فنون

في ذكرى 13 نيسان:كامل اللمع الذي رسم بالكاميرا صورة الحرب

 

      هدى سويد – ايطاليا
ليس بوسع اللبناني النسيان ، لا 13 نيسان ولا سنيه التي امتدت متخبطة في بحر دماء لا ينضب،
لا أريد المضي في لغة ذاك وتلك الأيام ، وأجدني أتوقف عند الصورة ، التي معها يستعيد المرء ما حصل ، فهي الذاكرة ، الأرشيف والمشهد الحي الذي يُلخص الحالة وينقلنا إلى حيثياته وإشكالياته كما لغته التشكيلية التعبيرية .
هي الصورة التي جرجرتني للصحافة ، نموت معها وكبرت ، خيّرتني ، دفعتني لرؤية الكلمة واستشفاف الصورة فيها ،
وللتاريخ أفصح بأني تدربت على رؤيتها فيلما يعمل المصور على دسه في كاميرته برشاقة كانت تعجبني لا بل تسحرني، لتنتهي في غرفة مظلمة صورا مبللة كأنها التقطت للتو من البحر .
كان الزمن أسود وأبيض، جميلة صوره ،وكانت عيناي تتسعان لرؤية ما ابتدعته العين والأصابع ..تكتكة مسرعة تلحق بها الأنفاس .
كان ذلك في جريدة "النداء" القريبة من بيتنا ، وكان في جريدة النداء جمال الصعيدي وكامل اللمع اللذان أصبحا من أقرب الأصدقاء فيما بعد ، وأعترف أن مع فنهما واحترافهما كبرت وكبر ولعي بالصورة التي كانت الأصل في أي مقالة أو تحقيق أقوم به أم أنجزه، ليصبح كل المصورين بفنهم أصدقاء لي فيما بعد عبر مسيرتنا الصحافية ، لأن التناغم ما بين الإثنين أمرا حتميا، وإلاّ لا يمكن تحقيق مادة صحافية متجانسة .
وفي هذا اليوم أجدني أتذكر كامل اللمع الذي هاجر إلى ألمانيا ولم أعد أعرف عنه شيئا ، كما أراني أنحاز إلى صورة التقطها، حازت على ما أعتقد جائزة حين كان في وكالة "فرانس برس" ، تختزل خوف كل سني الحرب في لبنان ، الكامنة في وجوه وعيون أب لجأ إلى ما تحت جسر الكولا لحماية أولاده من القصف ، وهي الصورة التي استعنت بها لدعم مقالة لي نشرتها حينها في أوائل أيلول/سبتمبر عام 1985 في بداية عملي الصحافي في مجلة "الحسناء" والذي أحتفظ به لغاية اليوم.
تحية لكل المصورين في هذا اليوم الذين تركوا صورا مشابهة ، جميلة ، مُعبّرة أو أكثر تعبيرا ، إذ لا يمكن لمصور أن يقتني كاميرا ويمتهن المهنة هذه إن لم يكن مبدعا وفنانا.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى