العالم العربيسياسة

لقاء البرزاني والسوداني في بغداد : الظروف والنتائج (جواد الهنداوي)

 

      د.جواد الهنداوي – الحوار نيوز

 

  وصلَ السيد مسرور البرزاني ،رئيس حكومة أقليم كردستان الى بغداد يوم ٢٠٢٣/٩/١٤ ، و التقى  كل رؤساء الكتل السياسية ،ولم يستثنْ أحدا ، والتقى كذلك رؤساء السلطات الدستورية ( مجلس النواب ،رئاسة الجمهورية ، وبالطبع رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني ). لم نسمع عن لقاء او زيارة له للسيد مقتدى الصدر .

      الزيارة كانت اذاً سياسية و شملت كل قيادات الاطار التنسيقي الذي فاوضَ الكُرد ،واتفق معهم على تشكيل الحكومة . زيارة كشف حساب ، و عتاب ، وتعزيز ثقة و جبر خواطر ، ويشُعرُ الكُرد ويدّعون ايضاً أنهم خُدعوا من الاطار ،الذي لم يفْ بالتزاماته ،التي تعهّد بها خلال مفاوضاته معهم لغرض تشكيل الحكومة .

بالمناسبة ،هذه ليست المّرة الاولى ، لتذرع الكُرد بخدعة  . يتكرّر هذا السيناريو بعد تشكيل كل حكومة ،حيث تتعطل مؤقتاً التزامات كل طرف تجاه الآخر ،فلا الكُرد يؤدون ما بذمتهم من اموال الى المركز ،و يتعمّد المركز ( واقصد الحكومة الاتحادية ) تعطيل صرف استحقاقات الاقليم مؤقتاً ،ثّمَ يتحرك الكُرد سياسياً و دبلوماسياً ودولياً واقليمياً ، وينالون ما يبتغون . و ما شهدناه ،خلال الاسبوع ، من تصريحات متبادلة بين الاقليم والحكومة الاتحادية ،ثم تدخل اميركي ،ثم زيارة سياسية وواسعة للسيد مسرور البرزاني الى بغداد ولقاؤه والوفد المفاوض،السيد رئيس الوزراء ،خير شاهد على ذلك .

عادت الامور الى مربعها الاول ، و استحقاقات الاقليم ستستمر وفقاً للموازنة ،على امل ان يبدأ الاقليم بتسليم ما بذمته ،بعد ان تنتهي لجنة ا لجان من عمل الحساب و التدقيق.. الخ.

سيناريوا يتكرر كل دورة انتخابية ،وحكومة الاقليم و الحكومة الاتحادية اعتادتا ،على ما يبدو،على هذا المنوال ، طالما ينجح الطرفان بالحفاظ على الاستقرار والمصالح المشتركة .

استفهامات و اسئلة عديدة تستحق الاشارة و الجواب ، حول ما تّوصل اليه الطرفان ، و حول الظروف التي أحاطت بإثارة الموضوع او الازمة:

    – هل الحلول التي توّصلَ اليها الطرفان تتماشي مع مبادئ ونصوص الدستور ، و أهمها توزيع عادل لثروات العراق ،بين ابناء الشعب ؟ وهل الحلول تتوافق مع مصالح الشعب ام مع المصالح المشتركة للسلطتيّن الاقليمية والاتحاديّة ؟

    – تدّخلت اميركا وبشكل واضح و صريح ، و برسالة رسميه ،من السيد مسرور البرزاني للرئيس بايدن ، بتاريخ ٢٠٢٣/٩/٤ ،يدعوه فيها الى دعم الاقليم الذي يتعرض الى حملة مشينه ، والضغط على حكومة الاتحاد للإيفاء بالتزامتها الدستورية تجاه الاقليم ، و قامت السيدة سفيرة أميركا في بغداد بزيارة الاقليم و اللقاء بالسيد رئيس وزراء الاقليم ،ثم تبنى المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الاميركية ، تصريحاً يدعو فيه الطرفان الى تنفيذ التزاماتهما القانونية ،ويؤكد على الحكومة الاتحادية ضرورة الحفاظ على الامن والاستقرار ودفع مستحقات الاقليم .

ونعتقد أنَّ الدور الاميركي في كل خطواته ( رسالة السيد مسرور ،لقاء السفيرة ،تصريح المتحدث باسم الخارجية الاميركية ) ، كان بالتنسيق بين حكومة الاقليم و الخارجية الاميركية او الادارة ، وفيه بالتأكيد مصلحة سياسية و دبلوماسية لأميركا ،حيث يُظهِر دورها ،الذي لايزال فاعلا ، في العراق ولدى الكُرد وفي المنطقة  .

ولذلك كان الدور وبكل خطواته المذكورة علنيا وصريحا ، ولم يترّدد ،لا الكُرد ولا الأميركان في خشيّة الافصاح عن الدور ، وخشيّة ازعاج السيادة العراقية او رُعاة السيادة .

   -لماذا لم يكْ لايران دور في الموضوع بدلاً من أميركا ،لاسيما وأن لها علاقات مميّزة مع الكُرد ( الاتحاد الوطني ) وجيدة مع النصف الاخر ( الديمقراطي الكردستاني ) ، و لايران ايضاً علاقات مميّزة مع الحكومة الاتحادية ؟

 للاجابة على السؤال ،احتمالان :

الاول ، اعتقدَ الكُرد أنَّ الوساطة الاميركية قد تأتي بنتائج وانجع ،في الوقت الحاضر من الوساطة الايرانية ،ثُمَّ لماذا يطلب الكُرد وساطة ايران  ، و أميركا تراقب ولها الاستعداد ؟ و ماذا سيكون موقف الخارجية الاميركية او الادارة الاميركية اذا توجه الكُرد في طلبهم هذا او غير هذا صوب إيران ؟ وقد تكون رسالة السيد مسرور البرزاني الى الرئيس بايدن بطلب المساعدة وبشكل علني شرطا اميركياً للبدء بالوساطة ،شرطا  طُرِحَ للاخوة الكُرد على صيغة نصيحة .

الاحتمال الثاني وهو الاقل حظاً  ،أن الكُرد قد فكروا بوساطة ايرانية ، لاسيما أن لهم الآن مع ايران معضلة الكُرد المسلحين والمعارضين والذين يمارسون نشاطهم انطلاقاً من حدود الاقليم ، ولعلَ مفاتحة إيران في موضوع وساطة مع حكومة العراق الاتحادية سيسّرُها ويُظهر تعزيز دورها . و ربما استشعرَ السيد بافل طالباني ،رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني ، والذي زار ايران والتقى وزير خارجيتها ،في ٢٠٢٣/٩/١١ ، بعدم رغبة ايران بالتدخل في امر الموازنة بين الحكومة الاتحادية و حكومة الاقليم .

 *رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل / ٢٠٢٣/٩/١٦ .

       

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى