دولياتسياسة

تعددت الاشكال والهدف واحد:لماذا كازاخستان؟(طلال الإمام)

طلال الامام / ستوكهولم

لا يمكن النظر الى ما يجري في كازاخستان اليوم من زاوية واحدة. هناك بدون شك عوامل داخلية للاحتجاج وهذه العوامل ارتكزت عليها قوى خارجية لها اهداف جيو سياسية. كما يمكن  اعتبار ذلك أنه يأتي وفق التوجه الأمريكي لوسط آسيا والتركيز على دول مايسمى رابطة الدول المستقلة من اجل اضعافه وبالتالي اضعاف روسيا …

ان القفز فوق الاسباب الداخلية للواقع المعيشي للشعب الكازاخي، وتفسير الامر وحصره بالعامل الخارجي فقط، هو ليس فقط مضر بل ومدمر . هناك من يقول ان  القوى المتطرفة تتمدد منذ فترة تحت أعين السلطة الكازاخية ،وحتما تستغل الصعوبات المعيشية وتجهز نفسها لحين تدق الساعة ويبدو انها جاءت ، لذلك شهدنا الانفجار الشعبي المفاجىء ظاهرياً  منذ يومين .

ان حجم الاحتجاج الشعبي  والتدمير الممنهج لمؤسسات الدولة لايمكن ان يكون عفويا . حتما هناك من هيأ  له ويوجهه منذ فترة مستغلا الظروف المعيشية وتمدد التيارات الاسلامية المتطرفة المدعومة خارجيا .

تتمتع كازاخستان  بموقع جغرافي واستراتيجي، فهي تقع على طرق امدادات  الغاز الدولية ،وتعد مركز توزيع لخطوط الطاقة وخاصة خط أنابيب باكو- تبيليسي جيهان BTC ،الذي ينطلق من تركمانستان مروراً بأوزبكستان عبر كازاخستان، ثم بحر قزوين و أذربيجان، ثم يتجه  نحو جورجيا وصولاً إلى تركيا، ليندمج مع خط “نابكو” الذي يغذي أوروبا بالغاز .

 وهذا الوضع الاستراتيجي يجعل الحلم الامريكي القديم الجديد بمحاصرة روسيا وتأمين تدفق الغاز  لاستمرار السيطرة الامريكية على منابع الطاقة في العالم والذي يعني حتما سيطرة سياسية على الدول المنتجة والمستهلكة للغاز  …

 ان هذا الوضع المتفجرالسريع والمرافق لانفلات امني وعمليات تخريب ممتلكات في كازخستان قد يتبعه توسع الاحتجاجات في عدد من الدول الاخرى ..

 لقد شهدت كازاخستان عمليات حرق وتخريب بمشهد يحاكي ويذكر بالاحداث التي شهدتها البلدان التي مر عليها مايسمى “الربيع “العربي ، اذ قام المتظاهرون بالهجوم على  المباني الحكومية وحرقها كما وقتلوا عددا من افراد الشرطة ، الى جانب ذلك تم مهاجمة المطار ووقف حركة الملاحة تحت شعارات  مطالب معيشية .

تمتد حدود كازاخستان  مع روسيا لحوالي  7600  كم ، و من الصعب السيطرة عليها .وفي حال تم تحقيق الاهداف  الجيوسياسية في كازاخستان ،فإن قيرغيزستان وطاجيكستان واوزبكستان ستكون في خطر وستنتقل اليها الاحتجاجات ،وهي العمق الاستراتيجي لروسيا …

السؤال هل ستسمح روسيا ودول رابطة الدول المستقلة المحيطة بكازاخستان بموقف المتفرج مما يحدث والنيران تقترب منها ؟

 لا نعتقد  ذلك.ونتمنى ان يسيطر العقل ويتم حل الامور بسرعة في كازاخستان  لصالح البلد وجيرانه وقطع الطريق وبحزم على استغلال جميع الاسباب الداخلية والخارجية التي ادت له .

 اخيرا، و رغم البعد الجغرافي لدول منطقتنا عن كازاخستان غير ان الكثير مما قد يحدث يؤثر باشكال مختلفة علينا ، من هنا نتمنى ان يخرج هذا البلد من ازمته بسرعة وبأقل الخسائر ،لصالح شعبه وشعوب المنطقة وجميع القوى المحبة للسلم  والاستقرار في العالم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى