سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف:الغموض يلف التكليف الحكومي بانتظار كتلة المستقبل ورؤساء الحكومات

الحوار نيوز – خاص

عكست الصحف الصادرة صباح اليوم في افتتاحياتها حالة الغموض التي تكتنف عملية التكليف الحكومي قبل 48 ساعة من بدء الاستشارات النيابية الملزمة ،وأجمعت على أن غالبية الكتل النيابية سوف تسمي من تطرحه كتلة المستقبل ورؤساء الحكومات السابقون لهذا الموقع.


• صحيفة الأخبار كتبت تقول:قبل 48 ساعة من موعد الاستشارات النيابية، وقبيل وصول الرئيس الفرنسي إلى بيروت، تنتظر الكتل النيابية اسم المرشح لرئاسة الحكومة الذي سيختاره الرئيس سعد الحريري، لتسمّيه في بعبدا
حدّدت رئاسة الجمهورية يوم الإثنين المقبل موعداً لإجراء الاستشارات النيابية، فيما لم تصل المفاوضات بين القوى السياسية الى توافق على اسم مرشح لرئاسة الحكومة. تكشف مصادر سياسية رفيعة المستوى أن مبادرة فرنسية أدّت، عملياً، إلى إقصاء سعد الحريري، والطلب إليه تسمية مرشح بديل، تسمّيه الكتل السياسية – النيابية الكبرى. وجرى التوافق على أن يسمّي رئيس تيار «المستقبل» مرشحاً أو مرشحين، على ألا يكون أي منهما مستفزاً للكتل الكبرى. وتقضي المبادرة الفرنسية بتأليف حكومة تشارك فيها الكتل السياسية الكبرى، بوجوه غير متهمة بالفساد. وكانت باريس، بحسب المصادر، تميل إلى اختيار تمام سلام لرئاسة الحكومة، وهو ما رفضه الأخير.

وبعدما سحب الحريري اسمه من التداول، على أن يقترح اسماً بديلاً، بقي الغموض سائداً ليل أمس، ولا سيما أن اجتماع رؤساء الحكومات السابقة انتهى من دون إصدار أي بيان، فيما كانت المعلومات قد تحدثت قبيل الاجتماع عن التداول بثلاثة أسماء ليصار الى اختيار واحد منها. غير أن المؤكد حتى الآن أنه وبنتيجة اللقاء الذي ضم الخليلين والنائب جبران باسيل أول من أمس وناقش «ورقة الإصلاحات» التي تقدم بها رئيس التيار الوطني الحر، التقى الوزير علي حسن خليل الرئيس سعد الحريري وطلب منه مجدداً اقتراح الاسم الذي يريد ترشيحه لرئاسة الحكومة، علماً بأن حزب الله وحركة أمل ظَلّا متمسكين بالحريري، وبقي رئيس مجلس النواب نبيه بري يتواصل معه، لمحاولة إقناعه بالعودة إلى الترشح، ولو أن عودته الى السراي تزداد صعوبة يوماً بعد آخر. من جهته، ينتظر التيار الوطني الحر ما ستؤول اليه الأمور في الساعات الـ48 المقبلة، و»الأرنب الذي سيخرجه الحريري»، فيما أكّدت المصادر أن التيار وحزب الله وحركة أمل، إضافة إلى كتلتَي النائبين السابقين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية، سيلتزمون بمرشّح الحريري.
مشكلة أخرى ظهرت في الأيام السابقة، وهي عدم قبول عدد من المرشحين بالتكليف لعلمهم بصعوبة المرحلة المقبلة. وإضافة إلى تمام سلام، علمت «الأخبار» أن الوزير السابق رشيد درباس كان من بين الأسماء التي جرى التداول بها، الا أنه كان متردداً، إضافة إلى أن الحريري يرفضه. وبناءً على ذلك، توقعت مصادر مطلعة على المفاوضات الدائرة أن يسمّي الحريري شخصاً مقرّباً منه، يحظى بغطاء فرنسي. ويجري التداول باسمي كل من النائب سمير الجسر، والوزيرة السابقة ريا الحسن التي تفضّلها باريس، علماً بأن أوساط الحريري تحدّثت عن احتمال تسمية شخصية من خارج الأسماء المتداولة.
وفي تصريح لافت أمس، يعكس حجم المخاوف الفرنسية من الوضع في لبنان، و«يضخّم» المبادرة الفرنسية عبر منحها «بُعداً وجودياً» للبنان، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من حرب أهلية، قائلاً: «إذا تخلينا عن لبنان في المنطقة، وإذا تركناه بطريقة ما في أيدي قوى إقليمية فاسدة، فستندلع حرب أهلية. ذلك سيؤدي إلى تقويض الهوية اللبنانية». وأشار ماكرون، الذي يصل إلى بيروت الإثنين المقبل، إلى «القيود التي يفرضها النظام الطائفي»، والتي «إذا ما أضيفت – لكي نتحدث بتحفظ – إلى المصالح ذات الصلة»، تؤدي «إلى وضع لا يكاد يوجد فيه أي تجديد (سياسي) وحيث تكاد تكون هناك استحالة لإجراء إصلاحات». وذكر الرئيس الفرنسي الإصلاحات التي يجب تنفيذها، وهي: «تمرير قانون مكافحة الفساد، وإصلاح العقود العامة، وإصلاح قطاع الطاقة والنظام المصرفي». وحذّر من أنه «إذا لم نفعل ذلك، فإن الاقتصاد اللبناني سينهار، والضحية الوحيدة ستكون اللبنانيين (…) الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المنفى».

وفي وقت المفاوضات الضائع وقبيل إجراء الاستشارات النيابية، يلعب شقيق الحريري، بهاء، محاولاً مضاعفة الأجواء المتوترة، أكان أمنياً أم سياسياً، بغطاء سعودي – إماراتي، على ما تقول مصادر مطلعة. وقد أعلن أمس خلال حديث إلى «The Globe and Mail»، ترشحه الى رئاسة الحكومة، رافضاً أن تذهب الى «تكنوقراطي مجهول يفتقر إلى الجاذبية الشعبية، وأنا أعتزم القيادة في خدمة بلدي بطريقة أو بأخرى». وكشف عن تنسيق بينه وبين «البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والمجتمع المدني لمحاولة إيجاد رئيس وزراء ومجلس وزراء يمكن أن يتعامل مع التحدي المزدوج لإنهاء الفساد في لبنان ونزع سلاح حزب الله». إشارة هنا الى أن ملتقى التأثير المدني الذي أنشئ حديثاً عبر دمج بعض المجموعات التي تدور في فلك 14 آذار والولايات المتحدة الأميركية، زار الديمان يوم أمس، وكرر رئيسه إيلي جبرايل لازمة «الحياد وحماية دولية إنسانية للبنانيين». أما بهاء الحريري، فلفت الى «تغير الخريطة السياسية في لبنان بعد انفجار المرفأ وصدور قرار المحكمة الدولية»، مؤكداً أن «غالبية المجتمع المسيحي ضد حزب الله، والمجتمع السنّي ضده، وكذلك المجتمع المدني وجميع المعتدلين من جميع الأديان الأخرى ضده أيضاً. لذلك، لم نعد أقلية، بل نحن الأغلبية اليوم». ورأى أنّ «كل من عمل مع حزب الله على مدى 15 عاماً، منذ استشهاد والدي، يجب أن يكونوا خارج السلطة». ما السبيل الى إقناع حزب الله بنزع سلاحه؟ «هذا ليس قرار حزب الله، هم لا يتخذون القرارات بل طهران هي التي تتخذها. ولكن في نهاية المطاف نحن شعب لبنان واكتفينا من هذا الوضع».

 


• وكتبت صحيفة "النهار" تقول: اذا قيست الاستشارات النيابية الملزمة التي حددت رئاسة الجمهورية مواعيدها يوم الاثنين المقبل بالمسافة الزمنية القصيرة المتبقية أمامها، فيمكن القول قبل يومين من إجرائها انها من اكثر الاستشارات اثارة للغموض والتشويش والشكوك، ما لم تطرأ حتى صباح الاثنين تطورات نوعية او مفاجئة. ذلك ان تحديد مواعيد الاستشارات الاثنين المقبل كما كان متوقعا لم يقترن بمعطيات أخرى كافية للجزم بان هذا الاجراء الدستوري الذي جرى تأخيره الى حدود الاضطرار القسري أخيرا الى اتخاذه تحت وطأة الزيارة الثانية التي سيبدأها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت مساء اليوم نفسه، سينتهي الى النهاية الطبيعية بتكليف شخصية سياسية سنية تأليف الحكومة الجديدة. اقله هذا ما اوحت به المعطيات والمعلومات المتصلة بمجمل التحركات والاتصالات والمشاورات المحمومة التي تجرى منذ أيام والتي تصاعدت بقوة امس مع اقتراب العد التنازلي للاستشارات من نهايته بما يملي حسم المواقف السياسية والنيابية من تسمية الرئيس المكلف. وإذ سابقت الأجواء الضبابية الاستعدادات الجارية للاستشارات قبل ظهر الاثنين كما لوصول الرئيس الفرنسي مساء الاثنين، بدا التعويل على حركة بيت الوسط ولا سيما لجهة رصد موقف "كتلة المستقبل" كما موقف رؤساء الحكومات السابقين الأربعة سعد الحريري ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام كمحور دافع أساسي لاستحقاق التكليف ثم التأليف بما عكس تطورا بارزا يبدو ان الأسابيع الأخيرة قد افضت الى تثبيته. هذا التطور تمثل في انطباع سياسي واسع بان معظم القوى السياسية والكتل النيابية قد تسلم بالاسم الذي قد يطرحه الفريق الأقوى تمثيلا للسنة أي "كتلة المستقبل" ورؤساء الحكومات السابقين، ولم يدل على ترجمة هذا الانطباع من تعمد ادراج دوائر البروتوكول في قصر بعبدا موعد "كتلة المستقبل" في مقدم الكتل بعد أدوار رؤساء الحكومة السابقين بما يعني ان مواقف الكتل الأخرى ستتحدد في ظل موقف الفريق السني الأقوى تمثيلا. ولذا اتخذت السيناريوات التي طرحت لنتائج الاستشارات طابعا معقدا وغامضا بعدما انتهى اجتماع رؤساء الحكومة السابقين الأربعة مساء امس في بيت الوسط الى إبقاء مشاوراتهم مفتوحة وعدم تسمية أي مرشح للتكليف بعد وترك الامر لموعد الاستشارات حصرا. وإذ جرى التأكد من ان أي تسمية لم تحسم بعد ظل اسم الرئيس سعد الحريري من دون منازع كمرشح وحيد من جهات خارجية ابرزها فرنسا وداخلية باعتباره رجل المرحلة المؤهل للاستجابة لمتطلبات المرحلة الإصلاحية داخليا وتوفير غطاء الدعم الدولي للبنان. ولكن ذلك لم يكفل المعطيات الكافية لتبديد الغموض المحيط بيوم الاستشارات خصوصا ان ثمة سيناريو سلبي اثير حيال امكان الا يسمي الفريق السني الأكثر تمثيلا أي مرشح فيتبعه فريق 8 آذار ويمتنع عن التسمية الامر الذي قد يطيح الاستشارات ويدفع نحو تحديد مواعيد أخرى لها لاحقا. ويبدو واضحا ان أي معطيات واضحة لن تبرز قبل مساء الاحد او صباح الاثنين علما ان الرئيس الحريري لم يكن حتى البارحة في وارد تسمية أي مرشح. وفي الوقت نفسه بدا مؤكدا ان الثنائي الشيعي يتجه الى تأييد ترشيح الحريري اذا سماه الفريق السني الأكثر تمثيلا علما ان الخليلين كانا ابلغا النائب جبران باسيل بهذا القرار .

ماكرون : التحضيرات والتحذيرات
وسط هذا الغموض الواسع الذي يحوط مصير الاستشارات اكتملت الاستعدادات للزيارة الثانية التي سيقوم بها الرئيس ماكرون في اقل من شهر للبنان بدءا من مساء الاثنين. وفي مواقف لافتة جديدة قبيل عودته حذر ماكرون امس في باريس من "حرب أهلية في لبنان اذا تخلينا عنه". وقال "اذا تخلينا عن لبنان في المنطقة واذا تركناه بطريقة ما في ايدي قوى إقليمية فاسدة فستندلع حرب أهلية وسيؤدي ذلك الى تقويض الهوية اللبنانية ". وأشار الى "القيود التي يفرضها النظام الطائفي والتي اذا أضيفت الى المصالح ذات الصلة أدت الى وضع يكاد لا يوجد فيه أي تجديد سياسي وحيث يكاد يكون هناك استحالة لاجراء إصلاحات". كما حذر من انه في حال عدم تنفيذ الإصلاحات "فان الاقتصاد اللبناني سينهار والضحية الوحيدة ستكون اللبنانيين".

واتسم البرنامج المعد للزيارة كما كشفته مصادر الرئاسة الفرنسية امس بمزيج لافت من المبادرات والرمزيات التي حرصت عليها باريس لإظهار عراقة علاقتها بلبنان في ذكرى مئة عام على اعلان لبنان الكبير، كما من المواقف السياسية القوية الدافعة نحو تثبيت الرعاية الفرنسية لحل داخلي عاجل يبدأ بإخراج البلاد من متاهات انهياراته. وإذ يبدأ البرنامج بزيارة معبرة للسيدة فيروز ويمر برحلة الى غابة جاج لزرع شجرة أرز فرنسية وسط تحية استعراضية يؤديها سرب من الطائرات الفرنسية التي ستحضر الى الأجواء اللبنانية خصيصا يوم الأول من أيلول، يبدأ الشق السياسي بلقاءات في قصر بعبدا ومن ثم تنتقل الى قصر الصنوبر حيث يلتقي ماكرون في مبادرة خاصة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي نظرا الى دور بكركي التاريخي في قيام لبنان الكبير، ومن ثم سيعقد ماكرون لقاء موسعا مع ممثلي القوى السياسية (9 شخصيات ) ينتظر ان يتمحور على الحكومة الجديدة وخريطة الطريق التي اقترحها الجانب الفرنسي لمهمتها.

اربع مهمات
ونقل مراسل "النهار" في باريس سمير تويني عن مصادر رئاسية فرنسية ان هناك العديد من الخيارات المطروحة من اجل تشكيل "حكومة مهمات" او من اجل اهداف معينة ستؤدي في النهاية الى انتخابات برلمانية. وحددت هذه المصادر أربعة أمور طارئة يجب على الحكومة الجديدة وضعها كأولويات محددة بذلك خطة عمل الحكومة وهي: إعادة بناء مرفأ بيروت ، مكافحة انتشار وباء كورونا ، القيام بالإصلاحات الاقتصادية والمالية ، التحضير للانتخابات النيابية، اذ ان باريس تعتبر ان هناك حاجة الى فتح افق سياسي جديد من خلال انتخابات نيابية تجدد الطاقم السياسي . وإذ اكدت المصادر الرئاسية الفرنسية ان الدعم لهذه الحكومة سيكون متوافرا ذكرت بما كان ماكرون قد أعلنه خلال زيارته السابقة من انه لن يترك اللبنانيين وهذا يعني التزاما فرنسيا لمزيد من الضغط لتنفيذ هذه الخطة وان ماكرون لا يشكل الحكومة اللبنانية طبعا لكنه سيستمر في ضغوطه لتطبيق البرنامج الإصلاحي الضروري.

وغداة زيارة ماكرون للبنان سيصل الى بيروت مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر في الثاني من أيلول ضمن جولة له على الكويت وقطر ولبنان . وأفادت وزارة الخارجية الأميركية ان شينكر سيلتقي ممثلي المجتمع المدني وسيناقش الجهود المتعلقة بالمساعدات الأميركية في أعقاب انفجار مرفأ بيروت وسيحث القادة اللبنانيين على تنفيذ إصلاحات تستجيب لرغبة الشعب اللبناني في الشفافية والمساءلة وحكومة خالية من الفساد .

• وكتبت "الجمهورية" تقول: على وَقع التفلت الأمني في الشارع، وفي ظل التخبّط الحاصل على صعيد تأليف الحكومة وغياب أهل السلطة عن المسؤولية التي تفترض القيام بحلول سريعة وحاسمة بشأن الإنقاذ، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من "حرب أهلية" في لبنان "إذا تخلينا عنه"، وذلك قبيل عودته إلى بيروت في مسعى لإنهاء الأزمة السياسية التي تمنع تشكيل حكومة تُخرج البلاد من أزمتها العميقة.
وقال ماكرون من باريس "إذا تخلينا عن لبنان في المنطقة وإذا تركناه بطريقة ما في أيدي قوى إقليمية فاسدة، فستندلع حرب أهلية" وسيؤدي ذلك إلى "تقويض الهوية اللبنانية".وأشار إلى "القيود التي يفرضها النظام الطائفي" التي أدت "إلى وضع يكاد لا يوجد فيه أي تجديد سياسي وحيث يكاد يكون هناك استحالة لإجراء إصلاحات". وحذّر من أنه "إذا لم نفعل ذلك فإن الاقتصاد اللبناني سينهار" و"الضحية الوحيدة ستكون اللبنانيين".


امّا في السياسة، فلقد ثبت بما لا يقبل أدنى شك أنّ لـ"كورونا" شريكاً في الاجهاز على لبنان، هو الطبقة السياسية المتحكّمة، التي تنافس بعضها البعض على تقديم أسوأ نموذج في الأداء السياسي، لا مثيل له حتى في أكثر الدول تخلّفاً، جعل الخوف على لبنان مشروعاً، ليس من العدو الخارجي، بقدر ما انّ الخوف عليه هو من العدو الداخلي المتمثّل بطاقم سياسي لا انتماء حقيقياً له الى لبنان، بل الى غرائزه ومصالحه، ولا يعنيه سوى الجلوس على الكرسي والتحكم والاستئثار، وثوابته المقدسة التي تبدأ وتنتهي عن جَني المغانم والسطو على المقدرات.


الشعب اللبناني مقهور، والطاقم السياسي لا يرف له جفن، والمجتمع الدولي معذور، إن خجل بهذه النوعية من السياسيين، الذين لا يرون أبعد من أنوفهم، وما حَلّ ببلدهم بفعل أيديهم، ويعدمون كل فرصة إنعاش له، وخصوصاً في وضعه الحالي الذي يُحتضَر.
الكارثة اللبنانية، التي تعاظمت مع انفجار مرفأ بيروت، جمعت المجتمع الدولي كله حول لبنان، وجرّب بكل لغاته أن يُفهم القابضين على الدولة بأن تجاوز هذه الكارثة مشروط بانقلاب جذري على السياسات التي حكمت البلد وخرّبته، ولكن لا حياة لمن تنادي. وها هي فرنسا تصرخ في آذانهم "ساعدوا بلدكم .. فلبنان الدولة يوشك ان ينتهي، وها هو الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يرفع صوته مع لبنان من جديد، حيث عشية زيارته الثانية الى بيروت، من حرب اهلية، وقال في باريس امس: "إذا تخلينا عن لبنان في المنطقة وإذا تركناه بطريقة ما في أيدي قوى إقليمية فاسدة، فستندلع حرب أهلية" وسيؤدي ذلك إلى "تقويض الهوية اللبنانية".


فقبل نحو شهر حضر ماكرون، الى بيروت، وهاله حجم ومشهد الفاجعة التي حلت بلبنان، المفجوع أصلاً بكارثة اقتصادية ومالية فاقمها انفجار مرفأ بيروت، وبدا بما لا يقبل أدنى شك انه لبناني أكثر من السياسيين اللبنانيين الذين التقاهم في قصر الصنوبر، وقال لهم: بلدكم يقترب من ان يزول، وفرصة إنقاذه بيدكم، أجّلوا خلافاتكم الكبرى، واتفقوا على حكومة إصلاحات، وانا اضمن لكم الدعم من أميركا والسعودية وإيران والإتحاد الأوروبي وكل العالم.

ماكرون مصدوم
وراهَن ماكرون على استجابة السياسيين لخريطة طريق الانقاذ التي رسمها أمامهم، لكنّ رهانه هذا كان خاسراً، فصرخته التي أطلقها في بيروت اصطدمت بذهنيات متحجّرة، مارَست بحق بعضها البعض أسوأ لعبة ابتزاز فوق ركام البلد، وتسابق بعضها لتحريض دول كبرى على تعطيل فرص الحل في لبنان في سابقة لا مثيل لها، حتى في الدول التي تضمر الشرّ للبنان.


وعلى ما يؤكد مواكبون للمسعى الفرنسي لـ"الجمهورية"، فإنّ أخبار هذه اللعبة، التي كانت ترد الى الايليزيه، كانت صادمة للرئيس الفرنسي وادارته، ومع ذلك ظلّ يحاول ان يهدم الحيطان التي يبنيها السياسيون بين بعضهم البعض، وبعض المراجع السياسية كانت حتى ايام قليلة خَلت، في أجواء صدمة ماكرون، وتفاصيل محاولاته إحداث ثغرات في تلك الحيطان.


وبحسب تأكيدات هؤلاء المواكبين، فإنّ ماكرون الذي سيصل الى بيروت بعد يومين ليسمع مباشرة من اللبنانيين ماذا قرروا، سيكون له كلام مباشر وصريح يتجاوز اللغة الديبلوماسية. ويلفت هؤلاء الى مسألة يصفونها بالشديدة الاهمية، ويجب ان يدركها اللبنانيون، وهي انّ ماكرون لن يسلّم بفشل، او بالأحرى، بتَفشيل مسعاه.
وفي هذا السياق، قال مسؤول في الرئاسة الفرنسية أمس إنّ الرئيس الفرنسي سيتوجّه إلى بيروت الأسبوع المقبل للضغط على الساسة اللبنانيين للمضي قدماً في تشكيل حكومة يمكنها أن تطبّق إصلاحات عاجلة.
وأبلغ المسؤول نفسه الصحافيين قبل زيارة ماكرون لبيروت يومي الاثنين والثلاثاء، قوله: إنّ الرئيس قال إنّه لن يستسلم، وقطع على نفسه عهداً بفِعل كل ما هو ضروري وممارسة الضغوط اللازمة لتطبيق هذا البرنامج.
وأضاف: إنّ الوقت حان لِتنحّي الأحزاب السياسية اللبنانية جانباً، مؤقتاً، وضمان تشكيل حكومة تعمل على التغيير.

ماذا لو نفض يده؟
إلا انّ معلومات مراجع سياسية في بيروت تؤكد انّ ماكرون لن يُبقي بابه مفتوحاً الى ما لا نهاية، فمع وصول مسعاه الى نقطة الفشل ونقطة اللارجوع، لن يكون مفاجئاً إذا أعلنَ صراحة أنّه ينفض يده من الملف اللبناني، ويبلغ السياسيين بما مفاده انّ باريس، ومِن موقع حرصها على لبنان، قامت بما يُمليه عليها واجبها تجاه بلد تجمعها معه روابط تاريخية، وهي أمام عدم تجاوبكم، مضطرّة لأن توقِف مسعاها، ومعنى ذلك أنكم أصبحتم وحدكم، فاخرجوا من أزمتكم إن استعطم، ولا تتوقعوا مساعدات من أحد. ولن يكون مفاجئاً ايضاً إن كان لفرنسا في وقت لاحق، عدم ممانعة، او حتى شراكة، في فرض عقوبات على بعض الاطراف في لبنان.

شينكر الى بيروت
من جهة ثانية، أفيد أمس عن انّ مساعد وزير الخارجية الاميركية دايفيد شينكر سيزور بيروت يوم الاربعاء في 2 ايلول المقبل.
وبحسب بيان لوزارة الخارجية الاميركية، فإنّ شينكر سيسافر الى لبنان بتاريخ 2 ايلول، حيث سيلتقي مع ممثلي المجتمع المدني، وسيناقش الجهود المتعلقة بالمساعدات الاميركية في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، وسيحثّ القادة اللبنانيين على تنفيذ اصلاحات تستجيب لرغبة الشعب اللبناني في الشفافية والمساءلة وحكومة خالية من الفساد".


وفي موقف لافت للانتباه، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ"العربية": إنّ سبب انفجار مرفأ بيروت هو الفساد وسوء الإدارة في لبنان، وفشل القادة اللبنانيين في إجراء إصلاحات هادفة.
وأكد المسؤول الأميركي "أنّ بلاده ستواصل دعمها للمتضررين من انفجار مرفأ بيروت".

الاستشارات
الى ذلك، حسمت رئاسة الجمهورية أمرها وحددت الاثنين المقبل موعداً لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة. وبحسب ما أعلن، فإنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تَشاوَر في تحديد الموعد مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
الّا أنّ اللافت للانتباه في تحديد موعد الاستشارات الاثنين، الذي يصادف في اليوم نفسه الذي قد يصل فيه ماكرون الى بيروت مساء، أنه لم يقترن بتسريب او إيحاء حول اسم الشخصية التي ستكلّف تشكيل الحكومة، كما لم يقترن تحديداً بأنّه انطلقَ من خلفية التوافق المُسبق على شخصية الرئيس المكلف، ولو كان هذا التوافق موجوداً لتحدد موعد الاستشارات اليوم برغم العطلة الرسمية، أو غداً، وليس الانتظار الى الاثنين.
وفيما قالت بعض المصادر انّ مبادرة رئيس الجمهورية بتحديد الموعد الاثنين، تُعتبر خطوة لِحشر الاطراف المعنية بالملف الحكومي وحثّها على التوافق على رئيس الحكومة. وهو بتحديده موعد الاستشارات الاثنين، يعطي مهلة 72 ساعة لهذه الاطراف لحسم هذا التوافق، الّا انّ اللافت كان تغريدة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط التي كتب فيها: "بعد تأخير في الدعوة الى الاستشارات ومخالفات الطائف، كأنّ بعض القوى السياسية تختبر مسبقاً دستوراً جديداً، وبعضها ينادي به جهارة، تحددت الاستشارات نهار الاثنين حياء، كون الرئيس ماكرون سيأتي الثلاثاء".


وبحسب مصادر سياسية معنية بالملف الحكومي، فإنّ موعد الاستشارات الملزمة، وعلى رغم تأكيد مصادر في بعبدا انّ هذه الاستشارات لن تتأجّل وعلى رغم مبادرة رئاسة الجمهورية إلى توزيع جدول لقاءات رئيس الجمهورية بالكتل والنواب، يبقى عرضة للتأجيل في حال لم يتم التوافق على اسم لرئاسة الحكومة. ومن هنا، تحرّكت اتصالات مكثّفة في الساعات الماضية لِحسم اسم رئيس الحكومة العتيد، ولا سيما بين الثنائي الشيعي و"التيار الوطني الحر"، وبين المراجع السنية السياسية والدينية، وكذلك على خط عين التينة وجنبلاط، وما بين الثنائي وتيار المردة وسائر الحلفاء.


وبحسب معلومات "الجمهورية" فإنّه حتى ما بعد إعلان مواعيد الاستشارات الملزمة، فإنّ الرئيس سعد الحريري لم يكن قد سمّى أحداً لرئاسة الحكومة، وذلك التزاماً منه بما سَبق وأعلنه بأنه لن يسمّي أحداً او يغطّي أحداً من المقرّبين منه لرئاسة الحكومة. هذا في وقت كانت فيه بعض الاسماء تُطرح بشكل مُتتال وتُدخَل الى نادي المرشحين، ولا سيما اسم الرئيس تمام سلام، الذي أكدت أوساطه لـ"الجمهورية" انه ليس معنيّاً على الاطلاق بكل ما يتعلق بطرح اسمه لتشكيل الحكومة، وانه بالتالي لن يكون مرشّح امر واقع، علماً انّ للرئيس سلام، وبناء على تجربته السابقة في رئاسة الحكومة، موقفاً معروفاً بأنّه يرفض بشكل قاطع ونهائي تشكيل حكومة في عهد عون ووجود جبران باسيل ربطاً بمعاناته معهما في فترة تَرؤسه الحكومة".


هذه المواقف تزامَنت مع اجتماع عقده الرؤساء السابقون للحكومات، الحريري والسنيورة وميقاتي وسلام، من دون ان يتم الإعلان عن أيّ قرار بشأن التسمية في الإستشارات النيابية الملزمة، وقد تم الاتفاق على إبقاء الاجتماعات مفتوحة.
وفيما أُخرج من التداول اسم السفير نواف سلام واسم محمد بعاصيري، ربطاً بما يُقال انه "فيتو عليهما" من قبل "حزب الله"، لوحِظ انّ بعض الماكينات تعمّدت رَمي مجموعة أسماء من تيار "المستقبل" كالنائب سمير الجسر والوزيرة السابقة ريا الحسن، وأيضاً الوزير السابق رشيد درباس، والرئيس نجيب ميقاتي الذي حسم موقفه: "الحريري مرشحي"، وأكدت أوساط قريبة من تيار "المستقبل" انها ليست معنية بكلّ ما يطرح، باعتبارها طروحات غير بريئة، والأهم من كل ذلك اننا لن نغطّي أي شخص او اي حكومة يتحكّم بها جبران باسيل.


أساسيات محسومة
الى ذلك، كشف مشاركون في حركة الاتصالات لـ"الجمهورية"، انهم فوجئوا بتحديد موعد الاستشارات قبل بلوغ التوافق على اسم رئيس الحكومة، الّا انهم اشاروا الى انّ الساعات المقبلة ستبلور الصورة اكثر، إن في اتجاه إجراء الاستشارات في موعدها المحدد الاثنين، او في اتجاه تأجيلها الى موعد آخر.


وبحسب هؤلاء المشاركين، فإنّ الرهان في هذه الحالة يبقى على "مفاجأة في ربع الساعة الأخير"، ذلك انّ إجراء الاستشارات وعدمها هما احتمالان ما زالا متساويين، لأنّ الخيارات المطروحة لرئاسة الحكومة محدودة جداً، ومعزّزة بما سمّاها هؤلاء "مجموعة أساسيات" محسومة لدى الثنائي الشيعي تحديداً:
– أولاً، انّ الاستشارات الملزمة ينبغي ان تتم بصورة توافقية لا خلافية، وليس استشارات تشكّل تحدياً لجهات سياسية بشكل خاص وكذلك للطائفة السنية بشكل عام.
– ثانياً، لا تكرار لتجربة حكومة حسان دياب، لا من حيث التكليف ولا من حيث التأليف.
– ثالثاً، قرار حركة "أمل" و"حزب الله" حاسم ونهائي بعدم الدخول في مواجهة، أو تشكيل حكومة مواجهة مع شريحة وازنة وكبيرة من اللبنانيين. وبالتالي، لا حكومة من لون واحد، تحت اي عنوان، أكان حكومة تكنوقراط، او حكومة اختصاصيين، او حكومة تكنوسياسية، بذات الحاضنة السياسية التي احتضَنت حكومة حسان دياب، ذلك انّ وضع البلد شديد السوء، وأخطر بكثير ممّا كان عليه عشيّة تأليف الحكومة المستقيلة، ثم انّ الاساس هو تشكيل حكومة وحدة وشراكة جامعة تفتح امام لبنان باب المساعدات الخارجية.
– رابعاً، انّ الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ينبغي أن يحظى بأوسع توافق عليه من المكونات السياسية، والوضع الحالي في لبنان يوجِب حكومة إصلاحية فاعلة. وبِحَد أولى، يوجب ان يكون رئيسها صاحب حيثية سياسية وشعبية ولدى الطائفة السنية.
– خامساً، إنّ الرئيس الحريري، ورغم إعلانه انه ليس مرشحاً، يبقى خياراً مطروحاً لانطباق تلك المواصفات عليه، الّا اذا ظلّ مصرّاً على عدم الترشّح، ففي هذه الحالة يُتَّفق معه على رئيس الحكومة، بمعنى ان يكون الحريري شريكاً في رئاسة الحكومة، حتى ولو كان خارجها شخصياً، وشريكاً أيضاً في الحكومة عبر تياره السياسي. خلاصة الموقف: نمشي بحكومة برئاسة الحريري، او بشخصية نتفق معه عليها.

أين الكرة؟
في هذا الوقت، أبلغ معنيون بالملف الحكومي الى "الجمهورية" قولهم: انّ كرة "حسم الموقف" هي ملعب الرئيس الحريري، والاتصالات التي تكثّفت معه في الساعات الماضية، وخصوصاً من قبل الثنائي الشيعي، لم تتوصّل الى حسم الموقف نهائياً من جانب الحريري. الّا انّ مطّلعين على أجواء هذه الاتصالات يقاربونها بإيجابية، ولا يقطعون الأمل في ان تُترجم هذه الايجابية، خصوصاً انّ هناك ثغرة قد فتحت، وقد يُبادر الحريري، من خلالها وبعد حسم عدم ترشيح نفسه نهائيّاً، الى ترشيح اسم محدد لرئاسة الحكومة يتم التوافق عليه.
ويضيف هؤلاء: انّ كرة "حسم الموقف" ايضاً هي لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، والاتصالات الجارية مع اتجاههما لم تبدّل حتى الآن في الموقف المتصَلّب حيال الحريري شخصياً، ورفض عودته الى رئاسة الحكومة.

التحدي المتبادل!
الاانّ المصادر تلفت الى انّ الاتصالات تتركز حالياً على حسم موقف الحريري، إذ يخشى مع التأخّر في ذلك أن تظهر تعقيدات غير متوقعة تعيد إقفال تلك الثغرة، وقالت لـ"الجمهورية": الحريري وباسيل دخلا لعبة تحدٍ واضحة، أقرب الى معركة كسر عظم بينهما، فالحريري يرفض في المبدأ عودة باسيل، وحكومة تكون يَده، أي باسيل ومن خلفه الرئيس عون، مُطلقة فيها، ولن يغطّي اي شخصية لرئاسة حكومة تمنح باسيل حرية كَربَجتها وتعطيلها والتحكّم بقراراتها، وقرار الحريري حاسم في هذا الاتجاه.


أضافت المصادر: انّ باسيل، الذي يدرك اساساً انّ عودته الى الحكومة صعبة بفِعل المناخ الشعبي الرافض له (الحراك بكل تلاوينه)، وكذلك المناخ الدولي، وتبعاً لذلك يقال انه أبلغ مقرّبين منه بأنّه لا يرغب بالعودة شخصيّاً الى الحكومة، إلّا انّه في الوقت ذاته يرفض عودة الحريري الى رئاسة الحكومة. ولا مانع لديه إطلاقاً في ان تتشكّل حكومة اقطاب، او حكومة شبيهة بحكومة حسان دياب، او حكومة برئاسة اي شخصية غير الحريري، وحتى ولو كان اسمها مُستفزّاً لبعض حلفائه (مثل نواف سلام)… إذ انّ هذه العودة ستُظهره في موقع المنتصر، والبريء وحده من تهم الفساد وكل ما جرى في البلد، وكل الآخرين متّهمون، وهذا ما لن يقبل به لا عون ولا باسيل ولا التيار.

الحكومة المقبلة
في المقابل، تمنّى مرجع سياسي عبر "الجمهورية" أن نصل الى خواتيم إيجابية، والتوافق على اسم رئيس الحكومة قبل الاثنين، وإلّا فإننا سنغوص في تعقيدات أعمق ممّا هي عليه الآن.
واستبعد المرجع تكليف رئيس الحكومة بمعزل عن الرئيس الحريري، وقال: الحل الأمثل للوضع الحكومي حالياً هو تشكيل حكومة برئاسة الحريري، امّا اذا كانت ثمة ظروف واعتبارات لديه تحول دون ذلك، فالحلّ الآخر هو اختيار شخصية بديلة بالتوافق معه، على أن يُصار بعد ذلك الى تشكيل حكومة مختلطة من اختصاصيين في أكثريتها، محصّنة بعدد قليل جداً من السياسيين (ليسوا وجوهاً مستفزّة) ولا يتولون حقائب أساسية (وزراء دولة)، وتنطلق بالعمل السريع بعيداً عن الكيدية والانتقام، وفق برنامج إصلاحي حقيقي تُخاطب فيه الداخل والمجتمع الدولي بمجموعة خطوات إصلاحية متتالية في كل القطاعات وفي مقدمها الكهرباء، على ان يقترن عملها بإقرار مجموعة قوانين إصلاحية أهمها استقلالية القضاء، وتنهض بالبلد.


وذكّر المرجع نفسه بأنّ الاشارات ما زالت تتوالى من المجتمع الدولي، وتؤكد انّ على اللبنانيين ان يلتفتوا الى ما أصاب لبنان، والى الآثار الخطيرة التي خلّفها انفجار مرفأ بيروت والذي دَمّر ربع بيروت. وبالتالي، فإنّ على لبنان استثمار اللحظة الدولية المؤاتية له لفتح باب المساعدت إليه، والاتيان بحكومة يتمتع رئيسها بأوسع تأييد وقاعدة تمثيلية، وبتشكيلة تكنوسياسية لا تشبه الحكومات السابقة، مطعّمة بوجوه من الحراك، على أن تسند الوزارات الاساسية والخدماتية فيها الى شخصيات نزيهة وكفوءة توحي بالثقة وغير مستفزّة لا للداخل ولا للخارج.

"الاجتياح الكوروني"
ومع "الاجتياح الكوروني" للبنان المستمر منذ شباط الماضي، وغياب الوعي وانعدام إرادة مواجهته، ولو بالحد الأدنى من الاجراءات الوقائية البديهية، صار على المواطن اللبناني ان يحضّر نفسه للأسوأ، والمصيبة الكبرى عندما يأتي هذا "الأسوأ"، اذ لن ينفعه ندم، ولن يوفّر له تراخيه المتمادي به بكل مكابرة ولا مسؤولية، ومساهمته عن قصد متعمّد في توسيع انتشاره، حصانة او مضاداً للحال الكارثي، الذي سيهبط إليه هو والبلد معه. فهل هذا هو المطلوب؟ وهل هذه هي النهاية التي يريدها المواطن لنفسه وأهله ومجتمعه وكل البلد؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى