رأي

عندما تصبح الثروات ..نقمة لا نعمة!

واصف عواضة

أشكر الله وأحمده على نعمته ،لأنني لا أملك رصيدا ولا ثروة في المصارف اللبنانية ،لكنني أشعر بمرارة وأسف وحزن وغضب في آن معا، تجاه  الكثيرين من أبناء بلدي ،الأوادم والشرفاء ،الذين صنعوا أرصدتهم وثرواتهم بعرق الجبين ،سواء في لبنان أم في الغربة،وقد تحولت ثرواتهم الى نقمة لا نعمة،خاصة عندما نسمع آراء ومعلومات وتحليلات عن خطط مالية لسلب أصحاب هذه الثروات جزءا كبيرا من أموالهم،أو لأن المصارف اللبنانية عاجزة عن تسديد ودائعهم.
أما الذين سرقوا ونهبوا وبنوا ثرواتهم من المال الحرام ،فلا أشعر حيالهم بأي أسف أو مرارة ،إما لأنهم لا يستحقون هذه الثروات ،أو لأنهم قاموا بتهريب الجزء الأكبر من أرصدتهم الى الخارج.
من هنا أعتقد أن الحكومة اللبنانية برئيسها ووزرائها الذين أزعم أنهم مثلي لا يملكون ثروات وأرصدة ،أو أنهم يملكونها من المال الحلال ،كلهم يجدون أنفسهم اليوم في حالة إرتباك شديد ،يتنازعهم شعوران متناقضان :إنقاذ الاقتصاد من جهة ،وكيفية تحقيق ذلك من جهة ثانية .وعليه لا تُحسد هذه الحكومة على واقعها وموقعها في الزمن الصعب ،في وقت يلح عليها  بعض الغلاة بالإسراع في انقاذ البلد من أزمته الخانقة،في حين لم يبادروا هم في الزمن السهل ،وقبل أعباء الكورونا،في إنتاج خطط الإنقاذ الناجعة ،بل أمعنوا في تفاقم الحال.
ورب ساخر أو خبيث هنا سوف يسأل: ينزف عقلك وقلبك على أصحاب الثروات ،فما بالك بالفقراء ومتوسطي الحال الذين يخشى ألا يجدوا قوت يومهم في المستقبل القريب والمنظور؟
    وهنا لا أجد ردا غير الدعاء التقليدي:"اللهم إنّا لا نسألك رد القدر ،ولكن نسألك اللطف فيه".فللفقراء رب يحميهم في زمن الشدة ،وهو القائل في كتابه الكريم:"إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٣٢ النور﴾.
    لكن أخشى ما نخشاه ألّا يتكل الفقراء على الرب وحده إذا ما ضاقت بهم السبل .أولم ينسب لإمام المتقين وسيد العدالة علي بن أبي طالب قوله :"عجبت لم لا يجد قوت يومه  كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه؟ ".
     إنّ غدا لناظره قريب .والسلام على من اتبع الهدى!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى