سياسةمحليات لبنانية

الطائفة الفاخورية فكرة قديمة..لم تمت بعد!

             

الطوافة العامودية التي حطت وطارت حملت معها بعضا من النفاق اللبناني السائد على مر عقود هذا البلد العتيد. ليس عنيدا، بعد الاذن من السيدة فيروز، لان العناد الذي غنت له، هو عناد الوطنية، والحق الوطني.
يتفاجأ اللبنانيون بمدى حصانة الخيانات والخونة. لو كنت لبنانيا عنيدا، لأعدت مطالعة تاريخنا عن كثب. لبنان ما قبل استقلاله – انفصاله التاريخي، كان مرتعا لأمراء الأقضية والنواحي العاملين في خدمة القناصل الاجانب، واجندات الدول الكبرى وصراعاتها.
عامر الفاخوري ليس شخصا آنيا. ليس وليد هذه السنة. يوم كان يعذب ضحاياه وتعلو صرخاتهم في سهل الخيام، لم يكن احد يسمعها في بيروت وفي نواحي هذا الوطن العجيب.
ليست هنا قصتنا، يروي لنا التاريخ القريب ان عامر الفاخوري ليس شخصا. الطوافات حملت في السبعينات رئيسا سابقا للجمهورية هو كميل شمعون الى اسرائيل سرا، للقاء بيغن ورابين. بيار الجميل تواصل معهم من اجل حفنة من المال لدعم حزب الكتائب انتخابيا، وتعزيز اواصر الترابط في وجه صعود القومية العربية خلال الخمسينيات. بشير الجميل نسق معهم صعوده الى السلطة، وخطط لاحتمالين، الانقلاب او عبر عملية سياسية. أمين الجميل وقع معهم اتفاق 17 ايار. هذا غيض من فيض ما كان يجري، لكنه ليس على المستوى السياسي وحده. اعلام ممول في السبيعنيات والثمانينيات يزين للجنوبيين خاصة وللبنانيين عامة، نعمة الانتهاء من “الوجود الفلسطيني” اذا جاءت اسرائيل كمخلص لهم. الكنيسة تمثل نفسها في قداس عقل هاشم. خريطة فلسطين تستبدل في بعض منهاج لبنان، بخريطة “اسرائيل”. اساتذة جامعات في لبنان يناقشون طلابهم في فوائد “السلام” وحق “اسرائيل” في الوجود وعبثية مواجهتها.
زعماء اسرائيليون زاروا واستقبلوا استقبال الفاتحين في قصور رجالات هذا الوطن العتيد. رسائل وتفاهمات وتنسيق ومساعدات جرت تحت جنح الظلام، واحيانا في ضوء النهار كما مع الطوافة العامودية بالامس في عوكر. زعيم لبناني وبخ عسكريا اسرائيليا رفيع المستوى لانه انتظر منهم الانتصار في حرب تموز ولم يحققوا مراده.
اذا، الفاخوري ليس شخصا. الفاخوري نهج، وشريحة اجتماعية، – سياسية، خط. الفاخورويون اللبنانيون، شيعة، وسنة ومسيحيون. الفاخوريون اللبنانيون، سياسيون، رجال دين، تجار، مواطنون تائهون، سماسرة، واعلاميون يزينون الباطل على انه حق، والحق على انه باطل. اعلاميون يتاجرون بأفكارهم ضد مناعة البلاد وحصانتها، ويطعنون باقتدارها. هم بالاجمال، كفصيل آخر من “جيش لحد” الذي لم يندثر في اروقة المجتمع اللبناني التائه.
الفاخوريون اللبنانيون، يعتاشون على اقتتال السني والشيعي. على الكراهية بين المسلم والمسيحي. هؤلاء، يبتهجون على انعزال لبنان عن السوري والعراقي والفلسطيني والمصري والعربي عموما. الفاخوريون اللبنانيون يتراقصون على موت “اللبناني الآخر” والايراني والسوري والفلسطيني من الكورونا وعلى موتهم بالاغتيال، وعلى موتهم بالحصار والعقوبات، ويتراقصون على فقره وعوزه وأوجاعه. اعرف زعيما فاخوريا لبنانيا، بفكر شيوعي متأصل، حدثني مرة عن فرحه بديموقراطية الغزو التي حصدت ارواح ملايين العراقيين لانها "ستدمقرطهم!"(جعلهم ديمقراطيين).
الفاخوريون اللبنانيون طائفة، لها معتقدات جرى غرزها ورعايتها داخليا وخارجيا، اعلاميا وسياسيا ودينيا احيانا كثيرة. منذ ما قبل مؤتمر مدريد للسلام (ما بعد حرب الخليج)، وحتى يومنا هذا، ورجال دين من كل الطوائف والملل يزينون للناس ان الله والرب والسماء لو ارادوا لكانت فلسطين عادت، لكنها لم تعد.
الطائفة الفاخورية فكرة قديمة قدم لبنان.
والفكرة لم تمت بعد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى