رأي

لأنّنا في الوقت المستقطع …في الأزمة الأزْماء يُفْتَقَدُ الأرنب !(حيان حيدر)

                                                                         

بقلم حيّان سليم حيدر – الحوار نيوز

     إذن هي سنة الأرنب (*)، بعد التلميح بأنّنا في عصر صيني التوجّهات.

     والأرنب، بِـِ”جيناته” وبطبيعته الفطرية، مسجّل على قيد نفوس “الشاطر اللبناني”.  فهو يبرع في حفر الجحور، المسمّاة أنفاق (والنِفاق معًا).  وفي مهمّته هذه، تراه كلّما لاح له باب خروجٍ في أفق النفق… حفر نفقًا أعمق، أبعد، أظلم.

     والأرنب رفيق درب تقليدي لحيوان آخر موْسوم لبنانيًّا بالرقم 95.  هو صديق السلحفاة، تلك المادة الدستورية، الحيّة أبدًا، المؤقّتة، البطيئة السير والمصير، بطء إنسياب الدهر.

     والأرنب كالورد، جميل، مهضوم، لكنّه لا يُعمِّر أكثر من “فسحة صباح”، على قول الفرنسية: L’espace d’un matin.  هو يحفر أثره راكضًا، إنطلاقًا من بدايات مئوية لبنان، تاركًا للسلحفاة مهمّة إكمالها عملًا بمنطق “إنّ طول الطريق ليس عذرًا للتخلّف عن المسير”.

     وما أبدع الأرنب بالنطّ.  وفي “خلفية” أرجله آلة النطّ، من زعيم إلى زعيم، ومن موقف إلى موقف، من حزب إلى حزب، ومن مستعْبِد إلى مستعْبِد، من تعميم إلى تعميم، ومن منصّة إلى منصّة، من جحر إلى جحر… ودائمًا، وقبل أن يرتطم بالقعر، يلتفت إلى قعر أعمق، أسحق، أهْوَل، ينطّ إليه.

     ومن دون مناسبة، هل سمعتم عن، أو هل تذوّقتم، الكبّة الأرنبية؟  وهل تساءلتم لماذا ليس فيها الأرنب؟  وهل، يا تُرى، هذا نموذج لزيف أمور اللبناني… في كلّ شيء؟  وهل لمقولة “أفواه وأرانب” علاقة بالأمر؟

     لهذه الأسباب مجموعة نقول: الله يسترنا من سنة الأرنب !

     والمعروف أنّ الأرانب تستمرّ في الإنجاب لمدة 4 سنوات، ممّا يذكّرنا بمدة مجلس ما؟  أمّا مدة الحمل فهي 31 يومًا تلد بعدها من 1 إلى 12 أرنبًا، وهي أرقام تذكّر بأحجام بعض الكتل والجماعات.  ومن الأشياء الواردة في دراسة المقارنة هذه والتي تذكرنا بأشباه لها، أنّ الأرنب حيوان إجتماعي، تصل حركة الفك عنده إلى ماية حركة في الدقيقة وأسنانه لا تتوقّف عن النمو، له قوائم خلفية طويلة وقويّة تمكّنه من الهروب في أصعب الظروف، كما وله آذان كبيرة وحاسة شمّ فارقة.  والأرنب يفضّل الطعم الحلو لكنّه يتحمّل الطعم المرّ.  والأرانب ليست موسمية التجانس وليست جيّدة الذاكرة.  وإلى جانب اللحم والفراء، فهناك أرانب للزينة، ويكثر ما تعنينا هذه الأخيرة.  عجيبة هذه الأوصاف المشتركة !

     وفي لبنان، يُعْتَبر الأرنب مفتاح الفرج… عندما يخرج من آخر الكُمّ، من دون الإهتمام بما وراء الأكمة!

     ومن دون إستدراك زلّة المغالاة أقول أنّ الأرنب اللبناني يترنّح، متفائلًا أبدًا، على حبل الإنكار، من مصيبة إلى مصيبة، من كارثة إلى كارثة والتي يعالجها بإجراءات من نوع: “أصدرت الهيئة (الأرنبية) العليا اليوم القرار القاضي بالبدء الفوري بوضع مسودة مشروع ورقة متعلقة بتشكيل لجنة خاصة لدراسة حيثيات جميع متطلبات آليات العمل لإعداد جدول عملي دقيق لاستصدار مفكرة توضح الأطر العامة بتحديد سبل إنشاء هيئة معنية بحلّ جميع المعوقات التي تعرقل عملية تذليل العقبات المرتبطة بإعداد مذكرة تحدّد المبادىء اللازمة لإطلاق عملية تداول كلّ المسائل المتمحورة حول القضايا المرتكزة على الحلول المنبثقة عن المقررات السابقة.”

     نعم.  كلّ واحدة من الكلمات المذكورة هنا كُتِبَت بين “نطّة” من جحر هنا و”نطّة” إلى جحر هناك.

     والأرنب لا تحدّه الخطوط.  فهو لا يتوقّف عند خطّ أحمر، ولا يهاب خطّ النار، وغير معني بخطّ الفقر.  وعلى الرغم من أنّه سويعاتي، هو لا “يلعن” الساعة، تلك المادة الخلافية الميثاقية اللبنانية الجديدة.  هو يلهو كلّ الوقت، يمضي زمانه بكلّ موضوعية، غير آبهٍ لساعاته الأخيرة، مثل اللبناني.

     ونحن، إغراقًا في البلاهة، ننتظر الإنتفاضة الخلاقة معتقدين أنّ خلاصنا سيكون في سنة الأرنب، من طريق ترنيم كلمات أغنية الصغار تلك: “أرنب هيدا شاطر ومهذّب… … لمّا بِيِلْعَب”. 

     يا  فرحتنا !

     وتتساءلون لماذا إعتمد النصّ أسلوب النطّ من موضوع إلى آخر عشوائيًّا؟  ولو؟؟  هي سمة الأرنب، سنة الأرنب.  ولزيادة التوضيح، إقرأ، في الشرح أدناه، ما كان يُفْتَرَض أن يرمز إليه الأرنب.

     وأسأل: هل يدفع عنّا هذا كلّه غائلة الغد؟

     لأختم: الله يستر…

بيروت، في 28 آذار 2023م.                                                                     

   مواطن مهذّب وليس شاطر

_______

 (*) يستقبل الصينيّون السنة القمرية الجديدة في 22 كانون الثاني (يناير). 2023 هو عام الأرنب الذي يرمز إلى طول العمر والإيجابية والسعادة والذكاء والحذر والبراعة وحماية النفس.  والأرنب يمثّل بداية جديدة وتجديدًا للصحة الجيّدة والسعادة والثروة.  تُقدَّم رقصة التنين الشهيرة فيما يزدان كل شيء باللون الأحمر.  ولهذا علاقة بأسطورة فولكلورية صينية حول وحش كبير هاجم بلدة.  حاول القرويون القضاء عليه بالأصوات العالية والزينة الحمراء.  ولإبقائه بعيدا، يكررون الشيء نفسه سنويًا.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى