إقتصاد

ماذا يحصل في الاسواق الاميركية ؟(عماد عكوش)

 

د. عماد عكوش – خاص الحوار نيوز

ارتفعت المؤشرات الاميركية هذا العام بشكل ملفت، وذلك بعد الخروج من ازمة كوفيد . فقد ارتفع مؤشر  S&P500  بحوالي 14% ،لكن هذا التحسن يبدو انه لن يستمر وأن شهر اب سيشهد أسوء أداء تاريخي للمؤشرات الأميركية بسبب الإجازات وانخفاض السيولة ، كما أن المخاوف المتزايدة من العدوى الصينية ما زالت تؤثر بشكل او بآخر على مزاج المستثمرين وأدائهم ، كما أن ضعف البنوك الأميركية ما يزال يثير المخاوف في وول ستريت والمستثمرين اليابانيين في الأسواق الأميركية الذين قد يجدون أسواق السندات اليابانية أكثر جاذبية .

لهذه الاسباب انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 7.7% في هذا الشهر ، كما انخفض مؤشر S&P500 بنسبة 5% تقريبًا . ولم يكن مؤشر داو جونز أفضل حالاً، فقد انخفض المؤشر بنسبة 3%، وأغلق يوم الجمعة الماضي أدنى من المتوسط المتحرك 50 يوما ، وهو المستوى الرئيسي الذي يعتبره المستثمرون إشارة هبوطية .

لقد سجلت الأسهم الأميركية  3 جلسات أسبوعية سلبية متتالية ،وهي أطول سلسلة تداول سلبية منذ شباط الماضي . ومؤشر الخوف والطمع والذي يعتبر وسيلة لقياس تحركات سوق الأسهم ومزاج الأسواق وما إذا كانت الأسهم مسعرة بشكل عادل ، حيث تستند النظرية إلى المنطق القائل بأن الخوف المفرط يميل إلى خفض أسعار الأسهم ، ويميل الجشع المفرط إلى إحداث تأثير معاكس ، ذلك المؤشر أظهرعلامات الخوف يوم الجمعة للمرة الأولى منذ أذار ، كتغيير كبير عما كان عليه قبل شهر واحد فقط عندما كان المؤشر في منطقة “الجشع الشديد”.

هناك ثلاثة عوامل سلبية تتعرض لها الاسواق الاميركية اليوم وعلى رأس هذه المؤثرات :

عامل الاقتصاد الصيني

إن تراجع أداء الاقتصاد في الصين قد يحمل أخبارا سيئة للأسهم الأميركية من ناحية ارتباط الأسواق بمشاعر واحدة ناحية التوقعات لحركة الاسهم والمؤشرات، والخوف من انتقال العدوى الى الاقتصاد الاميركي . فالمشاعر السلبية قد تنتقل من الأسواق الصينية إلى الأسواق الأميركية جراء عدوى المشاعر . وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي الصيني وإنتاج المصانع والاستثمار في الأصول طويلة الأجل “مثل الممتلكات أو الآلات أو غيرها من السلع” في تموز وفقًا لمكتب الإحصاء الوطني في البلاد . كما سجلت بطالة الشباب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم ارتفاعات قياسية . ويعتبر الاقتصاد الصيني محركاً أساسياً للاقتصاد العالمي ، وهذا يعني أن أي تباطؤ في الاقتصاد الصيني ، يعني تباطؤا في الاقتصادي العالمي . وهذا يعني أن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي سيكون مؤثرا كبيرا على الأسهم الأميركية بشكل سلبي ، بسبب التعرض المباشر لمبيعات الشركات الأميركية حيث تعتبر الصين مستهلكا رئيسيا للسلع .

عامل تراجع القطاع العقاري الصيني

إن أزمة العقارات والديون المستمرة جعلت بعض المستثمرين يخشون من احتمال حدوث لحظة “شبيهة ببنك ليمان” بالنسبة للصين . إيفرجراند من جهة وكنتري غاردن من جهة آخرى ، أثرت على ثقل أسواق العقارات التي تشكل جزءا كبيرا من الناتج المحلي الإجمالي الصيني، بينما لا يُخفى أن التوترات بين الولايات المتحدة والصين في تصاعد حول قضايا تجارية وتكنولوجية .

الفدرال بنك وعامل الفائدة

كان لتدخل الفدرال بنك في الاسواق من خلال رفع معدلات الفائدة بأكثر من 5% خلال العام ونصف العام الماضيين لمحاولة كبح جماح التضخم، الاثر الكبير على اسواق المال ، وبدا في الفترة الأخيرة شبه تأكيد من أن الاحتياطي الفدرالي على وشك الانتهاء من دورة رفع أسعار الفائدة ، والذي افترض العديد من الاقتصاديين أنه سيُغرق الولايات المتحدة في الركود . لكن سلسلة من البيانات الاقتصادية القوية تحدت هذه التوقعات . كان الاقتصاد الأميركي مرنًا، حيث قدّر بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للربع الثالث بنسبة 5.8%، وما تزال البطالة منخفضة وإنفاق المستهلك قوي. وبما أن النمو مرتفع والركود ليس قريب والمخاوف من الضغوط التضخمية ما يزال في الاقتصاد ، فإن مسؤولي الفدرالي الأميركي قد يشعرون بأن هناك المساحة للمزيد من رفع الفائدة ، وهذا يتوافق تماماً مع محضر الفدرالي الأميركي الأخير . ومستثمرو الأسهم قد يجدون ذلك إشارة سلبية بأن عوائد السندات قد تكون جاذبة لتناقل الأموال من سوق الأسهم إلى أسواق السندات ، حيث وصل  العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عامًا إلى أعلى مستوياته منذ 2011 وحققت السندات لأجل 10 سنوات أفضل عائد لها منذ تشرين أول 2022.  وجاء تحذير بنك إنكلترا من أن الشركات البريطانية تواجه خطراً أكبر على مستوى التخلف عن سداد الديون، ليشكل تهديداً للاستثمار والعمالة ، وذلك نتيجة زيادة معدلات الفائدة .

وأضاف البنك في التقرير الصادر يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من آب أن نسبة الشركات البريطانية غير المالية التي تواجه ضغطاً بسبب خدمة الدين (الشركات ذات معدلات الأرباح المنخفضة نسبة إلى مصاريف الفائدة) سترتفع إلى 50% بنهاية العام الجاري ، مقابل 45% في 2022 ، هذا الامر بدأ يشكل ضغطا على سوق الاسهم بحيث بدأنا نشاهد تحولا كبيرا نحو سوق السندات ذات العوائد المرتفعة والأمنة في نفس الوقت .

عامل المخاطر لدى البنوك

 ما تزال المخاوف قائمة حول أمكان امتداد الأزمة المصرفية الإقليمية التي حصلت في أذار ، لذلك رأينا ان بعض المستثمرين قاموا بالبيع على المكشوف لعدد كبير من أسهم المصارف ، حيث باع صندوق المستثمر الأميركي مايكل بيري “المشهور بالبيع على المكشوف” عديدا من أسهم البنوك،ونفذ عمليات بيع على سهم بنك فيرست ريبابلك بقيمة 150 ألف سهم، بينما لم تسلم البنوك الأخرى من عمليات البيوع مثل ويسترن ألاينس و باك ويست بنك و بنك هانتينغتون من ضمن محفظة ضمنت مراكز بيوعية بقيمة 1.6 مليار دولار ضد سوق الأسهم.

 قد تكون البنوك الكبرى أيضًا في حالة ساخنة، فقد انخفضت أسهم البنوك يوم الإثنين المنصرم بعد التقارير التي أفادت بأن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني حذرت من أن تخفيض تصنيف إضافي في الصناعة المصرفية الأميركية يمكن أن يؤثر على تصنيفات العديد من المقرضين الأميركيين الكبار ، وقد انخفض سهم JPMorgan نهار الثلاثاء  بأكثر من 2% إلى أدنى مستوياته في 6 أسابيع ليخسر البنك أكثر من 9 مليارات دولار من قيمته السوقية في يوم واحد. وقد تعرضت أغلب أسهم البنوك الأميركية الكبرى والإقليمية لضغوط بيعية حادة خلال جلسة الثلاثاء بعد تخفيض S&P تصنيف العديد من المقرضين الإقليميين في الولايات المتحدة.

عديد الإشارات الاقتصادية والنفسية قد تكون مسيطرة على أسواق الأسهم بشكل سلبي ، وهذا لا ينفي أمكان التحسن مع صدور مؤشرات ايجابية في الايام المقبلة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى