رأي

متى تستفيق الأمة من سباتها ؟(جهاد سعد)  

 

بقلم د. جهاد سعد

في كل يوم يتكشف هزال الكيان الصهيوني وهشاشة بنيته الداخلية، وتقول التحقيقات الصهيونية ان جنود لواء غولاني فروا كالفئران أمام مجموعة صلبة من مجاهدي حماس على شاطىء البحر، ومع كل يوم يظهر سخف الولايات المتحدة الأميركية وهمجيتها التي أكلت نظاما دوليا بعد الحرب العالمية الثانية بكل أقنعته القانونية ومؤسساته عندما شعرت بالضعف وكأن القوانين الدولية الإنسانية آلهة من تمر أكلتها الوثنية التكنولوجية المعاصرة.

يبعدنا الإعلام العربي الصهيوني عن الوقائع ويبيعنا جرعة يومية من الأوهام ، ألا من عيون ترى العالم والغرب والكيان الصهيوني وأميركا على حقيقتهم؟ ألا من بصائر تستكشف عناصر القوة في هذه الأمة التي تصور على أنها بلا حول ولا قوة؟ إلى هذه الدرجة يهيمن علينا الغباء العام ويغذي شعوراً كاذبا بالهزيمة وكأن الأمر قد فرغ منه؟ ..

لقد كنا بحاجة إلى فتح الحدود المصرية والاردنية مع جبهة المساندة لنضع لمجزرة الإبادة حدا، ولم تبق هذه الحدود مقفلة إلا بسبب الأوهام، أصبحت الحدود سدود يغذيها وهم الضعف وانعدام الحيلة. هل صدقتم أن هذه الأنظمة التي تحمي الكيان قضاء وقدرا لا سبيل لتغييره ؟ هل أدمنا لقمة العيش المغمسة بالمذلة ؟

يا أيها المسلم، أقفل التلفاز وافتح القرآن الكريم، ويا أيها المسيحي أقفل التلفاز وافتح الإنجيل. ويا أيها الإنسان شاهد الوقائع وحكم فطرتك السليمة وضميرك الحي.. وقل يا صاحب القرآن بلسان العمل : “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم.” .وقل يا صاحب الإنجيل : “يا أولاد الأفاعي تصفون البعوضة وتبلعون الجمل.. هذا بيت الرب مكانا للعبادة جعلتموه مغارة للصوص”، وقل يا صاحب الإنسانية : البشر في هذه المعركة هو الفلسطيني الذي يقاتل دفاعا عن أرضه وحقه والحيوان المتوحش هو الصهيوني … والإنسان دائما ينتصر على الحيوان.

يا أحرار الأمة ويا أحرار العالم: الموت في حياتكم مقهورين والحياة في موتكم قاهرين. هذه هي ثقافة الحياة وإلا فإن الإنسان صاحب ثقافة العيش والسلامة كالبهيمة : همها علفها وشغلها تقممها تكرش من أعلافها وتلهو عما يراد بها…

ألا لعنة الله على من يقول الواقعية تقضي أن نسالم، فالواقع يقول أننا ملياران والصهاينة 7 ملايين، والواقع يقول أن شتاء الصواريخ الموجودة الآن عند العرب يقضي على الحثالة بدقائق، والواقع يقول أننا لو زحفنا من كل حدب وصوب سندهسهم ولو كنا حفاة… والواقع يقول أن فلسطين تحتاج إلى ثورة في الضفة توقف تصفية طول كرم وجنين وبقية المدن الفلسطينية ولو كلفت آلاف الشهداء.. والواقع يقول إن زعزعة الأنظمة العربية ستخيف أميركا وإسرائيل، والواقع يقول أن بإمكان الأمة أن لا تدع لأي شركة أميركية موطىء قدم على أرض عربية أو إسلامية… والواقع يقول أن ديمقراطية الغرب وهم زائف تكشفه احتجاجات أصحاب الضمائر الحية في الغرب. والواقع يقول أن علماء السلاطين بلا دين، وأن مفتي الهزيمة هو الشيطان واعوانه ، والواقع يقول أننا قادرون على استخدام سلاح المقاطعة بفعالية تحرم الغرب من أسواق المسلمين…

إن تعميق أزمة أميركا الإقتصادية يحتاج إلى تحويل الغضب إلى مؤسسة ، ليس الكل قادر على حمل السلاح ولكن الكل قادر على تحويل سلوكه اليومي إلى سلاح. فلو اجتمع من الأمة مليون مقاتل فهذا أكثر من كاف لتحرير فلسطين والشرق والعالم، ولكن تحريرنا من أوهام الضعف والتبعية يحتاج إلى المليارين.

ألا ترون ما يحدث في اليمن العزيز، وكيف أن حاملات الطائرات تفر من هجمة بأسلحة صاروخية وبضعة مسيرات، أليس مفتاح إضعاف أميركا هو قرار المواجهة من أمة حية ، أم أن الله سبحانه ليس في حسابات التحليل السياسي: “الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا” كانت تحيرني هذه الآية الكريمة فهي لا تقول السنتهم بل أعينهم ، ثم فهمت أن الذي ينظر إلى وقائع العالم ويحلل وكأن الله غير موجود، هو فعلا قد ابتلي بهذا البلاء عيونه وبصيرته السياسية في غطاء عن ذكر الله سبحانه والله عزوجل ليس في الحساب ولا المعادلات تحت عنوان “الواقعية” ، هذا والواقع يقول أن الله سبحانه هو الحق والحقيقة والباقي ظلال .. ألم تر إلى ربك كيف مد الظل… والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين.

فانهض يا أخي من كبوة الوهم ، واشحن عناصر القوة ، وتوكل على الحي الذي لا يموت، وقل : “إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين وبذلك أمرت وانا من المسلمين” واصرخ مع السيد المسيح : “مجانا أخذتم مجانا تعطون”. ولا تترك غزة يتيمة ولا تحولها من ثورة كريمة ومقاومة شريفة إلى مجرد مأساة. ولا تدمن المشاهدة كما تريد الفضائيات العربية المتصهينة بل ابحث عن دورك في المشاركة من الكلمة الحرة، إلى المقاطعة الفاعلة إلى السلاح، دع الرعب يدخل إلى قلوبهم، وحول بيانات اقتصادهم إلى الأحمر، دعهم يتمترسون حول شاشاتهم المظلمة ويشاهدون اقتصادهم يهوي إلى جهنم بشرط أن تهجر شاشات العهر العربي والصهيوني وتخرج إلى فضاء إنسانيتك. فلتفقد الشركات الغربية شعورها بالأمان الذي يفتقده أطفالنا اليوم، والرعب إذا دخل قلوبهم يهزمها لأنها فارغة من الله سبحانه، أما أنت فقل مع الحسين عليه السلام: والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد…. إلهي ما الذي فقد من وجدك وما الذي وجد من فقدك .

ولا تقل أبدا : لك الله يا غزة ، فقد قال لك الله: قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى