إقتصادرأي

لبنان يسقط في فخ العقوبات ..وهذه هي وسائل الخلاص(عماد عكوش)

كتب د.عماد عكوش- الحوار نيوز

مع أندلإع التحركات الشعبية في 17 تشرين أول من العام 2019 وخروج جزء أساسي من اللبنانيين الى الشارع ردا على الفساد المستمر والإنهيار الذي حصل في معظم القطاعات الإقتصادية وتراكم الدين العام والخلل الكبير في القطاع العام الذي وصل الى مرحلة من الترهل ،أصبح من المستحيل أعادته للحياة بشكل طبيعي بنفس الإدوات المستعملة سابقا.

إن تراكم التحركات التي تجلت في الشارع واستمرت طيلة سنتين مع ما رافقها من أحداث سياسية ، أمنية ، وأقتصادية يأتي في مقدمتها انفجار مرفأ بيروت وأخبار الفساد والدعاوى التي وصلت الى سويسرا ، بريطانيا ، وفرنسا ، كل هذه الإحداث أعطى بعض الدول ولإ سيما منها دول في الإتحاد الإوروبي والولايات المتحدة الأميركية حجة كي تقوم بفرض عقوبات على الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان وبعض الأفراد المعرضين في الإدارة اللبنانية ولإ سيما في مصرف لبنان أو في مجمل القطاع العام ، فاستغلت هذه الدول هذه الحجة لفرض بعض العقوبات التي طالت بعض الطبقة السياسية ومنها الوزير علي حسن خليل والوزير جبران باسيل .

في معظم الدول التي انهارت إقتصاديا عبر التاريخ كانت الولايات المتحدة الأميركية تستغل هذا الإنهيار لتدخل عبر صندوق النقد الدولي، لكن في لبنان الولايات المتحدة تعلم جيدا ان هذا التدخل لن يكون مفيدا لتنفيذ مخططها بنفس نسبة العقوبات ، والمطلوب في الأساس دفع الإقتصاد اللبناني نحو الإنهيار الكامل لإخراج الناس من البيوت الى الشارع ، والمطالبة بتغيير القواعد المعمول بها حاليا .

كيف يتم دفع الإقتصاد للإنهيار ؟

مع بداية التحركات الشعبية في تشرين من العام 2019 والتعثر المصرفي، كان لبنان يملك ما لإ يقل عن 32 مليار دولار من العملات الصعبة في مصرف لبنان ،يضاف إأليها حوالي 5 مليار دولار موجودات المصارف التجارية كسيولة في الخارج ، وبدل أن يقوم لبنان سواء من خلإل مجلس الوزراء أو من خلال اقتراح قانون يتم تقديمه للمجلس النيابي بأقرار قانون الكابيتال كونترول لحماية هذه الموجودات، قامت المنظومة السياسية بالمماطلة لمدة سنتين الى أن خسر لبنان أكثر من عشرين مليار دولار من هذه الموجودات ، ولغاية اليوم من غير المفهوم سبب هذه المماطلة ، هل هذه المماطلة كانت مجرد إأهمال أو للإستفادة في عملية الضغط على المصارف ومصرف لبنان إستنسابيا ، أم هي مدفوعة من الخارج للوصول الى هذه المرحلة من الإنهيار .

لبنان بلد غني ولا زال يملك الكثير من الثروات ومنها إحتياطي الذهب والمقدرة قيمته بما يزيد عن 17 مليار دولار ، كما لا زال يملك معظم مؤسسات الخدمات من اتصالإت ، كهرباء ، مياه ، مرافئ ، مطار وشركة طيران ، كازينو لبنان ، الريجيه ، ومساحات شاسعة من الأراضي اللبنانية والأملإك البحرية ، أضافة الى ما تقدم هناك ثروات موعودة في البحر والمقدرة قيمتها بمئات مليارات الدولارات ، كل هذه الإملاك يمكن أستغلالها بشكل جيد للخروج من الأزمة .

كما أضيف هنا العروضات التي تم تقديمها للدولة اللبنانية من مشاريع ضخمة من قبل الصين وروسيا وألمانيا بما خص شبكة النقل ، المرافئ ، المصافي ، الإنفاق ، والكهرباء ودون أن تدفع الدولة اللبنانية دولارا واحدا، وذلك عبر طريقة BOT  ، وهذا الأمر يمكن أن يكبر حجم الإقتصاد بنسبة كبيرة جدا ويحقق معدلات نمو تتجاوز 7 بالمئة سنويا ولمدة تزيد عن عشر سنوات متواصلة ، كما يمكن أن ينعكس على كافة القطاعات الإقتصادية من زراعية ، صناعية ، وخدماتية بشكل أيجابي جدا .

ما السر في العرقلة ؟

في موضوع قانون الكابيتال كونترول تمت عرقلة القانون، وكان هناك معرقل لبناني ظاهر وأهدافه ظاهرة ، لكن هل كان هناك معرقل خارجي خفي وأهداف مخفية ؟

في موضوع الإستثمار في البنية التحتية من قبل الصين وروسيا ،وهما دولتان لإ تخضعان لإي عقوبات ،كان المعرقل لبنانيا واضحا في الشكل ولإهداف تجارية ومنفعية، لكن هذه المنفعة كانت أيضا مدعومة من الخارج والتي ستحرم من هذه الإستثمارات أضافة الى إمكانية تخريب خطتها بما خص الإنهيار الكامل المطلوب .

في موضوع التنقيب عن النفط والغاز بدأت الإيادي الخفية تظهر من خلال مماطلة تحالف “توتال وايني ونوفاتك” في عمليات التنقيب والتلويح بالخروج من العقد الذي تم توقيعه مع الدولة اللبنانية، والأسباب الظاهرة عدم الاستقرار، أما الأسباب الخفية فابحث عمن هدد هذا التحالف بحرمانه من عقود في المنطقة أو فرض عقوبات عليه .

كل هذه العراقيل لم تأت من فراغ، وهي تصب كلها في سبيل هدف واحد وهو انهاك الإقتصاد اللبناني ومنع نهوضه وتعافيه ، لكن المصيبة الكبرى ليست فقط في العراقيل المفتعلة ،بل المصيبة الكبرى تقع في امتلاك الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية ورقة الضغط وفرض العقوبات على المنظومة السياسية بكل فئاتها ،والتي امتلكتها بعد خروج الناس الى الشارع والفضائح التي بدأت تظهر بفساد هذه المنظومة ،هذا الضغط والتهديد بالعقوبات لا يمكن الخروج والتحلل منه اليوم، بسبب هذا النظام الطائفي الذي يكبل الشعب اللبناني بإلزامية وجود هذه المنظومة في الحكم ، هذه المنظومة اليوم للأسف خاضعة وواقعة تحت ضغط العقوبات الأميركية وبالتالي فهي راضخة بشكل كلي للإرادة الأميركية خوفا على نفسها وعلى مصالحها من العقوبات، وبالتالي لن نستطيع الخروج من هذه الأزمة ما دامت الإرادة الأميركية ترفض هذا الخروج .

نعم لقد أسقطتنا الطبقة السياسية هذه المرة في فخ الإرادة الأميركية، وهذه المرة بشكل كامل بالنسبة للمسار الحكومي والرسمي ولا سيما مجمل عمل ونشاط القطاع العام ، وبالتالي هذا الفخ سيحرم لبنان من كل أنواع التطور والتقدم باستعمال حق الفيتو لهذه الطبقة عند طرح أي مشروع، سواء في المجلس النيابي أو مجلس الوزراء تلبية لرغبة الراعي الأميركي .

لقد وقعنا في الفخ ولم يعد بالإمكان الخروج منه إلا كما حصل بالمازوت الإيراني ، أو عبر تقديم مشروع اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة ،والتي تمنح كل محافظة حق الدخول في مشاريع كبيرة تساعد في عمليات التنمية وبناء البنية التحتية مجددا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى