوض :
الكاتب والباحث د. مخايل عوض قال في مداخلته أنه بعيدا عن الجدل القائم في جنس الملائكة وتبادل الاتهامات والاوصاف في الحراك ومن يقف خلفه واهدافه، فالحراك فجّرته الطبقة السياسية بمُمارساتها وتعسّفها وفسادها واجراءاتها وما خلّفته السياسات من ازمات عميقة وحالة افلاس معمّمه، الا ان الحراك خلال السبعة والاربعين يوماً الماضية أرسى حقائق ومُعطيات مادية من شأنها ان تتحوّل الى مُعطيات حاكمة في مستقبل البلاد. ومنها ان تظاهرة امهات عين الرمانة الشياح أكّدت تحرُّر الشعب وجيل الشباب من العلب الطائفية والتهويل بالحروب وخطوط التماس. كما ادى الحراك الى إبراز حقيقة انتفاء قدرة الطبقة السياسية على إدارة تناقُضاتها وفسادها وتسوياتها واشار الحراك الى ان النظام الطائفي والمافياوي لم تعد له قدرة الاستمرار على ما كان عليه. وبين اهم النتائج ان المافيات واللصوص الذين تحالفوا مع الطبقة الفاسدة كشّروا عن انيابهم وقدّمت جمعية المصارف نفسها كأكبر جمعية من اللّصوص في اخطر عملية قرصنة لاموال المودعين وابتزاز المديونين وفرضت اجراءاتها لمُصادرة اموال الناس وحتى رواتبهم الشهرية، وكمثلها عصابة احتكار المحروقات والتجار ومافيا التعليم الخاص وكلهم جمعوا ثرواتهم الطائلة من جُيوب الناس والآن يتقاسمون لعبة تعذيبهم مع المصارف والتنكيل بالموظفين والمعلمين والطلاب.
وبعد ان اصبحت الامور مكشوفة بات على الحراك ان ينتقل عملياً لمواجهة هذه المافيات وتطوير الحراك في وجههم لاستعادة الاموال والحقوق كما بات واجباً العمل على تجميع قوى الحراك النظيفة مع القطاعات الاجتماعية الاكثر تضرراً والتي لم يعد امامها وامام اغلبية الشعب الا الفعل الثوري الجماعي بعيداً عن المظاهر الاستعراضية والانتهازية والمموّلين من الخارج والفاسدين وأوصي بالعمل على خلق الظروف والأطر المناسبة لعقد مؤتمر وطني اجتماعي لتظهير حراك وطني شامل.
– زبيب :
الخبير القانوني الدولي في الشؤون المصرفية والاقتصادية، شدّد في كلمته على أهمية زيادة التوعية والتثقيف لدى المودع لناحية معرفة حقوقه القانونية في ظل تعنّت المصارف، حيث شرح الدرجات المُختلفة للتقدّم بالإعتراضات والشكاوى المطروحة أمام المودعين تجاه المصارف اللبنانية على المستويين المحلي والدولي.
بعد ذلك تطرق زبيب إلى دور جمعية المصارف وأصّرَ على تصحيح الإلتباس ألقائم حول صلاحياتها كونها ليست جهة رقابية وكون تعاميمها لا تتسم بالإلزامية بل هي على سبيل الإستئناس، وبالتالي فإن دورها الحالي هو سلبي لناحية مقاربة الأزمة عبر الإيهام للمودعين بأن تعاميمها هي قرارات واجبة التطبيق. ثم إنتقل زبيب إلى ظاهرة خطيرة تتمثل بتقاعس غير مسبوق من قبل مصرف لبنان والقضاء اللبناني، اذ لم نقل تواطئ. فالمودع اللبناني اصبح من دون اي حماية قانونية فعلية حيث تخلى المصرف المركزي والقضاء عن موجباتهم، الاول عبر عدم الوقوف بوجه المصارف بطريقة استبدادها بالمودعين عبر حجز أموالهم، والثاني عبر عدم البت السريع بالعديد من الاخبارات والدعاوى، حيث دعى إلى إتخاذ التدابير الحمائية بهدف احقاق الحق وحماية ما تبقى من العدالة. كما إستعرض زبيب للإحصاء الأخير حول حلول ١٠ مصارف لبنانية في اول ١٠٠٠ مصرف حول العالم، بما في ذلك دلالة واضحة على توافر السيولة لدى المصارف وهو ما يتنافى مع إدعاءاتها وتصرفاتها مع المودعين. وأخيراً وليس آخراً تطرق د. زبيب إلى تعميم جمعية المصارف رقم ٤٤٦/٢٠١٩ وشرحه بإقتضاب وركز على نقاط ضعفه وخاصة لناحية إقرار مصرف لبنان بأن تخفيض الفوائد يساعد على النمو الإقتصادي، بإعتراف ضمني بأن مُخطط رفع الفوائد ادى الى الإضرار الحقيقي بالاقتصاد الوطني عبر خنق الاستثمارات وحوّل المستثمرين إلى مودعين، علماً أن هذا التعميم كان قد وصله دقائق قبل إلقاء كلمته. وبعد عدد من الكلمات تدّخل د. زبيب ليُصر بأن الهندسات المالية الاخيرة والتي اقرها مصرف لبنان وأدّت إلى إستحصال البنوك على أرباح بقيمة ٥.٦ مليار دولار دون اَي مجهود، هي غير مشروعة ولا بد من مراجعتها واستعادتها كونها الأقرب للإسترداد، حيث ان هذه الخطوة ضمن سلة من الخطوات قد تساهم في التخفيف من الأزمة الحالية.
-الرمّاح:
الناشط القديم في الحراك العسكري، العميد سامي الرمّاح قال بأنّ الثورة اتت مُدوّية وعابرة للطوائف و المذاهب . وقال ان الهندسات المالية التي قام بها حاكم مصرف لبنان السيد رياض سلامة عندما منح ٥،٦ مليار دولار للمصارف دون أن يتقاضى ضريبة على هذه المداخيل كانت خاطئة وتسآئل كيف أن القانون كان يجيز له ذاك .وكيف أن القانون أيضاً يجيز لهيئة إدارة مرفأ بيروت ان لا تكون خاضعة لديوان المحاسبة وكيف أن وزارة المهجّرين قامت بصرف المليارات من الدولارات دون رقابة مُسبقة وكذلك مجلس الجنوب وغيرها من الصناديق والهيئات والدكاكين المُخصصة للنهب والسرقة والمحاصصة التي انهكت المالية العامة طوال السنوات الماضية . وتحدّث ايضاً عن رواتب موظفي أوجيرو الخيالية وكيف أن مدير عام أوجيرو يتقاضى راتباً أضعاف أضعاف رئيس الجمهورية وهذا غير منطقي .
ثم تكلم عن أهداف الثورة التي هي أهداف معيشية بحتة للحفاظ على كرامة وعيش المواطن وتأمين أسس حياته. وتطرّق لموضوع المقاومة، وأن الثوار الشرفاء والوطنيين لم يتطرّقوا مرة واحدة لسلاح المقاومة وليس في برنامجهم ذلك بتاتاً بحسب ما قال . وقال أن المقاومة لا تستطيع ان تُسلّم سلاحها في ظل دولة المزرعة. وأن السيد حسن نصرالله والرئيس ميشال عون هُما رموز النظافة والكرامة في هذا البلد.
وأكّد أن هناك منظومة فساد قائمة منذ زمن طويل في لبنان و يجب مُحاسبتها والإقتصاص منها في اسرع وقت لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه.
-قرداحي:
الخبير الإقتصادي شربل قرداحي قدّم مُداخلة قيّمة إستعرض فيها مراحل الأزمة وقال انّ:
١ – تجفيف السيولة بدأ منذ بداية عام ٢٠١٩ وشهدنا رفع للفوائد لمستويات عالية جداً والأمر الثاني هو تقييد السيولة بشكل مبالغ به وخاصة بالسيولة ب $ مما تسبب بأزمات متعددة خاصة لإستيراد المواد الأوليّة وغيرها من المنتجات التي يستوردها لبنان.
٢- نحن من اللحظة التي اخترنا ان نكون فيها بنظام سعر صرف ثابت ، فإن قواعد هذا النظام هي التدخل بالسوق بيعاً وشراءً للعملة الأجنبية ، هذه هي الركيزة الأساسية التي يقوم عليها هذا النظام وهذا الذي قُمنا به منذ ال ٩٥ الى ان توقفنا عن الأمر في ٢٠١٩.
٣- إحتياطاتنا بالدولار ليست منخفضة مع المستويات التاريخية ، والإنخفاض الذي كنا نراه ليس دراماتيكي حتى يسبب هذا التشدّد الكبير جداً بحجب الدولار خاصة عن القطاعات الأساسية.
٤- من الطبيعي أن العملة الورقية في البنوك هي محدودة مقارنة ً لحجم الموجودات، وعادةً هذه الأخيرة لا تتخطى ٧ إلى ٩ % من قيمة الناتج الإجمالي في أي دولة. وبفعل إنعدام الثقة زاد الطلب على العملة الورقية وكان هناك صعوبة لدى البنوك اللبنانية ان تلبّي بسبب :
– إن البنك المركزي رفع الفائدة لمستوى عالي كثيرا ً إلى ٢٠% وهذا يسبب ما نراه بالسوق .
– كثرة خوف البنوك اللبنانية بشكل ٍ غير مبرر وفي النهاية لما بدأوا يقنّنون إلى هذه المراحل ، أي لا يُحوّلون من ٥٠٠٠ إلى ١٠٠٠٠$ إلى خارج لبنان وفقط بحدود ٢٠٠٠$ والآن وصلنا إلى ٣٠٠$ ، فزاد الخوف عند اللبنانيين.
٥- نحن اليوم بتقييد جزئي لخروج الودائع ، هذا الشيء يسمح لنا أن نُحافظ على سعر الصرف مع تخفيض الفوائد. ان الفوائد في لبنان عالية بالنسبة للفوائد العالمية فالمطلوب اليوم خفض الفوائد الى ١% ، وخفض الفائدة على الليرة اللبنانية للمودعين تقريبا الى ١ وربع % ومن ثم الفوائد التي يدفعها .
-خريش :
العميد المُتقاعد مارون خريش والناشط ايضاً منذ زمن طويل في حِراك العسكريين القُدامى، عارض كلام رفيقه العميد سامي الرمّاح وقال بأن الساكت عن الحق مُلام و مُجرم بسبب سكوته وصمته ويجب مُحاسبة منظومة الفساد بأكملها.
وأن الناس موجوعة من مُعاناة الجوع والفقر وعدم تأمين أسس حياتهم ، وأن ١٧ تشرين الأول هو يوم عظيم ومؤثر في تاريخ لبنان. وأن الثورة مُباركة. وشدّد ايضاً على أن ليس للثورة اي زعيم، وأن الفاسدين يتخبّطون ويجب مُحاسبتهم جميعاً .
وأن السرقة التي اعتمدتها منظومة الفساد والمُحاصصة هي سرقة تحت غطاء القانون ويجب مُعالجة الأمر ويجب تأليف حكومة في أسرع وقت.
-الخليل:
امّا المحامية بشرى الخليل فقد إستشهدت بكلمتها بالخليفة عمر بن الخطّاب كيف كان يُحاسب الولاة الفاسدين بخشونة مُطلقة منذ اكثر من ١٤٠٠ سنة . وسردت حادثة حصلت مع الخليفة نقلاً عن السيد محسن الأمين منذ ذلك الوقت، عندما علم الخطّاب بأن أحد الولاة الذي كان مولّيه على البحرين أصبح لديه عشرة آلاف دينار فأرسل وراءه للمحاسبة وكانت كلمته الشهيرة: " عندما ولّيتك البحرين كنت بلا نعلين" .
وكانت المساءلة عبر شعار من أين لك هذا؟ منذ ذلك الزمن الطويل. فقد جعل الخليفة من خلافته دول عظمى مع بدىء محاسبته للمسؤولين.
ثم تحدّثت السيدة الخليل عن الخليفة عمر عندما خالف قاعدة قرآنية بسبب حقيقي و جوهري، وهي " السارق والسارقة فاقْطعوا أيديهما"، وذلك في عام الرمادة، وكان ردّ الخليفة أنه عندما ينفذْ الأمن الغذائي في المجتمع
ولا نستطيع ان نَكفله للناس فيجب أن نُقفل الحدود.
وانتهت بأنه يجب علينا اليوم أن نمْتثل لحكمة، وموعظة وإستقامة الخليفة عمر ابن الخطّاب و مُحاسبته للفاسدين وأن لا نأتي بالمسؤولين السارقين
والفاسدين للحكم وأن نكون جديين
وصارمين في محاسبتهم.
-منصور:
الدكتورة ليال عدنان منصور إشراقيه، المتخصصة في الإقتصاد في الجامعة الاميركية في بيروت، كانت مداخلتها علمية مبنية على دراساتها و أبحاثها و قامت بتحليل واقع الأزمة المالية و المصرفية الحالية. وحسب رأي د. منصور فإن نقطة انطلاق الحوار هنا خاطئة فالتصويب على سياسات المصرف المركزي ليست في محلها نعم قد تكون السياسات خاطئة و يجب ان يُحاسب المسؤول عنها و لكن لم يكن هناك من حلول أخرى فالمصرف المركزي ليس من مهمته تحفيز الصناعة والزراعة إنما الحفاظ على النقد اللبناني.
ان جذور ازمة القطاع المصرفي بحسب دراسة أعدتها في الجامعة الاميركية تعود الى العام ٢٠١١ و لكنها اشتدت في العام ٢٠١٦،يعود السبب في ذلك بان المصرف المركزي كان يلجأ للاستدانة من المصارف الخاصة لتمويل عجز الدولة و كان عجز الدولة في تزايد مستمر جراء السياسات الحكومية الخاطئة .و لقد لجأ المصرف المركزي إلى الهندسات المالية منذ العام ٢٠١٦ فهو بذلك كان يشتري الوقت مقابل ثمن باهظ ويمنحه للسلطة الحاكمة لتنجز الإصلاحات و لكن السلطة كانت منهمكة في الفساد والصفقات والمناكفات ثم اجرى هندسة أخرى و اشترى فيها وقتاً إضافياً و أجّل الانهيار سنة أخرى لعل الحكومة تنجز الإصلاحات ولكن دون جدوى و آخر الهندسات كانت في العام ٢٠١٩ و كذلك استمرّت السلطة بالعبث بمصير المواطن وثروته.
برأيها ان المطلب الاساس ليس رأس المصرف المركزي انما التغيير في المنظومة الحاكمة و سياساتها الهدامة
المطلوب استعادة الثقة من خلال حكومة اختصاصيين حياديين يعيدون الثقة الى الشعب و العالم
عندها تبدأ مسيرة الإصلاح المنشود.
-حمدان:
وتحدث السفير د. هشام حمدان فقدم ورقة عمل استجابة لمطلب الملتقى للقيام بخطوات عملية للتفاعل مع الحالة القائمة في البلاد.
وقال السفير حمدان ان البلاد تسير نحو الهاوية وان الأزمة المالية والاقتصادية هي أزمة لها طبيعة سياسية وليست نتيجة أزمة بنيوية. وراى ان إنقاذ لبنان من هذا الواقع يستوجب العمل على تحييد لبنان عن النزاعات الإقليمية المجاورة ولعب دور إيجابي لتسوية هذه المنازعات من خلال توفير جسر حواري بين هذه الدول التي هي كلها دول صديقة وشقيقة.
ونبه السفير حمدان الى ان العدو الاسرائيلي ومن يحميه، يهمه استمرار النزاع بين الدول الاسلامية والعربية، لإضعافها، وتفتيتها، والسيطرة على ثرواتها، والاستيلاء على أراضيها، واقامة اسراييل الكبرى وضرب أسطورة المقاومةً التي تمكنت من ضرب أسطورة اسراييل التي لا تقهر وفرض انسحابها من دون قيد او شرط من الأراضي المحتلة في بلدنا، وهو طالب باستراتيجية دفاعية تعيد المقاومة الى نسيجها الوطني وتنخرط في الدفاع عن لبنان تحت جناح الجيش الوطني.
وخلص الى ان حياد لبنان والاستراتيجية الوطنية يكرس الوحدة الوطنية ويسمح لحكومة حيادية من الأخصائين لمتابعة تطبيق الدستور ووضع الإصلاحات المطلوبة وإعادة الأموال المنهوبة.
– عكّوش :
الدكتور في الاقتصاد . د. عماد عكّوش تحدث عن ستة نقاط أساسية يعاني منها الأقتصاد اللبناني والنظام المصرفي في لبنان.
النقطة الأولى : الرقابة على مصرف لبنان والمصارف التجارية والمُخالفات القانونية والمصرفية لهذا الجهاز وعدم قيام وزارة المالية بدورها الرقابي عبر مُفوضية الحكومة لدى مصرف لبنان والتي وظيفتها وفقاً لقانون النقد والتسليف الرقابة على مصرف لبنان من المستندات الى السجلات وتطبيق القوانين .
النقطة الثانية : موضوع الكابيتال كونترول والأستعاضة عنه بتجميد حسابات المودعين والتي تزيد عن مليوني دولار لكل السياسيين ، موظفي القطاع العام ، ومتعهدي القطاع العام ، الأصول والفروع وعدم تحريرها الى حين التحقيق فيها تطبيقاً لقانون استعادة الأموال المنهوبة .
النقطة الثالثة : الهندسات المالية ومخاطر تحويل الدين بالعملة المحلية الى العملة الأجنبية.
النقطة الرابعة : وموضوع عدم قُبول تطبيقه واقتراح تطبيق ضريبة، ضريبة الثروة على الثروات التي تزيد عن خمسة مليون دولار وإخضاعها لهذه الضريبة بشكل تصاعدي بحيث يتحمل اصحاب الثروات الكبيرة النسبة الأكبر من الضريبة.
النقطة الخامسة : موضوع مؤسسة ضمان الودائع وضرورة تعديل قوانينها لناحية الإدارة والأستقلالية وقيمة الضمانة المدفوعة والتي لا تزال عند حدود خمسة مليون ليرة وعلى ودائع بالليرة فقط..
النقطة السادسة : ضرورة انشاء هيئة مُستقلّة لإدارة الدين العام.
– شمس الدين :
الباحث في الدولية للمعلومات الاستاذ محمد شمس الدين قال ان الناس فقدت ثقتها بالمصارف وهي تسعى ان تنقل اموالها الى منازلها كي تكون في مأمن. وان لدى المصارف ومصرف لبنان اموال نقدية بالدولار تناهز ٤٥ مليار دولار ويمكن استخدامها للحد من ارتفاع الدولار لدى الصيارفة .ولكن هناك عملية نهب واقترح ان تتم محاصرة اصحاب المصارف في منازلهم وقطع الكهرباء والماء والطعام عنهم حتى يتراجعوا عن نهب اموال اللبنانين. والاجراءات التي اتخذتها المصارف عندما عادت الى العمل كانت مفهومة لفترة ولكنها تمادت واصبح الامر عملية سرقة ممنهج.
– نجيم : المحامي د. نبيل نجيم قال ان ما أطاح بالودائع هي منظومة متكاملة من البنك المركزي وجمعية المصارف ولجنة الرقابة والمصارف. إذ أن المصارف طمعاً بالربح السريع أدانت مصرف لبنان من ودائع الناس وهي على أتم العلم ان مصرف لبنان يدين الدولة وهذه الاخيرة هي تحت عجز مُستدام ولا أصول لديها قابلة للتسييل مما يعرّض الدائن في كل لحظة الى التوقف عن الدفع وتسديد ما يتوجب الى المصارف الدائنة . وهذا ما حصل بسبب شحّ التحويلات من الخارج. الإجراءات الواجب اتخاذها تنحصر بتهديد المنظومة بدعاوى جزائية حول غشّ المودعين بفوائد مرتفعة لافادة من يدور بفلكها من رجال أعمال كبار وسياسيين لاجبار هذه المنظومة الى اعادة ما تم تهريبه من الخارج وهي على تمام العلم بافتقارها تسديد الودائع المُستحقة الا باستنزاف ما يرسله المغتربون والمودعون الصغار من جنى تعبهم .
-عبد الخالق:
اما الباحث في التنمية الإدارية الأستاذ رائد عبد الخالق، فقال انه وإنسجاما" مع الابحاث والطروحات التي تقدّم بها العديد من الزُملاء المشاركين في هذا اللقاء الاقتصادي والمصرفي ، فيهمّني التأكيد على ضرورة الإعداد لدراسة انقاذية تتضّمن الحلول الإقتصادية للهندسات المالية و المصرفية وذلك من خلال اجتماعات مُتخصّصة ومُكثّفة من مصرفيين واقتصاديين وحقوقيين لتشخيص الواقع الحالي وإعداد الخطة الإنقاذية لإعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية ايماناً مِنّا بالصحوة الشعبية والنُخبوية للإنتفاضة المُحّقة على الوضع المعيشي والإجتماعي المُتردّي التي وصلت اليه الاوضاع بلبنان.
ويهمُّني التوضيح بأن انقاذ الوضع النقدي والمالي لا يتحقق بظل غياب الرقابة والمحاسبة وعدم تفعيل الآليات والأنظمة الفاعلة في القطاعات المالية والاقتصادية كافة. وعليه يجب ان يقوم المواطنين بلعب دور المراقب لمكافحة الفساد والتصدّي له بجميع اشكاله.
-جاسر :
العميد المتقاعد جورج جاسر قدّم مداخلة هي أقرب للنقد من حيث الشكل، تناولها العميد الركن المتقاعد جورج جاسر حيث وضّح بأنه لا يمكن للملتقى أن يصدر توصيات قابلة للتنفيذ دون أن تُناقش مضامينها ويتم التوافق على صيغة تقنية وقانونية موحّدة خاصة وأن المحاضرين اختلفوا حول اقرار وضعية القطاع المصرفي من حيث الافلاس او عدمه، كما وانهم لم يتطرقوا الى دور الصيارفة السلبي في تعميق البلبلة وتحديد الجهة الداعمة لهم، وتساءل حول خيارات حاكمية مصرف لبنان بين لجم الدولار في سوق القطع و بين سياسة تعويد الناس على سعر جديد عبر فرضه تدريجياً وختم بأنه لا بدّ من الإسراع في الحصول على إجابات سريعة كون الحراك يُحاكي موضوعاً نعيش تأثيراته وانعكاساته السلبية كل لحظة.
– لحود :
المحامي لحود لحود من " تجمّع لبنان هويتي " قال ان المشكلة الحقيقية في لبنان هي في قِدم نظامه ، فحتى و لو استلم الوزارت ضباط الجيش اللبناني و هو أنظف مؤسسة في لبنان لن ينجحوا بعملهم إلا بإصلاح النظام الذي يعملون بموجبه بُغية أن يجاري تطور الحياة و متطلباتها و نجاح الدولة، الأمر الذي يستدعي منا العمل على توحيد المطالب و وضع خطة عمل الحكومة لتنفيذها و بغض النظر عن الأشخاص على أن يكونوا من اهل الإختصاص وصولاً إلى انتخابات نيابية مبكرة و تشكيل مجلس نيابي جديد يعمل على تطوير النظام و كافة القوانين بما يتلائم مع الواقع و يُصار إلى إقرار استقلالية السلطة القضائية كما وتعديل الدستور لناحية خلق سلطة رابعة هي السلطة الرقابية بحيث تجتمع فيها كافة الأجهزة الرقابية في الدولة، كما و إقرار قانون موحّد للأحوال الشخصية.
-الرافعي :
القاضي الشيخ يحيى الرافعي حَثّ على التنسيق بين المجموعات المتألمة والثائرة. وتكلّم عن المشكل
وكيفيّة إيجاد الحلول المُناسبة. فالمشكل الرئيسي في رأيه في لبنان هو أن القانون غير مُطبّق، وهو بيد أصاحب القرار
فتطبيق القانون إستنسابي بما يتماشى مع الحُكّام الفاسدين. وتطرّق أيضاً الى مشكلة عدم مُحاسبة الزعماء والنواب وذلك لتأمين الغطاء لهم من قبل أمراء الحروب. وتحدّث أيضاً عن آليات عمل و مُقررات ، و لكن المشكلة تكمن في حكامنا ؛ فهم لا يقرؤون وإن قرؤا لا يفهمون وإن فهموا، فهم لا يطبّقون.
وسرد حادثة وقعت معه عندما كان الأستاذ ادمون نعيم حاكماً لمصرف لبنان، وكيف قرر الأخير محاسبة المصارف، وتنزيل سعر صرف الدولار الذي كان في وقتها يتصاعد يومياً. وقرر لمحاربة ذلك ، إصدار سندات خزينة لجبر المصارف الإكتتاب بها. لكنه لم يستطع ذلك لأن حيتان المال تتحكّم حتى في مصرف لبنان وحاكمه و قراراته.
وشدّد على شعاره الذي هو شعار المواطنة والعيش المشترك وبأن:" لبنان يحلق بجناحيه المسلم و المسيحي".
في الختام، إتّفق الحضور على عقد إجتماع سريع ( خلال ٤٨ ساعة) للجنة المُصغّرة التي سينضمّ اليها كل الحقوقيين والخبراء الماليين الدوليين وخبراء المال والإقتصاد وبعض الناشطين الآخرين لوضع خطة العمل المطلوبة ودراسة كل المُقترحات والخطوات الآيلة للضغط المُوجع والذي يجب ان يكون مُجّه خاصة تجاه تصرّفات جمعية المصارف، في سبيل تحقيق المطالب المرجوّة من هذا اللقاء، بما فيها كل الخطوات القانونية في داخل وخارج لبنان والتحرّك الميداني في الشارع اذا ما تمّ الإتفاق على ذلك .