رأي

تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة مشروع عمره 56 عاما (أكرم بزي)

 

كتب أكرم بزي – الحوار نيوز

 

العملية “الإستباقية” التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، “طوفان الأقصى” والتي لم يشهد لها مثيل في تاريخ الحروب والصراعات في العالم، والتي قام بها بضعة مقاومين بكفاءة عالية، أعادت خلط الأوراق، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم أجمع.

قد يتفاجأ البعض بأنها “استباقية”، ولكنها حقيقة، فما جرى من عملية قامت بها المقاومة في في غلاف غزة لم يكن وليد الصدفة ،ورد فعل مباشر بلحظتها، بل كان نتيجة لما سببته “إسرائيل” للفلسطينيين، من تحد واستفزاز منذ العام 1948 ولغاية الاعتداءات الأخيرة التي قامت بها قطعان المستوطنين على المسجد الأقصى بزعامة اليميني المتطرف الصهيوني وزير الأمن القومي الإسرائيلي منذ 29 ديسمبر 2022. حيث كان يهدف لاستفزاز الفلسطينيين لدفعهم للقيام برد فعل على هذه التصرفات للقيام بعملية صهيونية ضد حركات المقاومة في غزة، وسحقها ومن ثم ترحيل أهل غزة الى مصر واهل الضفة الى الأردن.

في تاريخ 27 أكتوبر2019 وبعد الترويج لصفقة القرن على عدوان إسرائيلي سوق لها الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، نقلت وكالة رويترز في حينها مقالاً عن الـ BBC، يقول إن الشق الأساسي من صفقة القرن يشمل قطاع غزة حيث يعيش هناك أكثر من 2 مليون فلسطيني، وكانت الفكرة بتوسعة القطاع باتجاه شبه جزيرة سيناء المحاذية لقطاع غزة بحيث يصبح امتداد غزة من رفح حتى العريش في مصر، ويمكن بناء بنية تحتية واقامة المساكن والمصانع  ومطار وميناء بحري ومحطات توليد الكهرباء لهم، ويستطيع من خلالها الفلسطينيون أن يعملوا ويعيشوا هناك.

والشق الثاني الذي كان يعمل عليه الصهاينة هو تهجير سكان الضفة باتجاه الأردن، وبنفس المخطط الآنف الذكر الذي تحدثنا عنه أعلاه ، مقابل مليارات الدولارات تعويضا للأردن ومصر، وهذا معناه انتهاء شيء أسمه القضية الفلسطينية، والكيان الصهيوني يمتلك فلسطين من البحر إلى النهر دون أصحاب الأرض الحقيقيين، وتصبح مسؤولية الفلسطينيين وإداراتهم تحت مسؤولية الأردن ومصر والدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين بأراضيها، وتوطينهم فيها. وهكذا تنتهي “إسرائيل” من هم وجود الفلسطينيين في “الأراضي المغتصبة لهم” وقيام “دولة إسرائيل الموعودة” وعاصمتها القدس الشريف أو “أورشليم” باللغة العبرانية.

إنه مشروع ييغال آرون الذي طرحه على مجلس الوزراء الصهيوني عام 1967 والذي أكدته صحيفة “إسرائيل هيوم” على موقعها الإلكتروني ،والتي قالت “أنه يتم التداول به في وزارة الخارجية “الإسرائيلية” في وثيقة في البند الرابع منها “أن الوزارة تطلب استئجار الأرض من سيناء لفلسطين الجديدة، وهذا ما أكده رئيس الجامعة العبرية هوشع بن هارييه في عام 2013 ،وخطته تنص على تمدد حدود غزة الى مدينة رفح والشيخ زويد والعريش،وهو المشروع الحقيقي الذي يسوقه من جديد وزير الخارجية الأميركي “اليهودي” بلينكن كما قال هو نفسه، لدول مصر والسعودية وقطر والأردن وغيرها من الدول وتوطين الباقين في الأراضي التي يقومون فيها، مقابل مليارات الدولارات التي سيتم انفاقها من خزائن الدول العربية المطبعة أو غيرها من الدول التي تجد نفسها مضطرة للقبول بهذه الصفقة.

الحرب ما زالت في بداياتها، والصراع الدائر بين أقطاب الحكومة الصهيونية الجديدة وجنرالاتها المتمرسين في القتل والتهجير على مر العقود المنصرمة، ما زالت تدور حول توسيع العملية لتشمل الجوار أو القيام بحرب برية لاجتياح غزة وتنفيذ عملية التهجير للفلسطينيين، ولكن هل سيقدرون على ذلك خاصة وأن الولايات المتحدة الأميركية جاءت بأساطيلها وحاملات طائراتها إلى السواحل القريبة من فلسطين لدعم الكيان الصهيوني؟

القائد السابق للجيش الروسي الثامن والخمسين  اندريه جوروليف يرى إن ” الدبابات الإسرائيلية” التي ترونها حاليا، متواجده في عمق اسرائيل ،ولو اقتربت من حدود غزه ستحرقها طائرات حماس المسيّره، والمعدات الثقيله غير مفيده للجيش الإسرائيلي في بيئة حضريه كهذه .وهذا يعني ان الجيش الاسرائيلي سيخوض حرب عصابات وسيتكبد خسائر فادحه جدا.

وعن الولايات المتحده التي احضرت حاملة طائراتها ضد حماس سيكون اسوأ كابوس يمر على أمريكا. صحيح حاليا هناك صمت، لكن تدخل الولايات المتحده يعني تدخل الدول الكبرى الكبيره لموازنة القوى، وستتعرض حكومات الدول العربيه لضغوطات شعبيه هائله ان لم توازن القوى، وسيصبح وجود دوله اسرائيل في الشرق الاوسط في خطر حقيقي …وان اشتعلت النيران في الشرق الأوسط لن يبقى هناك شيئ اسمه اسرائيل.

الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين يقول إن هناك معلومات تفيد بوجود خلافات في مجلس الوزراء الإسرائيلي حول هذه القضية، لكن على الأرجح أن الولايات المتحدة، من خلال قياس رد فعل العالم الإسلامي على بداية الإبادة الجماعية المنهجية للفلسطينيين، تسجل مخاطر التصعيد غير المقبولة لمصالحها الحيوية، فأميركا لن تحصل على أي شيء على الإطلاق من عملية برية، ومن الممكن أن تشعل حرباً عالمية على أي حال. لقد حدث بالفعل التوحيد السريع للعالم الإسلامي على منصة مناهضة لأميركا (بسبب الدعم الكامل لإسرائيل)، الأمر الذي أدى إلى تغيير جذري في الظروف التي أدت إلى اندلاع صراع عالمي محتمل. إن بدء العملية البرية من شأنه أن يجعل الوضع لا رجعة فيه ،ولا يمكن السيطرة عليه، ويمكن الافتراض أن الآراء القطبية حول هذه المسألة قد تطورت ليس فقط في إسرائيل، بل في الولايات المتحدة أيضًا.

لكن يبقى الجواب الحقيقي للميدان في  كل ما ورد أعلاه، فنتائج الحرب على الأرض هي التي ستحدد من الرابح ومن المهزوم، وإن كانت “إسرائيل” قد تعرضت لهزيمة نكراء لا تستطيع ان تغسل عارها مهما امتد زمنها، ومن الواضح أيضاً أن نتائج الميدان ستحدد مصير الجبهات الأخرى إذا ما فتحت على مصراعيها. فوزير الخارجية الإيراني قال إن “الوقت للحلول السياسية بدأ ينفذ” وعلى أصحاب القرار المبادرة إلى وقف التصعيد الصهيوني، وهذا يعني أن احتمالات التدخل الإيراني إن كان مباشرة او من خلال حلفائها في المنطقة واردة في أي وقت يسمح لها بذلك.

أما عن الجبهة اللبنانية الجنوبية فلا يخفى على أحد أنها بدأت منذ اليوم الأول للعدوان على قطاع غزة ،والعمليات التي قامت بها المقاومة الإسلامية في مزارع شبعا خير دليل على ذلك، وما استمرار العمليات وتصاعدها من يوم إلى أخر نتيجة الاستفزازات “الإسرائيلية” واعتداءاتها على المدنيين والصحافيين (وآخرها استشهاد المصور في وكالة رويترز عصام العبدالله وإصابة عدد آخر من الصحافيين ما زالوا يتلقون العلاج) سيرفع من وتيرة الرد والرد المباشر الى مستوى الحرب فيما لو استمرت على هذا المنوال.

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، قال: “يجب أن نعترف بصدق وألم ورؤوسنا منحنية بأننا فشلنا في الحفاظ على “سلامة الإسرائيليين”، ولم ننجح في الوفاء بالعقد غير المكتوب بين الحكومة وبينهم”. وبإذن الله هذا ما ستعترف به بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية بعد تظهير النتائج الحقيقية لـ “طوفان الأقصى” وما سطره وسيسطره المقاومون في محور المقاومة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى