كورونا ومصير المؤسسات المتوسطة والصغيرة الحجم في لبنان: مؤشرات وحلول
دانييلا سعد – الحوار نيوز
من نتائج أزمة الركود الاقتصادي العالمية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، انهيار العديد من الشركات،لا سيما المتوسطة والصغيرة الحجم.
هذا الوباء المستجد لم يستثني أي قارة أو أي قطاع من القطاعات الاقتصادية مهما اختلف نوعها وحجمها. ولكن لا بد هنا من التركيز على أكثر المتضررين منه وهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم. ففي لبنان مثلا، لا يخفى على أحد أن الاقتصاد اللبناني يتكون بشكل أساسي من مؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم بحيث تشكل ما يقارب 90% من الشركات في لبنان وتوظف حوالي 50% من اليد العاملة، فهي تشكل ركنا ومحركا رئيسيا لاقتصاد لبنان.
ان هذا النوع من المؤسسات تعاني من أزمة وباء "كورونا" في مختلف دول العالم الا أن الضرر اللاحق بهذه المؤسسات في لبنان أتى مزدوجا فما كان من أصحاب هذه المؤسسات الا مواجهة أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار، القيود المصرفية على السحوبات، انعدام القدرة الشرائية للمستهلك وغيرها.. لتأتي بعدها أزمة الوباء لتفرض قيود الاقفال وحظر التجول ما أدى الى شلل نشاطها ووضعها في مرحلة النزاع من أجل البقاء والاستمرار.
وفي مقابل وقف نشاطاتها الإنتاجية فهي مجبرة على دفع كافة الأكلاف المستحقة من مصاريف إدارية كالرواتب والايجارات… بالإضافة الى المصاريف المالية كدفع استحقاقات الديون والايفاء بالالتزامات سواء تجاه المصارف أو مورديها.
انطلاقا من هنا، عادة ما تبدأ هذه المؤسسات بإجراء مراجعة لموازناتها واستبدالها بموازنة تقشفية لتقليل المصاريف والتي عادة تبدأ بالبند المتعلق بالرواتب فتعمد اما الى تقليصها أو الاستغناء عن خدمات موظفيها.
وبحسب تصريحات مسؤولين بالأمم المتحدة لوكالة رويترز، فإن توقعات خسائر الوظائف العالمية الناجمة عن أزمة وباء كورونا قد تتجاوز 25 مليون نسمة،
وقد قدرت منظمة العمل الدولية (ILO)، أنه بناء على سيناريوهات مختلفة لتأثير الوباء على النمو، فإن النسبة العالمية للعاطلين عن العمل سترتفع بنسبة تتراوح بين 5.3 مليون و 24.7 مليون.
أما بالنسبة في لبنان، وبحسب أرقام الاتحاد العمالي العام فان حوالي 10،000 عامل قد خسر وظيفته في الأشهر الماضية.
عمليا وبالنظر الى الموارد المحدودة التي تمتلكها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، فان الفترة التي يمكن فيها لهذه المؤسسات أن تنجو من صدمة الوضع الاقتصادي الرديء المتزامن مع انتشار وباء "كورونا" فقد تكون مقيدة أكثر منها بالنسبة للشركات الكبرى التي تتمتع بملاءة مالية أكبر. وهنا يكمن خطر الإفلاس وما له من تداعيات مجتمعية.
لم تحتاج حكومات العالم الكثير من الوقت لاستدراك ضرورة دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم فمثلا، سارعت الحكومة الصينية الى اتخاذ العديد من تدابير الدعم المالي التي تهدف إلى تقليل العبء الذي سببته سياسات مكافحة الفيروسات على هذه الشركات. فقدمت تعويضات للسيولة من قبل البنك المركزي وتخفيضات في رسوم الموانئ والخدمات اللوجستية، وكذلك فعلت غيرها من الدول.
أما في لبنان، فقد تقرر منح قروض مصرفية استثنائية بفائدة صفر بالمئة لتسيير أوضاع الشركات والمؤسسات اللبنانية المتضررة من وقف الأعمال بعد قرار الاقفال العام وجاء ذلك بناء على تعميم المصرف المركزي، الا أنه لحين البدء في تنفيذ آلية منح القروض لتمويل تعثر المؤسسات فلا شيء يضمن قدرة صمودها في وجه هذه العاصفة العاتية التي يمر بها الاقتصاد اللبناني.
لا بد للحكومة هنا من تحمل مسؤولياتها اسوة بما تقوم به حكومات الدول الأخرى لجهة إيلاء هذه المؤسسات اهتمام كبير فهل باستطاعة حكومتنا القيام بذلك في ظل الضائقة المالية والاقتصادية التي لم يسبق للبنان أن مر بها من قبل.