سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف: قراءات وتحليلات وتطمينات حول بيان نعيم قاسم

 

الحوارنيوز – صحف

تناولت الصحف الصادرة اليوم الضجة التي أثيرت حول بيان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ،فأوردت قراءات وتحليلات وتطمينات حول هذا الموضوع.

 

 

  •  النهار عنونت: عواصف “حزب الله” مجدداً تحرج عين التينة والحكومة… عون يؤكد “لا حرب” وسلام للترفع عن المزايدات
  • وكتبت صحيفة “النهار” تقول:

شكل التناقض العلني الذي برز مساء الخميس الماضي بين موقفي طرفي الثنائي الشيعي الرئيس نبيه بري والأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم تطورا لافتا أطلق العنان للكثير من التفسيرات.

لا تبدو الصورة مريحة في لبنان حيال مجريات الحرب الإسرائيلية الإيرانية بعد أسبوعها الأول ان لجهة الاحتمال الذي يشغل الجميع المتصل بتورط أو عدم تورط “حزب الله ” في الحرب في مرحلة ما متقدمة منها، أو لجهة الخشية من تنامي تداعياتها السلبية اقتصاديا وسياحيا على لبنان في حال طال أمدها كما باتت تنذر الوقائع العسكرية.

 

ومع أن زيارة الموفد الأميركي توم براك لبيروت لاقت ارتياحا من أركان السلطة في ظل المقاربات الهادئة والعميقة التي طرحها حيال الملفات الكبيرة فإن ذلك لم يحجب إدراك المسؤولين اللبنانيين أن الظروف المتراكمة وصولا إلى تداعيات الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وايران وترقب التدخل الأميركي فيها سيضغط أكثر فأكثر على السلطة اللبنانية لدفعها إلى القرار الحاسم المنتظر ببرمجة نزع سلاح “حزب الله” بعيدا عن الحسابات والرهانات التي تعتمد تمرير المزيد من الوقت لئلا تنزلق الامور نحو أوضاع سيئة مجددا.

ولذا شكل التناقض العلني الذي برز مساء الخميس الماضي بين موقفي طرفي الثنائي الشيعي الرئيس نبيه بري والأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم تطورا لافتا أطلق العنان للكثير من التفسيرات ولو أن الطرفين حاولا التقليل منه بنفي أي تضارب او تناقض بينهما. حتى أن بعض الأوساط ذهب إلى ترجيح أن يكون الرئيس بري تعمد الجزم مسبقا بنفي أي تورط للحزب في الحرب على سبيل ممارسة ضغط غير مسبوق من جانب بري كشريك وحليف أساسي للحزب منعا لانجرار الحزب مجددا إلى تورط من شأنه هذه المرة أن يشكل الخطر الأقصى خطورة على الطائفة ولبنان كلا.

 

ومع أن الحزب لم يصدر أي توضيح حيال هذه المسالة بما عزز وجهة النظر الذي تعتقد أن مسارعة الشيخ نعيم قاسم إلى التلويح بعمل ما في مرحلة معينة كان للإيحاء بان الحزب وحده يقرر موقفه من الرد او عدمه كورقة أساسية لا يزال يمتلكها غير ان الأوساط الوثيقة الصلة ببري شددت على نفي كل هذه التفسيرات وأكدت أن ما أعلنه بري وما أبلغه إلى الموفد الأميركي حول عدم التورط أبدا في الحرب هو المحور الجاد والجدي المتبع وتاليا فإنه موقف ثابت انطلاقا من التفويض الذي يمنحه حزب الله إلى الرئيس بري في التفاوض واتخاذ المواقف التي تعبر عن اتجاهات الثنائي.

 

وكان نقل أمس عن الرئيس بري استغرابه وصف البعض لكلام الشيخ نعيم قاسم كما لو أنه جاء ردّاً على كلامه. وأكد أن ما نُسب لبري بأن الحزب لن يشارك في الحرب هو “أكيد”، أما كلام قاسم فهو موقف مبدئي لا يمكن للحزب اتخاذ موقف غيره، لأنه بطبيعة الحال هو متضامن مع إيران.

وقد أثير موقف الشيخ نعيم قاسم في جلسة مجلس الوزراء عصر أمس إذ بادر وزير الخارجية يوسف رجي إلى مطالبة الحكومة باتخاذ موقف من هذا الكلام الذي يهدد بالتسبب بآثار دولية سلبية على لبنان ، وأثار مطلب رجي نقاشا حادا وأجاب رئيس الحكومة نواف سلام بأنه سبق له أن أصدر بيانا يؤكد رفض الانجرار إلى الحرب ولكن رجي اعتبر أن ذلك لا يكفي ويجب صدور موقف عن الحكومة وفيما أيد عدد من الوزراء مطلب رجي لم يوافق مجلس الوزراء على تبني مطلبه.

وعلى الأثر أصدر رئيس الحكومة نواف سلام بيانا استغرب فيه “الكلام المنسوب إلى أحد الوزراء بأنه رفض أن تصدر الحكومة موقفا ضد توريط لبنان في الحرب الدائرة، بينما كان الرئيس سلام قد شدد أكثر من مرة أن الموقف اللبناني ثابت في رفض زج لبنان او إقحامه بأي طريقة من الطرق في الحرب الإقليمية الدائرة”، مذكرا بأن “مواقفه تعبر عن سياسة الحكومة، وهو المخول دستوريا النطق باسمها”.

وطالب الجميع بـ “الترفع عن المزايدات في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد”.

 

ومساء أمس شارك رئيس الجمهورية جوزف عون وزوجته السيدة نعمة في احتفال أقيم في وسط بيروت بعنوان “بيروت نبض الحياة” لإطلاق ورشة تأهيل ساحة الشهداء وإنارة ساحة النجمة. أكد عون في كلمة القاها أن “إرادة الحياة أقوى من كل شيء ورسالتنا أن بيروت كانت وستبقى نبض الحياة”. وقال: “نقف من قلب بيروت النابض من هذا المكان الذي يختزل تاريخ لبنان، لنشهد على فصل جديد من النهوض والإعمار”. أضاف: “نعمل على بناء كل لبنان ونشكر كل مَن ساهم ودعم هذا العمل الوطني، وسيبقى لبنان واحة للسلام والحضارة في قلب الشرق الأوسط”. ورداً على سؤال حول احتمال دخول لبنان بالحرب، قال عون: “ما في حرب… شو كلفة هالحرب؟”.

وفي تفاعلات هذا التطور أصدر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع بيانا تعليقا على الكلام الأخير للأمين العام لحزب الله قال فيه: “شيخ نعيم، لا تستطيع التصرُّف بما تراه مناسبا. الحكومة اللبنانية وحدها تستطيع التصرُّف بما تراه مناسبا، لأنها تمثِّل أكثرية الشعب اللبناني.شيخ نعيم، لبنان وطن ودولة، وبخاصة حاليا في العهد الجديد، وليس مقبولا على الإطلاق أن يسمح كل أحد لنفسه بالتصرُّف، وإلا تحوّل لبنان إلى ساحة فوضى لا يحكمها حاكم، ولا يرعى شؤونها دستور ولا قانون. شيخ نعيم، إذا كان لديك أي اقتراح في ما خص الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، تستطيع أن تحمِّله إلى ممثليك في الحكومة كي يطرحوه في أول جلسة لمجلس الوزراء، وهناك حصرا يتم التداول به واتخاذ القرار المناسب”.

 

إلى ذلك، وقبيل انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في السرايا الحكومي  أعلن وزير الداخلية أحمد الحجار في دردشة  مع الصحافيين أن “الملف الفلسطيني قيد المتابعة ونأمل بأن تتم معالجته بما يتناسب مع البيان الوزاري”. وتعليقا على بيان الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم قال: “الكلام في الإعلام شيء فيما الواقع شيء آخر وهو أن جميع اللبنانيين مقتنعون بأنه لا يجب اقحام لبنان في حرب”.

من جهته، قال وزير الدولة لشؤون المهجرين كمال شحادة قبيل الجلسة الحكومية: “مطار القليعات رح يقلع”.

وأعلن وزير الإعلام بول مرقص بعد الجلسة أن مجلس الوزراء شكل لجنة وزارية مصغرة لدارسة الإطار القانونيّ الأسرع الذي سيُعتمد لتطوير مطار القليعات وعرض النتيجة في جلسة مجلس الوزراء المقبلة وإقرار ترحيل المواد الكيميائية من معملي الجية والذوق.

 

  •  الأخبار عنونت: حزب الله ملتزم نصّ البيان وروحه وإسرائيل تصعّد جنوباً: قاسم يستنفر السياسيّين والدبلوماسيّين

  

وكتبت صحيفة “الأخبار” تقول:

«تدخّل حزب الله في الحرب الإسرائيلية – الإيرانية سيكون قراراً سيئاً جداً جداً جداً». موقف واضح أطلقه المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية السفير لدى تركيا توماس باراك من بيروت «نيابةً عن الرئيس دونالد ترامب» كما قال.

ولا شيء يوازيه وضوحاً، إلا كلام الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي أكّد أمس أننا «لسنا على الحياد، ولذا نعبّر ‏عن موقفنا إلى جانب إيران وقيادتها وشعبها، ونتصرّف بما نراه مناسباً في مواجهة هذا العدوان ‏الإسرائيلي الأميركي الغاشم».

موقفان تردّد صداهما بقوة، في بيروت التي تراقب عن كثب تداعيات العدوان الصهيوني على إيران، وسطَ مخاوف متصاعدة من أن تهرب إسرائيل من مأزقها بتوجيه ضربة إلى لبنان، وفتح الجبهة مجدّداً.

 

وفي وقت أتى به تصريح باراك بعد محادثات مع المسؤولين اللبنانيين، في لحظة حرجة إقليميّاً، فقد تكثّفت الاتصالات الداخلية والدبلوماسية مع حزب الله، إذ عبّر البعض عن «الاستغراب» من كلام قاسم ومنهم مَن أبدى «قلقاً كبيراً من إمكانية انفجار الوضع»، لا سيّما وأنّ «البيان أتى بُعيد ما جرى تسريبه على قنوات عربية من أنّ حزب الله يتحضّر لفتح الجبهة مع إسرائيل، وأنه في حال دخول أميركا على خط المواجهة مع الكيان الصهيوني يعني أنّ حزب الله سيتحرّك».

من جانبه، يواصل حزب الله سياسة «الغموض» في هذه المرحلة التي يمرّ بها لبنان ارتباطاً بالحرب الإسرائيلية على إيران، فلا يعطي جواباً عن احتمالات انخراطه في الحرب من عدمها. لكن ما يمكن الإشارة إليه هو أنّ موقف حزب الله الذي عبّر عنه الشيخ قاسم في كلامه الأخير، مرتبط بتطوّرين: الأول، التهديد الأميركي – الإسرائيلي باغتيال المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، وهو مرجع ديني يتّبعه الملايين في أنحاء العالم الإسلامي، ويُعتبر كلامه فتوى ملزمة لمقلّديه، لذا أتى هذا الموقف في إطار التنبيه إلى خطورة إقدام إسرائيل وأميركا على تنفيذ تهديداتهما، لأنّ ذلك قد يُحدث زلزالاً في المنطقة.

أما التطور الثاني، فيتّصل بالكلام الأميركي عن إمكانية انخراط الولايات المتحدة مباشرة في الحرب، وهو ما تحذّر منه جميع الدول لعلمها أنّ هذا الأمر سيؤدّي إلى فتح الباب أمام حرب شاملة لا تهدّد فقط إسرائيل وإيران بل كل دول المنطقة وحتى الدول الكبرى، كما سيعطي هذا التدخل شرعية لكل الأطراف للدخول في هذه المعركة والدفاع عن مصالحها.

وبالإضافة إلى الحرب بين إيران والعدو الإسرائيلي، ثمّة جانب داخلي لا بد وأنه استدعى هذا السقف، وهو الاعتداءات الصهيونية اليومية على لبنان وقتل المدنيّين.

 

ففيما تزداد وتيرة هذه الاعتداءات وتتحوّل إلى روتين يومي تتراجع مواقف الإدانة الرسمية، وكأنّ الدولة غير معنيّة بما يحصل وبالتايل فإنّ حزب الله معنيّ بعدم إظهار أي تراجع، ولو أنه أعطى الفرصة إلى الدولة للقيام بما هو مطلوب منها، علماً أنها تتلكّأ.

وبعدَ كلام قاسم، استفاق النائمون عن الاعتداءات الصهيونية والخروقات، وهبّ أصحاب «السيادة» لمهاجمته، فعلّق قائد «القوات» اللبنانية سمير جعجع قائلاً إنّ «شيخ نعيم، لا تستطيع التصرُّف بما تراه مناسباً.

الحكومة اللبنانية وحدها تستطيع التصرُّف بما تراه مناسباً، لأنها تمثِّل أكثرية الشعب اللبناني»، فيما اعتبر رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل أنه «لا يحق لأحد أن يجرّ لبنان إلى أي مغامرة جديدة ولا داعي لـ (بروفا) جديدة فالأهم من التضامن مع إيران هو التضامن مع لبنان». وترافقت هذه البيانات، مع حملات داخلية تحريضيّة على الجمهورية الإسلامية وسفارتها في بيروت، والدعوة إلى إغلاقها.

 

أما الردّ الإسرائيلي على كلام قاسم فأتى عبر حملة غارات جوية نفّذها العدو على أكثر من منطقة في الجنوب أمس، مدّعياً أنه قصف منصّات صواريخ تعود إلى المقاومة. فيما هدّد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمين عام حزب الله، قائلاً «نعيم قاسم لم يتعلّم درساً من أسلافه ويهدّد بالتحرّك ضد إسرائيل وفقاً لأوامر خامنئي، وعلى حزب الله أن يكون حذراً ويدرك أنّ صبر إسرائيل نفد حيال الإرهابيّين الذين يهدّدونها»، بينما قالت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن دوروثي شيا إنّ الحكومة الإيرانية «شجّعت حزب الله على فتح جبهة من لبنان».

 

 

  •  الجمهورية عنونت: تطمينات بعدم فتح «الحزب» جبهة «إسناد» وإسرائيل وإيران على النار في انتظار قرار ترامب

 وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:

الملاحظ في بداية الأسبوع الثاني للحرب المشتعلة بين إسرائيل وإيران، ثباتها تحت سقف الضربات الجوية والصاروخية العنيفة المتبادلة بين العدوَّين اللدودَين. فيما خرقت هذا الإشتعال ما بدت أنّها انعطافة نحو إعادة فتح المجال للبحث عن مخرج يوقف هذه الحرب ويُنجّي المنطقة من دمار شامل يتهدّدها، لكن من دون أن تلغي هذه الإنعطافة، حال الترقّب لما سيقرّره الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أسبوعَين في شأن التدخّل المباشر في هذه الحرب أو عدمه. ما يعني أنّ الأمور مضبوطة لا بل مُعلّقة على «مزاج ترامب» الذي قال بصريح العبارة إنّ لا أحد يعرف ما يجول في فكره. وانعكس ذلك في الصحف العالمية، إذ كشفت صحيفة «نيويورك تايمز»: «كما يعلم الجميع تقريباً في واشنطن، فإنّ أسبوعين هي إحدى وحدات الوقت المفضّلة لدى ترامب، وقد يعني مرور أسبوعَين على ترامب شيئاً ما، أو قد لا يعني شيئاً على الإطلاق»، فيما رأت «التلغراف» أنّ «التوقف لمدة أسبوعَين قد يؤدّي إلى تخفيف التوترات وخلق مساحة للمحادثات، لكن حتى مع ذلك، فإنّ الشرق الأوسط لا يزال يسير على حبل مشدود»، فيما أوضحت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنّ «أعضاء في الكونغرس قدّموا قراراً هذا الأسبوع لمنع الجيش الأميركي من خوض قتال ضدّ إيران من دون إذن الكونغرس. ومن اللافت أنّ مصير هذا القرار سيتحدّد خلال الأسبوعَين المقبلَين».

 

الضرورات الداخلية

وإذا كانت دول المنطقة برمّتها، تبدو متموضعة في موقع المراقب لمجريات الحرب، والقلق من أفقها المجهول، واحتمالات تمدّدها واتساع رقعة تداعياتها، فإنّ لبنان لا يختلف حالاً، فعينٌ على الداخل تتجاذبها الحفاظ على أمن البلد واستقراره، وضرورة التنبّه لما تبيّته إسرائيل ضدّ لبنان. وعينٌ على الحرب وما قد تحدثه من تحوّلات وتغييرات وارتدادات، ومن آثار ومخاطر كبرى وخفايا مجهولة. وفي هذا السياق، تؤكّد معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، مسارعة وكالات الأنباء الأجنبية إلى إجراء دورات تدريبية عاجلة للعاملين لديها وتزويدهم بتوجيهات وإرشادات حول كيفية الوقاية والتعامل مع النووي في حال بلوغ الأمور هذا الحدّ.

 

بري: الحزب لن يتدخّل

بمعزل عن التوتر السياسي الذي أعقب موقف أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، الذي بدا في إعلانه أنّ الحزب ليس على الحياد ويتصرّف وفق ما يراه مناسباً في مواجهة هذه الحرب، وكأنّه يمهّد لإنخراط الحزب في حرب إسناد لإيران، فإنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري أعاد التأكيد على موقفه بأنّ «حزب الله» لن يتدخّل في هذه الحرب. وعلى ما ينقل زوّار عين التينة عن بري، فإنّ ما قاله الشيخ نعيم قاسم بشأن دعم إيران، «هو موقف مبدئي عبّر عنه من موقع تضامنه مع إيران، ولا يستطيع الحزب أنّ يقول غير هذا الكلام».

وإذا كانت بعض الأصوات الداخلية قد سعت إلى تجييش الأجواء السياسية ربطاً بما قاله الشيخ نعيم قاسم، فإنّ مصادر سياسية مسؤولة أوضحت لـ«الجمهورية» أنّ لا مبرّر للتسرّع والانفعال، وخصوصاً أنّ الموقف الدقيق عبّر عنه الرئيس بري، بقوله إنّه واثق من أنّ الحزب لن يتدخّل في هذه الحرب بنسبة 200%، وهذا الكلام هو كلام مسؤول، وكافٍ ليطمئنّ مَن يساوره أي قلق».

وفي موازاة تأكيد برّي على عدم التدخّل في الحرب، أدرج مصدر حزبي كلام قاسم في خانة الجهوزية الدائمة للمواجهة، التي يعلنها الحزب منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في تشرين الثاني من العام الماضي، وأكّد لـ«الجمهورية»: إنّ هذا الكلام موجّه إلى الإسرائيلي قبل أي طرف آخر، والغاية منه أن يبقى الإسرائيلي قلقاً» (يُشار في هذا السياق إلى أنّ الأيام الأخيرة التي تلت الهجوم الإسرائيلي على إيران، شهدت، باعتراف الإعلام الإسرائيلي، إجراءات وتدابير عسكرية إسرائيلية كان دافعها قلق المستويات الأمنية والسياسية من توتير الجبهة الشمالية).

وفي السياق عينه، كشف مصدر مقرّب من «حزب الله» لـ«الجمهورية»: «إنّ الحزب لن يتدخّل في هذه الحرب كما هي الآن، وكما هو واضح فإنّ الجمهورية الإسلامية أثبتت أنّها دولة قوية». ولفت المصدر إلى أنّ «عدم التدخّل لا يَنمّ عن ضعف، وواضحة في هذا السياق خشية العدو من ترسانته الصاروخية التي يفتقد لأي معلومات حولها، ومن هنا يتبدّى الضغط الكبير الذي يمارسه من أجل تسليم السلاح الثقيل شمال الليطاني».

 

تحذير

على أنّ مصدراً سياسياً رفيعاً قدّم لـ«الجمهورية» صورة قلقة للوضع بصورة عامة، واعتبر أنّ «الجو شديد الضبابية، يستوجب الحذر الشديد من الغدر الإسرائيلي في أي لحظة».

وعندما سُئل المصدر عن دقّة ما يُرَوّج حول إقدام إسرائيل على مهاجمة لبنان إمّا بقصف شديد أو عملية برية محدودة، أوضح: «كل شيء وارد ومحتمل، إذ لا يمكن أن يؤمَّن لإسرائيل بأي شكل من الأشكال. وواجبنا إزاء ذلك أن ندافع عن بلدنا».

إلّا أنّ المصدر عينه كشف أنّ «اجتماعات الموفد الأميركي توماس براك مع المسؤولين في لبنان دارت في أجواء إيجابية، وما طرحه كان على نقيض كلّي مع سابقته مورغان أورتاغوس، إذ عكس دراية كاملة لديه بالملف اللبناني والتركيبة اللبنانية. وبناءً على ما دار بحثه مع الموفد الأميركي، والمقاربة الهادئة للملفات اللبنانية، يمكن أن نرسو على استنتاج يُفيد بأنّه أصبح واضحاً الآن، لماذا كان هذا الضغط على إنهاء مسألة سلاح «حزب الله» خلال شهر أو شهرَين، إذ يبدو أنّه كانت لديهم معلومات من أنّ إسرائيل ستضرب إيران. من هنا تقاطعت بعض الجهات الدولية مع جهات محلية تنادي بنزع سلاح «حزب الله» قبل هذه المدة خوفاً من أن يردّ الحزب من لبنان».

على أنّ المصدر عينه وإن كان يُبدي ارتياحاً للوضع الداخلي جرّاء ما سمّاها حرص المكوّنات الداخلية بصورة عامة على الحفاظ على أمن البلد واستقراره، فإنّه في الوقت عينه يرى «ضرورة البقاء على أعلى درجات اليقظة والحذر، ولاسيّما أنّ الحرب بين إسرائيل وإيران مستمرّة، والوضع مفتوح، وكل يوم بل كل ساعة يمكن أن يطرأ أمر جديد، وعلى هذا الأساس يجب أن نتصرّف». ولفت المصدر الرفيع إلى أنّ التطمينات من «حزب الله» بأنّه لن يدخل في الحرب أو ينجرّ إليها هي تطمينات جدّية ولا مواربة فيها. إلّا أنّ «التطمينات الأميركية التي يُعبّر عنها، غير كافية قياساً لتجارب سابقة، ولأنّ العدو متفلّت من كل الحسابات. ولبنان حالياً معلّق على هذه التطمينات ريثما تتضح نتائج الحرب».

 

مطار القليعات

على صعيد محلي آخر، عقد مجلس الوزراء جلسة عادية في السراي الحكومي، وأُقِرّت عدد من البنود، أبرزها الشروع في درس مشروع تصميم وإنشاء وتأهيل وتطوير وتشغيل مطار رينيه معوّض في القليعات، وترحيل المواد الكيماوية المنتهية الصلاحية، التي وُضِّبت في معملَي الذوق والجية.

 

مواجهات… ومحادثات

على الصعيد الحربي، ضراوة الضربات الجوية والصاروخية كانت مشهودة بصورة عنيفة في الساعات الأخيرة، وزامنت الإنعطافة السياسية التي قُرِئت في الإجتماع العاجل في جنيف بين وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي مع وزير الخارجية الإيراني، ويُراد منها أن تحقق اختراقاً في جدار النار المشتعلة في إسرائيل وإيران، تتفق التقديرات على أنّها قد تكون موقتة، ولاسيّما أنّها محفوفة بضعف احتمال تأسيسها لفرصة حل سياسي بصورة جدّية، بالنظر إلى التصلّب الشديد في الطروحات الذي تصرّ فيه إيران على الإستمرار في برنامجها النووي وحقها في التخصيب السلمي كما تقول، فيما تؤكّد الولايات المتحدة أنّ أيّ اتفاق ممكن بلوغه، ينبغي أن يلحظ عدم التخصيب بصورة مطلقة. وبالنظر أيضاً إلى تزامنها مع وتيرة تصعيد عالية من الجانبَين، تجلّت في الساعات الأخيرة في ضربات جوية إسرائيلية مكثفة لمناطق مختلفة في إيران، وفي دفعات متتالية من الصواريخ الإيرانية الثقيلة التي طالت العمق الإسرائيلي في حيفا وتل أبيب والقدس وبئر السبع، ومن بينها صواريخ أكّدت إسرائيل أنّها لم تُستَخدم من قبل.

وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة حول الحرب بين إسرائيل وإيران، الذي برزت فيه دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كل الأطراف لوقف الحرب، واتهام المندوبة الأميركية في مجلس الأمن طهران بأنّها «شجّعت «حزب الله» على فتح جبهة من لبنان»، وأضافت أنّ الحكومة الإيرانية دعت مراراً إلى تدمير إسرائيل، وأنّ عليها التخلّي عن طموحها في الحصول على السلاح النووي. فيما اعتبر سفير إيران لدى الأمم المتحدة أنّ إسرائيل ترتكب جرائم متعمّدة في إيران، وأنّ إيران مارست حقها في الدفاع عن النفس وستستمر في ذلك حتى انتهاء العدوان.

تزامناً، انعقدت جولة المحادثات بين الوزراء الأوروبيِّين ووزير الخارجية الإيراني، وفي اعقاب اللقاء، قال وزير الخارجية الايراني: «أجرينا نقاشاً جاداً وسط جو من الاحترام ندعم استمرار المناقشات مع الترويكا الاوروبية والاتحاد الاوروبي، ونستعد للقاء آخر في وقت قريب». وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: «اتفقنا على مواصلة المناقشات وبحث أمور أخرى وليس القضايا النووية فقط»، معتبرة ان المحادثات مع إيران يجب أن تبقى مفتوحة.

وقال وزير الخارجية البريطاني: «ندعو إيران إلى مواصلة مناقشاتها مع الولايات المتحدة»، فيما اكد وزير الخارجية الفرنسي أن هذه المبادرة الدبلوماسية يجب أن تمهد الطريق للمفاوضات، ووزير الخارجية الإيراني مستعد لمواصلة المناقشات بشأن القضية النووية وقضايا أخرى. واما وزير الخارجية الألماني، فقال: «سعيد لأننا أجرينا محادثات جادة مع زملائنا الإيرانيين، ومن المهم أن تشارك الولايات المتحدة في المزيد من المحادثات وفي إيجاد حل».

 

واشنطن: نأمل النجاح

واللافت ربطاً بلقاء جنيف، إعلان وزارة الخارجية الأميركية بـ«اننا لن نقوم بتوصيف أجواء المفاوضات بين إيران والأوروبيين ونأمل ان تؤدي إلى النجاح».

وبرز ليلاً، اعلان الرئيس الاميركي انه من الصعب الطلب من إسرائيل وقف الضربات، الّا انه أضاف: «قد ندعم وقفا لإطلاق النار».

وسبق اللقاء إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ «فرنسا وألمانيا وبريطانيا ستقدّم خلال جولة المفاوضات في جنيف عرض تفاوض كاملاً لإيران».

وترافق انعقاد جولة المحادثات مع إعلان سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، أنّ بلاده تسعى إلى بذل جهود حقيقية بشأن قدرات إيران النووية من خلال اجتماع أمس بين وزراء أوروبيِّين وإيرانيِّين، وليس مجرّد جولة أخرى من المحادثات. وقد سبق هذا الكلام إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنّ «هدفنا هو تدمير برنامج إيران النووي، وإيران لديها 28 ألف صاروخ وتحاول تطوير قنابل نووية، والرئيس ترامب قال إنّ سلاحاً نووياً بيد إيران هو خطر كبير وهو محق في ذلك، وترامب هو قائد كبير ونشكره على مساعدته لنا».

 

الموقف الإيراني

في الموازاة، أوضح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من جنيف، أنّ «إسرائيل شنّت عدواناً على إيران ونحن عازمون على الدفاع عن سيادتنا». ولفت إلى أنّ «إسرائيل هاجمت منشآتنا النووية السلمية على رغم من أنّها تحت الرقابة الدولية، ونطالب الموقّعين على اتفاق جنيف بتحمّل المسؤولية حيال العدوان الإسرائيلي علينا. إنّنا نتعرّض إلى عمل جائر وعدوان ولا يمكن أن نسمح لإسرائيل وداعميها بقلب الأمور رأساً على عقب».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى