رأي

لبنان يقتربُ من حلّينْ : حسمْ الرئاسة وترسيم الحدود(جواد الهنداوي)

 

 د. جواد الهنداوي*  – خاص الحوار نيوز

 

          تدركُ قيادات الاحزاب السياسية ، وبنسب متفاوتة من الادراك ، بوصول لبنان ، الدولة و الشعب ومَنْ خلفهما عربياً واقليمياً و دولياً ، الى حالة ” التُخمة ” من الازمات ، و الى حافة الانهيار، وهو( واقصد لبنان ) بحاجة الى حلول عاجلة وانفراجات .

         مِنْ مؤشرات الادراك المزعوم ؛ الحديث عن لقاء مُرتقب بين السيد جنبلاط والامين العام لحزب الله السيد نصر الله ، وكذلك نبرة الخطابات و التصريحات ،التي تتجه نحو التهدئة وليس التصعيد ، نُضيف الى مؤشرات الادراك شبه التوافق على استمرار السيد ميقاتي في رئاسة الحكومة المقبلة وبذات التشكيلة الوزارية .

     دولتان مهتمتان بملف الرئاسة وهما المملكة العربية السعودية و فرنسا ،اي ملف الرئاسة هو بين شقيق و امٌ حنون . وهذا ما تّمَ تداوله من قبل اوساط دبلوماسيّة اوروبية مهتمه ، وكشفت عن اتصالات واجتماعات في باريس بين مسؤولين ، من المملكة ومن فرنسا ، معنيين في الملف اللبناني .

    طرحتْ فرنسا ، خلال الاتصالات و الاجتماعات مع ممثلي المملكة ، اسم السيد سليمان فرنجيه ، وهو الاسم الذي كان متداولاً في سباق الرئاسة قبل انتخاب الرئيس الحالي ميشيل عون . ارادَ الفرنسيون استمزاج رأي المملكة وليس الإنابة عن اللبنانيين في اختيار مرشحهم، والهدف ،بطبيعة الحال ،تنسيق الارادات من اجل مساعدة اللبنانيين في تذليل الصعاب والاسراع في اختيار مرشحهم ، وعدم الوصول الى حالة ” الفراغ ” الرئاسي .

      كانَ رّدْ ممثلي المملكة بأن مصلحة لبنان تقتضي أنّ يخلف الرئيس ميشيل عون قائد الجيش السيد جوزيف عون ، وهو مسيحي ماروني ايضاً ، وليس شخصيّة جدّلية ،ويمكن ان يحظى  بقبول جميع الاطراف .

    اتفق الطرفان السعودي و الفرنسي على ان امر حسم الرئاسة متروك الى اتفاق سياسي لبناني .

    نعتقد بأنَّ السيد جوزيف عون سيخلف السيد ميشيل عون ، ونعتقد بانه سيحظى بقبول جميع الاطراف السياسية ، وضمنهم حزب الله . لن يضع الحزب العصا في عجلة الترشيح للرئاسة ،رغم رغبة الحزب بمجئ السيد فرنجيّة . عين الحزب و اهتمام الحزب على ملف ترسيم الحدود البحرية اكثر من اهتمامه في ملف رئاسة الجمهورية .

ملف الحدود هو ازمة مصيرية سياسياً و اقتصادياً ، ومع عدو . وملف الرئاسة هو حّلْ لمدة وبين شركاء في الوطن . يدركُ الحزب ، على مايبدو ، بأن ما سيحققّه في ملف الحدود  مع اسرائيل سيكون انتصارا ، وما يقدّمه في ملف الرئاسة سيكون تفاهما ،تقتضيه المصلحة الوطنية و السلم الاهلي ، وسيكون مفتاحا لتواصل عربي واقليمي و دولي مع لبنان . ولبنان اليوم هو في امّسْ الحاجة لهذا التواصل .

      الحزب في وضع سياسي وعسكري مُريح ، و قادر على  المبادرة في ابداء التسهيلات ( ولا اقول التنازلات ) ، لأنَّ ما يُقّدم من اجل لبنان وما يستحقه لبنان هي تضحيات وتضحيات وليس تنازلات ، ونتمنى من الجميع( فرقاء لبنانيين ،عربا ،اقليميين ، امريكا ،فرنسا )  ادراك ما وصلَ اليه الوضع في لبنان .

     ثلاثة اطراف تتولى حسم ملف ترسيم الحدود البحرية : اميركا وبالنيابة عن اسرائيل ورئاسة الجمهورية اللبنانية ، وعلى ضوء الخطوط الحمر التي وضعها حزب الله ، والتي تتلخص بأمتناع اسرائيل ( وتحت التهديد ) من استخراج الغاز مالم يتم ترسيم الحدود وضمان حقوق لبنان .

    وتشير جميع الانباء والتوقعّات بقرب الوصول الى اتفاق يُرضي الطرف اللبناني ، و مشكلة اسرائيل في هذا الاتفاق هي أنْ لا يُجيّر كأنتصار لحزب الله ،لاسيما امام الرأي العام الاسرائيلي .

   عوامل ساهمت في الاتفاق المُرتقب اعلانه : جديّة الوساطة الاميركية و جديّة التهديدات التي وجهها حزب الله الى اسرائيل ،كذلك حرص الجميع (لبنان و اسرائيل واوربا و اميركا ) على اتمام الاتفاق من اجل استيراد الغاز ،الذين هم ( اوروبا وامريكا ) في امس الحاجة .

    وقد تستدعي الظروف ان يكون الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية سابقاً للانتخابات الرئاسية في لبنان ، كي نكون في اجواء حلّ يقود الى آخر وليس أزمة تلد أزمة .

    وتجدر ايضاً الملاحظة الى غياب الترابط بين الملف النووي الايراني وبين ازمة ترسيم الحدود البحرية  اللبنانية الفلسطينية ، بين لبنان والكيان المحتل ، حيث ،  تشير التصريحات الرسمية الاوروبية ،بان الاتفاق النووي مع ايران أصبحَ بعيد المنال .

 

*  سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الاوربي للسياسات  و تعزيز القدرات /بروكسل

     

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى