سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: الأحزاب المسيحية تتوحد حول خيار النظام الطائفي وسط انسداد أفق التأليف الحكومي

 


الحوارنيوز – خاص
عادت الأحزاب المسيحية في لبنان لتتوحد حول خيار النظام الطائفي الذي يضمن لها المناصفة. إقترب حزب القوات اللبنانية من التيار الوطني الحر في الموقف من قانون الانتخاب الوطني خارج القيد الطائفي.
قضية أخرى جمعت الحزبين هي قضية حق المسيحيين في تسمية أسماء الوزراء خارج مبدأ التشاور مع الرئيس المكلف، خلافا لما حصل مع سائر الكتل النيابية الأخرى، وذلك إنطلاقا من مبدأ التمسك بصلاحيات رئيس الجمهورية بصفته شريك في تأليف الحكومة.
ووسط هذا المناخ تبدو الحكومة معلقة وتأليفها يتسابق مع إنهيار البلاد الشامل ببعده الأمني بعد الاقتصادي والمصرفي!
هذه الأجواء عكستها الصحف الصادرة هذا الصباح:
• صحيفة "النهار" عنونت:" انسداد حكومي طويل وتقارب عوني قواتي" وكتبت تقول:" لم تعد المناشدات الخارجية والدولية عموما التي توجه تباعا وبوتيرة تصاعدية في الآونة ‏الأخيرة الى السلطات والسياسيين في لبنان سوى وجه واضح ومعبر بل وحامل لنذر ‏خطورة عالية من وجوه النظرة الدولية الى انزلاق لبنان بسرعة نحو متاهات انهيار كبير اين ‏منه كل الانهيارات المتدرجة التي عرفها منذ أكثر من سنة بقليل. ولعل أسوأ ما يصاحب ‏ظاهرة التحذيرات الخارجية من الآتي الأشد سؤا ان مجريات المشهد الداخلي فيما يتصل ‏بمسار تأليف الحكومة لم تعد تنذر بمزيد من الانسداد وتداعياته بل أكثر بكثير فيما بدأت ‏التلميحات تتصاعد حياله أي التمديد للفراغ المملوء بحكومة تصريف اعمال الى أمد غير ‏مرئي مرشح لان يتجاوز مطلع السنة الجديدة بكثير. ولم تكن الأيام الأخيرة في عطلة ذكرى ‏الاستقلال وعطلة نهاية الأسبوع سوى عينة واضحة عن القطيعة السياسية الواسعة التي ‏تعيشها البلاد في عز غرقها المتدرج في تداعيات الازمات الصحية الوبائية والمالية ‏والاقتصادية والاجتماعية فيما لا يزال هناك من يستبيح الانحدار المتسارع نحو الهاوية بلعبة ‏المكاسب السياسية والاشتراطات والتطوع لجعل التعقيدات التي تمنع ولادة حكومة ‏انقاذية ستارا واهيا للجهات المرتبطة بقوى إقليمية في رهاناتها على عامل الانتظار من ‏دون أخذ الكارثة اللبنانية المتعاظمة في الاعتبار‎.‎
‎ ‎
باختصار شكلت الوقائع السياسية التي اطلقت في مناسبة الذكرى الـ77 للاستقلال دليلا ‏إضافيا على التحجير على الانفراج الموعود في تأليف الحكومة من خلال مؤشرين ‏أساسيين: الأول تعمد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كشف الخلافات القائمة بينه ‏وبين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على التركيبة الحكومية من خلال حملته ‏الضمنية على الحريري واتهامه له بالاستقواء والتستر بالمبادرات الانقاذية للخروج عن ‏القواعد والمعايير الواحدة. وهو اتهام أعاد المراقبين الى النسخة الأصلية من تعبير عون ‏عن رفضه تكليف الحريري قبل شهر حين وجه آنذاك رسالة ضمنها تحريضا للنواب على ‏رفض تكليف الحريري. وتفيد المعلومات المتوافرة عن تعقيدات التأليف انها عادت الى ‏المربع الأول تماما حتى ان الرئيسين عون والحريري لم يتفقا مجددا على عدد الوزراء ولا ‏على الأسماء المرشحة أيضا. وأشارت الى ان عون استاء في اللقاء الأخير من طرح الحريري ‏سبعة مرشحين لوزراء مسيحيين مستقلين ومن ذوي الخبرات مع انهم ليسوا محسوبين ‏على أي طرف رغم ان الحريري لم يسم بعد الوزراء الشيعة ولن يقبل ان تأتي تسميتهم من ‏الثنائي الشيعي وهو ما ابلغه الى عون كما انه ترك حقيبتي الدفاع والداخلية لكي يقترح ‏عون الأسماء على ان تكون للحريري كلمته في الخيار‎.‎
‎ ‎
اما المؤشر الثاني على استرهان عملية التأليف فتمثلت في تصاعد مناخات ساخنة تنذر ‏بتصعيد سياسي إضافي على خلفية الفشل الذي مني به الحكومة والحكومة في إدارة ملف ‏التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان فبدأت تداعيات هذا الفشل تتحول في اتجاه ‏اشعال معركة سياسية يبدو انها قد تؤدي الى اصطفافات سياسية طارئة وظرفية. ذلك ان ‏المفارقة وضعت العهد و"التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية " في موقع وصف ‏بانه اشبه بواقع ثنائي مسيحي ومتقارب في هذا الملف من خلال حملة الفريقين على حاكم ‏مصرف لبنان رياض سلامة وكذلك اتهامهما لرئيس مجلس النواب نبيه بري وتيار ‏‏"المستقبل" بعرقلة التدقيق. ويخشى والحال هذه ان يأخذ هذا الملف طابعا سياسيا وحزبيا ‏وحتى طائفيا في حين ان انسحاب شركة "الفاريز ومارسال" الذي شكل صدمة قاسية ‏للدولة والحكم جاء نتيجة وجود عقبات قانونية كان بدا العمل على معالجتها ضمن مهلة ‏الثلاثة أشهر الممددة لتسلم المستندات المطلوبة من مصرف لبنان. ولن يعقد اليوم الاجتماع ‏الذي كان متوقعا في بعبدا لإقناع الشركة بالعودة الى العقد مع الدولة بعدما غادر ممثلها ‏لبنان. وقد يعقد اجتماع آخر ينظر في امكان توقيع عقد جديد مع شركة تدقيق أخرى وذكر ‏ان عقدا جديدا لا يحتاج الى قرار جديد من مجلس الوزراء الذي سبق له ان فوض وزير المال ‏غازي وزني التوقيع على عقد تدقيق جنائي. وقال وزني ل"النهار" انه يريد من دون أي تردد ‏التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وفي كل الوزارات ومؤسسات الدولة‎.‎
‎ ‎
قانون الانتخاب
اما الملف الثاني الذي اطل امس برأسه وينذر بدوره بإثارة مزيد من السخونة السياسية ‏والاستقطاب والاصطفافات ذات الخلفيات الطائفية أيضا فيتصل بقانون الانتخابات النيابية ‏الذي بدأ يثير سجالات حادة ايضا بين نواب من "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية " من ‏جهة وحركة "امل" وكتلة التنمية والتحرير من جهة مقابلة. واتخذت هذه السجالات دلالات ‏ساخنة عشية جلسة ستعقدها اللجان النيابية المشتركة غدا الأربعاء ما لم تطرأ تطورات ‏ترجئ الجلسة او تطير نصابها غدا وهي مخصصة للبحث في ملف قانون الانتخابات في ‏ظل ادراج ثلاثة اقتراحات قوانين امام النواب الأول لكتلة التنمية والتحرير المتضمن مشروع ‏النسبية على لبنان دائرة واحدة والثاني لكتلة الرئيس نجيب ميقاتي والثالث لكتلة التنمية ‏والتحرير أيضا ويتعلق بانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ. وإذ تمحورت السجالات بين نواب ‏من "تكتل لبنان القوي" وكتلة التنمية حول موضوع الدائرة الواحدة تقرر ان تعقد "كتلة ‏الجمهورية القوية" اجتماعا اليوم برئاسة رئيس حزب القوات سمير جعجع ليبت موقف ‏الكتلة من جلسة الغد وأوضحت مصادر القوات ان الاحتمالات مفتوحة على المشاركة في ‏جلسة اللجان او مقاطعتها. وأفادت معلومات ان هناك تنسيقا جاريا بين "التيار الوطني ‏الحر" "والقوات" في شأن ملفي التدقيق الجنائي وقانون الانتخاب‎.‎

• صحيفة "الاخبار" عنونت:" بومبيو: عقوبات لمن يؤلف حكومة مع حزب الله . الحكومة العام المقبل" وكتبت تقول:" لا حكومة في الأفق. كل الطرق مقفلة على قاعدة تمسّك كل طرف بوجهة ‏نظره. رئيس الجمهورية مصرّ على وحدة المعايير. والرئيس المكلّف ‏يراهن على تنازل يؤكد كثر أنه لن يأتي. مصادر تؤكد أن العرقلة أميركية ‏يغطّيها سعد الحريري بالتصويب على جبران باسيل، ومصادر أخرى ‏تشدّد على أن لا مؤشرات على صحة هذا التوجّه حتى الآن


كما العام الماضي، احتفل البلد بذكرى الاستقلال في ظلّ حكومة تصريف أعمال. كل الأوضاع الكارثية التي يشهدها ‏البلد لم تنعكس إصراراً على إنجاز الحكومة بسرعة. وكل المؤشرات تشي بأن المشهد الحكومي أشدّ سواداً من أي ‏وقت مضى. منذ أن استقبل الرئيس ميشال عون الرئيس سعد الحريري في 16 الجاري، لم يحصل أي تواصل.


آخر ‏الإشارات صدرت عن رئيس الجمهورية في رسالة الاستقلال. في اتهام واضح للحريري بالعرقلة، سأل: "أوَلم يحن ‏الوقت بعد، في ظل كل تلك الأوضاع الضاغطة، لتحرير عملية تأليف الحكومة من التجاذبات، ومن الاستقواء والتستّر ‏بالمبادرات الإنقاذية للخروج عن القواعد والمعايير الواحدة التي يجب احترامها وتطبيقها على الجميع؟".
عون كان ‏واضحاً بأن لا تقدم في عملية التأليف إلا بالتعامل بالمثل مع كل المكوّنات. لكن، في المقابل، تتعامل أوساط الحريري ‏مع كلام عون على أنه تصويب على المبادرة الفرنسية نفسها، والتي تردّد خلال اليومين الماضيين أنها لم تعد في ‏التداول. إلا أن مصادر متقاطعة نفت هذه المعلومات، مؤكدة أن فرنسا لا تزال الأكثر قدرة على القيام بدور في لبنان.
‏ونُقل عن السفيرة الفرنسية الجديدة، خلال لقاء مع مسؤولي الصحف الفرنسية في بيروت، تأكيدها أن المبادرة مستمرة ‏رغم العقبات‎.‎


والعقبات الحكومية لم تتغير قيد أنملة منذ ما بعد العقوبات الأميركية على الوزير جبران باسيل. خاب ظن ‏الحريري، كما الموفد الفرنسي باتريك دوريل، اللذين راهنا على العقوبات لكي يتنازل باسيل. ومنذ أن أيقنا أن ‏الأخير ورئيس الجمهورية، يصران على موقفيهما توقفت عملية التأليف. أوساط الحريري لا تنكر أن الأخير طلب ‏من عون أن يسمي وزيرين فقط، مقابل تسمية المردة وزيرين والطاشناق وزيراً، فيما يترك له حق تسمية ‏الوزراء الآخرين من الاختصاصيين، غير القريبين منه. لكن هذا العرض لم يحظ بموافقة عون لكونه يتعارض مع ‏معيار أن يسمي كل طرف وزراءه المتبع في الحصص الشيعية والدرزية والسنية. مصادر الحريري ترفض ‏الإشارة إلى أنه ترك أمر تسمية الوزراء الشيعة لثنائي حزب الله وأمل أو الوزير الدرزي للحزب الاشتراكي، ‏مؤكدة أن التسمية ستأتي من عنده وبالتشاور مع الأطراف المعنية. لكن ذلك تنفيه مصادر في 8 آذار، مشيرة إلى ‏أنه لم يتم الحديث بعد في أسماء الوزراء، إلا أنها أكدت أن من المحسوم أن الأسماء الشيعية ستطرح من قبل ‏الثنائي، على أن يختار الحريري من بينها‎.


بالنتيجة، كل المؤشرات تؤكد أن لا حكومة في العام الجاري. مصادر 8 آذار تصل إلى حد توقّع ألا تكون هناك ‏حكومة قبل كانون الثاني (موعد تسلّم جو بايدن الرئاسة في أميركا). كما تشير إلى أنه حتى حينها ليس مضموناً ‏تأليف الحكومة. وبالرغم من هذا الربط، إلا أن المصادر تشير إلى أن لا معلومات مؤكدة عن تعطيل أميركي ‏للاستحقاق، وأن المشكلة الأساسية هي في عدم احترام الحريري للتوازنات، وأن رهانه على تنازل رئيس ‏الجمهورية مخطئ‎.

• صحيفة "الجمهورية" عنونت:" التأليف معلق .. ومخاوف من تطورات المنطقة" وكتبت تقول:" يمكن اختصار المشهد الحكومي، مع بدء الشهر الثاني من المماحكات ‏حوله، بأنّه أصبح تحت رحمة وقت ضائع يُهدَر عن سابق تصوّر ‏وتصميم، الّا إذا حصلت معجزة أخرجت ملف التأليف من حلبة النكد ‏السياسي المُتبادل، وفرضت على شريكَي التأليف، أي رئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، ‏مقاربة واقعية لهذا الملف، تُحاكي حاجة البلد الملحّة الى حكومة، لم ‏تعد وظيفتها محصورة بمحاولة معالجة الازمة الاقتصادية وكلّ ما ‏تفرّع عنها من أزمات في شتى المجالات، بل لعلّ مهمّتها الاساس، ‏هي محاولة تحصين البلد، بما أمكَن لها، أمام ما قد تشهده المنطقة ‏من عواصف وتطوّرات دراماتيكيّة بدأت تحوم في أجوائها، والعالم ‏بأسره بات قلقاً من مفاجآت عسكريّة أميركيّة، وتحديداً في اتجاه ايران ‏قبل تسلّم الإدارة الأميركيّة الجديدة مهامها في البيت الأبيض في 20 ‏شباط المقبل.‏


الاعلام الاميركي كان أّول مَن كشفَ عن رغبة لدى إدارة دونالد ترامب ‏بالقيام بإجراء عسكري نحو ايران وحلفائها، والإعلام الغربي يعكس ‏حقيقة أنّ العالم كلّه بدأ يقارب "المفاجآت الاميركيّة" وكأنّها واقعة ‏حتماً، وهو أمر، إنْ حصل، ثمّة مخاوف جديّة على مستويات دولية ‏وإقليمية ومحلية من أن تتوسّع مساحة تداعياته وحرائقه الى ما هو ‏أبعد من إيران.‏


وسط هذه الأجواء، هناك خشية كبرى من أن تصل الرياح العاصفة الى ‏لبنان، وعندها أيّ لبنان سيكون؟ فلبنان الذي هو أصلاً في خطر ‏وجودي اقتصاديّاً، وماليّاً، ونقديّاً، واجتماعيّاً، ومعيشيّاً، مهدّد بما هو ‏أعظم إنْ اقتربت منه العاصفة، وكل العالم ينصح، ويحذّر، ويرسم ‏للمتسلّطين على البلد الطريق الى استرداد بعض من مناعته، ‏والخطوة الأولى في هذا الطريق تشكيل حكومة، لكنّ المُفجع هو أنّ ‏الخطر على لبنان ليس من الخارج، بقدر ما هو من الداخل، وإصرار ‏المتسلّطين على بَيع البلد ومصيره بثمن بَخس في بازار مصالحهم ‏ومكاسبهم وسياساتهم الصغيرة!‏
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى