
كتب د. علي نسر – الحوارنيوز
لطالما كتبت حول علاقة الفن بالأيديولوجيا، في كتبي وأبحاثي ومقالاتي ومحاضراتي عموما ومع الطلاب خصوصا، وأكدت أن لا أحد منا من دون انتماء، حتى الذي لا ينتمي فهو يحمل ايديولوجيا ويحاسب الآخر من خلالها وهي ايديولوجيا اللاإنتماء… وأصررت مرارا على خطورة تخمة العمل الفني او النقدي بحمولات ايديولوجية ولو كانت لا تؤذي، ولكن الأجدى ألا نجعل العمل الفني بوقا لترويج فكر على حساب الفنية…
وبكوني خضت في النقد الفني انطلاقا من الأدب، ولكوني مشاهدًا، أفلاما ومسلسلات منذ صغري، فيمكن أن أدلي بدلوي في هذه النماذج من الفنون… فمسلسل “معاوية” الذي انتظره المحبون والمبغضون لحساسية المرحلة، يبدو ضعيفا من حيث الأداء إذا ما قورن باعمال مماثلة عالجت الموضوع نفسه ومن الخلفية نفسها كمسلسل “الحسن والحسين ومعاوية”، أو القعقاع بن عمرو التميمي، او اعمال تاريخية مختلفة كما هي الحال مع الزير سالم او الكواسر وما شابه…
ومن ناحية أخرى، فإن المسلسل متخم ببصمات مذهبية تحاول خلط الأوراق، إذ أُقحمت أحداثا ليست موجودة في كتب التاريخ الإسلامي (رغم شكي في هذا التاريخ كله). وهذا تدخل مذهبي ليس بجديد على الكتّاب والمخرجين.. وهذا ما رأيناه من تدخلات مذهبية ايضا في “المختار الثقفي” لدى الطرف الآخر، أو ما سنراه في فيلم (ابو لؤلؤة) إن كان الخبر صحيحا (لا سمح الله)، او في سلمان الفارسي المنتظر، وما رأيناه في مسلسل النبي يوسف أيضا نظرا الى خلفية الانتاج الطائفية والمذهبية.
خلاصة القول، إن هذه الأعمال انعكاس لكتب وروايات وأحاديث الأفضل أن تتلف لكي نوفر أحقادا ودماء ونكتفي بما ارتوت به نفوسنا وعقولنا من دم وتخلف وعمى… فليس من حل سوى القطيعة مع التراث، مهما كان ذا قدسية، وهذا عمل عبادي أكثر من نبش قبور أصبح اصحابها عند ربهم، ولا يقدمون لنا فائدة، لأن الله واضح أن تلك امة لها ما كسبت ولنا ما كسبنا، ولا تُسألون عما كانوا يعملون. والقرآن واضح في تحذيرنا من اتّباع الحديث بوجود القرآن(فبأي حديث بعده يؤمنون).
– كتابي المولود قريبا يستعرض هذه المحطات المعرقلة طريق تقدمنا فهو تحت الطبع…
*استاذ جامعي / ناقد فني