سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: ميقاتي الأوفر حظا للتكليف ..لكن التأليف دونه معوقات

الحوار نيوز – خاص

         قبل 48 ساعة من موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة اللبنانية ،بدا واضحا أن الرئيس نجيب ميقاتي هو الأوفر حظا لهذه المهمة ،اذا لم تطرأ تطورات تؤجل الاستشارات،لكن معوقات التأليف بدأت تذر بقرنها وسط المعلومات المتداولة عن معارضة الكتلتين المسيحيتين الرئيسيتين تكليف ميقاتي .

هذه الأجواء عكستها صحف اليوم بعد ثلاثة أيام من العطلة الصحافية.

  • صحيفة النهار كتبت تقول: اذا كان طبيعيا ان تنشد الأنظار الى الساعات الـ 48 المقبلة كفاصل زمني حاسم لتقرير مصير الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية سياسية بتشكيل الحكومة عقب اعتذار الرئيس سعد الحريري وتفحص ما اذا كان نهج التعطيل الذي دفع بالحريري الى الاعتذار سيمضي قدما ام ان أصحابه بدأوا التراجع عنه، فان هذا الاستحقاق المفصلي على أهميته الساحقة ظل دون مستوى الاستحقاقات المخيفة التي تسحق اللبنانيين في أسوأ ما عاينوه وعايشوه وشهدوه في تاريخهم. يكفي استجماع عناوين الازمات الخانقة التي أطبقت على اللبنانيين في الأيام الأخيرة للاستدلال على ما سيواجهه أي رئيس مكلف واي حكومة أتية جراء تركة مرعبة ومتراكمة من الازمات المالية والاقتصادية أولا، ومن ثم وهنا الأخطر، الازمات المعيشية والخدماتية التي تحولت الى كابوس جاثم على يوميات اللبنانيين. في الأيام الأخيرة، وفي الأيام المقبلة حتما، واذا قيض للبنان بأن يفتح مسار الاستحقاق الحكومي على انفراج موعود طال انتظاره، وبصرف النظر عن اسم الرئيس المكلف وطبيعة الحكومة المحتملة، سيكون العنوان الحصري لاي اختراق حكومي هو انقاذ اللبنانيين من أسوأ ظروف عرفوها في تاريخهم مع اختناقات تبدأ بازمات المحروقات والعتمة وانقطاع التيار الكهربائي وتمر بتبخر سائر أصناف الادوية وإضرابات متواصلة للصيدليات، ولا تنتهي بأخطر الأخطر مع واقع المستشفيات والواقع الصحي الذي بات بذاته جرس الإنذار الأشد رعبا على حياة اللبنانيين في ظل ما بلغه من تدهور في ظل ازمة الإفلاس المالي .

    هذا الهم الذي جثم ويجثم على صدور اللبنانيين بدأ يلامس املا في انفراج موعود مع تنامي المعطيات التي تشير مبدئيا الى ان الاستشارات النيابية الاثنين المقبل لا تزال عند موعدها حتى الساعة، الا في حال طرأت عوامل مفاجئة من النوع الذي سيشكل صدمة للمراهنين الكثر على عدم انقضاء الاثنين المقبل، الا ويكون اسم رئيس الحكومة المكلف قد صار مثبتا في مراسيم التكليف. ومع ذلك بدا من التسرع الجزم بان الاثنين سيشهد انجاز عملية التكليف في ظل المعطيات التي برزت حيال الموقف السلبي للعهد و”تكتل لبنان القوي” من تكليف الرئيس نجيب ميقاتي الذي صار مبدئيا يحظى بغالبية نيابية محسومة لمصلحة تكليفه باستثناء كتلتي “لبنان القوي” (حتى الان) “والجمهورية القوية” وعدد من النواب المستقلين علما ان هذه الحصيلة المبدئية تبقي تكليف ميقاتي في حال حصوله مشوبا بعدم دعم الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين في المجلس .

    الحريري وميقاتي

    وقبل يومين من موعد الاستشارات النيابية، وبينما الكتل تستعد لحسم مواقفها من التسمية تباعا، علمت “النهار” ان لقاء يرجح انعقاده اليوم بين الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي في العاصمة الفرنسية باريس قد يحمل معالم حاسمة لجهة موقف الحريري وكتلة المستقبل من تسمية ميقاتي او البقاء على خيار عدم التسمية علما ان تبني تسمية ميقاتي يبدو الخيار المرجح .

    وافادت معلومات بأن الرئيس الحريري سيعود الاحد الى بيروت، فيما يعود الرئيس ميقاتي اليوم السبت. وتوقعت بان يقوم الحريري بمشاورات واسعة الاحد يتوقع بأن تتوج ببيان عن رؤساء الحكومة السابقين يؤيد ترشيح ميقاتي لرئاسة الحكومة.

    وفي المقابل، افيد ان اجتماعا للهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” يفترض ان يكون عقد امس للبحث في موقفه من الاستشارات وسط مؤشرات الى ميل التيار لاتخاذ قرار بتسمية السفير نواف سلام في الاستشارات. وتحدثت معلومات إعلامية عن ان اجتماعا قد يعقد بين رئيس “التيار الوطني” النائب جبران باسيل وقيادة “حزب الله ” قبل الاثنين، للتشاور والتفاهم حول تسمية الرئيس المكلف بعدما برزت معالم عدم تفاهم بين الحليفين حول تكليف ميقاتي الذي يؤيده “حزب الله” وان الثنائي الشيعي لا يريد حسان دياب ثانيا، ولا يريد ايضا استفزاز الشارع السني، وبالتالي يعتبر ان ميقاتي هو الخيار الافضل اليوم. ولكن ربما لا يعلن باسيل موقف التيار الا في اللحظة الأخيرة وفي يوم الاستشارات .

    الحزب والتيار

    ووفق معلومات “النهار” كانت قد حصلت سلسلة من الاتصالات والمشاورات المفتوحة بين الحزب وباسيل لترتيب رحلة الاستشارات المقبلة مع اعلان الحزب تأييده لميقاتي من دون اي شروط ، لكن باسيل أبلغ حليفه بأنه لا يقبل بتسمية ميقاتي ويرى في تكليفه صورة طبق الاصل عن تجربة الرئيس سعد الحريري . وأوضح باسيل وفق هذه المعلومات بصراحة بأنه لا يتقبل ميقاتي في رئاسة الحكومة وانه من الافضل البحث عن اسماء سنية اخرى يعتبرها أفضل من ميقاتي في هذه المرحلة الى حين انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. وتبدأ خيارات باسيل من السفير نواف سلام الى النائبين فيصل كرامي وفؤاد مخزومي ويبدو انه على استعداد للقبول بأسماء أخرى من خارج النادي السياسي وما يهمه في اختصار هو استبعاد أي من اعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين ورفضه السير بمرشح الحريري.

    وتشير المعلومات الى انه بعد استماع قيادة “حزب الله ” الى وجهة النظر العونية في اليومين الاخيرين عمدت الى رفضها على اساس ان مثل هذه الخيارات لا تساعد في تشكيل الحكومة ومن دون النيل من الاسماء المطروحة التي تربطها علاقات معه مثل كرامي .

    وكان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع اعلن بعد اجتماع كتلة “الجمهورية القوية” في معراب عدم تسميته اي شخصية الاثنين. وقال “اننا كتكتل الجمهورية القوية وقناعة منّا بأنّه من رابع المستحيلات الوصول الى أيّ اصلاح أو تغيير في النهج طالما ان الثنائي عون – حزب الله وحلفاءهما ممسكون بالسلطة، فلن نسمي أحداً في الاستشارات النيابية المقبلة الاثنين”.

    موقف قطري

    و في المواقف الخارجية من الازمة السياسية اللبنانية، برز ما كشفه وزير الخارجية القطرية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بعد لقائه وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن في واشنطن من أنه” بحث مع نظيره الأميركي الأوضاع في أفغانستان وتطورات الاتفاق النووي الإيراني وموضوع لبنان والعراق، إضافة إلى الأوضاع في قطاع غزة وإدخال المساعدات إليها”.

    وحول الملف اللبناني قال وزير الخارجية القطري “لقد بحثنا المساعدات التي تم تقديمها للقوات المسلحة اللبنانية وأيضاً محاولة الدفع نحو استكمال العملية السياسية لتشكيل حكومة مؤقتة على الأقل تقوم بدورها في العمل مع صندوق النقد الدولي والبرنامج الإصلاحي فيها، وللأسف بعد استقالة الرئيس سعد الحريري بدأ الأمل يضعف قليلا”. وأضاف، أن “قطر التي تلعب دوراً في لبنان تدفع نحو تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن حكومة مهام تقوم بإصلاحات واسعة مطلوبة الآن وحتى الانتخابات. والإصلاحات مطلوبة في قطاعات كثيرة والشعب اللبناني عانى كثيراً في فترة الغياب التي مر بها لبنان ونحن نحاول قدر الإمكان مع الأطراف كلها تقديم مصلحة لبنان على أي مصلحة أخرى”.

    لا ملاحقة لابراهيم

    وسط هذه الأجواء برزت تطورات متلاحقة امس في ملف التحقيقات الجارية في انفجار مرفأ بيروت من خلال مثول قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي امام المحقق العدلي وإرجاء الجلسة الى الثاني من آب المقبل . واعلن مكتب الإدعاء في نقابة المحامين في بيروت الخاص بفاجعة 4 آب 2020، في بيان، انه “في ضوء نشر خبر إعلامي يتعلق بحضور قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي أمام حضرة المحقق العدلي يوم الجمعة في 23/7/2021 لحضور جلسة، وبعد التدقيق، تبين لمكتب الإدعاء أن موعد جلسة اليوم لسماع القائد السابق للجيش لم يبلغ من أي من المدعين مسبقا أو من وكلائهم القانونيين، لنفاجأ أن حضرة المحامي العام التمييزي وضع مطالعته، بتاريخ اليوم، بشأن إذن ملاحقة المدير العام للأمن العام، والتي يبدو أنها تذهب بإتجاه إنتزاع صلاحية المحقق العدلي بالملاحقة وتعطيلها .

    يتمسك مكتب الإدعاء بصلاحية المحقق العدلي في هذه القضية ويُتابع كل الخُطوات للسير بالتحقيق العدلي مع أي مشتبه به حتى النهاية مِن دون أية عوائق، وللتصدي لكل محاولات عرقلة مسار العدالة”.

  • وكتبت صحيفة الأخبار تقول: الاسم الأكثر تداولاً للتكليف بتأليف الحكومة الجديدة يوم الاثنين هو رئيس الوزراء السابق، نجيب ميقاتي. هذا في حال لم يتحقّق ما يتحدّث عنه مسؤولون سياسيون من وجود إمكانية – ولو ضئيلة – لتأجيل الاستشارات في قصر بعبدا. أن يكون الاختيار شبه محسومٍ، والشخصية معروفة بعلاقاتها الإقليمية – الدولية وبحيثيتها الشعبية في طرابلس، لا يعني أنّ السرعة والحسم ينسحبان على التكليف. فالعقبات التي أوصلت سعد الحريري إلى الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة لم تُذلل بعد، ومن أبرزها منحى العلاقة بين فريق رئاسة الجمهورية – التيار الوطني الحرّ من جهة، وميقاتي من جهة أخرى. الأخير يعود يوم غدٍ من اليونان، مُتسلحاً بما يعتبره “دعماً غربياً” لترشيحه من العواصم الرئيسية: واشنطن، باريس، مصر… أما السعودية فهي وإن لم “تُبارك” التكليف لرغبتها باستمرار الفراغ الحكومي وعدم إيجاد حلّ للانهيار الحاصل، ولكنّها في الوقت نفسه لم تُشهر الورقة الحمراء بوجه ميقاتي. وفي الداخل، يقف إلى جانبه رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي تواصل مع الحريري وسمع منه موافقته على تسمية نجيب ميقاتي أو الرئيس السابق تمّام سلام. وبما أنّ الأخير أبلغ رفضه التكليف، لن يبقى أمام الحريري سوى تسمية غريمه الانتخابي والسياسي. ويجري التداول في أنّ الحريري التقى ميقاتي في الساعات الماضية في اليونان، وبأنّ نائب طرابلس تلقى اتصالاً من الرئيس ميشال عون للبحث في الحكومة الجديدة.

    على الرغم من هذه المعطيات “المُريحة” نوعاً ما، إلا أنّ ميقاتي لا يستعجل الإعلان عن أي موقف بما خصّ التكليف. بدأت تتكوّن “جبهة” المؤيدين له، تقابلها قوى إما لم تحسم موقفها أو لن تُسميه. لم يظهر بعد موقف حزب الله من تسميته. والقوات اللبنانية أعلنت أمس على لسان رئيسها سمير جعجع، بعد اجتماع تكتّل “الجمهورية القوية”، عدم تسمية أحد في الاستشارات النيابية الملزمة، “انسجاماً مع قناعتنا بأنّه من المستحيل الوصول إلى أي إصلاحات طالما أنّ الثنائي الرئيس ميشال عون – حزب الله وحلفاءهما ممسكون بالسلطة… لا حلّ في الوقت الحاضر إلا بالذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة”. والتيار الوطني الحرّ – حتى الساعة – لن يُسمّي ميقاتي، بل على العكس من ذلك بدأ نوابه ومسؤولون فيه يُروجون لاحتمال تسمية السفير السابق نوّاف سلام. علماً أنّه خلال ولاية سلام الدبلوماسية، التي تزامنت بمرحلة منها مع تولّي جبران باسيل وزارة الخارجية والمغتربين، لم تكن تربطهما علاقة جيدة، بل اختلفا على طريقة التعبير عن مواقف سيادية وسياسية في ملفات عدة، أبرزها اللاجئون السوريون.

    سيعتمد ميقاتي خطة العمل التي وضعها أيام تكليف مصطفى أديب

    يُحاذر ميقاتي المبالغة بالإيجابية، ليس بسبب الرفض المسبق له من البعض، بل أيضاً لعدم ثقته بالمواقف السياسية المعلنة، والمؤيدة له. يحمل لائحة شروطٍ يُريد موافقة القوى السياسية عليها قبل قبوله تأليف الحكومة. يُروّج لكونه “مُنفتحاً على الجميع، ولا يسعى إلى عداوات مع أحد”. لا يريد أن يستغرق التأليف أكثر من 15 يوماً، وأن يتراوح عدد الوزراء بين 18 و24 كحدّ أقصى. ما قد “يُسهّل” مسودة التشكيلة، أنّ ميقاتي سيعتمد خطة العمل التي وضعها بنفسه أيام تكليف السفير مصطفى أديب، أكان على صعيد توزيع المقاعد الوزارية والحصص أو الأسماء المُرشحة لتبوؤ مناصب وزارية. التواصل غير مقطوع بينه وبين صندوق النقد الدولي، ويُنقل عدم اعتراض ميقاتي على الشروط المطلوبة ومنها إعادة هيكلة القطاع المصرفي. يرفض ميقاتي أن توصف حكومته حصراً بـ”حكومة الانتخابات”، لأنّه لم يحسم أمره بعدم الترشح إلى الانتخابات النيابية المقبلة، واحتمال ترؤسه الحكومة التي من بعدها حتى. أما الحكومة الحالية، فمن مهامها تطبيق مشروع الكهرباء الذي يحمله ميقاتي، ويُروّج فريقه إلى انتهاء الدراسات المتعلقة به “ولا ينقصه سوى عدم عرقلته”.

    طريق ميقاتي نحو تشكيل الحكومة ليس مرصوفاً بالورود، والحديث عن تاريخ 4 آب كحدّ أقصى لتأليفها لا يُعدّ أكثر من سيناريو تضغط الرئاسة الفرنسية لتحقيقه. الأمور غير مضمونة، بخاصة إذا اعتمد ميقاتي الأسلوب ذاته الذي اعتمده الحريري، لجهة الصدام مع فريق رئاسة الجمهورية ورفض التنسيق مع باسيل حصراً في مقابل التشاور مع بقية القوى السياسية. عندئذٍ، يكون مصير تكليف ميقاتي كمصير سابقه. وقد رفع التيار الوطني الحرّ من درجة الضغوط، إذ تُشير مصادره إلى التوجّه “نحو الاستقالة من مجلس النواب، وفرض الانتخابات المبكرة، في حال لم تُشكّل الحكومة بسرعة”.

  • وكتبت صحيفة الجمهورية تقول: أقلّ من 48 ساعة تفصل عن موعد الإستشارات النيابيّة الملزمة الذي حدّده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتسمية الرئيس الذي سيخلف الرئيس سعد الحريري على حلبة التكليف. إلّا أنّ مصير هذه الإستشارات، ووجهتها إنْ جرت، محاطتان بغيوم حاجبة لما سيحصل الاثنين، سوأء أكانت الاستشارات ستجري في موعدها، أم أنّها ستخضع للتأجيل؟

    المثلّث

    البلبلة هي الطاغية وحدها على هذا الإستحقاق، وحتى الآن تقارب الكتل النيابية على اختلافها، استشارات الاثنين، كاستحقاق يذهبون إليه خاليي الوفاض، وجيوبهم فارغة من إسم المرشح للرئاسة الثالثة الذي سيودعونه رئيس الجمهوريّة، ذلك أنّ هذا الرئيس، وبرغم الأسماء التي يجري تطييرها من هنا وهناك، في الفضاء الحكومي، ما زال في علم الغيب، لا يُعرَف اسمه، ولا شكله، ولا لونه السياسي، وما إذا كان من نادي رؤساء الحكومات السابقين المجرَّبين سابقاً، أو إذا كان شخصيّة مغمورة من خارج النادي السياسي، بلا تجربة سابقة، سواء في السياسة والعمل الحكومي، أو في أيّ مجال آخر؟

    بحسب معلومات “الجمهوريّة”، فإنّ السّاعات الأخيرة حفلت باتصالات على أكثر من خطّ سياسي، وخصوصاً أنّ الخيارات المطروحة كبدائل للحريري، محدودة العدد، ويمكن حصر الجدييّن فيها بمثلث أسماء يضمّ الرئيس نجيب ميقاتي، النائب فيصل كرامي والسفير السابق نوّاف سلام. إلّا أنّ الصدارة تبدو للرئيس ميقاتي. ولكن حتى الآن لم يتمّ الوصول الى نقطة الحسم النهائي. وكلّما تأخّر ذلك، تتعزّز فرضيّة تأجيل استشارات الإثنين، والتي لا يُستبعد أن تليها تأجيلات متتالية، بحيث نصبح أمام “أزمة تكليف”.

    حماسة برتقالية

    وتشير المعلومات، إلى حماسة “التيار الوطني الحر” لكرامي، وبشكل أكبر للسفير سلام، وسط حديث من قِبل من يسعى إلى ترشيح سلام، عن أنّ حظوظه هذه المرّة أكبر من السابق، لإحاطته مسبقاً بأصوات تقارب الـ50 نائباً موزعة على نوّاب “تكتّل لبنان القوي”، و”القوات اللبنانيّة” التي قد تجد نفسها مندفعة إلى السفير السّابق، خصوصاً وأنّها سمّته في استشارات سابقة، و”اللقاء الديموقراطي” الذي سبق أن سمّاه أيضاً. إضافة إلى أنّ تيار “المستقبل” كان على وشك أن يسمّيه في استشارات سابقة. مع الإشارة هنا إلى أنّ رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع قد حسم موقف تكتل “الجمهورية القوية” لناحية عدم تسميّة أحد في الاستشارات، فيما موقف “اللقاء الديموقراطي” يتّجه إلى تسمية ميقاتي، وهو جرى التأكيد عليه خلال زيارة رئيس اللقاء النائب تيمور جنبلاط الى الرئيس نبيه بري يرافقه النائب السابق غازي العريضي.

    على أنّ الصورة في مقابل هذه الحماسة البرتقاليّة – التي يبدو جليّاً انّها من طرف واحد – تُظهر تغريداً في مكان آخر، من قِبل قوى سياسيّة يتقدّمها الرئيس نبيه بري ومعه “حزب الله”، تقارب التكليف من زاوية عدم استفزاز الشريحة الواسعة من الطائفة السنيّة، عبر تقديم مرشح تحدٍ للرئيس سعد الحريري وفريقه السياسي. ومن هنا، هذه القوى لا تماشي الحماسة لكرامي، كما لا تماشي الحماسة المفرطة للسفير سلام، وخصوصاً أنّ “حزب الله” يحيط اسم السفير السابق بالتباسات.

    وبحسب المعلومات، فإنّ ثمّة تساؤلات تسارعت في الساعات الماضية، وأحاطت “الشروط” التي حدّدها سلام لقبوله تشكيل الحكومة، واوّلها منح حكومته التي سيشكّلها صلاحيات استثنائية لستة أشهر؟ مع الإشارة هنا إلى أنّ القبول بمنح صلاحيّات استثنائية من مجلس النواب، يعتبره رئيس المجلس نبيه بري من سابع المستحيلات. ذلك انّ الصلاحيات الاستثنائية تعني تجاوز المجلس النيابي وتمسّ معنوياته، وتظهره بمظهر العاجز عن قيام بدوره، فيما هو جاهز مع تشكيل الحكومة لأن يدخل في حالة طوارئ تشريعية، تشكّل رافعة ورافداً للحكومة بالذي تريده.

    أكثرية موصوفة

    من هنا، يبدو التركيز منصبّاً على ميقاتي، التي تؤكّد مصادر مواكبة لحركة الاتصالات الجارية لـ”الجمهوريّة”، عدم حماسة تيار جبران باسيل لميقاتي. باعتبار أنّ الرئيس السابق للحكومة يشكّل، بشكل او بآخر، امتداداً للحريري، بوصفه عضواً في نادي رؤساء الحكومات السابقين، الذي كان سنداً للحريري ورافداً له في مواجهة رئيس الجمهوريّة و”التيار الوطني الحرّ”.

    وتؤكّد المصادر نفسها، انّ مشاورات مكثفة جرت مع ميقاتي في الأيام الأخيرة، في محاولة لإقناعه بالقبول بتولّي رئاسة الحكومة في هذه المرحلة، حيث أنّه قد يحظى بأكثرية نيابيّة موصوفة تسمّيه، قد تزيد عن الـ70 صوتاً في ما لو انضمّ “حزب الله” (14 نائباً) إلى تسمية ميقاتي، موزعة على اصوات: كتلة التنمية والتحرير 17 نائباً، كتلة تيار المستقبل 19 نائباً، كتلة الوزير سليمان فرنجية 5 نواب، كتلة اللقاء الديموقراطي 7 نواب، كتلة الحزب القومي 3 نواب، كتلة الرئيس نجيب ميقاتي 3 نواب، إيلي الفرزلي، تمام سلام، عبد الرحيم مراد، عدنان طرابلسي، كتلة نواب الارمن 3 نواب، طلال ارسلان (مرجّح)، جهاد الصمد (مرجّح)، ميشال ضاهر (مرجّح)، جان طالوزيان (مرجّح)..

    الّا أنّ هذه المشاورات ما زالت مستمرّة، خصوصاً وانّ ميقاتي لم يعط بعد جوابه النّهائي، وهو ما يُفترض أن يُحسم في الساعات المقبلة. إلّا أنّ ما يُخشى منه في حال بدأت هذه المشاورات تؤتي ثمارها، أن يبادر الفريق الرئاسي الذي لا يميل إلى ترشيح الرئيس السابق للحكومة، إلى تأجيل استشارات الإثنين تحت عنوان “لمزيد من التشاور”.

    لعبة مكشوفة

    وفي هذا السياق، تؤكّد المصادر، أنّ لجوء الفريق الرئاسي إلى التأجيل في حال رسا الإختيار على ميقاتي، لن يجني منه سوى “كسرة معنويّة شبيهة بالكسرة التي لقيها يوم استبق الاستشارات التي سمّت الحريري في تشرين الأول من العام الماضي، ببيان توجّه فيه الى النواب بتحكيم ضمائرهم، متوخياً بذلك قطع الطريق على تسمية الحريري. إذ إنّه حتى ولو أجّل، لمرة او مرّتين، فلا يستطيع أن يؤجّل إلى ما شاء الله، بل هو محكوم في أن يعيّن موعداً للإستشارات كما يلزمه الدستور، وبالتالي لا يستطيع أن يفعل تجاهها شيئاً”.

    “جنّ الكهف”!

    وفي انتظار الجواب النهائي الذي سيحمل معه قرار الرئيس ميقاتي بقبول تولّي رئاسة الحكومة أو عدمه، تبرز في الأجواء الميقاتيّة جملة من الأسئلة تشكّل الأجوبة عنها مفتاح القرار النهائي، انطلقت من الغمز تجاه المنظّرين والمحلّلين والمبصّرين وضرّيبة المندل، الذين يقدّمون مقاربات حول الحكومة واسم رئيسها وتحليلات مجافية للحقيقة والواقع، فيما اصحاب القرار صامتون، يدرسون كلّ الخيارات المتاحة، لبناء موقف لن يكون حتماً متسرّعاً او انتحاريّاً:

    – أوّلا، هل ستتمّ العودة الى روحية المبادرة الفرنسية مع بعض التعديلات التي حتّمتها المستجدات، ام انّ الانطلاقة الجديدة ستكون من الصفر؟

    – ثانياً، هل أنّ الظروف التي أفشلت مهمّة رئيسين مكلّفين قد تغيرّت، أم أنّ المطلوب حرق المزيد من الأسماء في معركة الغاء لن تتوقف ضدّ مكوّن اساسي في البلد لتكريس قاعدة انا أحكم ولا أحد غيري؟

    – ثالثاً، هل اقتنع المعنيّون بالعودة إلى نصوص الدستور وأحكامه وروحيته، من خلال تسهيل مهمة أيّ رئيس مكلّف، أم أنّ ما فُرض من شروط ووضع من عراقيل سيُطرح على الطاولة مجدداً فور التكليف؟

    – رابعاً، هل سيتاح للرئيس المكلّف اختيار فريق العمل الذي يناسب المرحلة، بالتفاهم على أصول الشراكة الحقيقيّة في التأليف، أم أنّ “جِنّ الكهف” سيظهرون مجدّداً للتخريب والعرقلة؟

    – خامساً، هل الظروف الإقليمية والدوليّة المتباعدة، بشكل زاد من عرقلة تشكيل الحكومة، ستتلاقى هذه المرّة لإنجاح عمليّة التأليف، بعد عبور مخاض التكليف؟ أم أنّ المطروح مجرّد عمليّة تقطيع للوقت في انتظار التفاهمات الكبرى؟

    – سادساً، هل سيكون التأليف متلازماً مع مدّ يد العون عربيّاً ودوليّاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل إطلاق ورشة الإصلاح والنّهوض المطلوبة، أم سيبقى الشعب اللبناني يدفع وحده ثمن عقوبات عن أفعال لا دخل له بها، لمجرد انّه الحلقة الأضعف و”ساحة الكباش” الوحيدة؟

    ويخلص الكلام في الاجواء الميقاتيّة إلى لفت الإنتباه إلى “أنّ هذه الأسئلة ترسم معالم الطريق الحقيقية قبل الولوج في ايّ قرار، لتشكّل الـ” نعم” بداية للحل المنشود، والذي يأمله اللبنانيون، لا مجرّد خطوة إضافية في المجهول، وليكون التكليف مقدّمة لتأليف سريع لا مشروع اعتذار جديد”.

    التكليف بأوسع تأييد

    في هذا الوقت، اكّدت مصادر سياسية موثوقة لـ”الجمهوريّة”، انّ ثمة قراراً حاسماً لدى المكونات السياسية والنيابية، بأن لا تكليف من طرف واحد، بل تكليف بأوسع تأييد. ومؤيَّداً بالدرجة الأولى من الحاضنة السنيّة السياسية والدينية.

    وتلفت المصادر، إلى أنّ هذه المكوّنات مجمعة على تكليف سريع، على أن يتمّ ذلك الإثنين المقبل، وتأليف أسرع بلا مماطلة او تسويف او شروط تعجيزية، يرتكز إلى المبادرة الفرنسيّة ومبادرة الرئيس نبيه بري قاعدتها الأساس الإختصاص، ولا ثلث معطلاً فيها لأيّ طرف.

    وتلفت المصادر أيضاً، إلى أنّ المواصفات المطلوب توفّرها في رئيس الحكومة العتيد، أولها وآخرها أن تكون شخصيّة مقبولة، غير مستفزّة، جديرة في أن تتحمّل المسؤولية واتخاذ قرارات وخطوات اصلاحية، وليست المواصفات التي تحاول بعض الغرف إلباسها لشخصيات تمتّ بالولاء لها، ويجري تقديمها على أنّها حياديّة، فيما المراد منها فقط إكمال ما يعتبرونه انتصاراً على التكليف السابق، وهذه المحاولات إن دلت على شيء فعلى محاولة استغباء متعمّدة لسائر القوى السياسيّة.

    وتؤكّد المصادر، انّ المضيّ في تلك المحاولات، تُضاف إليها محاولة تسويق أسماء عليها التباسات، معناه الإصرار على المنحى التعطيلي السابق، الذي لن يكون من نتيجته سوى تعطيل جديد، ومزيد من التدهور في الأزمة الخانقة التي تعصف بالبلد.

    لدغتان بسمّ التعطيل

    وبحسب الاجواء المحيطة باحتمال تسمية ميقاتي لتأليف الحكومة، فإنّ الرئيس الحريري لن يكون بعيداً عن تسمية ميقاتي – إن قبل في تولّي هذه المهمة – والقرار سيُتخذ في اجتماع لكتلة المستقبل برئاسة الحريري قبل استشارات الاثنين.

    وقالت مصادر واسعة الإطلاع لـ”الجمهورية”: “إنّ تريّث ميقاتي في إبداء موقفه النهائي أمر طبيعي، فأمامه تكليفان ملدوغان بسمّ التعطيل والتفشيل، وبالتالي من الطبيعي أن يخشى أن يتعرّض تكليفه للدغة سامّة تطيح به عند أول مفترق، ينتهي مصير تكليفه إلى ما انتهى إليه التكليفان السابقان”.

    وتتوقف المصادر عينها عند ثلاثة امور اساسية، تعتقد أنّها تشكّل اولوية لميقاتي قبل قبول التكليف:

    الأول، معرفة وجهة الرياح الاقليميّة والدوليّة من تكليفه.

    الثاني، التأكّد من وجود ضوء أخضر جدّي اقليمي ودولي لانطلاق حكومته نحو اتخاذ قرارات وحلول للازمة.

    الثالث، ليس ان يجتاز ميقاتي امتحان التكليف، فهو حاصل حتماً إنّ اتُفق عليه وقَبِل بهذه المهمّة، لكن الأساس هو تأليف الحكومة، وكيف سيتمّ ذلك؟”.

    وهنا تلفت المصادر الواسعة الاطلاع، إلى أنّ ثمّة من بدأ يشيع قبل التكليف، بأنّ ما لم يعطِه عون وجبران للحريري لن يعطياه لميقاتي. وتكشف المصادر أنّ مكوّنات سياسية، ومن بينها قوى حليفة لعون، سألت عمّا إذا كان الفريق الرئاسي سيعتمد نهجاً مليّناً لتأليف الحكومة، أم أنّه سيبقى متربّعاً على شجرة الشروط والمعايير التي تسلّق عليها في فترة تكليف الحريري، وأدّت في نهاية المطاف إلى أعتذاره بعد 9 أشهر من المماحكات. وجاء الجواب سلبيّاً، حيث أفاد بوجوب التقيّد بالدستور لناحية صلاحيات رئيس الجمهورية وتحديداً في البند 4 من المادة 53 من الدستور، كما أفاد بأنّ “تكتل لبنان القوي” ليس بوارد المشاركة في الحكومة، – مع أنّه مشارك بشكل مباشر بوزراء رئيس الجمهورية الذي هو الرئيس الفعلي للتيار الوطني الحرّ، ويختارهم واحداً واحداً مع جبران باسيل – وليس مضموناً أن يمنح الثقة لحكومة ميقاتي إن تشكّلت.

    وتجزم المصادر، بأنّه حتى ولو تمّ تكليف ميقاتي، فإنّ العبرة تبقى في التأليف، وفي النوايا الصادقة في عدم أسر البلد من جديد خلف قضبان التعطيل، علماً أنّ كل ما يحيط بهذه العمليّة يؤشّر إلى أنّ احتمالات الدخول في المشكل كبيرة جداً. فكما أنّ الفريق الرئاسي لن ينزل عن شجرة شروطه، فميقاتي لن يستطيع أن ينزل تحت السقف الذي حدّده الحريري اثناء تكليفه، وخصوصاً لناحية رفض الثلث المعطل، ورفض تقييد رئيس الحكومة بشروط وانتزاع حقه في تسمية وزراء مسيحيين، والضمان المسبق من الفريق الرئاسي بأن يمنح “تكتل لبنان القوي” الثقة للحكومة.

    وتخلص المصادر إلى القول: “المرجّح اكثر من أيّ امر آخر، هو أنّ التكليف – إنْ حصل الإثنين- سيترنّح ويتأرجح بين منطقين متعارضين، ولن يتأخّر تصادمهما في إطلاق إشارة العدّ التنازلي للإعتذار سريعاً عن عدم التأليف، وعندها سنعود إلى الدوران في دوّامة التعطيل والمعايير من جديد، إلى ان يقضي الله أمراً كان مفعولاً”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى