حروبسياسة

نتنياهو “الوسيط” بين حماس ومتطرفي حكومته:من يقنعه “بلا جدوى” الحرب؟ (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

من الواضح ان قمة باريس الاستخبارية وبدفع من الادارة الامريكية، أفلحت في محاولة تفكيك ازمة تبادل الاسرى وارتباطها بوقف النار عن طريق وضع خطة المراحل.

وعلى الرغم من ان خطة المراحل تتحدث تفصيليا عن المرحلة الاولى وتترك تفاصيل المرحلتين التاليتين لمفاوضات ستجري لاحقا على أمل ان تسهم هدنة المرحلة الاولى في اقناع الطرفين بلا جدوى الحرب ،الا ان ذلك لم يقنع على ما يبدو الطرفين بلا جدوى مواصلة الحرب . ورغم ان من السهل تحميل الضحية، اي الطرف الفلسطيني ذنب استمرار الحرب كما سبق لاميركا ان فعلت مرارا ، الا ان الحقيقة تشهد على أن الذنب يقع على اسرائيل وحكومتها اولا وقبل اي طرف آخر.

وتكفي هنا الاشارة الى حقيقة ان مسىؤولين اسرائيليين وامريكيين وأجانب وعربا يقرون بأن لنتنياهو مصلحة شخصية في إدامة الحرب واستمرارها، وأن توقف الحرب يعني أن على نتنياهو أن يضع رأسه تحت المقصلة، ليس بسبب الفشل يوم ٧ اكتوبر وحسب، وانما اصلا بسبب ما يسمى ب” المفهوم” الذي صاغه نتنياهو، وهو ان الابقاء على الإنقسام الفلسطيني يتيح لاسرائيل تجنب الاضطرار لقبول تسوية سياسية. ولكن ايضا ثمة من يعتقد ان نتنياهو فشل في ادارة الحرب، وان وضع هدفين متناقضين لها ساهم في اطالة أمد الحرب لدرجة باتت هذه الحرب تهدد اسس ومستقبل الكيان الصهيوني ذاته.

 وبعيدا عن التحليلات التي تطرح هنا وهناك لاحظت صحيفة “هآرتس” ان الوسيط الحقيقي في الصراع ليس قطر ومصر، وانما نتنياهو الذي يتوسط بين حماس ووزرائه المتطرفين امثال سموتريتش وبن جفير. ولكن من الجائز اكثر ان هذه ” الوساطة” تعبر عن موقف حقيقي لنتنياهو هو اقرب الى سموتريتش وبن جفير. يشهد على ذلك سماحه لوزرائه بالمشاركة في ” مؤتمر الانتصار” الذي دعا الى اعادة الاستيطان في قطاع غزة، وهو المؤتمر الذي أثار عاصفة  احتجاج دولية.

في كل حال وعودة الى خطة المراحل لتبادل الاسرى. ما إن جرى تسريب بعض تفاصيلها حتى قامت الدنيا ولم تقعد في حكومة نتنياهو. وانطلقت التهديدات بتفكيك الحكومة من سموتريتش وبن جفير. فالمسألة في نظر المتطرفين لا جدال فيها: إما نحن واما هم.

وهذا ما دعا نتنياهو لتوضيح موقفه وأين: في الكلية الدينية شبه العسكرية في مستوطنة “عاليه” في الضفة الغربية. وهذه الكلية تمثل طليعة العسكريين المتدينين في الجيش الاسرائيلي. فماذا قال لهم نتنياهو أمس: إن “صفقة غير شرعية”، على حد تعبيره، ستؤدي إلى الإطاحة بالحكومة . والآن تعهد نتنياهو بعدم إطلاق سراح آلاف الإرهابيين.

 

وقال  “هذه ليست جولة أخرى، ولا تبادل ضربات آخر، وليست عملية أخرى – نصر كامل”. “ليس أقل من ذلك. أنا ملتزم بها، ومقاتلونا ملتزمون بها، والأغلبية المطلقة من الشعب ملتزمة بها. ولن نرضى بأقل من النصر الشامل”.

 

وأضاف: “أسمع تصريحات عن كل أنواع الصفقات، لذلك أريد أن أوضح: لن ننهي هذه الحرب بأقل من تحقيق جميع أهدافها”. “وهذا يعني القضاء على حماس، وعودة جميع المختطفين لدينا، والوعد بأن غزة لن تشكل بعد الآن تهديدا لإسرائيل. لن نخرج جيش الدفاع الإسرائيلي من قطاع غزة ولن نطلق سراح آلاف الإرهابيين. لن يحدث أي من هذا. ماذا سيحدث؟ النصر المطلق.”

والحديث عن آلاف الاسرى الفلسطينيبن جاء في ظل تقارير افادت بانه سيتم تحرير ١٠٠ الى ٢٠٠ اسير فلسطيني مقابل كل اسير اسرائيلي في المرحلة الاولى والتي تشمل كبار السن والمجندات والمرضى وعددهم ما بين ٣٥ الى ٤٠ اسيرا.

  وكان وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير قد وصف الصفقة التي تجري بلورتها بأنها “صفقة غير شرعية”، على حد تعبيره، ستؤدي إلى الإطاحة بالحكومة – والآن تعهد نتنياهو بعدم إطلاق سراح آلاف الإرهابيين.

 

وقال أرييل المالح، رئيس مستوطنة عاليه الذي شارك في اللقاء مع نتنياهو: “إلى جانب شعب إسرائيل بأكمله، فإن سكان عاليه يقدمون لك وللحكومة ظهورهم للاستمرار حتى النصر. وأي توقف في المنتصف سيعتبره العدو بمثابة انتصار علينا واستسلاما من جانبنا. الثمن المأخوذ منا غال جدا، لكن إذا لم نكمل العمل لا قدر الله سندفع أثمانا باهظة وكبيرة”.

 وخارج الاجتماع، تظاهر الأهالي رافعين لافتات كتب عليها “كفى للمساعدات الإنسانية” و” إطلاق سراح الإرهابيين = انتصار لحماس”.

وكان رئيس المعارضة يائير لابيد قد أعلن في وقت سابق أنه سيمنح الحكومة “شبكة أمان” لأي صفقة من شأنها أن تعيد المختطفين الـ 136 الذين تحتجزهم حماس إلى وطنهم. وقال هذه الأمور على خلفية إعلان بن جفير الذي هدد بحل الحكومة إذا كان الاتفاق المزمع توقيعه “فاسدا”.

 

في الواقع، هذه رسالة من لابيد إلى نتنياهو، مفادها أنه مستعد للدخول في الحكومة للمساعدة في تمرير الصفقة – والبقاء لفترة محدودة. وتقول مصادر في يش عتيد إن الأمر لا يتعلق بالفضل غير المحدود لنتنياهو، بل العضوية المؤقتة في الحكومة بدلاً من بن جفير للتغلب على تهديدات رئيس عوتسما يهوديت.

 

تجدر الاشاة الى أن المتطرفين في حكومة نتنياهو عمدوا الى تحريك اعضاء الكنيست لاثارة ضجيج داخل الكنيست ضد الصفقة. وطالب اعضاء من الكنيست لجنة الخارجية والامن باجراء نقاش حول الصفقة قبل اقرارها من الحكومة في محاولة لمنع اقرارها.

ومعروف ان الخطوط العامة للصفقة تبلورت بضغط امريكي ما يجعل رفضها من جانب اسرائيل عرضة لتوتير العلاقات اكثر مع حكومة نتنياهو ،خصوصا اذا تبين أن العائق والمعرقل هم بن جفير وسموتريتش وانصارهما في الحكومة والكنيست. كما ان ذلك يخلق هوة بين موقفي المؤسستين السياسية والعسكرية في اسرائيل ويفاقم الخلافات القائمة بينهما اصلا.

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى