سياسةمحليات لبنانية

القضاء مع القانون.. والقوانين ليست عادلة بالضرورة!

يعتقد عامة الناس خطأً، أنّ لجوءهم الى القضاء يحقق لهم العدالة ويبيّن لهم حقاً مسلوباً. والحقيقة أن القضاء ليس كما يزعم القضاة، ليس بالضمير الذي يحكم بإسم الشعب او الربّ، لأن آلية عمل المحاكم تقدّم الغنيّ والقادر وصاحب العلاقات الواسعة مع النافذين في المجتمع على الفقير والمحروم والضعيف.
الغني والقادر وصاحب النفوذ سيأتي بأكثر المحامين شهرة بالدهاء القانوني أي الأعلى أجراً ليدافعوا عنه، بينما الفقير والضعيف سيأتي بمحام يقدر على أجرته، وربما يكون ذلك المحامي ماهراً رغم الأجر البسيط ،الا أنه لن يكون أبداً بصاحب علاقات واسعة بين القضاة .
يمتد عمل المحكمة لفترة طويلة من الزمن، يصبر على أدائها البطيء، الغني والقادر، لإستطاعته السهلة على الصمود ما يجعله صاحب نفس طويل، بينما الفقير يزداد إحتراقاً ونزفاً مالياً ما يجعله من أصحاب النفس القصير فيفضل الانسحاب والتسوية .
الغني عادة صاحب خبرة في الالتفاف على القانون والمناورة على الزبائن، وأكثر دراية بعقل المواطن وبنقاط ضعف السوق وفي خداع التسويق ،واكثر معرفة في انتقاء ضحاياه من زبائنه لخبرته التجارية،  ولتراكم تجارب الخلافات والمنازعات  والمشاكل ما يجعله يحتاط دوما في علاقته القانونية مع أي يكن، ولو كان من أقرب المقربين من أهله بينما الفقير والضعيف  ليس لديه تراكم الخبرات وليس لديه حسّ و بديهة اكتشاف الحيلة المنظمة التي يرعاها محامون محنكون في خدمة الغني و أعماله، لينقذوه بحال أي احتجاج او تمرد او جرأة في رفع دعوى من ضحية محتملة.
هؤلاء لا زبائن لهم بل ضحايا.
عندما قالوا أن "القانون لا يحمي المغفلين" كانوا يقصدون حكما أن القانون ليس في خدمة المتفائل وصاحب القلب الطيب والضعيف والمحدود الذكاء والفقير ومن لا سند له ولا علاقات له تحميه، والذي لا حول ولا قوة له الا الاتكال على ربّه بعدما خانته الأقدار و أسقطه حظه في الفخ .
من أجل ذلك لا يفضل الفقير رفع دعوى في المحاكم ،بل يرفعها في الصلاة في المعابد ويفضل التسوية مع غريمه او خصمه او ظالمه كيفما اتفق ليحدّ من خسارته قدر الامكان، مقنعا نفسه بقدرة الله المؤجلة في الانتصار له .
كم من مظلوم لم يتقدم للقضاء لعدم قدرته على المجابهة ،وكم من ضعيف صدمه قضاة يحكمون بمواد قانونية واضحة وفق وثائق ومستندات ،وليس وفق النوايا وواقع الحال ووفق احترام جهل الناس بالعلوم لعدم وجود الاثبات والدليل ولو كان الحق ظاهراً؟.
في الكليات يعلّم الاساتذة طلابهم القانون ولكنهم أيضاً يعلمونهم كيف يحتالون بالقانون على القوانين والحقوق .
القضاء لا يحقق بالضرورة العدالة ،وليست مهمته إحقاق الحق بل مهمته الحكم لصالح من طبق واحترم المواد القانونية .
سؤال للجميع، متعلم وأُميّ، من منكم وعند فتح حساب مالي في بنك او في شركة تأمين او عند كاتب عدل ، قرأ كل الاوراق المكتوبة بخط صغير ،غير قابل للقراءة  أصلاً ،قبل ان يوقع موافقاً  كالمغفل والأحمق الذي تحدث عنه القانون في عبارته المعيبة  والخالدة خلود العار:
"القانون لا يحمي المفغلين"؟!
صحيح، فكلكم وقعتم دون أن تعلموا على ماذا وقعتم وتعتقدون خطأ أنكم أذكياء ومميزون!!
القضاء ليس ممرا إلزامياً للعدالة ،والعدالة لا تعني بالضرورة إحقاقاً للحق، القضاء بدعة وضعها النافذون في البلاد ليقنعوا الفقراء فيها بالمساواة والعدل وعدم التمرّد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى