مرئي ومسموع

الحكم على الاعلامي شمس الدين يسقط بالاعتراض

 

لا شيء يعلو فوق الحريات العامة في لبنان لاسيما الحريات الإعلامية، ولا شيء فوق النقد وخارجه، إلا ما قد يتسبب بضرر لأمن البلاد وأمن شعبه اليومي والإقتصادي والإجتماعي، وحتى هذا التوصيف يبقى وجهة نظر وعلى القضاة أن يمارسوا دورهم بما يعزز مبدأ الحرية لا تقييده.
لم يخطئ الزميل الإعلامي في تلفزيون "الجديد" آدم شمس الدين في تعليقه على عمل جهاز أمني، ففعل التحقير لم يستوف شرطيه المعنوي والمادي.
علق شمس الدين بلغته على موضوع بسيط كان من الممكن أن يتجاوزه "الجهاز الأمني" بشيء من الكِبرِ وسعة الصدر، وكان للقضاء أن يتجاوزه أيضا، لو كان الزميل شمس الدين قد تسلم الدعوى أصولا ومارس حقه المشروع بالدفاع.
أما وأن الإجراءات جرت من دون مشاركة الزميل شمس الدين، ما قد يعتبره القاضي العسكري المنفرد في جبل لبنان بأنه "تحقير للمحكمة لا للجهاز الأمني، فإن الحكم الغيابي الصادر عن القاضي  كان الأكثر مرونة بإعتباره حكما غيابيا ووفقا لقانون المحكمة العسكرية لأن صلاحية القاضي المنفرد "تشمل النظر في الجنح والمخالفات ضمن نطاق المحافظة التي لا تتجاوز عقوباتها القصوى الغرامة أو السنة حبسًا، أو هاتين العقوبتين معًا".
واستنادا الى القانون عينه فإنه يحق للزميل شمس الدين الإعتراض على الحكم، وبمجرد الحضور والإعتراض يسقط الحكم ويعاد النظر بالإجراءات والمحاكمة. وتعتبرالمحكمة العسكرية الدائمة (بيروت) هي "المرجع الاستئنافي للأحكام الصادرة عن القضاة العسكريين المنفردين (محكمة الدرجة الثانية).
هذه هي الطريق الواجب اعتماده من حيث الشكل، أما في المضمون فإنه لم يعد جائزا أن تضيق السلطة السياسية على الحريات العامة تحت عناوين مختلفة وبما يخالف الدستور. بإستثناء الجرائم التي تهدد أمن الدولة والمبنية على وقائع لا يرقى اليها أدنى شك معقول، فمحكمة المطبوعات هي الجهة الصالحة كي تحال اليها الدعاوى المقامة بحق الإعلامييغن على خلفية كتاباتهم وآرائهم.
ويقول نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف قصيفي ل "الحوارنيوز" ان موقف النقابة واضح لا لبس فيه، وقد عبرت عنه في أكثر من مناسبة كان آخرها البيان المشترك مع نقابة الصحافة اللبنانية ،والذي صدر منذ أيام وفيه تأكيد بأن لا مرجعية للدعاوى المقامة بحق الإعلاميين سوى مرجعية قانون المطبوعات ،ونحن نرفض الإحتكام الى أي مرجعية أخرى خاصة بعد أن جرى تعديل قانون المطبوعات، فالمرسوم رقم 104 واضح لجهة الغاء العقوبات السالبة للحرية، وابدال الحبس بالغرامات وعدم اقفال المطبوعة"، ويمكن إضافة أي وسيلة إعلامية.هذا موقفنا وأبلغناه لمختلف المراجع القضائية.
وأضاف النقيب قصيفي:" هناك من يقول بأن الفعل كان من خلال إحدى وسائل التواصل الاجتماعي وليس من خلال الإعلام. إن هذا الأمر من مسؤولية الدولة من خلال وضع تشريع ينظم واقع وسائل التواصل هذه ويصون حريتها، ومطلق الحوال فإن حرية الرأي قد يعبر عنها في أشكال مختلفة ومن خلال منابر متعددة.
وختم النقيب قصيفي: نحن نحترم القضاء ولسنا ضد السلطة القضائية ،لكننا نصر في الوقت نفسه على حصر مرجعية الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية بمرجعية وحيدة هي مرجعية محكمة المطبوعات".

من جهة ثانية كان معيبا ما صرح به وزير الإعلام جمال الجراح أمس ومن على باب رئيس الجمهورية ،فتحدث ردا على سؤال بشأن الزميل شمس الدين عن حرية الاعلام مشروطة بأن تكون "حرية مسؤولة وموضوعية وبعيدة عن التجني. إن لبنان بنى تاريخه الاعلامي على الموضوعية والحقيقة والتحليل السياسي الراقي، وليس على التهجم او التجني او التجريح. علينا كإعلاميين ان نكون موضوعيين في مقاربة الحدث واحترام الآخرين، ولا أحد يمكنه تقييد الرأي السياسي".
وهو بذلك يبرر في ختام موقفه إحالة قضية شمس الدين الى المحكمة العسكرية المنفردة في جبل لبنان بدلا من محكمة المطبوعات بقوله: "إن محكمة المطبوعات معنية بمحاكمة الاعلاميين، إنما إذا حصلت مخالفة تتخطى قانون هذه المحكمة، سيكون من الطبيعي أن تتولى المحاكم الأخرى البت في الموضوع".
"الموضوعية والرقي السياسي" لا يمنعان أي مواطن من توجيه نقد لأي جهة كانت أو أي سلطة دستورية، فكيف إذا كان "المستهدف" صحافيا أو إعلاميا يلزمه واجبه المهني والأخلاقي أن يقول الحقيقة كما يراها ،ويترك للرأي العام الحكم على صحة ما يقول.


من المؤكد أن ما عبر عنه شمس الدين بصفته إعلاميا هو من اختصاص محكمة المطبوعات، حتى ولو كان انتقادا لجهاز أمني بقضية مدنية صرف!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى