سياسةمحليات لبنانية

العلامة الخطيب في خطبة الجمعة:يدينون المقاومة ويسكتون عن المحتل والمعتدي..فليتخل هؤلاء عن خلفياتهم الطائفية وليروا الأمور من خلفية وطنية

 

الحوار نيوز – خاض

إنتقد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الذين يدينون المقاومة ويسكتون عن المحتل والمعتدي،  ونصح “هؤلاء بأن يتخلوا عن خلفياتهم الطائفية التي تمنعهم من رؤية الأمور على غير حقيقتها وان ينظروا إليها من خلفية وطنية”.وسأل عن الدولة وأجهزتها في قضية النازحين.

أدى العلامة الخطيب الصلاة في مقر المجلس الشيعي بعد أن ألقى خطبة الجمعة التي بارك فيها ذكرى المبعث النبوي الشريف “الذي أضاء الله به الكون ونشر به الهدى وازاح به العمى والضلالة.

 

وقال:لقد كانت مهمة الأنبياء رفع الجهل ونشر الوعي والمعرفة والارتقاء بمدارك البشرية ومحاربة الأوهام والاساطير والخرافات، ورافقت هذه التجربة الامم في كل مراحلها التاريخية وكانت كلما ابتعدت عن الاخذ بهدى النبوة واقتربت من السقوط التام في الهاوية وعصت انبياءها عوقبت بالهلاك والافناء، كما حصل مع قوم عاد وثمود ولوط ونوح ،وحذر امة محمد من ان ينزل بهم ما نزل بالامم من المثلات بسوء افعالهم وذميم اعمالهم ودعاهم ان يتذكروا في الخير والشر احوالهم  وان يكونوا امثالهم كما يفهم من مقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته: واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال، فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم.

 

أضاف:لقد تطورت تجارب البشرية ماديا على مدى مراحلها التاريخية وكانت تحتاج إلى جانب ذلك إلى تحصينها بالوعي المعنوي بما يتناسب مع ذلك التطور . فالقاعدة القرآنية انه كلما زاد التطور المادي لدى فئة من الناس شعرت أكثر بالغنى والاقتدار، وكلما شعرت بالاقتدار جنحت عن الاعتدال نحو الطغيان (إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) فهو بحاجة إلى كوابح لهذه الغريزة لتحفظ لها توازنها، وهي مهمة الدين ان يذكِّر الإنسان بحجمه الواقعي وبموقعه في هذا الكون وبوظيفته التي خلق من اجلها ومن أجل ذلك كانت البعثة النبوية متناسبة مع التطور البشري للمرحلة الأخيرة من عمر الزمن ومتكافئة في التعامل معها وابقائها في وضع التوازن والاعتدال بين التطور المادي والسلوك الإنساني للحؤول دون الطغيان المادي وانهيار القيم والاخلاق الذي عنده رسول الاخلاق والقيم ص الذي عرَّف له الله تعالى وظيفته بقوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق).

أيها الاخوة، ان التطور المادي إن خلا من الاخلاق لا يعدو معه الإنسان أن يكون سوى مخلوق متوحش والحياة سوى غابة للتصارع بين الوحوش ينتفي معها الاحساس بالاستقرار والدور المتميز المتناسب مع المؤهلات التي زوده الباري بها وتصبح عديمة الوظيفة والفائدة ويغدو الإنسان وحشا متطورا والعقل مجرد ألة تخدم الغرائز والاهواء تسف به إلى اسفل الدرجات.إنّ الإنسان ليس إلا بما يحمله من قيم فإن افتقدها افتقد قيمته ودوره في الحياة فإن الحياة ليست سوى هذه القيم .

 

لقد كانت الرسالات السماوية تقوم دائما بهذا الدور وهو بناء الإنسان وتنظر نظرة دونية للقيم المادية وعندما عبًر عنها من بعض وجوهها  علي (ع) كالبطن في قوله: “من كان همه بطنه كانت قيمته ما يخرج منها” لم يقصد سوى هذا المعنى بأن يعطي القيمة للكرامة والعدالة والتضحية والكرم والشجاعة والسخاء والعفو والحرية التي يسمو بها في مقابل الامتهان والظلم  والجبن والعبودية والحرص والبخل التي ينحدر معها.

أيها الاخوة، إنّ التقدم المادي الهائل الذي يتمتع اليوم عالم الغرب لما لم يصاحبه القيم والاخلاق غدا وحشا يفترس ولا يشبع دون أن يرف له جفن أو تدمع له عين ولا يتورع عن ارتكاب أي جناية مهما بلغت بل على استعداد ليرتكب  أفظع الجرائم طالما تتحقق له أهدافه، كما آلت اليه أمورنا اليوم في غزة حيث يعطل  القانون الدولي مع الجرائم الشنيعة والاهوال الفظيعة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة أمام سمع وبصر بل بمعونة وحماية وتوجيه الغرب المنافق،من دون أن يرف له جفن او تدمع له عين، فما الذي يدفع الشعب الفلسطيني إلى دفع هذه الأثمان الباهظة لولا هذا الظلم الفادح الذي يتعرض له والشعور بفيض الكرامة التي تدفعه الى الشهادة والاستبسال والتضحية بابنائه ونسائه وشبابه في مواجهة غير متكافئة ماديا مع الظالمين من طواغيت العصر  وجبابرته وتزيده شعورا بفائض القوة المعنوية وهو على قناعة بأن النصر والغلبة مكتوب له حتماً.

إنّ الغرب لم يسقط لأن السقوط يكون لمن موقعه في الأعلى، أما الغرب فقد كان بمبادئه وفلسفاته التي دعته لارتكاب هذه المظالم فقد كان منذ أن تبناها ساقطاً ،واما الاكثر سقوطاً فهم الذين تولوه ومن يتولهم فهو منهم، أولئك الذي لانسمع منهم إدانة لهذه الجرائم بل يدينون المظلوم ويحرضون عليه ويتهمونه، وكأن الدفاع عن الأرض والسيادة في مقابل المعتدي والمحتل خيانة لا من يتخلى عن السيادة والكرامة الوطنية ويتعامل مع العدو.

لماذا تدينون المقاومة وتسكتون عن المحتل والمعتدي وبعضهم كل يوم هم في شأن يوماً يمتدحون وفي اليوم التالي ينقلبون، هل يتغير الموقف تبعاً لتهديد أو لاغراء؟ قليلاً من الثبات والاتزان والحكمة، أيها المترددون ،فما هكذا تورد يا سعد الإبل ما لكم، (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا يَتَخَيَّرُونَ).

إنّني انصح هؤلاء بأن يتخلوا عن خلفياتهم الطائفية التي تمنعهم من رؤية الأمور على غير حقيقتها وان ينظروا إليها من خلفية وطنية فإن هذا كفيل برؤية الأمور على واقعها وحقيقتها كما أن عليهم أن يتذكروا أن المقاومة لم يكن دفاعها عن الوطن إلا من منظور وطني وأنتم تعلمون حق العلم بذلك وأثبتت انها أكثر وعياً والتزاماً بالوطنية وبُعداً عن الطائفية.

حكمنا فكان العدل منا سجية  

  حكمتم فسالت من دمانا الانهر

ايها الأخوة، نحن مدعوون للتضامن مع أنفسنا ومع أهلنا مع أهالي الشهداء الذين يستحقون منا الكثير، هؤلاء الذين ضحوا بأعزّ ما يملكون وهم ابناؤهم ، أليس يقتضي الواجب ان نحترم تضحياتهم بدل ان نوجعهم بكلمات تسيء لتضحيات أبنائهم الذين استشهدوا في سبيل الله والوطن ببيانات تفوح منها رائحة الطائفية وأبعد ما تكون عن الوطنية؟.

كما أن الواجب بل أقله هو العناية بأبنائنا الذين نزلوا من قراهم، فما لنا لا نسمع لهم حسيساً ولا همساً،  أين أجهزة الدولة؟ وأين الحكومة؟ وما هي خططها؟ وأين المنظمات الدولية والإنسانية؟ أليس هذا من صلب واجباتها الدولة التي تدعي الإفلاس؟ لماذا تقفل أبواب المؤسسات في الدولة كالدوائر العقارية النافعة وتسجيل السيارات؟ أين المؤسسات الدولية من استخدام العدو للقنابل الفسفورية؟.

أعود لأكرر الادانة للعدوان الأمريكي على دولة العراق الشقيق واستهداف الحشد الشعبي وقيادته حماية للمعتدي الصهيوني، ونتقدم من دولة العراق وشعبه وحكومته والحشد الشعبي وسوريا العزيزة بأحرّ التعازي ونسأل الله الرحمة للشهداء والشفاء العاجل للجرحى وأن يمنّ تعالى  بالنصر والعزة على المقاومة وشعوبنا الابية.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى