إقتصاد

قرش المغتربين الأبيض مدماك لبناء اقتصاد لبنان المستقبل

 


كتب ربيع الأمين رئيس مجلس التنفيذيين اللبنانيين  مقالا نشرته جريدة "السفير" بتاريخ ٦ كانون الأول ٢٠١٦، تحت عنوان "قرش المغتربين الأبيض مدماك لبناء اقتصاد لبنان المستقبل"، قرع فيه جرس الإنذار المبكر لمخاطر إستثمار أموال المصارف اللبنانية وأموال المغتربين ضمنا في أكثر من قطاع ومجال "لا تخدم فكرة بناء إقتصاد حقيقي" ينقذ لبنان من أزمة محتومة.

"الحوارنيوز" تعيد نشر المقال كما نشر في "السفير" للتدليل على مسؤولية الجميع "مؤسسات دستورية وحاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف في بلوغ هذه الأزمة المالية" التي يحاولون اليوم تحميل الجزء الأكبر منها للمودعين كبارا كانوا أم صغارا.
وهذا نص المقال:

مما لا شك فيه أن تحويلات المغتربين اللبنانيين تشكل رديفاً أساسياً ومهماً للاقتصاد اللبناني. وهي قد بلغت ذورتها لتصل إلى عشرة مليارات دولار بحسب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الحفل الذي اقامه على شرفه النائب أنور الخليل في حاصبيا مؤخراً قبل أن تعاود الانخفاض جراء هبوط أسعار البترول الذي أثر على اقتصادات بلدان الاغتراب اللبناني في منطقة الخليج العربي وإفريقيا؛ وبالتالي حكما على تحويلات المقيمين في تلك الدول، إلى جانب تأثير أزمات المنطقة وحروبها.

هنا لا بد من وقفة مع دور هذه التحويلات في دعم الاقتصاد اللبناني؛ فمع الإقرار بأنها ساهمت مساهمة كبرى بالمداخيل العامة، لكن مع الأسف لم تلعب دورها في بناء اقتصاد قوي ومتين. فقد توزعت هذه الاموال على ثلاث قطاعات أساسية:

القطاع المصرفي على هيئة ادخارات. القطاع العقاري (شراء منزل أو أكثر، أو أراضي). القطاع  السياحي إما على هيئة استثمارات صغيرة، أو كسياح مستهلكين.

لكن للمسألة وجه آخر، هو أوضاع المغتربين بشكل عام، وبالأخص في دول الخليج العربي وأفريقيا. وهم إما موظفون أو مستثمرون؛ ففي قلب هذه الأزمة وجد البعض أنفسهم، أمام خسارة وظائفهم أو شركاتهم مضطرين للعودة إلى لبنان، وبدأ آخرون يعانون من تأخر رواتبهم كموظفين، أو تأخر مستحقاتهم لدى الجهات الحكومية أو الخاصة على السواء. 

حالة القلق هذه أوجبت جردة حساب

وبجردة حساب صغيرة نجد أن ثروة هذا المغترب أو ما جناه؛ وبغض النظر عن الحجم  تتوزع على:

القطاع العقاري: منزل أو أكثر، أو شراء قطعة أرض.

القطاع المصرفي: عبر الادخار أو الاستثمار في المنتجات المصرفية.

القطاع السياحي: جزء صغير كاستثمار ببناء مشاريع صغيرة، وجزء أكبر كاستهلاك لدى تمتعهم بقضاء إجازاتهم.

كما أن هناك قلة ممن استثمروا بمشاريع متنوعة.

بالتاكيد، فإن كل ما تقدم لا يؤمن استدامة اقتصادية تكون عونا في حال توقف مصدر رزق العاملين في بلاد الاغتراب.  فمع كون هبوط أسعار النفط أو الأزمات الاقتصادية بشكل عام جزء من دورة الاقتصاد، وحركة السوق؛ إلا أننا وجدنا أمام هذا  التحدي الكبير، أن التخطيط المالي الفردي غير كاف لاستدامة الأعمال. من هنا كان سؤالي لسعادة الحاكم: لو كانت لدينا بيئة اقتصادية سليمة تستقطب جزءاً من تحويلات اللبنانيين كعشرة بالمئة مثلا لاستطعنا ضخ ما لا يقل عن ١٠ مليارات دولار خلال ال ١٥ سنة الماضية؟

بناء  بيئة اقتصادية لجذب رؤوس الاموال يحتاج للتشريعات اللازمة بحسب حاكم المصرف المركزي. وهي مسألة بيد الحكومة ومجلس النواب.

واليوم مع انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية، وتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، فلا بد من إطلاق ورشة تحديث للقوانين مع مجلس النواب بالتعاون مع الرئيس نبيه بري.

ولإطلاق هذه الورشة يجب أن تتلاقى الهيئات الاقتصادية في لبنان مع الهيئات الاغترابية لوضع قوة ضغط وتفعيل حراك يواكب عمل مجلسي الوزراء والنواب.

ولا شك أن دور الاغتراب كبير ويتعاظم. وقد بدأت الدول المتقدمة تنظر إلى القادمين إليها كسفراء تواصل مع بلدانهم الأم. كما أن هناك برامج للأمم المتحدة تشجع المغتربين على إقامة مشاريع في بلدانهم تبقي تواصلهم معها، وتقي من انزلاقهم في قضايا الإرهاب والعمليات المالية غير النظيفة.

اذن، فالكرة تعود إلينا كمغتربين مجتمعين بغض النظر عن البلدان التي  ننتشر فيها، أو تحت أي لواء نعمل؛ سواء بالجامعة الثقافية أو مجالس الأعمال في كافة أصقاع الانتشار.

وإذا كان دون توحيد اللوبي الاغترابي صعوبات، فلا شك أن اتحادنا لمشروع تحديث القوانين الاستثمارية اللبنانية سينقل لبنان من بلد استهلاكي إلى بلد منتج، وبالتالي سيكون قرشنا الأبيض مدماكاً لبناء اقتصاد لبنان المستقبل، حتى نبعد عنا شبح الأيام السوداء.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى