إقتصادنفط

لهذه الاسباب لم ترتفع أسعار النفط(عماد عكوش)

بقلم د. عماد عكوش – الحوار نيوز


شهد سعر برميل النفط تغيرات دراماتيكية غير متوقعة ، في ظل عملية طوفان الاقصى ، حتى بالنسبة للبنك الدولي والذي وضع ثلاثة سيناريوهات محتملة .
يشير السيناريو الأول إلى تراجع الإنتاج بنحو 500 ألف إلى 2 مليون برميل يوميا، بما يدفع الأسعار لمستويات بين 93 إلى 102 دولار للبرميل في الربع الرابع (وهو سيناريو مطابق لأثر الحرب في ليبيا في 2011 على الأسواق) .
بينما السيناريو الثاني (والذي يتماشى لأثر حرب العراق 2003 على أسعار النفط) يفترض خفض إمدادات النفط العالمية بمقدار من 3 إلى 5 ملايين برميل يومياً، ووصول سعر البرميل بين 109 و121 دولاراً.
فيما السيناريو الثالث هو تقليص إمدادات النفط العالمية بمقدار 6 ملايين إلى 8 ملايين برميل يومياً؛ وهذا من شأنه رفع الأسعار إلى 140 و 157 دولاراً للبرميل، أي قفزة تصل إلى 75 بالمئة، قياساً بتأثير الحظر النفطي العربي في 1973 إبان حرب أكتوبر.
كما خالف توقعات ومنظمة أوبك والتي تثبت في تقريرها الشهري، توقعات نمو الطلب العالمي على النفط في 2023 عند 2.4 مليون برميل يوميا، وفي 2024 عند 2.2 مليون برميل يوميا .

فقبل عملية طوفان الاقصى كان سعر برميل النفط الخام الاميركي  حوالي 83 دولار ا ، وعند حدوث العملية تحرك السعر وقفز  الى حدود 90 دولارا ، بعد ذلك عاد الى التراجع رغم التوترات والتي توسعت مع دخول أطراف متعددة في المعركة وان بأشكال مختلفة ، ووصل السعر اليوم الى حوالي 76 دولارا للبرميل ،أي بتراجع بلغت نسبته 8.44 بالمئة قياسا بالسعر قبل بدء العملية ، في حين سجل خام برنت خسائر شهرية بنسبة ‏‏8.3 بالمئة ، فما هي الاسباب التي أدت الى هذا التراجع في الاسعار رغم التوقعات من أطراف عدة ورغم التوترات الجيوسياسية التي حصلت ؟
هناك عوامل كثيرة دفعت بهذا الاتجاه ، منها السياسي ، ومنها الاقتصادي ، ويمكن ان نوجز هذه العوامل بما يلي :
من الناحية السياسية :
– تراجع المخاوف المتعلقة بتوسع الصراع ، فمعظم الاطراف المرتبطة بهذا الصراع صرحت بأنها غير معنية بتوسيعه ، وليس من مصلحتها توسيع هذا الصراع ، ما انعكس على الاسواق بشكل ايجابي .
– تحرك الولايات المتحدة هذا الشهر نحو تخفيف العقوبات عن القطاع النفطي لفنزويلا ، والسماح لها بتصدير أصناف معينة ولدول معينة ، ما يسمح بدخول اكثر من 500 الف برميل يوميا الى السوق .
من الناحية الاقتصادية :
هناك الكثير من العوامل التي أدت الى هذا التراجع منها :
– تقارير تحدثت عن ارتفاع الانتاج الايراني من النفط وتغاضي الولايات المتحدة عن هذا الارتفاع بعد رفض المملكة العربية السعودية لطلب الولايات المتحدة وقف الخفض الطوعي للانتاج والبالغ مليون برميل يوميا، وجرى تمديده حتى نهاية العام الحالي لتهدئة السوق .
– سجلت مخزونات الخام في الولايات المتحدة في الاسبوع المنتهي يوم 27 تشرين اول ارتفاعا بمقدار 774 ألف برميل الأسبوع الماضي إلى 421.9 مليون ، وفقا لمصادر في السوق ونقلا عن أرقام معهد البترول الأميركي.
– استمرار نسب التضخم عند أعلى مستوياتها ولا سيما في بريطانيا 6.7 بالمئة ، استراليا 5.4 بالمئة ، المانيا 4.5 بالمئة ، وهذا بطبيعة الحال سينعكس على حجم الاستهلاك العالمي وبالتالي الطلب على النفط .
– تراجع معدلات النمو في العديد من الدول الصناعية ولا سيما في المانيا 0.3 بالمئة عن الفصل الثالث لعام 2023 ، ايطاليا صفر بالمئة عن الفصل الثالث ، أوروبا ككل 0.1 بالمئة عن الفصل الثالث ، الصين تراجع الى 4.9 بالمئة لشهر ايلول من 6.3 لشهر اب 2023 .
– استمرار معدلات الفوائد للمصارف المركزية على نسبها المرتفعة ما ينعكس على حجم الاستهلاك وحجم الاستثمار .
– تصاعد القلق من الاقتصاد الصيني والتي أتت معظم مؤشراته غير مبشرة ومنها معدلات النمو ، حجم التصدير للخارج ، ومعدلات التضخم . كما تفاقمت الضغوط الانكماشية في الصين في تشرين الأول مع تراجع أسعار المستهلكين إلى ما دون الصفر وتفاقم انخفاض تكاليف الإنتاج، ما زاد التوقعات بأن الاقتصاد يحتاج إلى مزيد من التحفيز لدعم النمو. كما انخفضت أسعار المستهلك بنسبة 0.2 في المائة الشهر الماضي، بعد أن كانت تحوم بالقرب من الصفر في الشهرين السابقين وفقاً لبيانات المكتب الوطني للإحصاء، وهو أقل من متوسط التوقعات في استطلاع «بلومبرغ» للاقتصاديين. وانخفضت أسعار المنتجين للشهر الثالث عشر على التوالي، متراجعة 2.6 في المائة على أساس سنوي، مقابل توقعات الاقتصاديين بانخفاض 2.7 في المائة وبعد انكماش 2.5 في المائة في أيلول ، بحسب ما ذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز».
– زيادة الانتاج الاميريكي وتحقيقه أرقاما قياسية . فقد توقع تقرير شهري لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام 850 ألف برميل يوميا إلى 12.76 مليون في 2023. وأظهرت بيانات الإدارة الصادرة هذا الشهر أن من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الخام 330 ألف برميل يوميا إلى 13.09 مليون في 2024.
– توقع بتراجع الاستهلاك في الولايات المتحدة الاميركية حيث تتوقع إدارة معلومات الطاقة حاليا أن ينخفض إجمالي استهلاك النفط في الولايات المتحدة 300 ألف برميل يوميا هذا العام، في تراجع عن توقعاتها السابقة بزيادة قدرها 100 ألف برميل يوميا.
– ارتفاع حجم الاستثمار في الطاقة البديلة حيث ستتجاوز الاستثمارات العالمية في الطاقة الشمسية في 2023 للمرة الأولى المبالغ المستثمرة في استخراج النفط ، كما ذكرت الخميس وكالة الطاقة الدولية. وقالت الوكالة في تقريرها السنوي المخصص للاستثمارات في مجال الطاقة إن نحو 380 مليار دولار، أي أكثر من مليار دولار يوميا، ستذهب هذا العام إلى الطاقة الشمسية وبشكل أساسي إلى الخلايا الكهروضوئية ما يعزز الاعتماد على الطاقة البديلة .

من المتوقع استمرار مفاعيل هذه العوامل ولا سيما ما يتعلق منها بالطاقة البديلة والتي من المفترض ان تساهم في خفض الاعتماد على الوقود الاحفوري، وبالتالي خفض الطلب على برميل النفط ، لكن بالتأكيد الانعكاس الاكبر سيكون لأسباب سياسة وخاصة ما يتعلق بالعقوبات المفروضة على أكبر المنتجين ولا سيما روسيا ، فنزويلا ، وايران . ان استمرار هذه العقوبات قد يكون عامل دافع باتجاه أعادة ارتفاع الاسعار ،خاصة أذا تم تشديد العقوبات على روسيا الاتحادية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى